لجريدة عمان:
2024-12-19@01:54:10 GMT

وجه جيمس جويس المخفي

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

وجه جيمس جويس المخفي

يبدو الكتاب الذي أصدره «محترف أوكسجين»، (يُشرف عليه الكاتب السوري زياد عبد الله)، بتوقيع جيمس جويس (ترجمة شادي خرماشو)، يبدو في الواقع ثلاثة «كتيبات» مضمومة إلى بعضها البعض، لتشكل المجلد الذي بين أيدينا ويحمل عنوان «رسائل العشق والفحش» (مقتطفات من رسائل جويس إلى نورا)، ترافقها «موسيقى الحجرة» (بعض قصائد جويس).

بهذا المعنى، يأتي الكتاب من صنعة المترجم وإعداده، وبهذا العنوان أيضا، نفهم -قبل الدخول إلى المتن- إلى أن ثمة نصين أمامنا. لكن في الحقيقة، يأتي نص ثالث (وهو الافتتاحي) ليُضاف إلى هذه الباقة المزدوجة: فصل من كتاب بريندا مادوكس «نورا... حياة مولي بلوم الواقعية»، صادر العام 1988، ومولي هي زوجة ليوبولد بلوم في رواية جيمس جويس «يوليسيس»، بالإضافة إلى المقدمة التوضيحية للمترجم.

يحفل تاريخ الأدب، بمثل هذه الكتب «المُعدّة»، وهي إن أفضت إلى شيء، فإنها تفضي إلى زيادة المعرفة بالموضوع المعالج، كما إلى زيادة المتعة الأدبية، كما هي الحال مع هذا الكتاب. لكن لنتوقف ونسأل: أي متعة مقصودة؟ يدور الكتاب حول هذا الوجه الآخر، المخفي، للكاتب الإيرلندي، ذاك «الوجه الداعر البذيء» الذي لم يكن معروفا، والذي اكتشفه القراء بعمق، بعد العام 2012، أي حين دخلت أعمال جويس في نطاق الملكية الفكرية العامة، وأصبح بالإمكان نشر أعماله، بعيدا عن قضية «حقوق المؤلف».

لنعد قليلا إلى الوراء: حين أصبحت أعمال جويس ضمن نطاق الملكية الفكرية العامة في ذاك العام، تنفس دارسو أدبه الصعداء. إذ كان حفيده ستيفن جويس يُعدّ من أكثر الورثة إثارة للجدل في التاريخ. يكفي أن نقرأ فصلا من كتاب «أيتها العائلات، أكرهك»! لإيمانويل بييرا، وهو حول «تجاوزات» أصحاب الحقوق، لنفهم القضية. فالحفيد هذا يزدري عالم الأبحاث، ودخل في حرب قانونية ضد مؤسسة جويس في زيوريخ، ولم يكن يتردد في المطالبة بمبلغ 100 ألف دولار مقابل أدنى قراءة عامة لرواية جدّه «يوليسيس»، وعارض كل اقتباس مسرحي لأعماله وفرض أسعارًا باهظة لإدراج بعض المقتطفات في كتب المختارات (الأنطولوجيات).

أشير إلى هذا الأمر لكي أصل إلى التالي: أولى علامات هذا الاسترخاء الذي حدث في 2012، نشر رسائل جويس إلى زوجته المستقبلية نورا، (64 رسالة)، التي كانت تعتبر لفترة طويلة رسائل «كبريتية حارقة» وقد غذّت أوهام محبي جويس وألهمتهم بالعديد من الفانتسمات. لدرجة أنه تمّ شراء رسالة واحدة منها العام 2004 من «ساوثبي» مقابل 445 ألف دولار (رقم قياسي).

