لجريدة عمان:
2025-02-07@06:42:39 GMT

ماذا فعل الاتحاد الأوروبي من أجلنا؟

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

في هذا الشهر، يتوجه مئات الملايين من الناخبين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي، وسوف يتساءل كثيرون عما فعله الاتحاد الأوروبي لهم منذ الانتخابات الأخيرة في عام 2019.

الواقع أن اختيار 27 دولة تجميع سيادتها وبناء شراكة اقتصادية واجتماعية وسياسية قائمة على القيم المشتركة للسلام والعدالة والاحترام والتضامن لهو حدث فريد من نوعه في تاريخ العالم.

إنه انتصار لا ينبغي لنا أن نعتبره من المسَـلَّـمات، خاصة وأن كثيرين في مختلف أنحاء العالم ما زالوا يتوقون إلى الحرية في اختيار حكوماتهم من بين مجموعة متنوعة من المرشحين والأحزاب.

في وقت حيث تتحول الأرضية الجيوسياسية، يخضع النظام العالمي الذي ساعدنا في بنائه والذي كان لنا خير معين خلال السنوات الثمانين الأخيرة للاختبار. مع ذلك، لا تزال أعظم التحديات التي نواجهها -سواء كانت تتعلق بالأمن، أو الصحة، أو التحول الرقمي، أو تغير المناخ- تحديات مشتركة يتطلب التصدي لها التعاون.

تُظهر تجربة أوروبا ذاتها أننا أقوى معا، وأننا قادرون على إحراز النجاح عندما نتصرف وفقا لثلاثة مبادئ: الوحدة والعزيمة والتضامن. تشهد تجربتنا المشتركة منذ الانتخابات الأوروبية الأخيرة على القيمة التي يضيفها الاتحاد الأوروبي إلى حياتنا اليومية. عندما ضربتنا جائحة غير مسبوقة، كان كل مواطن يملك القدرة على الوصول إلى اللقاحات المنقذة للحياة، وكان لتجميع الموارد الاقتصادية والمالية تأثير غير عادي. على سبيل المثال، قدم البنك المركزي الأوروبي السيولة لحماية أنظمتنا المالية، وساعد برنامج SURE (الدعم للتخفيف من مخاطر البطالة في حالات الطوارئ) التابع للمفوضية الأوروبية البلدان على حماية الوظائف في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي؛ كما استكمل صندوق الضمان الأوروبي التابع لبنك الاستثمار الأوروبي أنظمة الدعم الوطنية لحماية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم ونظام الأعمال البيئي الأوسع.

وحتى في وقتنا هذا، يعمل مرفق التعافي والصمود على تعزيز الإصلاحات والاستثمارات اللازمة لتحقيق التعافي القوي، ودفع التحولات الخضراء والرقمية. الاتحاد الأوروبي باختصار قصة نجاح متألقة، فهو لم يجلب الرخاء والسلام والاستقرار والتقدم الاجتماعي فحسب لمجتمع أوروبي كبير؛ بل تحول أيضا إلى قوة من أجل الخير في العالَـم. وهو مصدر رائد للمساعدات الإنسانية وتمويل التنمية، ونصير قوي للمؤسسات المتعددة الأطراف التي تحافظ على الاستقرار المالي العالمي، وداعم رئيسي لأكثر بلدان العالم ضَعفا وعُـرضة للخطر.

الحق أنني فخور بالدور المفيد الذي تضطلع به مجموعة بنك الاستثمار الأوروبي في تحقيق هذه النتائج. فبفضل رأس مال مدفوع قدره 22 مليار يورو (24 مليار دولار أمريكي)، تمكنا من حشد أكثر من 5 تريليونات يورو في هيئة استثمارات. وقد ذهب هذا التمويل لدعم البنية الأساسية الممتازة في مجال النقل والطاقة، والمستشفيات، والمدارس، والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي، والتكنولوجيات الفائقة الإبداع، وعدد كبير من الشركات البادئة السريعة النمو، وبالتالي المساهمة في التحولات الخضراء والرقمية وتعزيز استقلاليتنا الاستراتيجية وأمننا.

