هل من تبسيط لحوكمة مؤسسات التعليم العالي؟
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
حوكمة مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة قد ينظر إليها من جوانب كثيرة، ولكن في هذا المقال سوف يتم التركيز على الحوكمة التي تكون تطبيقًا للقوانين والإجراءات النافذة ومنها على سبيل المثال: الاعتماد المؤسسي، واعتماد البرامج الأكاديمية، وإدراج المؤهلات العمانية في السجل الوطني. ويدخل في مجال الحوكمة أيضًا توجه مؤسسات التعليم العالي في اعتماد برامجها الأكاديمية من الهيئات والمنظمات الخارجية.
الحوكمة يفترض أن تكون متوافقة مع درجة الاستقلالية التي يجب أن تتمتع به مؤسسات التعليم العالي في إدارة برامجها الأكاديمية بحيث تتيح لها المرونة والديناميكية في إصدار الأنظمة واللوائح الداخلية فيما يخص الجوانب التعليمية. ومثالاً على ذلك: فإن نظام جامعة السلطان قابوس الجديد أضاف إلى استقلالها المالي والإداري أيضًا الاستقلال الأكاديمي. توازنا مع تلك الاستقلالية، تُطالب الجامعة أو المؤسسة التعليمية بالامتثال نحو تطبيق المعايير الوطنية وأن تخضع للرقابة؛ رغبة في أن تكون تلك البرامج متجانسة مع السياسة العامة للدولة، ولكن في ذات الوقت يجب ألا يطغى ذلك الامتثال في تطبيق القوانين والأنظمة ومستوى الرقابة ليصبح مصدر قلق على سير العمليات الأكاديمية والبحثية بالمؤسسات التعليمية.
الاعتماد المؤسسي نظام يطبق في أغلب مؤسسات التعليم العالي على المستوى الدولي ولكن ما يندرج تحته من معايير يختلف من دولة إلى أخرى حسب حوكمة النظام التعليمي بكل دولة. على المستوى الوطني الاعتماد المؤسسي يتكون من عدد من المعايير، كان عددها تسعة معايير (Standards)، حيث تم تقليصها لتصل إلى ستة معايير، وكل معيار يحتوي على معايير فرعية (Criteria) أيضا تم تقليصها من (79) معيارا فرعيا إلى (45). الهدف الأساسي من ذلك التقليص هو فصل المعايير التي لها علاقة بالاعتماد المؤسسي عن المعايير التي تدخل في صميم البرامج الأكاديمية. أيضًا ذلك التقليص قد يُنسب إلى الجهود التطويرية التي تقوم بها الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم (الهيئة العمانية للاعتماد).
بيد أن سير العمليات للمعايير المحدثة من حيث جمع الأدلة الإلزامية والأدلة الداعمة لها أصبحت أكثر صرامة عما كانت عليه سابقا، وليس بها مرونة في الإجراءات. أيضا تلك الأدلة أصبحت إلزامية من حيث العدد وأن تكون بطريقة ((ADRI والتي تتمثل في أولاً: التحقق من وجود إجراءات وأدلة عمل بالمؤسسة.
ثانيا: الإجراءات أو أدلة العمل يتم تحديثها والتعريف بها على مستوى مجتمع الجامعة.
ثالثا: بأن تكون نتائج تطبيق الإجراءات أو الأدلة تم تحليلها. رابعا: أن يؤدي ذلك التحليل إلى التحسين المستمر من واقع الملاحظات التي يتم جمعها باستخدام طرق إحصائية كمية أو نوعية. حيث أن الاعتماد المؤسسي الهدف منه التحسين المستمر، لذا فهو يتم مرة كل (5) سنوات. كما إنه يأخذ وقتا طويلا لكي تستطيع المؤسسات التعليمية استكمال مراحله بالكامل والتي تصل ما بين (2 إلى 5) سنوات، وبالتالي هناك جهد ووقت إضافي، وتكاليف مالية يتم دفعها لكي يكتب له النجاح، وليس كل المؤسسات تجتازه من المرحلة الأولى.