تعود هذه الرسائل بشكل رئيسي إلى عاميّ 1904 و1909. السنة الأولى هي سنة الاجتماع في دبلن. لم يلمح جيمس جويس، قصير النظر، إلا الشعر البني والمشية المتموجة التي أسرته. قرر على الفور الاقتراب من هذه النادلة في فندق «فينس». سيجعل من أول لقاء بينهما لقاء حاسما في 16 يونيو 1904، وهو يوم قصة يوليسيس. كانت في التاسعة عشرة من عمرها، وهو في الثانية والعشرين. هو مؤلف شاب متجه إلى المجد ويكره الكنيسة الكاثوليكية والبرجوازية. أما هي فترى نفسها فتاة فقيرة وغير متعلمة، وفي النتيجة، لم تقرأ أيّا من كتبه أبدًا. وتبقى الحقيقة أن هذه الشابة التي نشأت في دير، كانت جريئة، «حرة» جسدًا وروحًا، إذ بعد مرور شهرين ونصف تقريبًا هربت معه وذهبت إلى المنفى في الخارج.

في العام 1909، بينما بقيت نورا في المنزل في مدينة تريست الإيطالية، زار جيمس جويس دبلن ليقيم فيها لفترة. يجعله أحد معارفه يعتقد أنه كان في يوم من الأيام عشيقًا لشريكته. الأمر الذي يثير نوبة عميقة من الغيرة يتبعها، عن بعد، اندلاع الرغبة الجنسية.

هذه الرغبة هي التي يلتقطها الكتاب الذي بين أيدينا، إذ يركز في أقسامه الثلاثة، على هذه العلاقة «الداعرة» (إن جاز القول) التي جمعت بين الاثنين، على هذه الشهوة والرغبة، التي نجدها حاضرة في كلّ النصوص. حتى إن الرسائل التي يترجمها خرماشو هي فقط الرسائل التي تعود إلى شهر ديسمبر من عام 1909 (أي 10 رسائل من مجموع الـــ 64 رسالة)، كذلك لسنا أمام أعمال جويس الشعرية، بل هي أيضا نصوص تدور في فلك هذه الرغبة الشهوانية.

من سبق له أن قرأ عن حياة جويس، يعرف جيدا أن نورا (لم يتزوجها إلا عام 1931، أي قبل وفاته بعشر سنوات) أدت دورًا أساسيًا في تكوين الشخصيات النسائية العظيمة في أعمال جويس: غريتا، بيرثا، مولي، آنا ليفيا، وهي شخصيات تحيلنا باستمرار إلى لغز الأنوثة، الذي لم يتوقف الكاتب عن استكشافه والذي تمثل نورا نموذجه الحيّ من خلال صورها الرمزية اللانهائية. لو عدنا إلى الرسائل الكاملة، لوجدنا أن رسائل جويس ترتكز على فترتين عريضتين. تلك العائدة لعام 1904، أولا؛ سنة لقائهما: من يونيو إلى ديسمبر 1904، (وهذا ما لا نقرأه هنا) وهي رسائل وقائع عاطفية ومؤثرة لميلاد علاقة رومانسية، برحلاتها الرومانسية، ولحظات الشك ولدغات الغيرة. أما اللحظة الثانية في هذه المراسلات فتمتد من أغسطس إلى ديسمبر 1909. جويس في دبلن وبقيت نورا في تريست؛ لتولد هذه الغيرة، كما أشرت قبل قليل، لكن مهما يكن من أمر، لا بدّ أن تأسرنا هذه الرسائل التي في مزيجها من العاطفة الرومانسية والغيرة والصراحة الجنسية والفحش أحيانًا، تعدّ وثيقة غير عادية (نكتشف منها بالعربية تلك العائدة إلى شهر ديسمبر كما أسلفنا).

ربما قد يتفاجأ القارئ بهذا الجانب المجهول من جويس. فمن قرأ رواياته، وعلى الرغم من عمله الدقيق على سبر أغوار المرأة بأشكالها النفسية المتعددة، قد لا يطرأ على باله، هذا الجانب من شخصية الكاتب كما تظهر في رسائله «البذيئة» (كما «يصفها» المترجم في مقدمته، ص 8). ربما كانت كذلك، فيما لو اعتبرنا التعبير عن الشهوة والرغبة الإنسانيتين ينتميان إلى «البذاءة».

