جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-25@15:42:03 GMT

الأمن المائي الخليجي

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

الأمن المائي الخليجي

 

فاطمة الحنطوبي **

يقول المولى عز وجلّ: "فَٱلْتَقَى ٱلْمَآءُ عَلَىٰٓ أَمْرٍۢ قَدْ قُدِرَ" (القمر: 12)..

لقد قضى الله بوجود الماء على الأرض بكميات مُقدرة وموزعة بسياسة وحكمة من الله، لذا لا يوجد خلل في المورد المائي، إنما هي حكمة من الله تعالى أن يتقاسم الناس المورد المائي موزعاً بنسب غير متساوية على هذه الأرض.

قضية المياه صارت هاجسًا يُؤرق الدول، التي باتت تسعى لتعظيم إنتاجيتها والحصول على الكمية الأوفر من حصة الماء، وهذا ما يتسابق عليه العالم اليوم، متناسين أو متغافلين الحكمة الإلهية ومفاهيم الاستدامة التي تدعو لها الأمم المتحدة من خلال أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها في عام 2015 في وثيقة تضم 17 هدفًا عالميًا و230 مؤشرًا، ومن هنا انطلقت استراتيجيات الدول لتنسج خططها ضمن تحقيق الاهداف.

دول الخليج العربي والتي تقع ضمن النطاق الصحراوي الجاف، هذا الموقع الذي فرض عليها الندرة في الأمطار، وهي دول متنامية اقتصاديا؛ حيث يصل نصيب الفرد من المياه العذبة في هذه الدول إلى 500 لتر في السنة، فكانت لقضية ندرة ومحدودية المياه تأثير في استراتيجتها وسياساتها المائية التي وضعتها لتغطي تزايد الطلب على الماء وتُكمل مسيرة التقدم والتطور الحضري والاقتصادي المستدام؛ تماشيًا مع أهداف التنمية المستدامة.

ومن ضمن هذه الأهداف: الهدف السادس الذي يُعنى بخدمات الصرف الصحي، هذا الهدف في دول غنية كدول الخليج تم تصنيف تحقيقه في هذه الدول ضمن الأعلى جودة بالعالم؛ حيث خرجت بنتائج 100% في سبيل توفير خدمة الصرف الصحي. وكذلك السياسات المرتبطة بالمورد المائي في دول الخليج، وتخطيط استراتيجية مشتركة بين الدول ذات الموارد المائية المشتركة، رغم أن موردها الطبيعي هو مورد عابر للحدود، تشترك به عدة دول. من هنا تبرز الحنكة في الإدارة والسياسة الدولية، التي تساعد الحكومات في تأمين مواردها البيئية دون الحاجة إلى تعطيل علاقاتها الخارجية بين الدول المتجاورة. وقد شهدنا بعض المبادرات الحكومية لسياسة حفظ المياه الجوفية مثل مشاريع إقامة السدود، وإعادة تدوير المياه، والاستمطار لكل دولة على حدة، دون وجود سياسة شاملة لدول الخليج، رغم أنها منطقة واحدة مرتبطة بمورد مائي جوفي مشترك يتأثر بزيادة الطلب على المياه من موقع لآخر.

منطقة الخليج حاليًا تعتمد على مياه التحلية كفرصة بديلة لتعويض التدهور الناتج من تداخل المياه المالحة مع المياه الجوفية؛ مما أدى إلى خفض درجة جودة هذا المورد الطبيعي فكان تصنيع المياه المُحلاة، هو الحل البديل في توفير المياه لأغراض الشرب والاستخدام المنزلي والتجاري والصناعي، حتى أصبحت التحلية من أهم المنشآت لتوفير موارد المياه العذبة بسبب نمو الاحتياجات المائية، مقابل نُدرة موارد المياه الطبيعية المتمثلة في المياه الجوفية والزيادة السكانية. ومن المتوقع أن ترتفع الاحتياجات المائية في المستقبل، لذا نحن بحاجة إلى استراتيجية لحفظ الأمن المائي على مستوى الخليج، والأخذ في الاعتبار التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفاعلية الاستدامة في هذه الاستراتيجية.

أما النظام المؤسسي في دول الخليج والمسؤول الحالي عن الموارد المائية، نأمل منه أن يُفعِّل سياساته بجودة عالية، غير أن تشعُّب المهام وتداخلها مع قطاعات مختلفة، تسبب في أن تكون كل مؤسسة في معزلٍ عن الأخرى.

