دينا محمود (غزة، لندن)

أخبار ذات صلة تصاعد الضغوط الدولية لإقرار خطة بايدن بشأن غزة الأمم المتحدة تندد بالانتهاكات الإسرائيلية الواسعة في الضفة

وسط توقعات بإمكانية حدوث مجاعة فعلية في قطاع غزة في غضون الأسابيع المقبلة، تزامناً مع دعوات إلى ضرورة وقف القتال فوراً، بغية استئناف تقديم الخدمات الحيوية للغزيين، حذر خبراء في مجال الإغاثة، من مغبة التقاعس عن إيصال الإمدادات الحيوية إلى القطاع، لحين الإعلان الرسمي عن أن سكانه يواجهون مثل هذه المجاعة.


فالانتظار حتى تلك اللحظة، قد يُنذر - كما يؤكد هؤلاء الخبراء - بأن إدخال المساعدات، مهما كانت كميتها، سيأتي «بعد فوات الأوان»، وأن فرص إنقاذ أرواح كثير من سكان القطاع، ربما تكون قد أُهْدِرَت بالفعل، على ضوء أن خطر وقوع وفيات بأعداد كبيرة بينهم، سيصبح قائماً بشدة في هذه الحالة.
وبحسب مسؤولين إغاثيين دوليين، ومن بينهم جانتي سوريبتو رئيسة الفرع الأميركي لمنظمة «أنْقِذوا الأطفال» غير الحكومية، يشهد قطاع غزة، وضعاً لم يسبق رصده في أي بقعة أخرى من العالم. ففي حين تؤثر الأزمات الإنسانية عادة، على شريحة أو شرائح بعينها من السكان، تُحدق التهديدات الحالية في غزة، بكل سكانه الذين يزيد عددهم على مليونيْ نسمة.
أما كيرستن جونسون، المسؤولة عن شبكة «أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة»، وهي برنامج حكومي أميركي يرصد حالة انعدام الأمن الغذائي في مناطق الأزمات على مستوى العالم، فشددت على أنه لا يتوجب انتظار الإعلان الرسمي عن حدوث المجاعة في غزة، للبدء في العمل على إغراق القطاع بالمساعدات.
وأشارت جونسون إلى أن مرور كل هذه الفترة من الشُح الشديد في المواد الغذائية، منذ اندلاع الحرب، يعني أن سكان القطاع سيستغرقون الآن، وقتاً أطول للتعافي مما ألَمَّ بهم، خاصة أن استمرار المعارك قاد لانهيار منظومة الرعاية الصحية الضرورية لدرء التبعات الخطيرة لسوء التغذية.
ومنذ وصول المعارك قبل أسابيع إلى مدينة رفح بأقصى جنوب غزة، أصبحت الظروف أسوأ بوجه عام في القطاع، مع توقف دخول المساعدات بما في ذلك الوقود، الذي تمس الحاجة إليه، لتمكين شاحنات الإغاثة من التنقل، فضلاً عن تشغيل المستشفيات القليلة، التي لا تزال قادرة على تقديم خدماتها.
وبالتزامن مع ذلك، فر مئات الآلاف من الفلسطينيين، من رفح إلى المناطق المدمرة في شمال ذلك الجيب الساحلي، حيث لا يحصلون هناك سوى على قدر محدود للغاية، من المياه والغذاء والرعاية الصحية، وسط تراكم للنفايات ومخلفات المعارك، وانتشار الجثث المتحللة في بعض الأنحاء.
ودفع هذا الوضع أطباء وخبراء في التعامل مع حالات سوء التغذية للقول، إنه حتى إذا بدأ تدفق الإمدادات الغذائية غداً فإن عدداً كبيراً من الغزيين سيواجهون خطر الموت، سواء من الجوع، أو جراء الإصابة بأمراض يسهل علاجها في الأوقات العادية مثل الإسهال، وهو ما يعود إما لانعدام الرعاية الطبية، أو لهشاشة أجسادهم بسبب عجزهم عن سد احتياجاتهم الأساسية طيلة الشهور الماضية.
500 شاحنة
وحتى قبيل بدء العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية في رفح، كانت وكالات الإغاثة الدولية، تؤكد أن حجم المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة، تقل كثيراً عما هو مطلوب. فقبل الحرب، كان القطاع يستقبل نحو 500 شاحنة مساعدات يومياً، من خلال معبريْ رفح وكرم أبو سالم. لكن هذا العدد تراجع بنسبة تشارف 75% منذ السابع من أكتوبر، ليصل إلى ما يقارب 119 شاحنة يومياً، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: غزة فلسطين إسرائيل المجاعة الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

