تناولنا فى المقال السابق كيف أن قضية التكامل الاقتصادى تعد من أهم القضايا التى تواجه العمل العربى المشترك حاليًا. وإن التكامل المرصود يعتمد حاليًا على بعدين أساسيين، الأول اقتصادى والثانى سياسى لتوفير الأمن والاستقرار. وأن العالم العربى لديه من المقومات ما يجعل التكامل ليس فقط ممكنًا بل متميزًا عن سواه من تجارب الدول الأخرى.

وقد أكدنا ان تحقيق التكامل الاقتصادى العربى يجعل العالم العربى قوة اقتصادية كبيرة، وبالتالى تكون عاملًا مهمًا لتحقيق الأمن القومى العربى، ورغم التحسن النسبى فى الأهمية النسبية للتجارة العربية البينية، إلا أنها ما زالت دون طموحات الدول العربية، ولكن يبقى التحدى الأعظم لعملية التكامل العربى، غياب الاستقرار السياسى والأمنى فى عدد من الدول العربية. وبالتالى فإن معرفة أهم التحديات التى تعرض لها العالم العربى قد تكون بداية لإرادة سياسية لم تكن متواجدة من قبل، خاصة وأن الأزمات العالمية المتتالية أظهرت أهمية التكامل الاقتصادى بين الدول العربية، وضرورة رفع مستوى التعاون، والعمل على تطوير نماذج اقتصادية ومالية مستدامة تسهم فى رفع مستويات المرونة فى مواجهة كافة التحديات والمخاطر. وبالتالى فإن نجاح الوطن العربى فى التعامل مع المتغيرات العالمية، يتوقف على قدرته فى إخراج المشروع الاقتصادى الإقليمى العربى إلى حيز الوجود لبناء منظومة اقتصادية عربية، وعليه فلا بد من تجاوز حدود الكيانات الوطنية الصغيرة، إلى استراتيجية لكيان اقتصادى إقليمى عربى أكبر يسمح بالتوسع والنمو الاقتصادى وخلق فرص عمل جديدة، وأن تعتمد هذه الإستراتيجية على إستخدام الأموال العربية فى تمويل عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. مع استغلال الثروات الطبيعية المتوفرة فى الوطن العربى وتوظيفها فى خدمة عملية التنمية الاقتصادية، كذلك الاعتماد على الكوادر الوطنية الفنية المؤهلة، بما يسمح بالاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والمساهمة فى تطويرها وتوطينها. مع عدم إهمال تقليص الفجوة التنموية بين الدول العربية. فالتأكيد أصبح مطلوبًا الآن،بأن العمل العربى الاقتصادى المشترك يحتاج إلى إحداث المزيد من الترابط العضوى فى الهياكل الإنتاجية للوطن العربى وأن الاستخدام الأمثل للقدرات الذاتية والعلمية والتكنولوجية يتطلب العمل المشترك بين الدول العربية.لذا يلزم أن ننوه إلى ضرورة تخليص الموارد المادية والثروات الطبيعية فى الوطن العربى من أى سيطرة أجنبية وتوظيفها فى عملية التنمية. مع تحرير الإقتصاد العربى من التبعية الاقتصادية للدول الصناعية الكبرى، والأهم تحرير الإنسان العربى وإطلاق قدراته المبدعة لتشارك فى عملية التنمية. وأن السير فى طريق التكتل الاقتصادى العربى هو الوسيلة الأولى والأساسية لمواجهة التحديات المستقبلية الاقتصادية وبخاصة القيود الاقتصادية الخارجية، وفى نفس الوقت هو الحل الأمثل لتحقيق التنمية الشاملة فى الوطن العربى، ومن هذا المنطلق تصبح قضية التكامل الاقتصادى العربى على رأس الأولويات بالنسبة لكافة الدول العربية، وتستدعى الواقعية أن يكون الاندماج والتكامل الاقتصادى العربى منطلقًا للتنمية، فالسياسات الواقعية هى التى تؤمن هذا المنهج والذى سارت عليه الدول الأوربية بدأً بالاقتصاد، تكتلًا وتكاملًا وتوحيدًا، ومن ثم شق الطريق المكملة التى تتطلبها الضرورات الاقتصادية وصولًا للتكامل السياسى والضمان الاجتماعى والأمن القومى العربى، وللحديث بقية.

 

 

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د علاء رزق الدول العربیة عملیة التنمیة الوطن العربى

إقرأ أيضاً:

أوابك: الدول العربية قادرة على تأمين إمدادات مستدامة من المعادن الحيوية

مقالات مشابهة «المركزي السويدي» يُخفض أسعار الفائدة مجدداً

‏5 دقائق مضت

بورصة الدواجن اليوم اسعار الفراخ البيضاء والبيض الأربعاء 25 سبتمبر 2024 بالأسواق

‏9 دقائق مضت

من الممكن تخفيض العجز إلى 3 % خلال 5 سنوات

‏15 دقيقة مضت

اتحاد كرة القدم يحدد موعد قرعة كأس الملك السعودي 2025 والفرق المتأهلة

‏30 دقيقة مضت

‏Fitbit تعيد تصميم صفحات الإحصائيات الخاصة بدرجات إدارة التوتر والحالة المزاجية

‏37 دقيقة مضت

مجلس الوزراء السعودي يصدر قرار الموافقة على إنشاء 10 كليات اهلية

‏43 دقيقة مضت

أكد أمين عام منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، جمال عيسى اللوغاني، أن الدول العربية يمكنها أن تؤدي دورًا رئيسًا في ضمان توافر المعادن الحيوية اللازمة لعملية تحول الطاقة.

