لندن- رأي اليوم- خاص أقر أعضاء بارزون في مجلس النواب الاردني بان مجلس الملك – الأعيان- وهو الغرفة الثانية في سلطة التشريع حقق معدلات تفهم واقتراب من نبض الشارع والناس والمواطنين اكثر بكثير من موقف مجلس النواب المنتخب، الأمر الذي يضفي اشارات غامضة وتساؤلات في غير وقتها تماما عشية التحضير لانتخابات عام 2024 والتي ينظر لها بحرص وإهتمام شديدين باعتبارها الإنتخابات الاولى التي ستجري بعد عهد تحديث المنظومة السياسية وفي ظل التعددية الحزبية الجديدة.

ولمس نائبان من الكتلة الاسلامية هما ينال فريحات و صالح العرموطي هذه المفارقة والتي تقضي بان مجلس الاعيان اقرب الى نبض الشعب من مجلس نواب منتخب علما بان المجلس الاول معين وليس منتخبا. حصل ذلك عندما اعاد مجلس الاعيان قانون الجرائم الالكترونية المثير للغضب والسخط والجدل الى مجلس النواب    الذي عقد قراءة ثانية في هذا القانون انتهت بتصويته لصالح تعديلات جوهرية على القانون قررها  الاعيان وليس النواب. وأقر  النائب فريحات بان مجلس الاعيان اقرب للشعب الاردني الان من النواب المنتخبين معتبرا ان ذلك من التحديات الاساسية فيما تقدم النائب العرموطي بمداخلة توجه فيها الى الملك عبد الله الثاني متمنيا عليه رد القانون بمعنى عدم صدور المصادقة الملكية عليه وهي خطوة تأمل بها  ايضا اللجنة التنسيقية التي تضم نشطاء مهنيين واعلاميين و حزبيين بصورة مركزية تحتج على القانون وتطالب بسحبه. وعبرت اللجنة التنسيقية عدة مرات عن أملها في ان يتخذ القصر الملكي الخطوة التي يترقبها المواطن الاردني بعدما توسعت قاعدة الاشتباك الرافضة لمضمون وشكل وتوصيات ونصوص القانون المعدل الجديد للجرائم الالكترونية.  وبدا واضحا ان حجم الحملة الشعبية ضد القانون لا تزال تتواصل وان مجلس الأعيان فيما يبدو باجراء بعض التعديلات اقترب فعلا من طروحات المهنيين وملاحظاتهم. وكان مجلس الأعيان قد قرر إستبدال حرف الواو اينما ورد في مواد العقوبات ضمن القانون  الجديد بحرف “او” وهي صيغة تمنع عمليا كما قال النائب عبد الكريم الدغمي ازدواجية العقوبة وهو  المضمون الذي استندت اليه العقوبات المغلظة كما وردت من الحكومة والنواب وبالتالي تعديل الاعيان يحول دون  هذه العقوبات المغلظة بتمكين القضاةوالمحاكم من اختيار احدى العقوبات الواردة في النصوص. خلافا لذلك خفض مجلس الأعيان بعض الغرامات المالية وبرزت كتلة متناغمة من الذين يعارضون القانون و بحماس وشدة وحرص من بين اعضاء مجلس الملك وذاع صيت الكتلة وقوامها تسعة اعضاء في مجلس الاعيان صوتوا ضد القانون وطالبوا برده لا بل انتقدوه تحت قبة البرلمان وبشدة ،الأمر الذي شكل ظاهرة غير مسبوقة او سابقة  تشريعية في البلاد.  ويمكن تحميل صياغة الحكومة للقانون مسؤولية هذه السابقة لأنها في احدى تجلياتها الاعمق تؤشر ولأول مرة  على تجاذبات داخل مؤسسات القرار بسبب هذا القانون الذي انتج كميات كبيرة من السخط الشعبي خصوصا وان الحكومة لم تتبعه او وترفقه بشروحات مفصلة تطمئن الرأي العام الا طبعا في وقت متأخر. وتخاطب الهيئات الشعبية  والحزبية التي تحتج على القانون الان القصر الملكي بصفة مباشرة و لم تصدر اي تلميحات او اشارات توحي بمصير المصادقة الملكية على القانون الذي اقر بخطوتين دستوريتين وعبر نحو الخطوة الدستورية الثالثة المتبقية ز وهي توشيحه  بالإرادة الملكية قبل نشره بالجريدة الرسمية ليصبح القانون النافذ فورا. ولم يعرف بعد موقف القصر الملكي من الجدل لكن المداخلة التي ابرزت انحياز مجلس الاعيان والتخفيف من قيود القانون و عقوباته كانت اشارة الى ان القرار المركزي وصلته بعض الملاحظات والاحتجاجات حينما تم التعبير عن تخفيف  بعض الشروط والقانون والقيود والغرامات عبر ترتيبات خاصة في اللجنة  القانونية لمجلس الاعيان

