أعلن الأكراد في سوريا نتيهم إجراء انتخابات في مناطق سيطرتهم، الأمر الذي أثار تحفظا في تركيا التي ترى أن حكما كرديا ذاتيا على حدودها يشكل تهديدا لأمنها القومي.

نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن إعلان الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا استعدادها لإجراء الانتخابات البلدية في 11 حزيران/ يونيو رغم الضغوط التركية.



وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أنقرة كثّفت هجماتها على القوات الكردية في هذه المنطقة، الواقعة تحت المسؤولية الفعلية للولايات المتحدة، لمنع التعبير عن إرادتها.

وقال رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم إن شمال شرقي سوريا يستعد لإجراء الانتخابات، مشيرًا إلى تكثيف أنقرة عملياتها العسكرية ضد القوات الكردية بما في ذلك قوات سوريا الديمقراطية في محاولةٍ لتعطيل انتخابات رؤساء البلديات والمجالس البلدية.



 وأكّد مسلم أن "سلطات الحكم الذاتي ستتخذ الإجراءات اللازمة لضمان إجراء الانتخابات في أجواء ديمقراطية". وأضاف أن الاستعدادات لهذه العملية مستمرة منذ 28 آذار/مارس رغم القصف. وشدد مسلم على أن "شعبنا سيتوجه إلى صناديق الاقتراع في 11 حزيران/ يونيو لانتخاب ممثليه في السلطات المحلية، مهما حاولت تركيا منع ذلك".

وذكرت الصحيفة أن تهديدات أنقرة تصدر على أعلى المستويات، ومجرد وجود منطقة حكم ذاتي تحت السيطرة الكردية بالقرب من حدودها الجنوبية يمثل تهديدًا خطيرًا لأمنها القومي. وأثناء حضوره مناورات عسكرية في غرب تركيا، قال رجب طيب أردوغان إن بلاده تراقب عن كثب "الأعمال العدوانية" للقوات الكردية المستعدة، حسب قوله، لاتخاذ عدد من الخطوات ضد سلامة أراضي تركيا وسوريا "بحجة الانتخابات".

وفي الأشهر الأخيرة، تحدثت أنقرة في العديد من المناسبات عن الحاجة إلى توسيع العمليات الهجومية في سوريا والعراق المجاورتين هذا الصيف. ومؤخرًا، أشارت وزارة الدفاع الوطني التركية إلى إمكانية سحب فرقتها النظامية من الأراضي السورية إذا اكتمل العمل على إنشاء "منطقة آمنة" بالقرب من الحدود بنجاح.

وأشارت الصحيفة إلى أن أنقرة اكتسبت ثقتها من موقف الولايات المتحدة، التي من الواضح أنها لا تنوي دعم قوات سوريا الديمقراطية في تنظيم الانتخابات.

في هذا الصدد، قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتل إن "أي انتخابات تتم الدعوة إليها في سوريا ينبغي أن تكون حُرّة ونزيهة وشفافة وشاملة مثلما يقتضي قرار مجلس الأمن الدولي عدد 2254. لا نعتقد أن الظروف الحالية في شمال شرق سوريا ملائمة لإجراء مثل هذه الانتخابات".

ونقلت الصحيفة عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط، أنطون مارداسوف، قوله إن "هذه ليست المرة الأولى التي تُجري فيها الإدارة الذاتية الكردية انتخابات، فقد نُظّمت الانتخابات السابقة في سنة 2017. ولا ينبغي الاعتقاد أن هذا دفع تركيا إلى القيام بعملية عسكرية أو أخرى. مع ذلك، تعتبر مثل هذه الانتخابات بالنسبة لأنقرة حدثا مزعجا، وقد وجّهت بالفعل سلسلة من الضربات الانتهازية لمواقع قوات سوريا الديمقراطية. لكن حسب منطق الأكراد، فهم ملزمون بإجراء الانتخابات حتى لا يُلاموا على افتقارهم إلى الشرعية الكاملة". وفي الوقت الراهن، عند الأخذ بعين الاعتبار ديناميكيات الأحداث والعلاقات، فإن الوضع مختلف حقًا.



وأضاف مارداسوف أن "الاختبار الحقيقي هو رد فعل الولايات المتحدة. ففي سنة 2017، التزمت واشنطن الصمت بشأن التصويت، لكنها الآن تعارضه وتطالب بتأجيله. ومن الواضح أن هذا ليس من قبيل الصدفة". وحسب مارداسوف، يمكن أن تخلق الحملة العسكرية التركية فوضى في المنطقة وهذا ينطبق على الوضع حول المناطق الكردية في العراق وكذلك اللاجئين.

وأورد مارداسوف أن 'العلاقة بين أنقرة وطهران غير مفهومة أيضًا. من ناحية، تعارض الولايات المتحدة هذا التعاون. ومن ناحية أخرى، من غير المرجح أن تظل طهران على محايدة. بالإضافة إلى ذلك، تبقى مسألة الانتخابات البرلمانية في العراق دون حلّ. ويبدو أن الحزب الديمقراطي الكردستاني وافق على المشاركة فيها على خلفية شروط التسوية وتأجيلها من 10 حزيران/يونيو إلى موعد لاحق. لكن هذه الانتخابات لها أيضًا تأثير كبير على الديناميكيات في المنطقة وتوقيت العملية التركية المحتملة".

ويرى مارداسوف أن تعزيز العمليات التركية في سوريا مع احتمال التقدم البري الجديد إلى الشمال الشرقي يعد عاملاً إضافيًا للخلاف بين الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية. وأوضح مارداسوف: "بات من الصعب على الأمريكيين تعزيز صفوف قوات سوريا الديمقراطية وعدد من قوات التحالف الأخرى في المنطقة، خاصة على خلفية الشكوك حول استمرار القاعدة الأمريكية في شمال شرق البلاد بعد الانتخابات الرئاسية الجديدة. إن النصر المحتمل لدونالد ترامب يمكن أن يحيي هذه القضية، على الرغم من أنه في عهده، عُزز الوجود الأمريكي في سوريا".




المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية سوريا تركيا قوات سوريا الديمقراطية سوريا امريكا تركيا قوات سوريا الديمقراطية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات سوریا الدیمقراطیة الولایات المتحدة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

إيران تتجه نحو إلغاء الانتخابات الرئاسية.. مقترح برلماني في طهران يسلط الضوء على مفهوم الديمقراطية الدينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

اقترح عضو بارز في البرلمان الإيراني (مجلس الشورى) استبدال النظام الانتخابي الرئاسي الحالي في إيران بنظام يتم فيه تعيين الرئيس مباشرة من قبل المرشد الأعلى، في خطوة من شأنها أن تلغي الانتخابات الرئاسية العامة بالكامل.

وفي مقابلة مع موقع "دیدبان ایران" (مراقب إيران)، دافع عثمان سالاري، نائب رئيس اللجنة القانونية في البرلمان، عن اقتراحه، مؤكدًا أن هذا النظام "لا يتعارض مع الديمقراطية الدينية".

يُذكر أن النظام السياسي في إيران يعتمد على نموذج من الديمقراطية المقيدة، حيث يقتصر اختيار المرشحين على من توافق عليهم مجلس صيانة الدستور، الذي يهيمن عليه التيار المحافظ. 

بالإضافة إلى ذلك، تواجه الأحزاب السياسية قيودًا صارمة، فيما تخضع وسائل الإعلام للرقابة الحكومية المباشرة أو غير المباشرة.

وأضاف سالاري أن المرشد الأعلى هو الرئيس الحقيقي للحكومة، وبالتالي لا يوجد مانع من أن يقوم بتعيين رئيس السلطة التنفيذية بنفسه.

دعوات سابقة لإلغاء الانتخابات الرئاسية

سبق أن طرحت عدة وسائل إعلام إيرانية وشخصيات سياسية مقترحات لاستبدال الانتخابات العامة للرئاسة بنظام برلماني يتم فيه اختيار الرئيس من قبل أعضاء البرلمان، بدلاً من انتخابه من قبل الشعب.

يُذكر أن الثقة العامة في منصب الرئاسة وفي النظام الانتخابي الإيراني شهدت تراجعًا كبيرًا خلال السنوات الـ15 الماضية، حيث أصبح من الواضح أن رئيس الجمهورية يتمتع بسلطات محدودة جدًا فيما يتعلق بالقرارات الكبرى للدولة.

ووفقًا لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (ايسنا )، التي تملكها الحكومة، فقد تمت مناقشة إلغاء الانتخابات الرئاسية لصالح نظام برلماني في يناير 2022، حيث نشرت الوكالة تقريرًا حلل فيه إيجابيات وسلبيات كل من النظامين، مستندةً إلى آراء عالم السياسة الإيراني البارز حسین بشیریه.

في تقريرها، أوضحت ايسنا أن "في النظام الرئاسي، يتم انتخاب كل من البرلمان والرئيس من قبل الشعب لفترات محددة، ولا يمكن للبرلمان إقالة الرئيس، لكنه يمتلك صلاحية مساءلته. وعلى الجانب الآخر، لا يمتلك الرئيس سلطة حل البرلمان."

أما فيما يتعلق بالنظام البرلماني، فقد أوضحت الوكالة أن "في هذا النظام، يستطيع البرلمان عزل رئيس الحكومة (عادةً رئيس الوزراء) من خلال سحب الثقة منه، كما يملك رئيس الوزراء سلطة حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة." كما أشار التقرير إلى أن الفصل بين السلطات الثلاث يكون أوضح في النظام البرلماني.

