لجريدة عمان:
2024-07-01@05:32:43 GMT

اليمين المتشدد وانتخابات البرلمان الأوروبي

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

لا. اليمين المتطرف لا يقترب من بسط سيطرته على أوروبا. يمكن أن يُغفَر لنا توقُّع الأسوأ نظرًا إلى تحليلات الخبراء المثيرة للذعر قبل انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع.

نعم. في الغالب ستجني الأحزاب اليمينية المتطرفة بعض المكاسب عند ذهاب مواطني 27 بلدا إلى صناديق الاقتراع بداية من 6 يونيو، لكنها لن تفوز.

وصعودها يحضُّ على المقاومة.

فمع اقتراب التصويت سعت أحزاب يسار الوسط والليبراليين والخُضر إلى تنشيط قواعدها الانتخابية بالتأكيد على أن الاقتراع لمرشحيها سيسد الطريق أمام اليمين المتشدد.

لقد تعهدت بمعارضة أي ائتلاف داخل برلمان الاتحاد الأوروبي يشمل الأحزاب المتطرفة، وهي توبخ باستمرار المحافظين التقليديين الذين يشيرون إلى أنهم ربما يعقدون صفقة مع أمثال جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية ومارين لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي الذي يتقدم على تحالف الرئيس فرانسوا ماكرون «التحالف الليبرالي.»

في مقابلة بعد مخاطبته مؤتمر دائرة الاقتصاد في برشلونة والذي كنت أحد المشاركين فيه، قال بيدرو سانشيز رئيس الوزراء الأسباني «المشكلة هي أن اليمين التقليدي لا يتصدى لليمين المتطرف. الخطورة هي أن القوى المعادية لأوروبا والمتمثلة في أقسام من اليمين المتطرف ستبسط سيطرتها».

رغم ذلك عبر سانشيز وهو اشتراكي عن أمله في أداء قوي بما يكفي لأحزاب يسار الوسط لتجديد التحالف طويل الأمد ضد قوى اليمين.

خافيير لوبيز العضو الاشتراكي في البرلمان الأوروبي الذي يسعى لإعادة انتخابه هاجم بشدة التهديد اليميني في تجمع انتخابي بحي «نو باريس» في برشلونة الأسبوع الماضي. وقال لي: «على مدى 70 عاما، التعاون بين يسار الوسط ويمين الوسط والليبراليين كان يعني أننا كنا نبني أوروبا. هذه هي المرة الأولى التي يمكن أن نرى فيها التعاون بين يمين الوسط واليمين المتطرف».

وفي حين سيفضل العديد من المحافظين التقليديين في أوروبا الحفاظ على التعاون مع الأحزاب المعتدلة إلى يسارهم إلا أن أورسولا فون دير لاين التي ستسعى للحصول على فترة ثانية كرئيسة للمفوضية الأوروبية أخافت الليبراليين ويسار الوسط بقبولها دعم ميلوني التي يتجذر حزبها في حركة الفاشيين الجدد في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

تجادل فون دير لاين بقولها: إن استعداد رئيسة الوزراء الإيطالية لتأييد مساعدة أوكرانيا وبالتالي إبعاد نفسها من اليمين الأكثر تشددا مؤشر على صدقية انحيازها لأوروبا، ومن جهة أخرى قالت فون دير لاين إنها لا تريد أية مساعدة من لوبان التي وصفت حزبها بحزب «دُمَى ووكلاء» روسيا.

وفيما تسعى فون دير لاين لشق أحزاب اليمين المتشدد إلا أن هذه الأحزاب تتسبب بنفسها في بعض الانشقاقات. فمارين لوبان ابتعدت عن حزب البديل لألمانيا المتطرف بعد إعلان أحد قادته أن أعضاء المنظمة شبه العسكرية النازية شوتزشتافل «ليسوا كلهم مجرمين.»

