ليلة اشتعال الشمال وحرائق مستوطنات الكيان
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
في ظلال #طوفان_الأقصى “75”
ليلة اشتعال الشمال و #حرائق #مستوطنات #الكيان
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
حرائقٌ ودخانٌ ونارٌ وألسنةُ لهبٍ، ومساكنٌ وأحراجٌ وغاباتٌ وأشجارٌ تشتعل، وحطامٌ يتطاير ودخانٌ لا ينقشع، وسياراتٌ تنفجر وكل شيءٍ فوق الأرض يحترق، وقلوبٌ تضطرب، ونفوسٌ تختلج، وأصواتٌ ترتعد، ومحاولاتٌ يائسةٌ لإطفاء النار وإخماد الحرائق وحصارها، وتضييق إطارها ومنع امتدادها، والكل خائفٌ قلق، مصدومٌ جزعٌ، لا يدري ما الذي يجري وماذا أصابهم، فالأرض من حولهم تشتعل وتحترق، وهي من قبل تحت أقدامهم تميد وتضطرب، فقد اندلعت النيران في كل مكان، واشتعلت الحرائق في كل شيءٍ، وكأن بركاناً يرمي بحممه في كل الاتجاهات فتتقد الجمار وتشتعل النيران على الأرض وفي القلوب.
ظن العدو الإسرائيلي أن نار الحرب التي أشعلها وصب الزيت عليها لن تطاله، وأن شررها لن يصيبه، وأن دخان القنابل لن يخنقه أو يعمي عيونه، وأنه لن يأتي اليوم الذي فيه يصرخ ويجأر بالشكوى، ويطلب العون ويستغيث كما في كل مرة، وأن صواريخ المقاومة لن تصله ولن تخيفه، وأن مقاوميها لن يتمكنوا منه أو يقدروا عليه، وسيجبنون عن مواجهته، وسيتراجعون عند ملاقاته، ولن يفكروا في النيل منه أو إيذائه، خوفاً منه أو خشيةً من سلاحه، ظناً منه أنه أدبها وعلمها، ونزع سلاحها وقضى عليها.
كما ظن أن وحدة الساحات ليست إلا شعاراً، وأن تضامن الجبهات ليست إلا حلماً، وأن أحداً لن ينتصر لغزة أو ينصر أهلها، ولن يتضامن معها ويساندها، وسيتركونها وحدها تقتل وتذبح، وتحرق وتدمر، ولن يقوى أحدٌ على إنقاذها أو الدفاع عنها، خوفاً من مصيرٍ كمصيرها، وخرابٍ ودمارٍ يشبه ما أصابها ولحق بها.
لكن المقاومة الإسلامية في لبنان، الحاضرة الكامنة المتأهبة، المجهزة المتمكنة القادرة، حولت الشعار إلى مشروع، والخطة إلى برنامج عملٍ، وأحالت الحلم إلى حقيقة، وفاجأت العدو وصدمته، وأيقظته من سباته ولطمته، ولم تكتف بإطلاق الصواريخ التي تصيب أهدافها، أو القذائف التي لا تضل طريقها، ولا تحيد عن مسارها، وفقأت عيون العدو وأعمته، وطمست على قلبه وضللته، فلم يعد يرى أو يسمع، أو يصد ويمنع، إذ صارت القذائف والصواريخ تسقط عليه في كل مكان، وتصل إليه من كل مكانٍ، وتحدث دماراً واسعاً وخراباً كبيراً، وتضرم ناراً وتشعل حريقاً، فضلاً عن أنها تقتل وتجرح.
وسائل الإعلام الإسرائيلية تصرخ وتولول، وقد أصيبت والمستوطنون بهستيريا فاضحة، فأخذوا يهذرون خوفاً بلا وعي، ويصرخون ذعراً بلا إدراك، الشمال يحترق ومعه قوة الردع الإسرائيلية، المقاومة تشعل الشمال وتحرق المستوطنات، ألسنة اللهب تتراقص وتتعالى في السماء.
أكثر من عشرة آلاف دونم من الأرض الحرجية والخضراء استحالت رماداً وأصبحت سوداء، وسيارات الدفاع المدني عاجزة عن الوصول إلى مناطق الحرائق، وطائرات الإطفاء المجهزة غير قادرة على القيام بدورها، فحزب الله يراقبها ويرصدها، ورجاله يقفون لها بالمرصاد، وحتماً يستطيعون إسقاطها أو إعطابها، ومنعها من تأدية مهامها أو التحليق قريباً من مناطق الحرائق، الأمر الذي يعني استمرار الحرائق واتساعها، وفرار المزيد من المستوطنين وزيادة الأعباء على الحكومة.