سد النهضة.. إعلان سياسي إثيوبي يهدد بتأجيج التوتر مع مصر والسودان

أديس أبابا – الشرق/ يهدد إعلان إثيوبيا، قبل أيام قليلة، بشأن قرب افتتاح سد النهضة، مع اكتمال بناء 98% منه، بتأجيج التوتر مع دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، في ظل الجمود الذي خيم على المفاوضات الثلاثية خلال الأشهر الأخيرة، الإعلان الإثيوبي لا يُعد مجرد تقدم إنشائي، بل هو إشارة سياسية واضحة إلى أن ساعة التشغيل الكامل للسد باتت وشيكة، وهو ما يثير حفيظة القاهرة والخرطوم، بشأن التداعيات المحتملة على أمنهما المائي، ويفتح المجال لتجديد الضغوط على أديس أبابا من أطراف إقليمية ودولية.

منذ وضعت إثيوبيا حجر الأساس لسد النهضة، في أبريل 2011، مرّ المشروع بمراحل إنشائية متسارعة وأخرى شابها التوتر السياسي، وتعثُّر متكرر في المفاوضات، لتؤكد أديس أبابا أن المشروع شارف على الاكتمال، ما يعكس إصرارها على استكمال ما تعتبره "مشروعاً سيادياً وتنموياً".

وفي مؤتمر صحافي للمتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، نبيات جيتاتشو، الخميس، أكد أن بلاده على أعتاب الانتهاء من سد النهضة وقص شريط الافتتاح قريباً، منوهاً إلى تصريحات رئيس الوزراء، آبي أحمد، أمام برلمان بلاده، إذ أعلن افتتاح المشروع قريباً.

وأضاف جيتاتشو، أن السياسة الخارجية لبلاده، تقوم على بناء علاقات جوار بنّاءة ترتكز على المنافع المتبادلة وتصفير الصراعات.

وبشأن المفاوضات الثلاثية المتعثرة، مع مصر والسودان، حول سد النهضة، أوضح أنه لا يوجد جديد في هذا الشأن، مشدداً على أن أديس أبابا تعمل على مفاوضات "يكون فيها الكل رابحاً".

تعهدات إثيوبية ومطالب مصرية
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، أعلن في مارس الماضي أمام برلمان بلاده، أنه سيتم افتتاح سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة، مع مطلع العام الإثيوبي، الذي يوافق شهر سبتمبر من كل عام.

وأشار آبي أحمد، إلى "انتهاء عملية إنشاء وملء بحيرة السد بشكل كامل، مع وصول السعة التخزينية للمياه إلى 74 مليار متر مكعب".

وقال إنه أبلغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأن "عملية ملء السد لن تتسبب في فقدان مصر لأي كمية من المياه"، فيما لم يصدر بيان من الجانب المصري في هذا الصدد.

ونوَّه آبي أحمد إلى أن "مخاوف القاهرة بشأن الجفاف والأمن المائي حاضرة في النقاشات"، مؤكداً أهمية التعاون بين البلدين.

وأردف بالقول: "لا نرى مبرراً للصراع، أو إهدار الموارد في النزاعات، بل ندعو للعمل المشترك من أجل التقدم".

ومع دخول المشروع مرحلته النهائية، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان سيؤدي ذلك إلى إعادة طرح الملف أمام مجلس الأمن الدولي أو الاتحاد الإفريقي، أو إمكانية تأثيره على الموقف الأميركي أو الأوروبي من الملف.

ويرى وزير الري المصري السابق محمد نصر الدين علام، ضرورة التوقيع على اتفاقية قانونية مسجلة ومعتمدة تحافظ على حقوق مصر والسودان التاريخية في مياه النيل.

