شهادات من الظل.. تحديات الحياة المزدوجة لمجتمع الميم عين بدول عربية
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
مع حلول شهر يونيو، يحتفل أفراد مجتمع الميم حول العالم بـ"شهر الفخر" الذي يقام سنويا، حيث تعج المدن الكبرى بمهرجانات ضخمة وتنظم مسيرات وكرنفالات للاحتفاء بالتنوع الجنسي والجندري، كما تشهد هذه الأيام تحركات نشطة للمؤسسات والمنظمات المعنية بحقوق هذه الفئات.
لكن في المنطقة العربية، يمر هذا الشهر نسبيا بصمت وبعيدا عن الأضواء، إذ تحد التضييقات والقيود المفروضة على نشاط وحريات أفراد مجتمع الميم عين من إمكانية الاحتفال والتعبير العلني عن هويتهم الجنسية وأفكارهم، وأيضا نضالهم من أجل حقوقهم، وسط واقع يفرض عليهم عيش "حياة مزدوجة" بين الخفاء والعلن.
وتحدث عدد من نشطاء وأفراد مجتمع الميم عين لموقع "الحرة" عن اضطرارهم لإخفاء هويتهم الجنسية الحقيقية ومشاعرهم وعلاقاتهم عن المجتمع والأسرة والأصدقاء، خوفا من العواقب الاجتماعية والقانونية التي قد تترتب على انكشاف أمرهم، إذ يتظاهرون في الحياة العامة بالامتثال للأدوار الجندرية التقليدية، لكن في الخفاء، يعبرون عن هويتهم ويقيمون العلاقات العاطفية والجنسية التي يرغبون بها.
شهاداتٌ "بعيدا عن الأعين"أحمد ك، شاب أردني في الثلاثين من عمره، يقول لموقع "الحرة"، إنه يضطر "لارتداء ملابس معينة واصطناع تصرفات تجعله بمظهر الرجل الأردني المتمسك بتقاليده وعاداته"، مؤكدا أن "هذا الوضع يدّمرني من الداخل، فمن الصعب العيش بشخصيتين متناقضتين".
ويكشف الشاب الأردني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته الكاملة، أن "واقع عيش المثليين في الأردن يختلف بين المحافظات"، مضيفا أنه في العاصمة عمان هناك "مساحة خاصة" خلقها مجتمع الميم عين لـ"يعيشوا حياة خفية بعيدا عن أعين الناس".
وبحسب أحمد، فهناك "مقاهٍ خاصة بنا، وأندية ليلية صغيرة، وحتى شوارع للمشي أو التوقف على الأرصفة كلها قريبة من بعضها البعض"، معتبرا أنها تشكل "منطقة بديلة تجمع أفراد مجتمع الميم عين".
غير أنه يقول إن هذا الخفاء والهروب من الواقع، ناتج عن "الخوف الدائم من انكشاف أمري في مجتمع تحكمه العشائر".
واستهدفت السلطات الأردنية بشكل منهجي نشطاء حقوق مجتمع الميم عين، ونسّقت حملة قمع غير قانونية على حرية التعبير والتجمع في مجال النوع الاجتماعي (الجندر) والجنسانية، حسبما كشفته منظمة "هيومن رايتس ووتش".
وذكرت المنظمة الحقوقية، مطلع العام الجاري، أن هذا الوضع "أجبر العديد من النشطاء على إغلاق منظماتهم، ووقف أنشطتهم، وفي بعض الحالات الهرب من البلاد".
من جهته، يقول فادي المقيم في الإمارات منذ 5 سنوات، إن "الحياة لاسيما الليلية منها تبقى رائعة حتى إشعار آخر"، موضحا أنه "فجأة تشعر بأن كل شيء قد اختلف وكأنك أصبحت ممنوعا عن الحركة لأسابيع أو أشهر قليلة، ثم تعود الحياة إلى طبيعتها".