أذكر هنا بعض الأمثلة الحديثة، فقد دعمت مجموعة بنك الاستثمار الأوروبي تطوير اللقاحات في الاتحاد الأوروبي بتقديم قرض لشركة BioNTech، وهي الشركة التي قدمت منصة الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) الرائدة في أوج الجائحة. كما نقوم بتمويل أكبر مصنع للألواح الشمسية في إيطاليا، وأول مصنع عملاق للإنتاج الدائري للبطاريات في السويد، ومزارع الرياح البحرية الضخمة في منطقتي البلطيق وشمال أوروبا. قمنا أيضا بتمويل مصنع مبدع لتصنيع الرقائق الإلكترونية في فرنسا، وجهود إزالة الكربون من الصناعة الثقيلة في ألمانيا، ومشاريع ومرافق البنية الأساسية الجديدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في شبه جزيرة أيبيريا، وترقية شبكة نقل الكهرباء في بولندا.

منذ إنشائها في عام 1958، مولت مجموعة بنك الاستثمار الأوروبي سياسات الاتحاد الأوروبي وتطورت بما يمكنها من الاستجابة للاحتياجات الأوروبية. أنا على يقين من أننا نعمل حاليا على تمويل التكنولوجيات التي ستكون اللبنات الأساسية لاقتصاد صافي الانبعاثات «صِـفر الفَـعّـال»، والتي ستكون مفيدة في التعجيل بالتحول الرقمي والإبداع. لكننا لسنا أقل عزما على دعم الزراعة الأوروبية، ومساعدة صناعاتنا على اغتنام الفرص القائمة، وتعزيز القدرة التنافسية الأوروبية والاستقلالية الاستراتيجية، والتصدي لتحديات مثل تكاليف الإسكان (وهي قضية مهمة للناس في معظم البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي). ونظرا لسجل مجموعة بنك الاستثمار الأوروبي، فأنا مقتنع بأننا سنضطلع أيضا بدور مهم في دعم المرحلة التالية من توسع الاتحاد الأوروبي وفي تضخيم صوت أوروبا في العالم.

تُـنـبِـئنـا السنوات الخمس المضطربة التي مرت منذ الانتخابات الأوروبية الأخيرة بأننا في احتياج إلى تعظيم دور أوروبا، وليس تقليصه. نحن في احتياج إلى الاتحاد الأوروبي لضمان أمننا واستقرارنا ورخائنا. وفي ظل وعود الشعبويين بحلول سهلة ودعوتهم إلى خفض مستويات التضامن، يجب أن نتذكر ما يفعله الاتحاد الأوروبي من أجلنا كل يوم. إننا نشهد نشوء نظام جيوسياسي جديد، والآن يخضع الأساس الذي يقوم عليه نجاح أوروبا للاختبار. وسوف تحدد قراراتنا عند صناديق الاقتراع أولويات الاتحاد الأوروبي ودوره في العالم في لحظة حاسمة في تاريخ العالَـم. أعتقد أن هذه الانتخابات يجب أن تكون تصويتا بالثقة في أوروبا ومبدأ التضامن. يتعين علينا أن نعمل على تعزيز المؤسسات التي ضمنت لفترة طويلة سلامنا ورخاءنا، والتي تظل منارة وقوة للخير في العالم. دعونا ندافع عن قيمنا الأوروبية. دعونا نركز على ما يهم حقا. دعونا نقدر ما يعنيه الاتحاد الأوروبي للأمن والرفاهة والرخاء في مختلف البلدان الأعضاء. ثم دعونا نستخدم صوتنا!

نادية كالفينيو رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی فی مختلف

إقرأ أيضاً:

جرأة مجموعة لاهاي

منذ أن نجح فى الانتخابات وحتى قبل أن يجلس على عرش أمريكا رسميًا للمرة الثانية اعتاد ترامب الإدلاء بتصريحات غير مسئولة أثارت جدلًا واسعًا فى كل دول العالم واعتبره كثيرون مجنونًا قد يجر العالم لحرب عالمية ثالثة.