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: مجلس الاعیان على القانون

إقرأ أيضاً:

هل أصبحت “سلطة رام الله” عبئاً على القضية الفلسطينية؟

 

ارتبطت “السلطة الفلسطينية” التي تتخذ من مدينة رام الله مقراً لها، بـ “اتفاقية أوسلو” التي وقّع عليها في البيت الأبيض عام 1993 كل من إسحاق رابين، بصفته رئيساً للحكومة الإسرائيلية، وياسر عرفات، بصفته رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية.

لم تكن هذه الاتفاقية “معاهدة سلام” بالمعنى المتعارف عليه في القانون الدولي، وإنما مجرد “إعلان مبادئ” يوضح الأسس التي ينبغي الاستناد إليها عند تحديد مصير ومستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، والتي تم التوافق على التزام “إسرائيل” بالانسحاب منها تدريجياً، وذلك وفقاً لجدول زمني محدد. وتأسيساً على هذا “الإعلان” أمكن التوصل إلى اتفاق تم التوقيع عليه في 4 مايو 1994، عُرف باسم “اتفاق غزة-أريحا”، ثم حلّ محله اتفاق آخر تم التوقيع عليه في 24 و28 سبتمبر عام 1995، عُرف باسم “اتفاق أوسلو 2”.

كان يُفترض، وفقاً لما تم التوافق عليه في هذه الاتفاقيات، وضع الأراضي الفلسطينية التي تنسحب منها “إسرائيل” تحت سلطة تتولّى إدارتها خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، تسمّى سلطة “الحكم الذاتي”، ثم تجري مفاوضات لاحقة تستهدف تحديد الوضع النهائي لمجمل الأراضي الفلسطينية المحتلة “تبدأ في أسرع وقت ممكن وكحد أقصى في بداية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية”.

غير أن هذه الاتفاقيات، والتي شكلت انعطافة كبرى في مسيرة الصراع الفلسطيني الصهيوني الممتد، وُوجهت بعاصفة من التحديات على الجانبين، وخضعت لتفسيرات وتوقعات متباينة إلى حد التناقض. فبينما تعامل معها عرفات باعتبارها خطوة مهمة تمهّد لقيام دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 كافة، تعامل معها رابين باعتبارها إحدى أدوات إدارة الصراع التي تساعد على حل معضلة الأمن الإسرائيلي، عبر منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً لا يرقى إلى دولة مستقلة، وتمكين “إسرائيل” في الوقت نفسه من تفكيك “قنبلة ديمغرافية” قد تنفجر في وجهها، في حال إذا ما قررت ضم الضفة والقطاع، وبالتالي تجنيبها المخاطر المترتبة على احتمال فقدانها هويتها اليهودية خلال سنوات معدودة .

لم يكن من المستغرب، في سياق كهذا، أن تساعد ردود الأفعال الغاضبة والمتعاكسة على الصعيدين الفلسطيني والإسرائيلي في تهيئة أجواء تفضي إلى اغتيال رابين في 4 نوفمبر 1995، ثم إلى التخلص من عرفات في 11 نوفمبر 2004. بل يمكن القول إن التطرف الصهيوني كان هو المسؤول عما جرى في الحالتين. فمن الثابت الآن أن اليمين الديني المتطرف في “إسرائيل” هيّأ أجواء مواتية لاغتيال رابين، المتهم بالتفريط في حقوق يهودية، رغم شيوع نظريات تدّعي ضلوع أجهزة “الدولة اليهودية العميقة” في ارتكاب هذه الجريمة، وتحيط شكوك كثيرة بالملابسات التي أفضت إلى رحيل عرفات، المتهم فلسطينياً بالتفريط في الحقوق الوطنية وإسرائيلياً بتشجيع الإرهاب والعنف، حيث تشير قرائن متعددة إلى أنه قُتل مسموماً على أيدي عناصر ينتمون إلى الموساد، وذلك بالتواطؤ مع شخصيات فلسطينية تنتمي إلى الدائرة المقربة من عرفات نفسه.