ويكشف- فادي (اسم مستعار)، في تصريح لموقع "الحرة"، أن "هناك حوالي 4 أماكن سهر مخصصة لأفراد مجتمع الميم عين تقام بفنادق متعددة تتغير كل فترة وبإعلانات غير واضحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن في بعض الحفلات قد تضطر إلى الخروج سريعا بسبب إطفاء النور وإلغاء الحفلة"، مشيرا إلى "إلغاء بعضها قبل ساعات من قيامها".
وتابع: "الخوف قد يكون أقل لأننا لسنا في دولنا، ونحن نعمل هنا بعيدا عن عائلاتنا، لكن يبقى اعتبارنا مجرمين في القانون هاجسا يخيفنا دائما".
بدوره، يلمح مينا (28 عاما) من العاصمة المصرية، إلى أن "الخوف في هذا المجتمع السري قد يجعله يدمّر نفسه بنفسه"، مشيراً إلى "غياب الوعي بأهمية الصحة الجنسية والنفسية" في ظل هذه الحياة المنعزلة عن الأنظار.
ويضيف مينا، الذي طلب عدم الكشف عن كنيته، في تصريح لموقع الحرة، أنه "في جلسات خاصة وداخل المنازل، قد يقوم بعض الأشخاص المطلعين إلى فتح جلسات حوار ونقاش حول بعض القضايا التي تهمنا خصوصا المرتبطة بالصحة النفسية ومشاركة مشاعر الخوف والقلق".
وتعرَّضت نساء وفتيات، وأفراد من أقليات دينية، وأفراد من مجتمع الميم عين، للتمييز المُجحف والعنف والمحاكمة بسبب ممارسة حقوقهم الإنسانية، وفقا لمنظمة العفو الدولية.
ويلجأ القضاء في مصر في معظم الحالات إلى النصوص التجريمية المتعلقة "بالفسق" أو "التحريض على الفجور" لعدم وجود نص صريح يجرم المثلية الجنسية في القانون المصري.
كيف تصاعد التحريض ضد مجتمع "الميم عين" في لبنان والعراق؟ يشمل مجتمع "الميم عين" المثليين ومزدوجي التوجه الجنسي وعابري النوع الاجتماعي ، وفق منظمة هيومن رايتس ووتش. وتقول الأمم المتحدة إن التمييز والعنف بدافع الكراهية ضد الأشخاص من مجتمع الميم عين "منتشر ووحشي، وغالبا ما يتم ارتكابه مع الإفلات من العقاب". "الخوف والتهديد"وتظل العلاقات المثلية بالتراضي مجرّمة في غالبية دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتُعد قوانين العلاقات بين الجنس الواحد والفجور والآداب العامة من بين الأدوات التي تستخدمها الدول لانتهاك حقوق المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والعابرين والعابرات جنسيا والكويريين.
وبالإضافة إلى خطر الاعتقال، فإن الأشخاص من مجتمع الميم عين يتعرضون للعنف والتمييز في المجالين العام والخاص. وقالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير العام الماضي، إن عناصر تابعين للدولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يستهدفون أفراد مجتمع الميم عين، بناء على نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوقعت قوات الأمن بأفراد مجتمع الميم عين على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة، وأخضعتهم للابتزاز والتحرش على الإنترنت، وكشفت هويتهم الجندرية وتوجههم الجنسي بدون موافقتهم، واعتمدت في المحاكمات على صور رقمية، ومحادثات، ومعلومات مماثلة حصلت عليها بطرق غير مشروعة، في انتهاك للحق في الخصوصية وغيرها من حقوق الإنسان، وفقا للمصدر ذاته.
المتحدث باسم منظمة "ألوان" المعنية بحقوق المثليين في دول الخليج، طارق بن عزيز، يرى أن "الخوف" هو جوهر حياة المثليين في الدول العربية، "فحتى في أماكن تجمعاتهم والتي يعرفونها عن طريق بعضهم البعض يكون شعور التهديد حاضرا".
وفيما يتعلق بـ"الازدواجية" التي يعيشها البعض، يقول طارق إنها قد تكون "شكلا من أشكال الذكاء الاجتماعي أو الحماية"، لكنها "تولد مشاكل اجتماعية ونفسية كبيرة"، خصوصا إذا استغرق البعض فيها إلى درجة الزواج من الجنس الآخر.