ثم نأتي للنوع الآخر من الحوكمة على مؤسسات التعليم العالي، وهو الاعتماد الوطني للبرامج الأكاديمية التي تقدمها المؤسسات التعليمية. وهذا الاعتماد هو شكل جديد من أشكال الرقابة على البرامج الأكاديمية التي تفضي إلى مؤهلات تعليمية تلي دبلوم التعليم العام وحتى برامج درجة الدكتوراه.
اعتماد البرامج الأكاديمية بدأ تطبيقه في الفترة الأخيرة ويتضمن ثلاثة معايير، كل معيار يتبعه معايير فرعية يصل مجموعها (22). وكما أسلفنا هذه المعايير هي نتائج التقليص الذي تم في الاعتماد المؤسسي. والفرق يكمن في أن اعتماد البرامج الأكاديمية يشمل البرنامج الأكاديمي ذاته وليس المؤسسة أو الكلية. على سبيل المثال: برنامج اللغة العربية أو برنامج بكالوريوس في الطب أو برنامج الهندسة الميكانيكية. وهذا الاعتماد البرامجي أصبح إلزاميًا حسب القوانين الحالية. حيث يطلب من مؤسسات التعليم العالي بأن تسير في إجراءات الاعتماد بعد إدراج المؤهل أو البرنامج المطلوب اعتماده بالسجل الوطني للمؤهلات العمانية.
ولعل الجميع يتفق على أهمية الحوكمة المتعلقة بالاعتماد المؤسسي والبرامجي، ولكن قد يكون هناك نوع من التداخل أو التكرار في المعايير الفرعية. عليه قمت بعمل مقارنة بين المعايير الفرعية للاعتمادين ووجدت درجة من التداخل أو التشابه في حدود (10) معايير فرعية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. على سبيل المثال: فيما يتعلق بإدارة المخاطر، وعمليات الجودة، والخطط التشغيلية، ومعايير قبول الطلبة، والإرشاد الأكاديمي، والتنمية المهنية للموظفين، والنزاهة الأكاديمية.
إضافة إلى ما سبق، هناك بعض من مؤسسات التعليم العالي اعُتمدت برامجها الأكاديمية منذ سنوات طويلة من الهيئات والمنظمات الدولية، وعليه يفترض ضمنيا أن يتم استثناؤها أو إعفاؤها من الاعتماد الوطني للبرامج الأكاديمية. حيث إن تلك الهيئات أو المنظمات الدولية هي ضمن الجهات المدرجة بالسجل الوطني للهيئات الدولية المعترف بها في ضمان جودة التعليم من قبل الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم. حيث لا تستطيع أية مؤسسة تعليمية القيام باعتماد برامجها الأكاديمية إلا بعد أخذ الموافقة من الهيئة. فعلى سبيل المثال، برامج كلية الهندسة بجامعة السلطان قابوس، اعُتمدت من قبل المنظمة الدولية (ABET) وحصلت على اعتراف دولي، وبالتالي الطلب منها مرة أخرى بالسير في نفس الاعتماد ولكن عن طريق هيئة الاعتماد العمانية، يعتبر هدرا في الوقت والمال وتكرارا لنفس العمليات. أيضا إجراءات الحوكمة والتي أشرنا بأنها تتعلق بالامتثال للقوانين تشمل السير في إجراءات الإدراج بالسجل الوطني للمؤهلات العمانية. وإن كان هذا النظام المستحدث والذي هو مطبق في عدد من دول العالم، له إيجابيات كثيرة في تجويد البرامج ووضعها ضمن إطار وطني موحد، فإن إدارج المؤهلات وما يتضمنه من إجراءات في مجال الحوكمة ومقاييس ضمان الجودة، يساند الطرح السابق في اقتصار اعتماد البرامج الأكاديمية ليكون من جهة واحدة.
