قد تكون الصدفة وحدها هي التي أحاطتني بمجموعات كبيرة من الأصدقاء المتقاعدين، غير أن الحقيقة تقول: إن هؤلاء الأصدقاء لم يأتوا صدفة بل أن صداقة طويلة العمر قد جمعتني بهم في العمل أو الحياة أو السكنى، هم سبقوا إلى التقاعد وبقيت أنا في عملي. في كل مرة نلتقي فيها جماعات أو أفرادا يثار السؤال الأزلي: ماذا يفعل المتقاعد في يومه؟ وكيف يقضي حياته؟ مع بعض الهمز واللمز على حياة المتقاعدين في البيت والحياة.
البارحة التقيت أحدهم فقال: إنه يشعر بالوحدة الشديدة ولم يعد يسأل عنه من كان يسأل وانفض عنه كل من كان يصاحب حتى أسرته وأبنائه الكل مشغول في حياته وعمله وكما يقول هو: «ما حد فاضي في هذي الدنيا»، علمت منه أن الوحدة والعزلة قد بدأت في التأثير عليه نفسيا وبدأ يشعر ببعض الكآبة وفقدان الاهتمام بالكثير من الأشياء والرغبة في الانعزال وعدم الشعور بالمتعة في حياته اليومية، مضيفا: إن أيامه تمر من دون أن يلحظ حتى تواريخها أو ساعاتها ودقائقها.
دراسة بريطانية نشرتها صحيفة ديلي ميل البريطانية كشفت أن عيش المرء بمفرده يزيد من احتمال تعرضه للاكتئاب، وأشارت تلك الدراسة إلى أن ثلث البريطانيين يعيشون بمفردهم، وهذا ما يعني ما يعني أن بريطانيا واحدا من أصل عشرين يتناولون يستخدمون الأدوية المضادة للاكتئاب. وفي خبر تداولته المواقع الإخبارية نصح الطبيب والمعالج النفسي أولريش فودرهولتسر ممن يعانون العزلة إلى إقامة علاقات اجتماعية بمحيطهم من الأصدقاء والأقارب والزملاء وممارسة بعض الهوايات والرياضات التي يمكنها التخفيف من حدة الوحدة القاتلة.
لماذا يشعر المتقاعد بالوحدة؟ سؤال باتت الإجابة عنه صعبة للغاية. ربما لأنه لا مكان يمكن أن يذهب إليه المتقاعد أولا يرغب أحد في الاستفادة من خبراته وطاقاته ولا توجد منظمات أو هيئات أو جمعيات أو أندية مفتوحة أبوابها لاستقبال تلك الخبرات. ومن هنا تبدأ الكثير من المشكلات في التبلور تبدأ من الوحدة والعزلة وتعرج على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والطبية.
التجارب العالمية استفادت من خبرات المتقاعدين ولم تتركهم فريسة لوحدتهم وعزلتهم ونجحت في استقطاب الكفاءات. من بين تلك التجارب التجربة الألمانية التي أنشأت هيئة تسمى «هيئة الخبراء المتقاعدين الألمان» مقرها مدينة بون، تضم أكثر من 5000 خبير ألماني يعملون لصالح المؤسسات الحكومية والخاصة وتقوم بتقديم المساعدة للشركات والمؤسسات والإدارات الرسمية في أكثر من 93 دولة حول العالم، ويقوم على تنفيذ تلك البرامج متقاعدون ألمان يقدمون خبراتهم بشكل طوعي دون مقابل يذكر، وهنالك تجربة أخرى من الجمعية الأمريكية للمتقاعدين أشهر جهة لرعاية المتقاعدين في الولايات المتحدة الأمريكية، وتهتم بكل أمور المتقاعدين وتجري الكثير من الدراسات والأبحاث حول التقاعد والعمل، ولها أفرع في كل الولايات الأمريكية. وفي عالمنا العربي هنالك أمثلة على إنشاء جمعيات للمتقاعدين في المملكة العربية السعودية ومصر وتونس والمغرب تهدف تلك الجمعيات إلى تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والأدبية والترفيهية والاهتمام بالأوضاع الصحية والاجتماعية والاقتصادية للمتقاعدين، إضافة إلى إنشاء مركز لجمع المعلومات عن مؤهلات وخبرات المتقاعدين بغرض الاستفادة منها لما فيه مصلحتهم.
أعداد المتقاعدين العمانيين المسجلين في صناديق التقاعد بلغت حتى نهاية مارس 2023م أكثر من 78 ألف متقاعد ومتقاعدة يتقاضون مبالغ إجمالية للمعاشات الشهرية تصل إلى 48 مليون ريال عماني، وهذا الرقم يعد رقما كبيرا مقارنة بأعداد السكان أو الموظفين ممن لا يزالون على رأس عملهم، ويمكن الاستفادة من خبرات تلك الآلاف من المتقاعدين كل في مجاله للمساهمة في عمليات التنمية الشاملة في المحافظات والولايات التي ينتمي إليها المتقاعد.
بعض التوصيات التي نشرت في وسائل الإعلام أو يتم الحديث عنها كمميزات يمكن أن يحظى بها المتقاعد كما في بعض الدول المتقدمة مثل إصدار بطاقة للمتقاعد تعفيه من دفع الكثير من الرسوم لا سيما في المواصلات والعلاج المجاني وتخفيضات في أسعار الوقود والكهرباء والمياه وفي تأسيس الأعمال وغيرها من الرسوم التي يمكن أن تمنح للمتقاعد ممن يصل عمره الستين عاما، إضافة إلى الاستفادة من الخبرات العلمية والعملية لهؤلاء المتقاعدين في بعض المؤسسات الحكومية والخاصة بعقود عمل مؤقتة تيسر للمتقاعد دخلا إضافيا وحياة كريمة كي يبقى في معزل عن الوحدة والعزلة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاستفادة من
إقرأ أيضاً:
الزراعة تختتم برنامجا تدريبيا حول تعظيم الموارد العلفية في القرى المصرية
اختتم معهد بحوث الإنتاج الحيوانى، التابع لمركز البحوث الزراعية، بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، فعاليات البرنامج التدريبي الخاص بتعظيم الموارد العلفية في القري المصرية، والذي تم عقده بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الزراعية.
وقال الدكتور محمد الشافعي مدير المعهد، أن ذلك يأتي تنفيذا لتوجيهات علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وتحت اشراف الدكتور عادل عبد العظيم رئيس مركز البحوث الزراعية، للتوسع في الأنشطة الإرشادية والتدريبية لدعم المهتمين الثروة الحيوانية والداجنة دعم المربين.
وأشار مدير المعهد أنه تم التعرض للمشاكل التي يواجها مجال الإنتاج الحيواني من نقص الاعلاف والمواد العلفية وكيفية التغلب عليها وتعظيم الموارد العلفية للمجترات في القري المصرية والمجتمعات الجديدة من خلال التعرف علي أنواع المخلفات الزراعية ومخلفات التصنيع وكيفية الاستفادة من منها في إنتاج اعلاف غير تقليديه للحيوانات المزرعية والحد من التخلص منه بطرق قد تضر بالبيئة وتسبب التلوث الهوائي والتلوث المائي سواء بحرقها او برميها في المصارف.
وأضاف ان الدوره تناولت تأثير التغيرات المناخية علي الزراعة وسلاسل الامداد وكيفية تعظيم الاستفادة من المتبقيات الزراعية وتصنيع اعلاف غير تقليديه لاستخدامها في تغذية المجترات واستخدام نباتات صحراوية مثال التين الشوكي، فضلا عن التعرف علي قيمته الغذائية وكيفية استخدامه في تغذية الحيوانات المزرعة وايضا استخدام بديلات الالبان في تغذية المجترات، واستخدام الاعلاف الخضراء وبدائل الاعلاف في تغذيه الحيوانات المرعية المختلفة وكيفية الاستفادة منها في زيادة الإنتاج وكيفية تغذية الابقار الحلابة وإدارة مزارع ماشية اللبن وتكوين العلائق.