وقال علام في تصريحات لـ"الشرق"، إن مثل هذه الاتفاقية يجب أن تحافظ على التدفق الطبيعي للنيل الأزرق بما لا يسبب أضراراً لدولتَي المصب مصر والسودان، وتحقق لإثيوبيا أهدافها من توليد الكهرباء للاستهلاك المحلي، أو بيعها للخارج.

واعتبر أن ذلك "يفتح باب التعاون بين مصر وإثيوبيا، ليس فقط في مجال الأمن المائي، ولكن في المجالات كافة بما يعود بالخير على القارة الإفريقية".

وأردف بالقول: "نرحب بأي تصريحات إيجابية صادرة عن الجانب الإثيوبي، لكن يبقى التنفيذ على أرض الواقع هو المعيار الحقيقي للتقييم".

تدويل الملف
في المقابل، يرى الكاتب والباحث الإثيوبي، عبد الشكور عبد الصمد، في تصريحات لـ"الشرق"، أن تعاطي القاهرة خلال الفترة المقبلة مع ملف سد النهضة سيتغير بحكم الواقع على الأرض، بعدما تجاوزت أديس ابابا مرحلة بناء السد وجعلته أمراً واقعاً. ورأى أن هناك قناعة بعدم جدوى التصعيد الخلاف وحصره في أضيق نطاق واستخدام دبلوماسية أكثر هدوءاً بدلاً من حالة الشد والجذب التي صاحبت الأعوام السابقة.

واستبعد عبد الصمد إعادة طرح ملف السد في المحافل الدولية، مشيراً إلى أن الفترة الماضية شهدت تصعيداً وتدويلاً للملف، لكن تمت، في النهاية، إعادته الى الاتحاد الأفريقي، بسبب قيود عملية المفاوضات، التي تعثرت بسبب مواقف، وصفها بأنها كانت "غير مرنة للجانب المصري "، مضيفاً أن "مجلس الأمن والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية أصبحت على قناعة أن هذا الملف يجب أن يكون تحت رعاية الاتحاد الإفريقي"، على حد وصفه.

وفي هذا السياق، اعتبر الباحث السوداني في الشؤون الدولية ومنطقة القرن الإفريقي، فؤاد عثمان، أن غياب ردود الفعل التصعيدية من كل من القاهرة والخرطوم، أمر لافت، وقال، في تصريحات لـ"الشرق"، إن ذلك "ليس تراجعاً أو قبولاً بالأمر الواقع، وإنما مؤشر على تحوّل في المقاربة الاستراتيجية، خاصة من الجانب المصري".

ووفق عثمان، فإنه خلال العامين الماضيين، "كثّفت مصر من حضورها في الدوائر المحيطة بإثيوبيا في القرن الأفريقي، حوض النيل، والبحر الأحمر، عبر سلسلة من التحركات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية، ما يوحي بمحاولة لإعادة هندسة توازنات القوى الإقليمية، وبناء شبكات نفوذ تمكّنها من إدارة تداعيات السد من موقع قوة، لا من موقع رد الفعل".

ويرى عثمان، أن "هذا التمدد لم يكن معزولاً عن حسابات سد النهضة، بل شكّل امتداداً لمعادلة الردع الناعمة في ظل إدراك القاهرة أن أدوات الضغط المباشر قد استُنفدت دون نتائج ملموسة".

وعن الموقف السوداني، يرى عثمان أن "السودان، وانشغاله بالحرب الداخلية وفقدانه لوحدة القرار السيادي والدبلوماسي، أضعف من قدرته على التأثير في الملف، رغم أنه الطرف الأكثر تضرراً من حيث غياب المعلومات وتضارب المصالح".

وفي مناسبات عديدة، تؤكد مصر تمسكها بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد، ويضمن حقوق دول المصب، خاصة في فترات الجفاف. كما تشدد على أهمية التنسيق والتعاون بين الدول الثلاث المعنية، مصر، والسودان، وإثيوبيا، لتفادي أي توتر قد ينجم عن الإجراءات الأحادية.

كما تؤكد مصر، قدرتها على حماية حقوقها المائية في مياه النيل، في إطار القانون الدولي لحماية هذه الحقوق.