أيضا، فإن القيام بعمليات الاعتماد للبرامج مرتين: الأولى عن طريق الهيئات الدولية والثانية عن طريق الهيئة العمانية للاعتماد، قد لا ينسجم مع منهجيات الجودة ومنها ( (Leanالتي تعتبر مثل هذه الإجراءات لا تفضي إلى قيمة مضافة للمنتج أو الخدمة، وإنما عبئا إضافيا وهو بمثابة ((Over Processing. كما إنه لا ينسجم مع مبادئ علماء إدارة الجودة ومنهم إدوارد دومينج الذي يدعو إلى تقليل عمليات الرقابة التي هي ضمن الحوكمة. كما أن القائل بأنه ليست جميع البرامج الأكاديمية الوطنية معتمدة من منظمات دولية قول صحيح، ولكن يجب أن تكون هناك مساحة للمرونة مع التفريق بين البرامج المعتمدة من المنظمات الدولية وغير المعتمدة، عند النظر في إجراءات اعتماد البرامج الوطنية وذلك لمنح المؤسسات التعليمية ميزات تنافسية وتشجعيها التوجه نحو الاعتراف الدولي لمؤهلاتها وهذا يتم بتقليص الإجراءات الحالية.
ونحن نتفق، بالحاجة نحو حوكمة مؤسسات التعليم العالي والذي أحد مكوناته هو الامتثال للاعتماد المؤسسي والبرامجي نظرا للرغبة في تجويد البرامج وتجويد المخرجات التعليمية، ولكن في حال أن الامتثال لبعض عوامل الحوكمة بها نوع من التداخل أو التشابه في العمليات والإجراءات، فإنه قد يكون من المناسب المضي قدما في تعديل ما يلزم من قوانين، توفيرا للوقت والنفقات المالية سواء من قبل الهيئة العمانية للاعتماد، التي تحتاج إلى كفاءات من الموارد البشرية، وأيضا من قبل مؤسسات التعليم العالي التي تدفع مبالغ مالية نظير إجراءات الاعتماد. وإن كان غالبية العاملين بمؤسسات التعليم العالي، يرون بأن الإجراءات المتعلقة بالاعتماد المؤسسي والبرامجي وعمليات الإدراج في السجل الوطني للمؤهلات العمانية مطلوبة للتحسين المستمر، ولكن في نفس الوقت هناك حاجة للنظر في ترشيق تلك الإجراءات وتبسيط تلك العمليات للحصول على جودة وكفاءة عالية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مؤسسات التعلیم العالی المؤسسات التعلیمیة برامجها الأکادیمیة الاعتماد المؤسسی على سبیل المثال الأکادیمیة ا أن تکون تطبیق ا ولکن فی من قبل
إقرأ أيضاً:
التعليم العالي: 27008 طلاب في القوائم النهائية لانتخابات الاتحادات الطلابية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عن إجمالي أعداد الطلاب في الكشوف النهائية لانتخابات الاتحادات الطلابية، الذين انطبقت عليهم شروط الترشح للعام الجامعي 2024/2025.
وأوضح الوزير أن العدد الإجمالي بلغ 27008 طالب وطالبة، بواقع 13317 طالبًا و12393 طالبة، بالجامعات الحكومية والجامعات الأهلية والجامعات التكنولوجية والجامعات الخاصة والمعاهد.
وبلغ إجمالي عدد المتقدمين لانتخابات الاتحادات الطلابية في الجامعات الحكومية 19951 طالبًا وطالبة وذلك في 28 جامعة حكومية، وتم استبعاد 652 طالبًا وطالبة لعدم استيفائهم الشروط، وتم تقديم 1307 طعنًا، قُبل منها 963 طعنًا، وبذلك، بلغ إجمالي عدد الطلاب المرشحين في الكشوف النهائية 18336 طالبًا وطالبة، موزعين كالتالي (9326 طالبًا و9010 طالبة).
كما بلغ إجمالي عدد المُتقدمين لانتخابات الاتحادات الطلابية في الجامعات الأهلية 3094 طالبًا وطالبة وذلك في 19 جامعة أهلية، وتم استبعاد 96 طالبًا وطالبة لعدم استيفائهم الشروط، وتم تقديم 28 طعنًا، قُبل منها 23 طعنًا، وبذلك وصل إجمالي عدد الطلاب المرشحين في الكشوف النهائية إلى 2975 طالبًا وطالبة، موزعين كالتالي (1641 طالبًا و1334 طالبة).