ويشير طارق إلى أن نضال المثليين العرب "ليس كافيا" رغم أنه "محل تقدير"، مؤكدا أنهم لا يشكلون "حركة سلمية واضحة"، مع وجود "تمزق" بسبب المواقف السياسية التي لا علاقة لها بالنضال الحقوقي.
ويرى أنهم بحاجة للتركيز على "الوعي الحقوقي الكويري" وعدم الانجرار وراء "العدائية ضد الغرب".
ويؤكد طارق أن "أبرز التحديات هي قبول أنفسهم والتصالح مع ذواتهم بالدرجة الأولى ثم مواجهة المحيط بشكل سلمي"، على الرغم من أن ذلك "له كلفة اجتماعية عالية جداً".
ويشير طارق إلى أن المسار الحقوقي للمثليين في الدول العربية "طويل ومليء بالتعقيدات"، بسبب "التخلف الحقوقي العام وتأثير الدين على الدولة والثقافة الرجعية"، مما يتطلب "عملاً مكثفاً على جميع المستويات".
"نحو منصات آمنة".. حملة لحماية مجتمع "الميم عين" من الاستهداف الرقمي عمرو، رجل مصري من أفراد مجتمع الميم عين، تواصل معه حساب على فيسبوك متظاهراً بأنه صديقه، طلب منه مقابلته، وعندما وصل إلى مكان اللقاء، سأله عما يرتديه، حينها شكّ في الأمر، حاول العودة لكن صدم بأربعة رجال شرطة يرتدون زياً مدنياً قاموا باعتقاله، ليتهم بعدها بـ "التحريض على الفجور"... هذه واحدة من القصص التي نشرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" للإضاءة على استخدام جهات حكومية وأفراد عاديين، لمنصات "ميتا" كوسيلة لتصيّد ومضايقة أفراد مجتمع الميم عين، وكذلك لجمع وفبركة أدلة لمحاكمتهم. "الوضع يتدهور"وفي الوقت الذي يشهد فيه العالم انطلاق فعاليات شهر الفخر للاحتفاء بمجتمع الميم عين، تظل ألوان "قوس قزح" غائبة عن المدن العربية، حيث يُضطر أفراد هذا المجتمع إلى اللجوء إلى أماكن مغلقة بعيدا عن الأنظار، لعقد لقاءاتهم وتجمعاتهم بسرية تامة، حفاظا على أمنهم وسلامتهم، بحسب متابعين ونشطاء تحدثوا عن "تدهور حرياتهم".
منسق التواصل في منظمة "حلم"، التي تعنى بحقوق مجتمع الميم عين في لبنان، ضومط قزي، يقول إن "الوضع يختلف من بلد عربي إلى آخر، بناء على منظومة القوانين وأنظمة الحكم والثقافة السائدة، غير أنه يشير إلى أن وضعية أفراد المجتمع سيئة جدا بل وتدهورت بشكل كبير".
ويقول قزي في تصريح لموقع "الحرة"، إن أفراد المجتمع في صراع يومي من أجل حجب هويتهم أو كيفية تعبيرهم عن أنفسهم، ويعيشون طيلة حياتهم بشكل مزدوج وذلك لتفادي تعرضهم للاضطهاد والتمييز، والذي يقول إنهم يتعرضون له رغما عن ذلك عندما لا يستطيعون إخفاء بعض التعابير الجندرية الظاهرة عليهم.
ويوضح أن "الحياة المزدوجة مفروضة عليهم حتى لا يتم اعتقالهم أو سجنهم أو عزلهم اجتماعيا، والتي لها تبعات سيئة جدا على صحتهم النفسية وتنعكس أيضا على الجسدية وقدرتهم على الانخراط بالمجتمع ونجاحهم فيه".