تفاهمات فنية "غير ملزمة"
في المقابل، يرجح الباحث في العلاقات الدولية، إبراهيم عبد الرحمن، أن مصر تسعى إلى الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة مع إثيوبيا، خاصة في ظل غياب دعم دولي حاسم لأي تحرك تصعيدي، ويضيف في حديثه لـ"الشرق"، أنه يتوقع أن تتجه كل من مصر وإثيوبيا نحو "تفاهمات فنية غير ملزمة"، على غرار تبادل البيانات أو تنسيق جزئي في تشغيل السدد، دون توقيع اتفاق نهائي، مما يخلق حالة "هدوء حذر" تبقي الخلافات قائمة، ولكن تحت السيطرة.

وقال إبراهيم، إن مصر "قد تلجأ إلى خطوات تصعيدية غير تقليدية، مثل تدويل الملف مجدداً، أو استخدام أدوات ضغط اقتصادية أو دبلوماسية على إثيوبيا، سواء عبر دول الجوار أو الشركاء الدوليين، ورهن ذلك في حال استمرار الإصرار الإثيوبي على عدم تقديم تنازلات أو شفافية فنية"، معتبراً أن ذلك قد يعود بالعلاقات إلى حالة الجمود.

ومنذ الإعلان الإثيوبي عن مشروع سد النهضة في عام 2011، عبرت كل من مصر والسودان عن مواقف متباينة في التفاصيل، لكنها تلتقي في نقطة مركزية تشدد على ضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني مُلزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد ويضمن مصالح دول المصب.

وتعتبر القاهرة، أن السد يشكل تهديداً مباشراً لأمنها المائي، وتؤكد أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم قبل المضي في أي خطوات تشغيلية إضافية، محذّرة من أي إجراء أحادي قد يعرّض مصالحها المائية للخطر.

أما السودان، فيخشى من أن يؤدي عدم تبادل البيانات الفنية أو التنسيق المُسبق إلى مخاطر مباشرة على منشآته المائية، مثل سد الروصيرص القريب من الحدود الإثيوبية، ولذلك تُطالب الخرطوم أيضاً، باتفاق قانوني مُلزم، يضمن التشغيل الآمن والمنسق بين السدود، ويمنع حدوث أي مفاجآت فنية قد تهدد استقراره المائي.

وشهد سد النهضة، جولات تفاوضية متعددة برعاية الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة، دون أن تفضي إلى اتفاق نهائي، وفي أكثر من مناسبة، تحمل مصر والسودان، إثيوبيا، مسؤولية فشل المفاوضات بسبب ما يصفانه بـ"الإجراءات الأحادية"، في حين تؤكد أديس أبابا حقها السيادي في استخدام مواردها المائية من دون تأثير لدول المصب.

   

مقالات مشابهة

  • الجوع يفتك بسكان غزة وتحذيرات من موت جماعي وشيك
  • سد النهضة.. إعلان سياسي إثيوبي يهدد بتأجيج التوتر مع مصر والسودان
  • مقتل قائد دبابة وإصابة ضابط وجندي في صفوف جيش الاحتلال بـ قطاع غزة
  • المجاعة تتفاقم في غزة: أطفال القطاع يعانون سوء التغذية ونقص الأدوية
  • أوتشا: منع المساعدات عن غزة يهدد حياة المدنيين ويزيد المجاعة
  • من أين الوجبة التالية؟.. المجاعة تُنافس قنابل الاحتلال في قتل سكان غزة
  • تجمع القبائل والعشائر بالقطاع يؤكد رفضه المطلق لمحاولات تهجير الغزيين: 144شهيدًا وجريحًا في مجازر جديدة للاحتلال بغزة ودعوات للسماح بمرور المساعدات الإنسانية
  • مكتب أممي: منع دخول إسرائيل للمساعدات يهدد حياة سكان غزة
  • مستشفيات غزة: المجاعة في القطاع دخلت مرحلتها الخامسة الأشد خطورة
  • الإغاثة الطبية: الوضع الصحي في غزة يزداد سوءا مع استمرار الحصار والإغلاق