يقول ساسة الليبراليين ويسار الوسط إنهم على استعداد لنسف محاولة إعادة انتخاب فون دير لاين إذا تحالفت مع ميلوني، وعكس المستشار الألماني أولاف شولتس وهو ديمقراطي اجتماعي وجهة النظر هذه عبر الأسرة السياسية الأوروبية بالإصرار على أن المفوضية الأوروبية الجديدة « يجب ألا تتأسس على أغلبية تحتاج أيضا إلى تأييد اليمين المتطرف.»

ليس هنالك شك يذكر في أن أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط والليبراليين والخضر ستتفوق عدديا وبسهولة على أحزاب اليمين المتطرف في البرلمان الذي يتشكل من 720 عضوا.

السؤال المهم هو هل ستحقق أغلبية فعالة حقا وهل سيُطلب من الخُضر الانضمام إلى تحالف الوسط التقليدي.

الانتخابات الأوروبية وضع مثالي للاقتراع الاحتجاجي لاعتقاد ناخبين عديدين أن نتائجها ليست مهمة. قالت لي لورنس ناردون الباحثة بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية «إنهم أقل قلقا من التصويت لليمين المتطرف؛ لأنه لن يؤثر على الكيفية التي تُحكم بها بلدانهم».

خوسيه مانويل مارتينيز وكيل الشؤون الأكاديمية بمدرسة الإدارة في جامعة بومبيو فابرا والذي كتب باستفاضة عن الاتحاد الأوروبي ذكر في مقابلة أن اليمين المتطرف حقق مكاسب من خلال قصر أهدافه على استغلال الاستياء «الشعبي» في قضايا عديدة تمتد من الهجرة إلى الجريمة ومسائل ثقافية متنوعة. فالتصويت في انتخابات الاتحاد الأوروبي يمثل «المخرج المثالي» للرسائل قليلة التكلفة.

لكن أحزاب يسار الوسط والأحزاب الليبرالية تحث الآن الناخبين الذين يتموضعون في الوسط على إرسال رسائلهم الخاصة بهم ضد التطرف.

أيضا ستعيد الانتخابات ترتيب القوى في الوسط واليسار. ففي فرنسا على سبيل المثال العجز البالغ الذي يواجه ماكرون في الحصول على أصوات انتخابية كافية يعود جزئيا إلى دينامية ترشيح رافاييل جلوكسمان (44 عاما) الكاتب وعضو البرلمان الأوروبي الذي أنعش حزب الاشتراكي المحتضر في السابق. فما يمكن أن يسمى «هوس جلوكسمان» يسحب الآن الأصوات الانتخابية بعيدا عن الطرف اليساري لتحالف الوسط وقد يدفع بحزب ماكرون إلى المركز الثالث.

انضم جلوكسمان وهو معتدل إلى ساسة ديمقراطيين اجتماعيين آخرين في أوروبا لإصدار تعهد باريس «بالدفاع عن مبادئنا ومجتمعاتنا المفتوحة بمزيد من الحيوية التي لا حدود لها... وبناء حاجز قوي ضد اليمين المتطرف... ومحاربة الكراهية والعرقية وكراهية الأجانب... والدفاع عن الديموقراطية والكفاح من أجلها وعدم التعامل مع وجودها وكأنه تحصيل حاصل».

إذن مع احتمال أن تشكل انتخابات الاتحاد الأوروبي لحظة عظيمة لليمين المتطرف إلا أنها يمكن أيضا أن تحرك وتنعش القوى المطلوبة لاحتوائه. واجب اللحظة الراهنة هو مقابلة حماس اليمين المتطرف بجرأة مماثلة نيابة عن الديمقراطية والشمول.

أي جيه ديون جونيور أستاذ بمدرسة ماكورت للسياسات العامة التابعة لجامعة جورج تاون وزميل أول بمعهد بروكنجز وكاتب رأي في صحيفة واشنطن بوست.