وشدد اللوغاني على أن المنطقة العربية كانت وما زالت موردًا رئيسًا موثوقًا به للإمدادات من النفط والغاز الطبيعي اللازمة لدعم نمو الاقتصاد العالمي، وقادرة على تأمين سلاسل إمدادات مستدامة ومرنة من المعادن الحيوية.

وأشار أمين أوابك جمال اللوغاني، في تصريحات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إلى أهمية المعادن الحرجة في التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، نظرًا لدورها في دعم تقنيات الطاقة المتجددة مثل البطاريات والمركبات الكهربائية.

ودعا اللوغاني إلى تعزيز إستراتيجيات وطنية وعالمية لتأمين إمدادات المعادن الحرجة، وتطوير البنية التحتية اللازمة لاستغلالها.

صناعة الطاقة الخضراء

لفت أمين عام أوابك إلى أن المعادن الحرجة، مثل النيكل والليثيوم والكوبالت والنحاس، تمثّل العمود الفقري لصناعة الطاقة الخضراء والنظيفة، إذ تدخل في تصنيع بطاريات التخزين وتوربينات الرياح وغيرها من متطلبات ومدخلات صناعة الطاقة النظيفة عالميًا.

وأشار، بمناسبة إصدار أوابك دراسة جديدة بعنوان (الواقع والآفاق المستقبلية للمعادن الحرجة ودور الدول العربية في تأمين سلاسل الامدادات)، إلى أنّ تَركُّز إمدادات العديد من المعادن الحرجة في عدد محدود من الدول يعرّض سلاسل الإمداد للمخاطر، وهو ما يتطلب تعزيز التعاون الدولي وتطوير سياسات تجارية أكثر مرونة لتقليل المخاطر وتحقيق استدامة سلسلة للإمدادات.

وقال، إن التوقعات تشير إلى ارتفاع كبير في الطلب العالمي على المعادن الحرجة بحلول 2050، بسبب الاعتماد المتزايد على تقنيات الطاقة النظيفة منخفضة الكربون، وخاصة توربينات الرياح والألواح الشمسية، والتوسع الكبير في شبكات الكهرباء، وإنتاج المركبات الكهربائية.

وأوضح أنه في سبيل تحقيق تلك المتطلبات يجب على الدول تعزيز قدراتها في إنتاج ومعالجة هذه المعادن، مع التركيز على الاستدامة والتعاون الدولي لتأمين سلاسل الإمدادات، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية “كونا”.

الطلب على المعادن الحرجة

قال أمين عام أوابك، إن تلبية الطلب المتزايد على المعادن الحيوية يواجه عدّة تحديات، من أبرزها تباطؤ عملية التعدين وتطوير الاحتياطيات، بسبب السياسات الحكومية المعقّدة، والتحديات التي تتعلق بالآثار البيئية والاجتماعية، فضلًا عن العوامل الجيوسياسية التي تؤدي بدورها إلى تعطيل سلسلة التوريد، إذ يتركز إنتاج ومعالجة هذه المعادن في عدد قليل من الدول.

وأوضح اللوغاني أن الاستثمارات في استخراج ومعالجة المعادن الحرجة ما تزال متواضعة، على الرغم من النمو في الطلب، مشددًا على ضرورة وضع أطر قانونية تدعم الاكتشافات الجديدة، وتشجع على الاستثمار في البنية التحتية.

ولفت إلى أن الاستثمارات العالمية في المعادن الحرجة لا تواكب الطلب العالمي المتزايد، إذ تتراوح الاستثمارات المطلوبة خلال المدة من 2022 إلى 2030 ما بين 360 و460 مليار دولار أميركي، مما يعني وجود فجوة استثمارية تتراوح ما بين 180 و270 مليار دولار.

وبيّن أن أنشطة استخراج المعادن الحرجة لها آثار بيئية سلبية، تشمل فقدان التنوع البيولوجي وتلوث المياه واستنزافها، داعيًا إلى تطوير معايير بيئية صارمة، وتبنّي تقنيات صديقة للبيئة للحدّ من هذه الآثار.

وأشار إلى أهمية التركيز على استعمال تقنيات تقلل من الأثر البيئي لهذه الأنشطة، مثل إعادة التدوير واستعمال الموارد بشكل أكثر كفاءة، نظرًا لتسبُّب استخراج المعادن الحرجة ومعالجتها بنسبة تبلغ نحو 10% من انبعاثات غازات الدفيئة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
Source link ذات صلة

مقالات مشابهة

  • المشاط: تحفيز الشراكات مع الدول النامية من خلال بنك التنمية الجديد التابع لـ«بريكس»
  • "الشارقة للتعليم الخاص" و"التنمية الاقتصادية" تطبقان نظام النافذة الواحدة
  • رئيس عربية النواب يثمن الموقف العربى بالأمم المتحدة للتضامن مع لبنان
  • للسيطرة على الديون.. منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية تدعو لضبط الإنفاق
  • المسرح.. رافدا في عملية التنمية
  • «عبد العاطي»: يجب النظر في استحداث آليات لتمويل التنمية بالدول النامية
  • المشاط تُشارك في جلستين نقاشيتين لبحث جهود تمويل أهداف التنمية المستدامة ومواجهة الفقر متعدد الأبعاد
  • المشاط تُشارك في جلستين نقاشيتين لبحث جهود تمويل أهداف التنمية ومواجهة الفقر
  • المشاط تبحث الجهود المشتركة لتعزيز التنمية الاقتصادية مع نظيرتها الأردنية
  • أوابك: الدول العربية قادرة على تأمين إمدادات مستدامة من المعادن الحيوية