كشفت جائحة فيروس كورونا قبل عامين فقط عن ضعف النظم الصحية في مختلف دول العالم، الأمر الذي طرح في ذلك الوقت أهمية الاستثمار في القطاع الصحي، سواء في بناء المستشفيات والمراكز الصحية التي تستطيع استيعاب المرضى خلال فترة الجوائح أو صناعة الأدوية واللوازم الطبية التي عانى العالم من نقصها الحاد خلال مرحلة الجائحة.

. وتسببت في عواقب كارثية في بعض الدول. لقد أعطت الجائحة درسا مهما للدول حول أهمية البنية الأساسية الصحية وأنها يمكن أن تتحول بكل سهولة إلى أزمة أمن وطني.

سلطنة عمان من الدول التي أبلت بلاء حسنا خلال أزمة كورونا رغم الضغط الكبير الذي وقع على المنظومة الصحية، ولكنها أتقنت الدرس بشكل متميِّز. وفي وسط تلك الأزمة أمر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بإنشاء مختبر مركزي للصحة العامة. والعام الماضي وضع حجر الأساسي للمختبر بتكلفة بلغت أكثر من 18 مليون ريال عماني ويتضمن عدة مختبرات بينها المختبر الكيميائي، ومختبر الكيمياء الحيوية، ومختبر الفاشيات الغذائية، والمختبر الجرثومي. وهو مشروع وطني في غاية الأهمية.

وأمس افتتح في منطقة الرسيل الصناعية مصنع «ميناجين» للصناعات الدوائية باستثمار يفوق 20 مليون ريال عماني، وشيد المصنع وفق مواصفات وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية ومطابقا لمواصفات وكالة الأدوية الأوروبية. وهذا المصنع يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وسيعمل على تعزيز الأمن الدوائي في سلطنة عمان.

ومنذ عبور الجائحة أعلنت سلطنة عمان عن إنشاء أكثر من مستشفى مركزي حكومي وضع حجر أساس بعضها والبعض الآخر في الطريق كان آخرها اليوم في ولاية صحم، كما تم افتتاح أكثر من مستشفى خاص.

هذه الجهود إذا ما نظر لها في سياق تكاملي يمكن فهم كيف استوعبت سلطنة عمان دروس الأزمة العالمية التي واجه فيها العالم نقصًا حادًّا في الإمدادات الطبية الأساسية. ولا نستطيع أن ننسى كيف جاهدت المستشفيات لتأمين معدات الحماية الشخصية وأجهزة التنفس الصناعي ومعدات الاختبار.

وكشفت دراسة أجراها البنك الدولي أن الإنفاق العالمي على الرعاية الصحية بلغ في المتوسط 10% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في مختلف البلدان، مع وجود فوارق كبيرة بين الدول ذات الدخل المرتفع والدول ذات الدخل المنخفض، وأنفقت البلدان مرتفعة الدخل حوالي 12% من ناتجها المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية، في حين أنفقت البلدان منخفضة الدخل 5.4% فقط.

وأمام هذا المشهد الذي ما زال ماثلا للعيان يبدو الاستثمار في القطاع الصحي ضرورة ملحة، وعلى الحكومات بما في ذلك سلطنة عمان أن تبذل جهودا أكبر لإعطاء الاستثمار في المجال الصحي أولوية كبرى وتقديم تسهيلات تغري المستثمرين لدخول هذا القطاع وخاصة فيما يتعلق بإنتاج الأدوية والمضادات الحيوية والإمدادات الطبية.. وهذا النوع من الاستثمار مربح جدًّا.

ويمكن للقطاع الخاص أن يقوم بدور مهم في ملْء ثغرات النقص في هذا المسار الاستثماري عبر تشكيل شراكات كبرى تعمل على إنتاج الأدوية والأدوات الطبية، ويكون لهذه الشراكات مراكز بحثية تستقطب الكفاءات العمانية والعربية والعالمية للعمل على إجراء بحوث وتطوير الأدوية القائمة أو اكتشاف أدوية جديدة.. وهذا ليس مستحيلا أبدا، بل إن هذا القطاع واعد جدا بالكثير من الابتكارات التي تحتاج لها الإنسانية في جوائحها القادمة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاستثمار فی سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