تجدر الإشارة هنا إلى أن عرفات ظل متمسكاً بالأمل في أن تفضي “اتفاقيات أوسلو” إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، حتى بعد سنوات من رحيل رابين، ولم يبدأ هذا الأمل بالتراجع والانحسار إلا عقب فشل مفاوضات كان الرئيس الأميركي بيل كلينتون قد دعا إلى عقدها في كامب ديفيد عام 2000، وشارك فيها إيهود باراك، رئيس وزراء “إسرائيل” في ذلك الوقت، وبعد أن تأكد له آنذاك أن “إسرائيل” لن تقبل مطلقاً التخلي عن القدس الشرقية.

ولأن عرفات لم يكن مستعداً للقبول بدولة فلسطينية تفرض سيادتها التامة على القدس القديمة، فقد كان من الطبيعي أن يمهد موقفه إبان هذه المفاوضات لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثانية عام 2000، هي الأولى بعد إبرام اتفاقيات أوسلو، وهو ما يفسر إقدام شارون على محاصرته داخل المقاطعة، والتفكير في البحث عن بديل، وهذا هو السياق الذي راحت فيه الضغوط تمارَس بكثافة على عرفات لحمله على تعيين محمود عباس رئيساً للوزراء، وهو ما تم بالفعل في 19 مارس عام 2003. صحيح أن عباس لم يتمكن من الصمود في منصبه الجديد سوى أشهر قليلة، اضطر بعدها إلى تقديم استقالة عكست سطورها عمق الخلافات القائمة بين الرجلين، غير أنه سرعان ما تبيّن أن لكل من الرجلين رؤية مختلفة حول كيفية إدارة الصراع مع “إسرائيل” في المرحلة المقبلة.

بعد رحيل عرفات، أصبح عباس رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية التي رشحته بدورها لخوض انتخابات الرئاسة التي جرت في 9 يناير 2005، والتي فاز فيها بسهولة، ثم راح يجمع بين يديه تدريجياً المناصب والسلطات كافة التي تولّاها عرفات، حيث أصبح رئيساً لحركة فتح ورئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيساً للسلطة التنفيذية التي تتولى إدارة المناطق الفلسطينية المحررة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي المناصب التي ظل ينفرد بها طوال السنوات العشرين التي انقضت منذ رحيل عرفات وحتى الآن، رغم تطورات كثيرة طرأت على الحركة الوطنية الفلسطينية منذ ذلك الحين، خصوصاً بعد أن قرّر شارون الانسحاب من قطاع غزة تحت وقع ضربات المقاومة الفلسطينية المسلحة، و بدأ بإخلاء القطاع من المستوطنات اعتبارا من 15 أغسطس 2005، وبعد أن قررت حماس خوض الانتخابات التشريعية التي جرت في يناير 2006 وتمكنت من الفوز بأغلبية المقاعد فيها، في إشارة لا تخطئها العين على أن الشعب الفلسطيني في كل من الضفة والقطاع بدأ يشكك في حقيقة النيات الإسرائيلية ويفقد الأمل في إمكانية تحقيق أهداف الاستقلال والتحرر الوطني بالوسائل السلمية.

كان من الطبيعي، في سياق كهذا، أن تطفو على سطح الحياة السياسية في فلسطين رؤيتان متناقضتان، حول الطريقة المُثلى أو الأكثر فعالية في التعامل مع القضايا الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن أصبحت هناك سلطة تنفيذية منتخبة، ترى أن الوسائل السلمية هي وحدها الكفيلة بتحقيق أهداف النضال الفلسطيني، وسلطة تشريعية منتخبة ترى أن الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد لتحقيق هذه الأهداف. ولأن السلطة التنفيذية سعت إلى تهميش السلطة التشريعية وفرض هيمنتها عليها، فقد كان من الطبيعي أن يتحول الخلاف بين السلطتين حتمياً إلى صدام، وهو ما حدث بالفعل.

لا يهدف هذا المقال إلى تقييم ما جرى على الساحة الفلسطينية منذ رحيل عرفات، أو وضع معايير يمكن الاستناد إليها لترجيح كفة رؤية أيديولوجية أو سياسات بعينها يتبناها هذا الفصيل أو ذاك، فحماية القضية الفلسطينية من عبث العابثين يجب أن تكون هي البوصلة المحددة للوجهة التي ينبغي أن تتجه نحوها جميع القوى السياسية في عالمنا العربي كله، لا على الساحة الفلسطينية وحدها.