ويضيف قزي أن جملة من التحديات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى تطال الأفراد المثليين بالدول العربية، حيث "يعانون من بطالة أكبر ويتعرضون لابتزاز يومي من طرف عصابات وأحيانا من أجهزة أمنية، وتضييق على مساحتهم الشخصية وحتى المدنية من خلال استهداف جمعيات ومنظمات خاصة، كما هو الشأن في لبنان وتونس ومصر والعراق".
وقبل حوالي شهر، أقر البرلمان العراقي قانونا جديدا يجرم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي، فضلا عن أشكال أخرى من السلوك الخاص بالتراضي، أواخر شهر أبريل الماضي، في خطوة من شأنها أن تفرض عقوبات سجن مشددة على المثليين والعابرين جنسيا.
ويأتي تبني القانون بعد أن "تقاعست" الحكومة العراقية عن محاسبة أعضاء الجماعات المسلحة المختلفة الذين واصلوا في السنوات الأخيرة اختطاف، واغتصاب، وتعذيب، وقتل أفراد مجتمع الميم عين، دون عقاب، وفقا لهيومن رايتس ووتش.
"نحو منصات آمنة".. حملة لحماية مجتمع "الميم عين" من الاستهداف الرقمي عمرو، رجل مصري من أفراد مجتمع الميم عين، تواصل معه حساب على فيسبوك متظاهراً بأنه صديقه، طلب منه مقابلته، وعندما وصل إلى مكان اللقاء، سأله عما يرتديه، حينها شكّ في الأمر، حاول العودة لكن صدم بأربعة رجال شرطة يرتدون زياً مدنياً قاموا باعتقاله، ليتهم بعدها بـ "التحريض على الفجور"... هذه واحدة من القصص التي نشرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" للإضاءة على استخدام جهات حكومية وأفراد عاديين، لمنصات "ميتا" كوسيلة لتصيّد ومضايقة أفراد مجتمع الميم عين، وكذلك لجمع وفبركة أدلة لمحاكمتهم.ويقول الناشط العراقي في قضايا مجتمع الميم عين، أوس كريم، لموقع "الحرة"، إن "هذا القانون سيتبعه عدة قوانين تعسفية دخلت على العراق مع قدوم الحكم الديني على السلطة".
وأشار كريم إلى "أن العديد من أفراد مجتمع الميم عين غادروا العراق لكن العديد منهم قد يواجه عقوبة السجن دون أي ذنب".
وفي تونس، تجرّم المادة 230 من قانون العقوبات العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي التي تصل عقوبتها إلى السجن ثلاث سنوات.
كذلك، تسمح للسلطات بإجراء فحوص شرجية للأفراد، وهي ممارسة انتقدتها بشدة لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة.
ومنذ عام 2011 في تونس، تمكن نشطاء مجتمع الميم عين من العمل بشكل علني أكثر، لكن وضعهم لا يزال محفوفا بالمخاطر بسبب الأعراف القانونية والاجتماعية، وفقا لفرانس برس.
وبلبنان، يواجه أفراد مجتمع الميم عين عداء متزايدا حيث يتعرضون لعنف جسدي ولفظي. في هذا الجانب يقول قزي، إن "هناك مساحات لأفراد هذا المجتمع بالرغم من تصاعد وتيرة الاعتداءات ضدهم خلال السنتين الأخيرتين بسبب تقاطع أكثر من عامل".
وفيما يتعلق بنضال أفراد الميم عين لأجل الدفاع عن حقوقهم وتغيير هذا الواقع، يقول إن تحركاتهم تكون حسب الظروف المتاحة بالنسبة لهم، مشيرا إلى أن "غالبية دول المنطقة تقع تحت أنظمة عسكرية أو دينية وبأفضل الأحوال شبه برلمانية لكن طائفية"، موضحا أن "المساحات المتوفرة لهم من أجل النضال والعمل السياسي شبه غائبة".
بدوره، يوضح متحدث باسم "سين" للعدالة الجنسية والجندرية، وهي منظمة سورية غير حكومية، رفض الكشف عن هويته، إن مجتمع الميم عين السوري يواجه "تحديات مجتمعية وقانونية" تفاقمت بعد اندلاع الثورة السورية مع ظهور أطراف إسلامية راديكالية وأطراف سياسية أخرى.