الترجمة خاصة ل$

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الیمین المتطرف فون دیر لاین

إقرأ أيضاً:

اليمين الأوروبي المتطرف بين روسيا وأمريكا

لفتت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة أنظار صناع القرار في الولايات المتحدة وروسيا، كلا لأسبابه، بعد نجاح اليمين المتطرف في عموم أوروبا في تحقيق نتائج كبيرة لم تعرفها القارة من قبل.

لا يتعلق الاهتمام الروسي والأمريكي في هذه الانتخابات بقضايا الحقوق (الحريات السياسية والمدنية، المثلية، الهجرة، الأقليات)، فهذه قضايا محلية تخص الدول الأوروبية فقط، ولا تلقى اهتماما أمريكيا وروسيا.

يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي، خصوصا الدول الكبرى، كفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا، فوصول اليمين المتطرف إلى هذه الدول قد يحدث تغيرا في العلاقات السياسية الدولية.

أيديولوجيا سياسية

تخشى الولايات المتحدة صعود اليمين المتطرف إلى السلطة في دول الأوروبية الوازنة، بما قد يؤدي إلى انحراف في سياستها تجاه الولايات المتحدة في القضايا العالمية، خصوصا تلك التي تخص أوروبا أو لها تأثير عليها.

ينبع الخطاب الأيديولوجي السياسي لليمين الأوروبي المتطرف لا شك من قضايا داخلية، كالتي ذكرت أعلاه، لكن أيضا ثمة استياء من السياسات النيوليبرالية التي تعتمدها دول أوروبية تماهيا مع الولايات المتحدة، وثمة استياء من تماهي السياسية الأوروبية الخارجية مع الولايات المتحدة، وما لذلك من تداعيات سلبية على القارة الأوروبية وتداعيات إيجابية على الولايات المتحدة، كحالة أوكرانيا.

ومن هنا، يحمل خطاب اليمين الأوروبي المتطرف تعبيرات عن ضرورة التمايز عن الولايات المتحدة في بعض الملفات الهامة.

ومن مفارقات التاريخ والسياسة، أن هذا اليمين يجد روسيا أقرب له من الولايات المتحدة، ويمكن حصر هذا التقارب في مستويين:

الأول، أيديولوجي يتعلق برؤية موحدة للهوية الثقافية المهددة من الخارج، إما في حالة هجرة (اليمين الأوروبي المتطرف) أو في حالة الليبرالية المستوردة التي طالما حذر منها بوتين (روسيا).

في حالة الهجرة، يقدم اليمين المتطرف خطابا شعبويا يضخم المخاطر التي يحدثها المهاجرون على هوية أوروبا المسيحية، وهو خطاب يتقاطع مع خطاب ديني- سياسي يطلقه الكرملين في موسكو بين الفينة والأخرى، للتأكيد على أن روسيا هي حصن المسيحية الأرثوذكسية.

وعند هذه النقطة، ترى الأحزاب اليمينية المتطرفة أن تضييق روسيا على الحريات، وعدم التزامها تجاه المهاجرين غير الشرعيين، مثال يجب تطبيقه في أوروبا للتخفيف من مسألة الهجرة التي تهدد الهوية الثقافية المسيحية للسكان الأصليين. وقد وصلت حالة التقوقع الهوياتي عند هذا التيار حدا رفض بموجبه فكرة الاتحاد الأوروبي، ذلك أن الاتحاد يضعف من سيادة الدولة القومية.

الثاني، سياسي يتعلق بضرورة أن يكون لأوروبا سياستها الخارجية الخاصة بمعزل عن الولايات المتحدة.

وقد بدأت الأحزاب اليمينية المتطرفة تعبر مؤخرا عن استيائها من حالة التبعية الأوروبية للولايات المتحدة وإن بشكل مضمر، وقد جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتضاعف من هذا الخطاب الذي عبر عنه مؤخرا زعيم حزب "الإصلاح البريطاني" نايجل فاراج، حين قال إن "توسع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي شرقا استفز الرئيس الروسي ودفعه إلى غزو أوكرانيا"، وهو موقف عبر عنه أعضاء في اليمين المتطرف الفرنسي تقريبا.