عرض الإبهار .. تجربة رائعة تمتع الجماهير بمتنزه القرم الطبيعي

يشهد مهرجان ليالي مسقط بمتنزه القرم الطبيعي، عروض إبهار يومية على مسرح البحيرة متمثلة في شاشات عرض ثلاثية الأبعاد صممت على شكل مثلثات متفاوتة الأحجام مثلت جبال سلطنة عمان والذي أكّد عليه العرض، حين انطلق بظهور جبال متعرجة على الشاشات يحلق في أعاليها صقر عملاق يصيح بشكل حاد وقوي وهو ما يمنحه الهيبة والقوة حيث يعد الصقر العماني أحد الطيور الجارحة وأحد الرموز الثقافية والتراثية ويتميز بمكانة خاصة في المجتمع العماني، حيث يقام له مسابقات ومهرجانات خاصة تحتفي برياضة الصقارة تجمع عشاق الصقور، وتسعى هيئة البيئة في سلطنة عمان للحفاظ على هذا الطائر.

لتنطلق اللوحة الثانية من العرض وتأخذنا إلى عالم البحار إلى رائحة شاطئ العيجة في ولاية صور، إلى خور البطح حيث تقف سفينة فتح الخير شامخة إلى شواطئ مسندم وإلى سواحل الباطنة، حيث يأسرك صوت تموّج الأمواج وتعجب بجمال شروق وغروب الشمس في العرض، لنتذكر حينها بأننا في مسقط نستنشق نسيم القرم مرورًا بمطرح نشاهد هذا الجمال في واقعنا اليومي في العاصمة مسقط.

لنشهد بعدها في اللوحة الثالثة معالم سلطنة عمان السياحية، فتظهر القلعة لنستذكر حينها قلاع نزوى وبهلا والجلالي والميراني في مسقط وحصن الحزم في الرستاق وقلاع السويق وصحار وخصب وحصن عبري والبريمي، وتطل علينا بعدها منارة جامع السلطان قابوس الأكبر وهو الجامع الذي يجسد الفن المعماري الإسلامي بنقوشاته الجذابة في كل زاوية من زواياه ناهيك عن جمال سجادته الكبيرة المصنوعة يدويًا، ومن هناك إلى قصر العلم العامر وهو أحد أقدم القصور في سلطنة عمان حيث يتميز بواجهته الفريدة، والقابع وسط حديقة من الزهور والأشجار مقابلاً للمتحف الوطني، ويستخدم هذا القصر لمناسبات جلالة السلطان الرسمية كاستقبال الملوك ورؤساء الدول وعقد اجتماعات كبار القادة والمسؤولين، ولنحلق بعدها في العرض إلى دار الأوبرا السلطانية مسقط التي احتضنت الحفلات السيمفونية والعروض الأوبرالية العالمية والمسرحيات الغنائية والموسيقية وعروض الموسيقى العسكرية وأمسيات الإنشاد والمدائح الصوفية، تخلل هذه المشاهد ظهور رمال الصحراء المكان الذي يعشقه الجميع وخصوصًا في فصل الشتاء كرمال بدية والطحايم وخبة القعدان ورمال بوشر التي تتوسط المدينة في العاصمة مسقط.

تضمنت العروض مزيجًا من الإضاءة التفاعلية بألوانها المختلفة والمؤثرات البصرية والصوتية وعروض الليزر التي امتزجت لتقدم تجربة فريدة من نوعها إلى جانب تراقص النافورات على نغمات الموسيقى والتي تفاعلت مع المشاهد المعروضة لتمنح الحياة للعرض المقدم بالإضافة إلى الدخان أو كما يعرف بالضباب والشرارات الباردة أو الألعاب النارية الباردة بالإضافة إلى اللوحات الجدارية ثلاثية الأبعاد.

لينقلنا العرض في لوحاته الأخرى من الماضي إلى المستقبل الذي يحلم به الجميع إلى عالم بإمكانيات لامحدودة لتتحول سلطنة عمان إلى مدينة مليئة بالانسجام لتلتقي التقاليد بروعة التكنولوجيا حيث يعمل الذكاء الاصطناعي والآلات جنبًا إلى جنب مع الشباب معززًا أحلامهم وطموحاتهم وإلى عالم البحث العلمي والابتكار.