السياسة المُتّبعة حاليًا في غياب عن التكامل والشمولية لإدارة المورد المائي الخليجي، لا بُد من إعادة النظر فيها؛ حيث إن المنطقة الخليجية منطقة واحدة يجب أن تتعاون لتحقيق التوازن المائي وحفظ هذا المورد الطبيعي من أي مصدر يُسبب تدهوره أو تقليصه أو يُحدث عجزًا في الكمية والنوعية للموارد المائية المشتركة.

واستدامة المورد المائي، قضية أساسية لدول المناخ الصحراوي الجاف، وأي تفاقم في تدهور هذا المورد المائي، يُعرِّضُنا إلى تكاليف اقتصادية وصحية باهظة، نحن في غنى عنها، ولذا فإن تحقيق الاستدامة الخليجية للموارد المائية يساعد على استيعاب الطلب المستقبلي على المياه، ويُحقق الأمن المائي والأمان المعيشي للإنسان ويُعزز العلاقات الإقليمية المترابطة.

وأخيرًا.. نضع بين قوسين شأنًا ذا أهمية للتعامل مع السياسات المائية، ألّا وهو المخطط الشمولي لمنطقة الخليج للموارد المائية المشتركة، يضم كافة ملفات المياه، من مياه جوفية ومياه تحلية ومياه صرف صحي، ولا شك أن تكامل سياسة المورد المائي يخلق لنا حلولًا متكاملة لتعزيز الأمن المائي الخليجي.

** خبيرة في البيئة والاستدامة بدولة الإمارات

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إستراتيجية عربية للأمن السيبراني

البلاد – الرياض

تستضيف المملكة ممثلة بالهيئة الوطنية للأمن السيبراني اليوم الاثنين، الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، بحضور أصحاب المعالي والسعادة المعنيين بمجال الأمن السيبراني في الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، ومعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

ويناقش الاجتماع ضمن جدول أعماله عددًا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين الدول العربية؛ منها إعداد الإستراتيجية العربية للأمن السيبراني، وإقامة التمارين السيبرانية المشتركة، ومجموعة من أوراق العمل المقدمة من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية؛ بهدف تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني على المستوى العربي.

ويُعد مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، الذي تم إنشاؤه بناءً على مقترح تقدمت به المملكة العربية السعودية، وتم تأييده من جميع الدول العربية، مختصًا برسم السياسات العامة ووضع الإستراتيجيات والأولويات التي من شأنها تطوير العمل العربي المشترك في الأمن السيبراني، وسيعمل على تحقيق العديد من الأهداف؛ منها تنمية وتوثيق التعاون، وتنسيق الجهود بين الدول العربية في جميع الجوانب المتعلقة بموضوعات الأمن السيبراني، وتبادل المعرفة والخبرات والدراسات والتجارب ذات العلاقة بتلك الجوانب، والعمل على حماية مصالح الدول الأعضاء بالجامعة في المنظمات الدولية ذات الصلة بمجال الأمن السيبراني، من خلال التنسيق المشترك، وتوحيد الموقف العربي فيما يتعلق بالأمن السيبراني أمام المنظمات والكيانات الدولية، والإسهام في الوصول إلى فضاء سيبراني عربي آمن وموثوق، يُمكّن من تحقيق النمو والازدهار لجميع الدول الأعضاء.

مقالات مشابهة

  • حزب المصريين: أمن البحر الأحمر جزء من الأمن القومي المصري والعربي
  • الموارد المائية بالحكومة الليبية: وضع منسوب المياه في السدود الرئيسية مستقر
  • «عباس شراقي» يكشف مفاجأة: احتلال إسرائيل لجبل الشيخ بسبب الأمن المائي.. فيديو
  • الطائرات المسيّرة الصينية.. الحلول الفعالة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي
  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. الأمن الغذائي في «أيدٍ أمينة»
  • رئيس دائرة الخليج العربي واليمن بجامعة الدول العربية يلتقي رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع
  • الموارد المائية بالحكومة الليبية تؤكد خلو سد وادي جازة من المياه
  • نزوح أعداد كبيرة من المواطنين بالأحياء السكنية التي غمرتها المياه بالجزيرة أبا
  • إستراتيجية عربية للأمن السيبراني
  • مسؤل صيني : مصر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة الحزام والطريق