غير أن الأمانة العلمية تتطلب منا أن ندلي في هذا التوقيت بمجموعة من الملاحظات المتعلقة بأسلوب عباس في إدارة الشأن الفلسطيني، والذي لم يختلف كثيراً عما اتّسم به أسلوب عرفات من مركزية شديدة وميل غريزي إلى جمع كل الخيوط والإمساك بها على نحو منفرد، رغم الفارق الكبير بين الوزن التاريخي لكل من القيادتين الفلسطينيتين.

وكان الأجدى أن يُولي الرئيس عباس جهداً كبيراً وحقيقياً لإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية المختلفة عقب رحيل عرفات، خاصة منظمة التحرير الفلسطينية التي ينبغي أن تكون هي الإطار الجامع والممثل الحقيقي للشعب الفلسطيني المشتت بين الضفة والقطاع والأراضي المحتلة قبل 48 والمخيمات والتجمعات المنتشرة في مختلف دول العالم. على صعيد آخر، يعتقد كاتب هذه السطور أن الرئيس عباس لم يكن موفقاً على الإطلاق حين ظلّ يصر لفترة طويلة على استخدام تعبير “الصواريخ العبثية” الساخر، وهو تعبير عكس استهانة غير مبرّرة بقدرات وإمكانات فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة.

فقد أثبت “طوفان الأقصى”، وبصرف النظر عن تباين التقديرات المتعلقة بمدى مواءمته من الناحية السياسية، أن هذه الفصائل تقوم بعمل جاد لكسر غطرسة العدو الإسرائيلي وأنها تمكنت من إنجاز ما لم تتمكن جيوش دول عربية كثيرة من إنجازه، وأنها قدمت في سبيل ذلك تضحيات كبرى ينبغي عدم الاستهانة بها أو التقليل من شأنها.

لا شك أن هناك أخطاء سياسية عديدة ارتكبت، خصوصاً خلال فترة “الربيع العربي”، لكن هذا ليس وقت تصفية الحسابات، لا مع حماس ولا مع غيرها من الفصائل الفلسطينية، فالشعب الفلسطيني كله، بجميع قواعده وفصائله وتجمعاته، يواجه في الوقت الراهن معركة وجودية بالمعنى الحرفي للكلمة، وبالتالي هو مهدد بالتصفية والاستئصال والاقتلاع من الجذور، ما يفرض على جميع القيادات تجنب المعارك الصغيرة، ورصّ الصفوف في مواجهة عدو كشف “طوفان الأقصى” عن معدنه الحقيقي المجرد من كل معاني الإنسانية.

ولأن رئيس “منظمة التحرير الفلسطينية” ينبغي أن يكون هو الممثل الحقيقي لشعب كشف صموده الأسطوري في مواجهة حرب الإبادة الجماعية التي تُشنّ عليه منذ أكثر من عام ونصف، أنه من أعظم شعوب العالم قاطبةً، فعليه أن يشرع على الفور في اتخاذ ما يلزم من خطوات عملية لتحويل هذه المنظمة إلى حركة تحرر وطني تليق بمقامه الرفيع.

سوف يحتفل الرئيس عباس في نوفمبر المقبل بعيد ميلاده التسعين، ومع تمنياتنا له بطول العمر ودوام الصحة، نأمل أن يسجّل التاريخ أنه القائد الذي نجح في تصحيح مسار الحركة الوطنية الفلسطينية، وليس القائد الذي تحوّل إلى عبء على القضية الفلسطينية.

 

أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة

 

 

مقالات مشابهة

  • مجلس الدولة : لا يحق للسلطة التأديبية توقيع عقوبة لم يحددها القانون
  • “الساعدي يبحث تحديات الأزمة مع خبير وطني”
  • “أمين عام مجلس التعاون” يدين المخططات التي استهدفت أمن واستقرار الأردن
  • الطبلقي: مسودة قانون تنظيم الطاقة المتجددة جاهزة للنقاش في مجلس النواب
  • هل أصبحت “سلطة رام الله” عبئاً على القضية الفلسطينية؟
  • النواب يوافق على إعادة المداولة مادة 269 بقانون العمل ويقر التعديلات المقدمة
  • رئيس مجلس النواب الأردني: العبث بأمن الوطن جريمة وخيانة تستوجب أقصى العقوبات
  • شايب:الموظف القنصلي الجزائري تم توقيفه في الشارع في ظروف “غير مسبوقة”
  • رئيس مجلس النواب يتفقد الدورة التدريبية حول التشريع في الحياة البرلمانية
  • نصيّة لـ “المحافظ”: هل تقديم المعلومات إلى صندوق النقد أهم من تقديمها لمجلس النواب والشعب؟