الصراع بين الرئاسة والمرشد الأعلى

تأتي هذه الدعوات لتغيير النظام السياسي في إيران نتيجة للصراع المستمر بين منصب المرشد الأعلى ومنصب رئيس الجمهورية منذ تأسيس الجمهورية عام 1979. 

وقد تفاقم هذا الصراع تدريجيًا بعد تولي المرشد الأعلى علي خامنئي المنصب، حيث سعى إلى احتكار السلطة بشكل كامل.

وفي حديثه لموقع "دیدبان ایران"، أشار سالاري إلى أن "جميع الرؤساء الإيرانيين منذ عام 1989 قد وُجهت إليهم اتهامات بـ'الانحراف'، وانتهى الأمر بالمرشد الأعلى إلى النأي بنفسه عن كل منهم قبل نهاية ولايته." 

وأضاف أن هؤلاء الرؤساء حصلوا في البداية على موافقة خامنئي، إلا أنهم لاحقًا انتهجوا سياسات سياسية واقتصادية واجتماعية لم تكن تتماشى مع توجهاته، مما أدى إلى تعقيد عملية اتخاذ القرار، لا سيما في القضايا الاقتصادية والسياسات الخارجية.

ووفقًا لسالاري، فإن تعيين الرئيس مباشرةً من قبل خامنئي "لا يزال ديمقراطيًا" لأن المرشد الأعلى نفسه قد تم انتخابه بشكل غير مباشر من قبل الشعب. 

ومع ذلك، فإن هذا الادعاء يظل مثيرًا للجدل، حيث إن انتخاب خامنئي من قبل مجلس خبراء القيادة كان محل انتقادات واسعة، خاصةً بسبب التأثير القوي الذي مارسه أكبر هاشمي رفسنجاني، نائب رئيس المجلس آنذاك، لضمان انتخاب خامنئي، كما يظهر في مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت.

هل يتحول الاقتراح إلى واقع؟

في عام 2011، أعرب خامنئي عن دعمه لفكرة انتخاب الرئيس من قبل البرلمان، لكنه لم يتابع تنفيذها، رغم إعادة مناقشة الفكرة عدة مرات منذ ذلك الحين.

إلا أن اقتراح سالاري مختلف تمامًا، حيث ينص على أن اختيار الرئيس سيكون بيد المرشد الأعلى مباشرةً، مما يجعله أكثر شموليةً في تقليص السلطة التنفيذية.

ومع ذلك، من غير المرجح أن يتم اعتماد هذا النظام رسميًا، حيث يفضل خامنئي على ما يبدو الإبقاء على منصب الرئيس كواجهة يمكن تحميله المسؤولية عن المشكلات السياسية والاقتصادية، بدلاً من أن يتحملها بنفسه.

ويبدو أن النظام الإيراني يتجه تدريجيًا نحو مزيد من المركزية في صنع القرار، حيث تتزايد الدعوات لإلغاء الانتخابات الرئاسية، سواءً عبر الانتقال إلى نظام برلماني، أو عبر تعيين الرئيس مباشرةً من قبل المرشد الأعلى. 

ومع ذلك، فإن أي خطوة من هذا القبيل قد تواجه رفضًا شعبيًا واسعًا، خاصةً في ظل تراجع الثقة العامة في النظام السياسي، وهو ما قد يؤدي إلى تعميق الأزمة السياسية داخل إيران.

 

مقالات مشابهة

  • الانتخابات الألمانية من منظور دولي: كيف ترى كل من الولايات المتحدة، روسيا والصين الحدث؟
  • إيران تتجه نحو إلغاء الانتخابات الرئاسية.. مقترح برلماني في طهران يسلط الضوء على مفهوم الديمقراطية الدينية
  • اجتماع خلال أسبوعين.. روسيا: لم نتلق موافقة واشنطن على تعيين سفير جديد لديها حتى الآن
  • روسيا: لم نتلق موافقة واشنطن على تعيين سفير جديد لديها حتى الآن
  • وزير خارجية روسيا يزور تركيا الأسبوع المقبل
  • صحيفة عربية: اجتماعات القاهرة ستُناقش آليات تشكيل الحكومة الجديدة
  • قصف إسرائيلي يستهدف الحدود بين سوريا ولبنان.. و«بيدرسون» يتحدّث عن تشكيل «الحكومة» المقبلة
  • واشنطن تلمّح إلى تخفيف العقوبات عن روسيا
  • واشنطن ترفض المشاركة في رعاية قرار أممي يدعم وحدة أراضي أوكرانيا ويدين روسيا
  • ترامب: روسيا تملك اليد العليا في مفاوضات أوكرانيا