وأكد عبدالله بن علي الطوقي، مدير عرض الإبهار، قائلاً: "حرصنا على أن يعكس هذا العرض جميع التضاريس والعوامل الطبيعة التي تتميز بها سلطنة عمان، بما في ذلك البحار، والوديان، والصحارى، والجبال، فقد استخدمنا مثلثات متفاوتة الحجم في التصميم لترمز إلى كثافة الجبال التي تشتهر بها سلطنة عمان، وركزنا على إبراز التطور العمراني الذي تشهده العاصمة والمدن الأخرى وذلك بما يتماشى مع "رؤية عمان 2040" مع تسليط الضوء على التطور التكنولوجي واستخدام التكنولوجيا المتقدمة التي تجسد الانتقال بين العصور، في إشارة إلى النهضة المتجددة، فقد احتوى العرض على رموز تعكس الشبكات الإلكترونية وتطور الذكاء الاصطناعي عبر الزمن، في محاكاة للتقدم الذي تشهده عمان وتسعى لتحقيقه في المستقبل وكان هدفنا من خلال هذا العرض إبراز ملامح التطور كرسالة حية، حيث تضمنت اللوحات الجدارية المعروضة رسائل صوتية توضح مضمون كل لوحة والتي تسعى للإجابة على سؤال "إلى أين يتجه مستقبل عمان؟".

وأضاف الطوقي: بدأت سلطنة عمان بالفعل في استخدام تطبيقات وأجهزة الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تطوير الكوادر البشرية للتعامل مع هذه التقنيات فالإنسان يظل هو العنصر الأساسي في التحكم بالتكنولوجيا وتوجيهها فلا يمكن للتكنولوجيا أن تحل محل الإنسان ولكن يجب علينا أن نواكب التكنولوجيا وتطوراتها وتمكين الإنسان لاستخدامها والتعامل معها.

وأعربت حور اللواتية عن رأيها قائلة: إن العرض كان في غاية الروعة، كان شيئا مميزا ومبهرا، فالعرض كان يتحدث عما يحدث في سلطنة وعمان ويستشرف المستقبل وكيف تسعى الحكومة جاهدة للتطوير والتغيير بمساعدة الذكاء الاصطناعي، فالعرض بالمجمل جميل جدًا وخصوصًا أنهم مزجوا بين الليزر والدخان بالإضافة إلى تداخل النافورات وحركة اللوحات الجدارية التي ظهرت في العرض، مشيرةً إلى أن أكثر ما لفت انتباهها هي حركة الإضاءة والليز؛ لأنه شيء حركي لا يجعلك تركز في شيء واحد فقط، وكلوحة جدارية فقد لفت انتباهنا شكل عمان في المستقبل مؤكدة أنها تحلم أن تتحقق هذه الصورة وتراها على أرض الواقع وفي الحقيقة، وأضافت اللواتية: إنها لأول مرة تشاهد هذا النوع من العروض.

وأشاد يزن بن أحمد آل ثاني بالعرض ووصفه أنه مميز وجميل، حيث استعرض كيف كانت سلطنة عمان في الماضي وكيف أصبحت، وكيف نشاهدها في المستقبل، من خلال التطور التكنولوجي والعمراني، مشيرًا إلى أنه حضر العرض أكثر من مرة، فالعرض يُظهر تميز سلطنة عمان وما تسعى لتحقيقه من رؤية في المستقبل، وما لفت انتباهي في العرض المزيج الرائع الذي شاهدناه بين موسيقى العرض وتراقص النافورات بالإضافة إلى حركة الإضاءة والليزر فهو أمر مبهر في الحقيقة فقد كان مزيجًا رائعًا من الحركة، موضحًا أن العرض ممتع ومناسب لجميع الأعمار.

مقالات مشابهة

  • 5.2 % زيادة بعدد المركبات في سلطنة عمان
  • مجلس العلوم الدولي يثمن دور سلطنة عمان في دعم المعرفة
  • عدالة وتحفيز الاستثمار.. مشروع قانون جديد لتعديل الضريبة على الدخل
  • كيف علق مفتي سلطنة عمان على استشهاد الضيف وقادة القسام؟
  • الاقتصاد الصحي في سلطنة عمان التحديات والفرص«1»
  • سلطنة عمان تطّلع على تجربة مملكة البحرين في مكافحة الاتّجار بالبشر
  • أصول القطاع المصرفي في سلطنة عمان تتجاوز 44 مليار ريال خلال 2024
  • تجليات ندوة "واقع صناعة النشر في سلطنة عمان" بمعرض الكتاب
  • "حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والتربوية" تحتفي بالفائزين بجوائز التميز الطبي
  • عرض الإبهار .. تجربة رائعة تمتع الجماهير بمتنزه القرم الطبيعي