حدود التعاون

بدأت ملامح التعاون بين روسيا وقوى اليمين الراديكالي بالظهور عام 2013، حين زارت مارين لوبين موسكو، ثم تعمقت العلاقة أكثر حين حصل حزب "الجبهة الوطنية"، الذي أصبح فيما بعد حزب "التجمع الوطني"، عام 2014 على قرض بقيمة 9.4 مليون يورو من البنك التشيكي- الروسي الأول (FCRB) لتمويل حملة الانتخابات البلدية، وحصل حزب "كوتيليك" الفرنسي على مليوني يورو من شركة قبرصية خارجية، وهي شركة ممولة من روسيا.

في لقائها عام 2017 مع بوتين، لم تخف مارين لوبين إعجابها بروسيا بشكل عام وبوتين بشكل خاص. وهنا يطرح سؤال عملي، على الرغم من التقارب الأيديولوجي والسياسي بين الجانبين، ما هي حدود التعاون بينهما في ظل بيئة أوروبية معادية لروسيا، أو على الأقل بيئة لا يمكن أن تكون روسيا جزءا منها ضمن معادلات التحالف؟

بالنسبة لأحزاب اليمين، تشكل روسيا داعما ماديا مهما، بما يسمح لها بتكثيف دعايتها وتوسيع نشاطاتها في المجتمع.

أما بالنسبة لروسيا، فالمسألة أكثر تعقيدا، فصناع القرار في الكرملين لا يخالجهم الأمل في إمكانية وصول اليمين المتطرف إلى الحكم، وحتى لو وصلوا إلى الحكم -أمر مستبعد في المدى المنظور والمتوسط- خصوصا في فرنسا وألمانيا وبريطانيا، بسبب ثقل القوى في الوسط السياسي، وتاريخ المجتمع السياسي العريق في هذه الدول، فإن هذه الأحزاب لن تستطيع تغيير بوصلة السياسة الخارجية لهذه الدول الكبرى، بسبب طبيعة التحالف العميق بينها وبين الولايات المتحدة من جهة، وطبيعة العلاقات الأوروبية- الأوروبية من جهة ثانية.

يدرك الكرملين واقعية هذا الأمر، ولذلك فإن أقصى طموحه في هذه الفترة في حال حقق هذا اليمين حضورا في المشهد السياسي لهذه الدول، أن يخفف من حدة الاندفاعة الأوروبية تجاه الولايات المتحدة في الملفات الخارجية، لا سيما تلك المرتبطة بروسيا.

ولعل كلام بوتين لمارين لوبين في موسكو عام 2017 "أعلم أنك تمثلين طيفا سياسيا ينمو بسرعة في أوروبا" ما يشير إلى أمل روسي بلحظة يضع اليمين الأوروبي المتطرف أقدامه على طريق السلطة.

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء فرنسا: نهدف منع اليمين المتطرف من الحصول على أغلبية مطلقة في البرلمان
  • ماكرون يدعو إلى توحيد الصفوف ضد اليمين بعد نتائج حزبه السيئة في الدورة الأولى من انتخابات البرلمان
  • اليمين المتطرف يتصدر انتخابات فرنسا ونسبة المشاركة قياسية
  • أحزاب اليمين في النمسا والتشيك والمجر تشكل مجموعة برلمانية واحدة في الاتحاد الأوروبي
  • فرنسا تواجه مصيرا تاريخيا في الانتخابات التشريعة
  • بدء الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية في فرنسا
  • بدء التصويت بانتخابات فرنسا وتوقعات بتقدم اليمين المتطرف
  • فرنسا تجري انتخابات برلمانية وسط مخاوف من صعود اليمين المتطرف
  • اليمين الأوروبي المتطرف بين روسيا وأمريكا
  • قادة فرنسيون يشاركون في مناظرة تلفزيونية قبل الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة