اليمين المتشدد وانتخابات البرلمان الأوروبي
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
لا. اليمين المتطرف لا يقترب من بسط سيطرته على أوروبا. يمكن أن يُغفَر لنا توقُّع الأسوأ نظرًا إلى تحليلات الخبراء المثيرة للذعر قبل انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع.
نعم. في الغالب ستجني الأحزاب اليمينية المتطرفة بعض المكاسب عند ذهاب مواطني 27 بلدا إلى صناديق الاقتراع بداية من 6 يونيو، لكنها لن تفوز.
فمع اقتراب التصويت سعت أحزاب يسار الوسط والليبراليين والخُضر إلى تنشيط قواعدها الانتخابية بالتأكيد على أن الاقتراع لمرشحيها سيسد الطريق أمام اليمين المتشدد.
لقد تعهدت بمعارضة أي ائتلاف داخل برلمان الاتحاد الأوروبي يشمل الأحزاب المتطرفة، وهي توبخ باستمرار المحافظين التقليديين الذين يشيرون إلى أنهم ربما يعقدون صفقة مع أمثال جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية ومارين لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي الذي يتقدم على تحالف الرئيس فرانسوا ماكرون «التحالف الليبرالي.»
في مقابلة بعد مخاطبته مؤتمر دائرة الاقتصاد في برشلونة والذي كنت أحد المشاركين فيه، قال بيدرو سانشيز رئيس الوزراء الأسباني «المشكلة هي أن اليمين التقليدي لا يتصدى لليمين المتطرف. الخطورة هي أن القوى المعادية لأوروبا والمتمثلة في أقسام من اليمين المتطرف ستبسط سيطرتها».
رغم ذلك عبر سانشيز وهو اشتراكي عن أمله في أداء قوي بما يكفي لأحزاب يسار الوسط لتجديد التحالف طويل الأمد ضد قوى اليمين.
خافيير لوبيز العضو الاشتراكي في البرلمان الأوروبي الذي يسعى لإعادة انتخابه هاجم بشدة التهديد اليميني في تجمع انتخابي بحي «نو باريس» في برشلونة الأسبوع الماضي. وقال لي: «على مدى 70 عاما، التعاون بين يسار الوسط ويمين الوسط والليبراليين كان يعني أننا كنا نبني أوروبا. هذه هي المرة الأولى التي يمكن أن نرى فيها التعاون بين يمين الوسط واليمين المتطرف».
وفي حين سيفضل العديد من المحافظين التقليديين في أوروبا الحفاظ على التعاون مع الأحزاب المعتدلة إلى يسارهم إلا أن أورسولا فون دير لاين التي ستسعى للحصول على فترة ثانية كرئيسة للمفوضية الأوروبية أخافت الليبراليين ويسار الوسط بقبولها دعم ميلوني التي يتجذر حزبها في حركة الفاشيين الجدد في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
تجادل فون دير لاين بقولها: إن استعداد رئيسة الوزراء الإيطالية لتأييد مساعدة أوكرانيا وبالتالي إبعاد نفسها من اليمين الأكثر تشددا مؤشر على صدقية انحيازها لأوروبا، ومن جهة أخرى قالت فون دير لاين إنها لا تريد أية مساعدة من لوبان التي وصفت حزبها بحزب «دُمَى ووكلاء» روسيا.
وفيما تسعى فون دير لاين لشق أحزاب اليمين المتشدد إلا أن هذه الأحزاب تتسبب بنفسها في بعض الانشقاقات. فمارين لوبان ابتعدت عن حزب البديل لألمانيا المتطرف بعد إعلان أحد قادته أن أعضاء المنظمة شبه العسكرية النازية شوتزشتافل «ليسوا كلهم مجرمين.»
يقول ساسة الليبراليين ويسار الوسط إنهم على استعداد لنسف محاولة إعادة انتخاب فون دير لاين إذا تحالفت مع ميلوني، وعكس المستشار الألماني أولاف شولتس وهو ديمقراطي اجتماعي وجهة النظر هذه عبر الأسرة السياسية الأوروبية بالإصرار على أن المفوضية الأوروبية الجديدة « يجب ألا تتأسس على أغلبية تحتاج أيضا إلى تأييد اليمين المتطرف.»
ليس هنالك شك يذكر في أن أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط والليبراليين والخضر ستتفوق عدديا وبسهولة على أحزاب اليمين المتطرف في البرلمان الذي يتشكل من 720 عضوا.
السؤال المهم هو هل ستحقق أغلبية فعالة حقا وهل سيُطلب من الخُضر الانضمام إلى تحالف الوسط التقليدي.
الانتخابات الأوروبية وضع مثالي للاقتراع الاحتجاجي لاعتقاد ناخبين عديدين أن نتائجها ليست مهمة. قالت لي لورنس ناردون الباحثة بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية «إنهم أقل قلقا من التصويت لليمين المتطرف؛ لأنه لن يؤثر على الكيفية التي تُحكم بها بلدانهم».
خوسيه مانويل مارتينيز وكيل الشؤون الأكاديمية بمدرسة الإدارة في جامعة بومبيو فابرا والذي كتب باستفاضة عن الاتحاد الأوروبي ذكر في مقابلة أن اليمين المتطرف حقق مكاسب من خلال قصر أهدافه على استغلال الاستياء «الشعبي» في قضايا عديدة تمتد من الهجرة إلى الجريمة ومسائل ثقافية متنوعة. فالتصويت في انتخابات الاتحاد الأوروبي يمثل «المخرج المثالي» للرسائل قليلة التكلفة.
لكن أحزاب يسار الوسط والأحزاب الليبرالية تحث الآن الناخبين الذين يتموضعون في الوسط على إرسال رسائلهم الخاصة بهم ضد التطرف.
أيضا ستعيد الانتخابات ترتيب القوى في الوسط واليسار. ففي فرنسا على سبيل المثال العجز البالغ الذي يواجه ماكرون في الحصول على أصوات انتخابية كافية يعود جزئيا إلى دينامية ترشيح رافاييل جلوكسمان (44 عاما) الكاتب وعضو البرلمان الأوروبي الذي أنعش حزب الاشتراكي المحتضر في السابق. فما يمكن أن يسمى «هوس جلوكسمان» يسحب الآن الأصوات الانتخابية بعيدا عن الطرف اليساري لتحالف الوسط وقد يدفع بحزب ماكرون إلى المركز الثالث.
انضم جلوكسمان وهو معتدل إلى ساسة ديمقراطيين اجتماعيين آخرين في أوروبا لإصدار تعهد باريس «بالدفاع عن مبادئنا ومجتمعاتنا المفتوحة بمزيد من الحيوية التي لا حدود لها... وبناء حاجز قوي ضد اليمين المتطرف... ومحاربة الكراهية والعرقية وكراهية الأجانب... والدفاع عن الديموقراطية والكفاح من أجلها وعدم التعامل مع وجودها وكأنه تحصيل حاصل».
إذن مع احتمال أن تشكل انتخابات الاتحاد الأوروبي لحظة عظيمة لليمين المتطرف إلا أنها يمكن أيضا أن تحرك وتنعش القوى المطلوبة لاحتوائه. واجب اللحظة الراهنة هو مقابلة حماس اليمين المتطرف بجرأة مماثلة نيابة عن الديمقراطية والشمول.
أي جيه ديون جونيور أستاذ بمدرسة ماكورت للسياسات العامة التابعة لجامعة جورج تاون وزميل أول بمعهد بروكنجز وكاتب رأي في صحيفة واشنطن بوست.
الترجمة خاصة ل$
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الیمین المتطرف فون دیر لاین
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يخفف قواعد التخلص من الذئاب
تعتزم المفوضية الأوروبية السماح للدول الأعضاء بها بتبني موقف أكثر صرامة ضد الذئاب.
وأعلنت المفوضية في بروكسل أمس الجمعة، أنها ستغير حالة حماية الذئاب من "محمية بصرامة" إلى "محمية" ما سيسمح لدول الاتحاد الأوروبي بإعدامها بسهولة أكبر، رغم أنه ليس مطلوباً منها ذلك.ولايزال يتعين أن يحظى اقتراح التعديل التشريعي بموافقة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء.
In some European regions, wolf packs have become a real danger especially for livestock.
Today, we are proposing a change of EU law that will help local authorities to actively manage wolf populations while protecting both biodiversity and our rural livelihoods.
وقالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية في بيان: "في بعض المناطق الأوروبية، أصبحت مجموعات الذئاب تشكل خطراً حقيقياً خاصة على الماشية.اليوم، نقترح تغيير قانون الاتحاد الأوروبي لمساعدة السلطات المحلية على التعامل مع مجموعات الذئاب بفاعلية مع حماية التنوع البيولوجي وسبل عيشنا الريفي".
ووفقاً للصندوق العالي للطبيعة، قضي على الذئاب في أوروبا الغربية، وفي ألمانيا، في منتصف القرن الـ19، ونجت فقط في شرق وجنوب أوروبا، ومع ذلك، ارتفع عدد الذئاب بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.