وفي الجامعات التكنولوجية، تقدم 444 طالبًا وطالبة للترشح في 10 جامعات تكنولوجية، تم استبعاد 16 طالبًا وطالبة لعدم استيفائهم الشروط المطلوبة، فيما تم تقديم طعنين لم يُقبلا، وبذلك، بلغ إجمالي عدد الطلاب المرشحين في الكشوف النهائية 428 طالبًا وطالبة، موزعين على النحو التالي: (277 طالبًا و151 طالبة).
أما بالنسبة للمعاهد، تقدم للترشح 3979 طالبًا وطالبة في 120 معهدًا، ولم يتم استبعاد أي طالب أو طالبة لعدم استيفائهم الشروط، وتم تقديم 8 طعون وتم قبولها جميعًا، وبذلك، وصل إجمالي عدد الطلاب المرشحين في الكشوف النهائية إلى 3971 طالبًا وطالبة، موزعين على النحو التالي (1898 طالبًا و2073 طالبة).
وبالنسبة للجامعات الخاصة، فقد استقبلت 1322 طالبًا وطالبة، ولم يتم استبعاد أي طالب أو طالبة لعدم استيفائهم الشروط، وتم تقديم 24 طعنًا تم قبولها جميعًا، ليصل إجمالي عدد الطلاب المرشحين في الكشوف النهائية إلى 1298 طالبًا وطالبة.
هذا ويستمر ماراثون انتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعات والمعاهد المصرية، حيث تُجرى انتخابات الجولة الأولى والفرز وإعلان النتائج يوم الأحد 24 نوفمبر الجاري، تليها انتخابات الإعادة يوم الإثنين 25 نوفمبر، ثم انتخابات أمناء اللجان ومُساعديهم على مستوى الكليات يوم الثلاثاء 26 نوفمبر، وانتخابات رئيس الاتحاد ونائبه على مستوى الكليات يوم الأربعاء 27 نوفمبر، وأخيراً تختتم الانتخابات يوم الخميس 28 نوفمبر بانتخابات أمناء اللجان ورئيس الاتحاد ونائبه على مستوى الجامعة.
وأكد الدكتور أيمن عاشور أن الوزارة تسعى دائمًا لتوفير بيئة تُشجع الطلاب على المشاركة في الأنشطة الطلابية واختيار ممثليهم بشكل حر ونزيه، مشيرًا إلى أن الانتخابات الطلابية تُمثل تجربة هامة للطلاب لاكتساب مهارات القيادة والإدارة، وكذلك تعزيز القيم الديمقراطية في المجتمع الجامعي.
ومن جانبه، أكد الدكتور كريم همام مستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي للأنشطة الطلابية، ومقرر اللجنة العليا للانتخابات، أهمية انتخابات الاتحادات الطلابية في تعزيز روح القيادة والمشاركة الفاعلة بين الطلاب، كما أنها تدريب حقيقي للحياة الانتخابية بالدولة المصرية، موضحًا أن الوزارة تعمل على توفير كافة الإمكانيات لضمان نجاح سير الانتخابات على جميع الأصعدة، مشيرًا إلى أن هذه الانتخابات تمثل فرصة كبيرة للطلاب لاختيار ممثليهم بشكل ديمقراطي، مما يُعزز من مشاركتهم في اتخاذ القرارات داخل الجامعات والمعاهد.
وأشار الدكتور كريم همام إلى أن انتخابات الاتحادات الطلابية لا تقتصر على اختيار ممثلين فقط، بل تعُد تجربة حيوية تسهم في تنمية مهارات القيادة والعمل الجماعي، مما يعزز من روح التعاون بين الطلاب، لافتًا إلى أن مُشاركة الطلاب تعكس روح الديمقراطية والمسئولية، حيث أن كل طالب وطالبة يصبح له صوت مؤثر في توجيه الأنشطة الطلابية وتحديد أولوياتها.