وفاجأ ترامب العالم بتصريحات غريبة عقب لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وكأن كل تصريح خرج من شخص مختلف أحدهما همجى والثانى استعمارى إمبريالى والثالث إنسان والرابع نرجسى والخامس ممثل، ربما ما جاء عل لسانه حول استيلاء أمريكا على غزة ونقل عدد من الجنسيات للعيش فيها أى تدويلها بمثابة صدمة أعادت للأذهان تلك الاتفاقيات والوعود الاستعمارية التى قسمت دولًا وشردت شعوبًا، وكأن العالم خلق من أجلهم يظلمون ويتجبرون دون وازع من ضمير ودون مراعاة للقوانين والأعراف الدولية التى وضعوها وطبقوها بطريقتهم وحسب مصالحهم.

فى يقينى الضعفاء لن يسكتوا، قد يتحدون لمواجهة هذا التسلط وهذا الفكر الاستعمارى الهمجى، وربما كانت كندا وبنما وكولومبيا والبرازيل والمكسيك هى البداية وسينضم اليهم آخرون بدعم قوى أخرى من مصلحتها إضعاف الولايات المتحدة بل وتفكيكها.

أتوقف هنا عند حدث دولى أعتبره من أهم الأحداث على الساحة العالمية خلال الأيام الماضية، ففى سابقة هى الأولى فى التاريخ، أعلنت 9 دول عن تدشين أول تجمع دولى أطلق عليه «مجموعة لاهاى» بهدف ملاحقة العدو الصهيونى فى المحاكم الدولية والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية المحتلة عقب 1967، والدول هى جنوب أفريقيا وماليزيا وكولومبيا وبوليفيا وكوبا وهندوراس وناميبيا والسنغال وجزر بليز.

هذه الدول قررت ألا تكتفى بملاحقة إسرائيل قضائيًا فقط، بل وسياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا من خلال عدة إجراءات: منها تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة من الجنائية الدولية بحق «نتنياهو» و«غالانت» فى حال وصول أى واحد منهما إلى أراضى أى دولة من الدول التسع، ومنع تصدير أو توفير أو نقل الأسلحة إليها، ومنع رسو أى سفن تنقل أسلحة أو وقودًا لإسرائيل فى موانئ هذه الدول.

ربما يقلل البعض من هذا الحدث معللًا أن هذه الدول صغيرة–عدا ماليزيا بالطبع–وتأثيرها ليس كبيرًا، ولكنى أقول إن مجرد إعلان هذه المجموعة عن اتخاذ إجراءات ضد الكيان الصهيونى المدعوم بالشيطان الأمريكى الأعظم هو جرأة تنذر بانضمام المزيد إلى هذا التحالف، أو تكوين تحالفات أخرى ضد أمريكا نفسها، فالضغط والظلم غالبًا ما يولدان الانفجار.

وأشير هنا أيضًا إلى الانقسامات السياسية العميقة فى الولايات المتحدة الأمريكية والاعتراضات المتتالية على الإجراءات التى اتخذها ترامب فى الأيام الأولى من ولايته الثانية والتى أسفرت عن عريضة جمعت أكثر من 100 ألف توقيع تطالب الكونجرس بعزل هذا الرئيس الذى قد يتسبب بسياساته فى زيادة العداء ضد أمريكا على مستوى العالم، وانهيار الاقتصاد الأمريكى.

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • الديمقراطيات الأوروبية بين مطرقة الأوليجارشية الأمريكية وسندان الاستبداد الروسي والصيني
  • الاتحاد الأوروبي يدعو وزير خارجية سوريا إلى بروكسل.. ماذا عن زيارة الشرع لفرنسا؟
  • جرأة مجموعة لاهاي
  • “مجموعة لاهاي” تحرص على معاقبة إسرائيل وحكامها على المجازر التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني
  • أوروبا تحتاج إلى جرعة من الوطنية
  • ما هي الدول الأوروبية التي تعاني أكثر من غيرها من مشاكل التركيز والذاكرة؟
  • بعثة الاتحاد الأوروبي: اللجنة الاستشارية خطوة مهمة في العملية السياسية التي تقودها ليبيا
  • رئيسة المفوضية الأوروبية تقول إن الاتحاد الأوروبي مستعد لـ”مفاوضات صعبة” مع ترامب وسط مخاوف من فرض الرسوم الجمركية
  • ليلى البحيري تنضم إلى نورشيلاند الدنماركي كأول مصرية تحترف في أوروبا
  • رئيسة المفوضية الأوروبية توجه تحذيرات "صارمة" لترامب بشأن الرسوم