الجزائر ـ «العُمانية»: تُعالج الدكتورة فريدة حيرش غيوة في دراستها العلميّة الصّادرة عن دار ميم للنشر بالجزائر، بعنوان «إشكاليات الموروث ومضامين الفكر الفلسفي المعاصر»، ملابسات المركزيات الفكرية المتعلّقة بالمعرفة.

وتقول الباحثة في تقديم الكتاب: «تكشفُ النظريات الفلسفية المعاصرة والراهنة على السواء عن ميلاد أزمة خانقة لمشكلة المعرفة، حيث تباينت الآراء حول فلسفات المعنى والدلالة، وفلسفات الوجود، وفلسفات الماهية، والفلسفات السياسية وغيرها من المشكلات الإنسانية التي لا زالت إلى يومنا هذا تحتاج إلى حلول جدرية وقراءات تسهم في تجاوز صراعات هذه النظريات التي رافقت تاريخ الفلسفة، إذ نجد بعضها يضفي على مشكلات المعرفة الصبغة الدينية أو النفسية أو الأخلاقية أو المثالية أو المادية، والبعض الآخر يضفي عليها الصبغة التماثلية أو الرمزية الرياضية والمنطقية، وهذا إن دلّ على شيء، فإنّما يدلُّ على أنّ تاريخ الفلسفة، منذ أفلاطون، لم يعط أهمية لعملية النقد المتعلّق بالمعارف أو بالمشكلات الفلسفية.

وفي هذا السياق، نلحظ أنّ المركزية الفكرية تتجمّع وتتطابق وتكرّر ذاتها بذاتها لتؤلف في النهاية ظاهرة مسجونة على مرّ العصور والأزمنة».

وتضيف الباحثة بالقول: «لقد ظلّ هذا التحليل يفرض نفسه في معظم الممارسات الفكرية والأدبية والسياسية والاقتصادية، كما نجح في خلق مسارات فرضت نفسها في البحث المعرفي، ممّا أنتج كتلة ضخمة أو موروثا معرفيا تجلّى في السلوكات والرؤى والتصوُّرات والمعاني، التي ارتبطت ببعضها البعض ممّا حدا إلى إعادة تفسيرها، وذلك بالرجوع إلى أصلها الغربي».

وتؤكّد المؤلّفة بأنّها خُصّصت هذه الدراسة لمعالجة هذه القضايا، وهي معالجة تمدّدت على مجموعة من البحوث التخصُّصيّة التي تمّ نشر بعضها من قَبْل في عديد من الدوريات العلمية الأكاديمية، وبعضُها الآخر لم يسبق نشره ليكون مادة علميّة لهذه الدراسة الشاملة.

وفي هذا السياق، تضيف الباحثة بالقول: «يكشف هذا الكتاب عن تمسُّك المعرفة الغربية «بالمركزية» Centralismeالمتعالية حتى تفرض سلطتها على العقل، ويتّضح ذلك في المفهوم المسيحي للحياة، مثلا، حيث تجلت أوّل محاولة لكتابة تاريخ عالمي كانت مسيحية صرفة، وعلى الرغم من إسهام المفكرين اليونانيين والرومانيين في تقديم معارف جديدة تتعلَق بتاريخ العالم إلا أنّ هذه العملية باءت بالفشل».

وتخلص الباحثة إلى أنّ «النظرة الغربية الدوغمائية Dogmatique التي تجلّت بوضوح في القرون السابقة أساءت إلى الفهم الحقيقي للمعارف، حسب الفلاسفة الغربيين المعاصرين والراهنين؛ لأنّها أكدت على منهج الوحدة والاستمرارية التي تبنّاها فلاسفة، أمثال هيجل وماركس وكوندورسيه وغيرهم، فهيجل -مثلا- أوضح أنّ المعرفة تتجلّى في العقل المطلق، وماركس الذي أعلن عن موت النظام الرأسمالي وحلول النظام الاشتراكي الذي يمهّد للوحدة البشرية التي تجمع الناس في نظام إنساني جديد هو النظام الشيوعي، وكوندورسيه الذي أكَد على حالة التنوُّع في المعارف التي يعتقد أنّها ستزول مهما طال الزمن، وستختفي كلُّ التباينات المعرفية لتحُلّ محلّها حقائق علمية يفرضها البرهان العلمي.