لا يبدو أن الحرائق ستتوقف حتى ولو تمكن العدو من إطفائها، فإن جذوتها ستتقد من جديد، وستعود تشتعل أقوى مما كانت، وأشد فتكاً مما شكا منه المستوطنون، فقد عرف المقاومون وسيلةً جديدةً يوجعون بها العدو ويؤلمون مستوطنيه، ويكبدونه واقتصاده خسائر كبيرة، وها هي مسيراتهم معدة وجاهزة، وما لا تحمل أسلحةً ومتفجرات، فإنها قادرة على حمل مواد حارقة وأخرى قابلة للاشتعال، وتستطيع الوصول إلى أمان بعيدة، وأهداف حصينة، وعلى العدو أن يوطد نفسه على طول النفس وشدة العزم، فما بقي عدوانه على غزة، فإن عليه أن يتوقع المزيد والجديد من وسائل الحرب وسبل القتال، حرقاً أو قصفاً، دماراً أو خراباً.
هذا يومٌ بيوم حوارة التي أشعل المستوطنون النار فيها، وأحرقوا بيوتها وفجروا سياراتها، وقتلوا أهلها، وخلعوا أشجارها، وخربوا كل شيءٍ فيها، وعاثوا فيها فساداً، بأوامر من قادتهم، وبتعليماتٍ من حاخاماتهم، وبتوصياتٍ من وزراء حكومتهم، وعلى مرأى ومسمعٍ من شرطتهم، وبحمايةٍ ورعايةٍ من جيشهم، وقد منعت سلطاتهم أهالي البلدة من إدخال سيارات الإطفاء والدفاع المدني، لإخماد الحرائق وإطفاء النار، وإسعاف المصابين وإخراجهم من بين بلدتهم التي تضررت كثيراً وتكبدت خسائر بعشرات ملايين الدولارات.
يومها سكت العالم المتعدد المعايير والمتناقض القيم عن جريمتهم، وغضت دوله الطرف عن عدوانية مستوطنيهم، ولم تحرك ساكناً لمحاسبتهم وعقابهم، أو لمنعهم وانتقاد فعلتهم، وقبلت تبرير حكومتهم الفاشية التي يعرفون كذبها وتطرفها، بأن ما حدث كان دفاعاً عن النفس، ودفعاً للمخاطر والتهديدات، وتأميناً لحياة مستوطنيهم وحمايةً لهم، فليشربوا اليوم من نفس الكأس، وليتجرعوه غصةً وألماً، وحسرةً وندامةً، وليذوقوا المرَّ الذي تجرعناه بأيديهم ظلماً وعدواناً، فما ظلمناهم والله ولكن أنفسهم كانوا وما زالوا يظلمون، وعلى غيرهم يعتدون، وعلى بغيهم يصرون، وعلى ضلالهم القديم يسيرون.
بيروت في 4/6/2024
moustafa.leddawi@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى حرائق مستوطنات الكيان
إقرأ أيضاً:
بلدية الأصابعة تعقد اجتماعاً لبحث تداعيات كارثة اشتعال النيران بالمدينة
عقد بمقر المجلس البلدي في الأصابعة اجتماعًا ضم عميد البلدية المهندس عماد المقطوف، وعضو المجلس البلدي مجدي اعبار، وأحمد عاشور وكيل ديوان البلدية، وطارق التومي الباحث الاجتماعي والأستاذ بكلية الآداب الأصابعة، مع الفريق البحثي المكلّف من مركز الدراسات الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية، والذي يضم عددًا من المستشارين والأخصائيين الاجتماعيين بالمركز، إلى جانب صبحي الاطيوش، رئيس فرع الشؤون الاجتماعية بمدينة الأصابعة.
وخُصص الاجتماع لمناقشة كارثة اشتعال النيران بعدد من المنازل بمدينة الأصابعة وما خلّفته من آثار نفسية واجتماعية على السكان، خاصة الأطفال والنساء.
واستعرض عماد المقطوف عميد البلدية مستجدات الوضع بالمدينة، موضحًا حجم الضرر والصعوبات التي تواجه الأسر المتضررة، موجّهًا في ختام كلمته الشكر والتقدير لمركز الدراسات الاجتماعية الذي كان من أوائل الجهات المباشرة التي تفاعلت مع الحدث، وسارعت بإرسال فرق المسح الميداني وتقديم المساعدات الأولية رغم التحديات الميدانية.
كما شهد الاجتماع نقاشًا مفتوحًا بين الحضور حول محاور التدخل الممكنة والمبادرات التي يمكن للمركز تنفيذها خلال الأيام القادمة بما يضمن تقديم الدعم الاجتماعي والعلمي اللازم للأسر المتضررة، والمساهمة الفعّالة في التخفيف من حدة هذه الأزمة.
وكان المركز كلف فريقًا بحثيًا متخصصًا للوقوف على آخر المستجدات ميدانيًا، ورصد الأوضاع عن كثب، إلى جانب تفعيل برنامج الدعم النفسي من خلال البدء في تنفيذ دورات تأهيلية وعلاجية موجهة للأسر والأطفال المتضررين نفسيًا من هذه الحوادث المؤلمة التي لا تزال مستمرة حتى اللحظة.
آخر تحديث: 27 أبريل 2025 - 18:36