لجريدة عمان:
2025-04-02@23:09:40 GMT

وجه جيمس جويس المخفي

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

وجه جيمس جويس المخفي

يبدو الكتاب الذي أصدره «محترف أوكسجين»، (يُشرف عليه الكاتب السوري زياد عبد الله)، بتوقيع جيمس جويس (ترجمة شادي خرماشو)، يبدو في الواقع ثلاثة «كتيبات» مضمومة إلى بعضها البعض، لتشكل المجلد الذي بين أيدينا ويحمل عنوان «رسائل العشق والفحش» (مقتطفات من رسائل جويس إلى نورا)، ترافقها «موسيقى الحجرة» (بعض قصائد جويس).

بهذا المعنى، يأتي الكتاب من صنعة المترجم وإعداده، وبهذا العنوان أيضا، نفهم -قبل الدخول إلى المتن- إلى أن ثمة نصين أمامنا. لكن في الحقيقة، يأتي نص ثالث (وهو الافتتاحي) ليُضاف إلى هذه الباقة المزدوجة: فصل من كتاب بريندا مادوكس «نورا... حياة مولي بلوم الواقعية»، صادر العام 1988، ومولي هي زوجة ليوبولد بلوم في رواية جيمس جويس «يوليسيس»، بالإضافة إلى المقدمة التوضيحية للمترجم.

يحفل تاريخ الأدب، بمثل هذه الكتب «المُعدّة»، وهي إن أفضت إلى شيء، فإنها تفضي إلى زيادة المعرفة بالموضوع المعالج، كما إلى زيادة المتعة الأدبية، كما هي الحال مع هذا الكتاب. لكن لنتوقف ونسأل: أي متعة مقصودة؟ يدور الكتاب حول هذا الوجه الآخر، المخفي، للكاتب الإيرلندي، ذاك «الوجه الداعر البذيء» الذي لم يكن معروفا، والذي اكتشفه القراء بعمق، بعد العام 2012، أي حين دخلت أعمال جويس في نطاق الملكية الفكرية العامة، وأصبح بالإمكان نشر أعماله، بعيدا عن قضية «حقوق المؤلف».

لنعد قليلا إلى الوراء: حين أصبحت أعمال جويس ضمن نطاق الملكية الفكرية العامة في ذاك العام، تنفس دارسو أدبه الصعداء. إذ كان حفيده ستيفن جويس يُعدّ من أكثر الورثة إثارة للجدل في التاريخ. يكفي أن نقرأ فصلا من كتاب «أيتها العائلات، أكرهك»! لإيمانويل بييرا، وهو حول «تجاوزات» أصحاب الحقوق، لنفهم القضية. فالحفيد هذا يزدري عالم الأبحاث، ودخل في حرب قانونية ضد مؤسسة جويس في زيوريخ، ولم يكن يتردد في المطالبة بمبلغ 100 ألف دولار مقابل أدنى قراءة عامة لرواية جدّه «يوليسيس»، وعارض كل اقتباس مسرحي لأعماله وفرض أسعارًا باهظة لإدراج بعض المقتطفات في كتب المختارات (الأنطولوجيات).

أشير إلى هذا الأمر لكي أصل إلى التالي: أولى علامات هذا الاسترخاء الذي حدث في 2012، نشر رسائل جويس إلى زوجته المستقبلية نورا، (64 رسالة)، التي كانت تعتبر لفترة طويلة رسائل «كبريتية حارقة» وقد غذّت أوهام محبي جويس وألهمتهم بالعديد من الفانتسمات. لدرجة أنه تمّ شراء رسالة واحدة منها العام 2004 من «ساوثبي» مقابل 445 ألف دولار (رقم قياسي).

تعود هذه الرسائل بشكل رئيسي إلى عاميّ 1904 و1909. السنة الأولى هي سنة الاجتماع في دبلن. لم يلمح جيمس جويس، قصير النظر، إلا الشعر البني والمشية المتموجة التي أسرته. قرر على الفور الاقتراب من هذه النادلة في فندق «فينس». سيجعل من أول لقاء بينهما لقاء حاسما في 16 يونيو 1904، وهو يوم قصة يوليسيس. كانت في التاسعة عشرة من عمرها، وهو في الثانية والعشرين. هو مؤلف شاب متجه إلى المجد ويكره الكنيسة الكاثوليكية والبرجوازية. أما هي فترى نفسها فتاة فقيرة وغير متعلمة، وفي النتيجة، لم تقرأ أيّا من كتبه أبدًا. وتبقى الحقيقة أن هذه الشابة التي نشأت في دير، كانت جريئة، «حرة» جسدًا وروحًا، إذ بعد مرور شهرين ونصف تقريبًا هربت معه وذهبت إلى المنفى في الخارج.

في العام 1909، بينما بقيت نورا في المنزل في مدينة تريست الإيطالية، زار جيمس جويس دبلن ليقيم فيها لفترة. يجعله أحد معارفه يعتقد أنه كان في يوم من الأيام عشيقًا لشريكته. الأمر الذي يثير نوبة عميقة من الغيرة يتبعها، عن بعد، اندلاع الرغبة الجنسية.

هذه الرغبة هي التي يلتقطها الكتاب الذي بين أيدينا، إذ يركز في أقسامه الثلاثة، على هذه العلاقة «الداعرة» (إن جاز القول) التي جمعت بين الاثنين، على هذه الشهوة والرغبة، التي نجدها حاضرة في كلّ النصوص. حتى إن الرسائل التي يترجمها خرماشو هي فقط الرسائل التي تعود إلى شهر ديسمبر من عام 1909 (أي 10 رسائل من مجموع الـــ 64 رسالة)، كذلك لسنا أمام أعمال جويس الشعرية، بل هي أيضا نصوص تدور في فلك هذه الرغبة الشهوانية.

من سبق له أن قرأ عن حياة جويس، يعرف جيدا أن نورا (لم يتزوجها إلا عام 1931، أي قبل وفاته بعشر سنوات) أدت دورًا أساسيًا في تكوين الشخصيات النسائية العظيمة في أعمال جويس: غريتا، بيرثا، مولي، آنا ليفيا، وهي شخصيات تحيلنا باستمرار إلى لغز الأنوثة، الذي لم يتوقف الكاتب عن استكشافه والذي تمثل نورا نموذجه الحيّ من خلال صورها الرمزية اللانهائية. لو عدنا إلى الرسائل الكاملة، لوجدنا أن رسائل جويس ترتكز على فترتين عريضتين. تلك العائدة لعام 1904، أولا؛ سنة لقائهما: من يونيو إلى ديسمبر 1904، (وهذا ما لا نقرأه هنا) وهي رسائل وقائع عاطفية ومؤثرة لميلاد علاقة رومانسية، برحلاتها الرومانسية، ولحظات الشك ولدغات الغيرة. أما اللحظة الثانية في هذه المراسلات فتمتد من أغسطس إلى ديسمبر 1909. جويس في دبلن وبقيت نورا في تريست؛ لتولد هذه الغيرة، كما أشرت قبل قليل، لكن مهما يكن من أمر، لا بدّ أن تأسرنا هذه الرسائل التي في مزيجها من العاطفة الرومانسية والغيرة والصراحة الجنسية والفحش أحيانًا، تعدّ وثيقة غير عادية (نكتشف منها بالعربية تلك العائدة إلى شهر ديسمبر كما أسلفنا).

ربما قد يتفاجأ القارئ بهذا الجانب المجهول من جويس. فمن قرأ رواياته، وعلى الرغم من عمله الدقيق على سبر أغوار المرأة بأشكالها النفسية المتعددة، قد لا يطرأ على باله، هذا الجانب من شخصية الكاتب كما تظهر في رسائله «البذيئة» (كما «يصفها» المترجم في مقدمته، ص 8). ربما كانت كذلك، فيما لو اعتبرنا التعبير عن الشهوة والرغبة الإنسانيتين ينتميان إلى «البذاءة».

لكن ثمة سؤالين: كل رسالة تفترض إجابة، من هنا، أين رسائل نورا إلى جويس؟ كل الدراسات تشير إلى أنها اختفت ولم يتبق منها أي شيء. ربما كان من المفيد أن نسمع صوت هذه المرأة التي ألهمت الكاتب. أما الثاني: هل يمكن لنا فعلا، اليوم، أن نحاكم جويس على رسائله؟ لا أعتقد. لقد دخل هذا الكاتب تاريخ الأدب، كواحد من عظام القرن العشرين. وربما أصبح أكثر من ذلك، إنه فعلا واحد من ميراث الإنسانية، لذلك تبدو قراءة حالاته المتعددة، ضرورية مهما كان رأينا؛ لأننا لا نجد سوى أمثلة «تراسلية» قليلة تمتلك «روحانية» هذه الأجساد التي يجتمع فيها شعور العشق التصوفي والإباحية كما رسائل فلوبير إلى لويز كوليه ورسائل أبولينير إلى لو.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

القدس عاصمتنا وفلسطين دولتنا.. رسائل قوية من المصريين في المساجد والميادين

احتشد الآلاف من المصريين اليوم عقب أداء صلاة عيد الفطر المبارك في مختلف أنحاء الجمهورية، في مشهد يعكس وحدة الشعب المصري ووقوفه القوي إلى جانب القضية الفلسطينية. 

وتوافد المواطنون إلى ميادين الصلاة والمساجد، حاملين الأعلام الفلسطينية ولافتات التضامن مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

مساجد مصر تتزين بعلم فلسطين.. عيد الفطر يشهد تلاحما مع القضية الفلسطينيةمحافظات مصر تحتشد عقب صلاة عيد الفطر لدعم القضية الفلسطينيةدعوات الوحدة والتضامن في عيد الفطر

وتجلى شعور الوحدة القومية في الحشود التي حملت الشعارات المؤيدة لفلسطين، حيث ردد المشاركون شعار "بالروح والدم نفديكي يا فلسطين"، تأكيدًا على موقف الشعب المصري الثابت تجاه قضية فلسطين. 

جاء ذلك بعد تزايد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما أثار مشاعر الغضب والتضامن لدى الشعب المصري الذي يعتبر القضية الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من قضيته.

مشاركة واسعة في الميادين والشوارع

شوارع وميادين القاهرة، وكذلك المدن الكبرى مثل الإسكندرية والمنصورة، شهدت تواجدًا جماهيريًا كثيفًا عقب صلاة العيد، حيث توافد المواطنون من جميع الأعمار إلى الأماكن العامة.

و احتشدوا حاملين الأعلام الفلسطينية والشعارات المؤيدة للقدس، بالإضافة إلى ترديد الهتافات المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

رسائل دعم إلى الشعب الفلسطيني

وتضمنت الكلمات والخطب التي أُلقيت في المساجد والميادين رسائل دعم قوية للشعب الفلسطيني، مع التأكيد على الحق الثابت في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

 كما دعا المتظاهرون إلى ضرورة تضافر الجهود العربية والدولية من أجل الوقوف ضد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • جيمس ويب يلتقط صورة مباشرة لكوكب يحتوي على ثاني أكسيد الكربون
  • جوجل تسهل إرسال رسائل البريد الإلكتروني المشفرة في Gmail للشركات
  • دراسة حديثة: 55 % من الموظفين المصريين تعرضوا لمزاح إلكتروني
  • منة فضالي تحتفل بنجاح “سيد الناس” وتوجّه رسائل خاصة
  • رسائل تهنئة بقدوم عيد الفطر لعائلتي
  • رسائل تهنئة لزملاء العمل في عيد الفطر
  • جيمس ويب يرصد ضوءا “مستحيلا” من فجر التاريخ
  • القدس عاصمتنا وفلسطين دولتنا.. رسائل قوية من المصريين في المساجد والميادين
  • رسائل تهنئة عيد الفطر اسلامية
  • الإفتاء حسمت الأمر.. ما حكم تداول رسائل توديع رمضان وتهنئة العيد؟