لكن ثمة سؤالين: كل رسالة تفترض إجابة، من هنا، أين رسائل نورا إلى جويس؟ كل الدراسات تشير إلى أنها اختفت ولم يتبق منها أي شيء. ربما كان من المفيد أن نسمع صوت هذه المرأة التي ألهمت الكاتب. أما الثاني: هل يمكن لنا فعلا، اليوم، أن نحاكم جويس على رسائله؟ لا أعتقد. لقد دخل هذا الكاتب تاريخ الأدب، كواحد من عظام القرن العشرين. وربما أصبح أكثر من ذلك، إنه فعلا واحد من ميراث الإنسانية، لذلك تبدو قراءة حالاته المتعددة، ضرورية مهما كان رأينا؛ لأننا لا نجد سوى أمثلة «تراسلية» قليلة تمتلك «روحانية» هذه الأجساد التي يجتمع فيها شعور العشق التصوفي والإباحية كما رسائل فلوبير إلى لويز كوليه ورسائل أبولينير إلى لو.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

وئام وهاب: كنت أنقل رسائل من إسرائيل إلى الأسد

سوريا – كشف رئيس حزب “التوحيد العربي” ‎وئام وهاب أنهه كان وسيطا بين إسرائيل والرئيس السوري السابق بشار الأسد، مقدما نصيحة لدمشق للاعتراف بإسرائيل وإحلال السلام معها.

وقال في مقابلة مع قناة “الجديد”، إنه ليس هناك منتصر مما يحدث في سوريا إلا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مضيفا “أنا أقتُل وأتعامل مع الشيطان لأحمي عشيرتي”.

وأضاف: “كنت وسيطا أنقل رسائل من إسرائيل إلى سوريا عبر جانب غربي ثالث وقد نقلت رسائل إلى (شقيق الرئيس السوري السابق بشار الأسد) ماهر الأسد لأن الغرب يعتبر أن بشار يكذب”.

واعتبر وهاب أن “بشار والروس اختلفوا عندما رفض الأسد الجلوس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان”، مشيرا إلى أن “المسؤولية يتحملها بشار الأسد شخصيا، وشقيقه ماهر لا يمون على شيء”.

ورأى وهاب أن “الامة لا تريد الحرب وإذا سألوني: فلنذهب الى السلام مع اسرائيل”، كما اعتبر أن “المحور انتهى باغتيال (قائد فيلق القدس الإيراني السابق) قاسم سليماني و(الأمين العام الراحل لحزب الله) حسن نصر الله”، وقال: “أنصح الشيعة بالتطبيع والسلام مع إسرائيل”.

وزعم وهاب أن لدى الأسد ثروة كبيرة تقدر بثلث ثروة إيلون ماسك أغنى رجل في العالم بثروة وصلت إلى 400 مليار دولار.

وأوضح أنه “لن يكون هناك رئيس في جلسة 9 ديسمبر وأتمنى على رئيس المجلس النيابي نبيه بري الحوار الجدي مع قائد الجيش العماد جوزيف عون”.

المصدر: قناة الجديد اللبنانية + RT

مقالات مشابهة

  • مدبولي: الرئيس السيسى أكد باجتماع القيادة العامة على رسائل مهمة
  • رسائل تهنئة عام 2025 مكتوبة .. للأهل والأصدقاء
  • دويّ قويّ تسبّب بحالة من الهلع... ما الذي حصل؟
  • صور تلسكوب جيمس ويب الجديدة تكشف كيفية تشكل الكواكب
  • بسرعة قياسية وعلى ارتفاع 775 مترًا في جبال الألب.. تلفريك سويسري ينقلك إلى مطعم جيمس بوند الدوار
  • أردوغان يوجه رسائل حاسمة للاتحاد الأوروبي
  • ابعتها لحبايبك.. أجمل رسائل تهنئة العام الجديد 2025
  • البرهان من البطانة : رسائل في بريد الجنجويد والعالم
  • وئام وهاب: كنت أنقل رسائل من إسرائيل إلى الأسد
  • "رسائل غامضة".. ماجد المهندس يعود بقوة بأغنية "أنصاص مشاوير"