من هذا المنطلق، نلحظ أنّ المعارف السابقة ظلَت كلُّها حبيسة «منطق الهوية» Logique de l’identité الذي يوحّد بين مقدمتين في وحدة متكاملة تفرض ممارسة سلطوية على الفكر، فهي لا تولي اهتمامها بفعل التجديد والتغيير الذي يفرضه كلُّ عصر.

يُشار إلى أنّ الدكتورة فريدة حيرش غيوة باحثة جزائرية حاصلةٌ على شهادة دكتوراة في الفلسفة، وتعمل أستاذة بجامعة بشير منتوري بقسنطينة (شرق الجزائر).

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

جامعة حلوان تطلق مسابقة للأفلام القصيرة لمواجهة الفكر المتطرف

أعلنت جامعة حلوان إطلاق مسابقة للأفلام القصيرة تحت رعاية الدكتور السيد قنديل، رئيس الجامعة، الدكتور حسام رفاعي، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتور أحمد عليق، مستشار رئيس الجامعة للأنشطة الطلابية والجامعية.

ويأتى ذلك تنفيذا لمسابقة «معا» التي أطلقتها وزارة التعليم العالي، وذلك في إطار توجيهات وزير التعليم العالي، لمواجهة الفكر المتطرف وتعزيز القيم المجتمعية الأصيلة.

تعزيز الوعي الفكري

وأكد رئيس جامعة حلوان، أن هذه المسابقة تمثل خطوة مهمة في مسيرة تعزيز الوعي الفكري لدى طلابنا ومواجهة الأفكار المتطرفة، ونحن نؤمن بأن الفن يمثل أداة قوية للتعبير عن القيم الإيجابية وتعزيز الهوية الثقافية.

وأضاف أن الجامعة  تلتزم جامعة حلوان بدورها في بناء جيل واعٍ قادر على التمييز بين الأفكار البناءة والهدامة، وتشجيع الإبداع الفني كوسيلة للتعبير عن هذه القيم.

وتعد هذه المسابقة من أقوى مسابقات الأفلام القصيرة، حيث تقدم جوائز مالية قيمة للفائزين مع فرصة التأهل لمسابقة معا التي تنظمها وزارة التعليم العالي، وتتمحور المسابقة حول خمسة محاور رئيسية هي: نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي، تعزيز السلام الاجتماعي، تدعيم قيم المواطنة، ترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال، ومواجهة الأفكار المغلوطة والمتطرفة.

شروط المشاركة في المسابقة 

أما عن شروط المشاركة، يمكن للطلاب المشاركة بشكل فردي أو ضمن فريق لا يتجاوز خمسة أعضاء، مع إتاحة الفرصة لتشكيل الفريق من كليات مختلفة، شريطة أن يكون جميع المشاركين مقيدين بجامعة حلوان للعام الدراسي 2024-2025. وتشمل فئات المسابقة ثلاثة أنواع من الأفلام: التسجيلية، والروائية، وأفلام التحريك، على ألا تتجاوز مدة الفيلم دقيقة واحدة، مع اشتراط جودة FULL HD، ويمكن استخدام أي كاميرا متاحة بما في ذلك كاميرات الهواتف المحمولة.

ويجب أن يلتزم المحتوى المقدم بموضوع المسابقة وأهدافها في مواجهة الأفكار غير السوية، مع احترام المعتقدات الدينية والموروث الثقافي والمجتمعي المصري. كما يشترط أصالة العمل وعدم اقتباسه من أعمال أخرى، وألا يكون قد شارك في أي مسابقات سابقة أو عُرض على الإنترنت. 

مقالات مشابهة

  • «مجلس الفكر والمعرفة» يناقش رواية ريم بسيوني «الغواص»
  • النادي الثقافي يستعرض تجليات الفكر السياسي في مؤلفات سالم بن ذكوان والبرادي والشماخي
  • هيئة المتاحف تحتضن معرض «مانجا هوكوساي»
  • شقاوة العقل !
  • د. عبد الرحمن الصعفاني: عن حرية الفكر ومحتكري الحقيقة!
  • هكذا يدعم إيلون ماسك تمدد اليمين في أوروبا
  • رحلة محمد بن زايد سات.. من الفكر إلى المدار
  • أسعار الكتب الخارجية للفصل الدراسي الثاني 2025.. اعرفها
  • جامعة حلوان تطلق مسابقة للأفلام القصيرة لمواجهة الفكر المتطرف
  • دار فوز: حاضنة الفكر الثوري والإبداع الأدبي