ويضيف المتحدث في تصريح لموقع "الحرة"، أن الفترة بين 2014 و2016 شهدت فترة إعدامات كبيرة من قبل تنظيم داعش، مما شجع أطرافا أخرى من أجل ممارسة هذه الإعدامات ضد الأشخاص الذين يتم تجريمهم بسبب هويتهم الجنسية.
ويلفت المصدر ذاته، إلى أن "هؤلاء الأفراد يعانون الأمرين بسبب وصمة العار والمخاوف من الاعتداءات سواء من المجتمع أو السلطات"، مشيرا إلى "فرض النظام السوري لإجراءات مشددة لتناول قضايا الحريات الجنسية".
ويقول إن منظمة سين "وثقت اعتداءات وانتهاكات كبيرة سواء من أجهزة الأمن والشرطة أو القضائية وتمثلت أساسا في حالات للفحوصات الشرجية القسرية، إضافة إلى الابتزاز والعري القسري والاغتصاب بالمعتقلات والاحتجاز ووضعهم في زنازين مع المتحرشين والمغتصبين".
ويوضح أن "جانبا آخر من معاناة أفراد مجتمع الميم عين يتمثل في الصعوبات النفسية التي تواجهم"، لافتا إلى أنه "حتى من أجل الحصول على العلاج والدعم النفسي يجدون أن المصحات العقلية تعتبر المثلية مرضا وتعمل لاعتماد ما يسمى العلاج التحويلي عبر الصعق الكهربائي أو اختراق خصوصيات المريض وغيرها من الأساليب التي لا تمت للطب النفسي بصلة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: هیومن رایتس ووتش بعیدا عن یقول إن إلى أن من أجل
إقرأ أيضاً:
ينتشر بمساهمة روسية.. سلاح ليبيا السائب يثير مخاوف أمنية بدول إفريقية
عادت النقاشات حول معظلة "السلاح السائب" في ليبيا إلى الواجهة من جديد بعد صدور تقارير تتحدث عن تأثيراته على أمن دول إفريقية قريبة بينها نيجيريا.
وسلّطت مجلة "منبر الدفاع الإفريقي" التابعة للقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا "أفريكوم"، في تقرير لها الثلاثاء، الضوء على تأثيرات الأسلحة المهربة من ليبيا على الأمن في نيجيريا رغم مرور أكثر من عقد على نهب مخازن السلاح والعتاد من مخازن العقيد الليبي معمر القذافي.
ونقل التقرير عن مسؤولين عسكريين نيجيريين قولهم إن "الإرهابيين الذين يجتاحون شمال نيجيريا يتسلحون بأسلحة خرجت من ليبيا".
وتواجه نيجيريا تحديات أمنية واسعة خصوصا في شمال البلاد، إذ يشن تنظيم بوكو حرام الإرهابي وجماعات متشددة أخرى تمردا مسلحا منذ نحو 15 عاما، ما أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص.
كما تعيش نيجيريا على وقع تنامي أنشطة العصابات الإجرامية وقطاع الطرق المسلحين الذي يهاجمون المنازل والقرى خصوصا في شمال غرب البلاد.
وذكر التقرير أن مشروع مسح الأسلحة الصغيرة كشف أن تجار الأسلحة في نيجيريا يستغلون حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل، ولا سيما في النيجر، التي تحولت إلى أبرز معبر للأسلحة التي خرجت من الترسانات الليبية، وانتقلت إلى نيجيريا وبلدان أخرى في منطقة الساحل.
بعد خروج الولايات المتحدة وفرنسا.. الإرهاب ينتشر في غرب أفريقيا ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الولايات المتحدة تواجه إخفاقات في منطقة غرب أفريقيا مع انتشار الإرهاب، وذلك بالتزامن مع صدور أوامر للقوات الأميركية والفرنسية بالخروج من عدة دول بعد سلسلة من الانقلابات.ونقلت عن اللواء النيجيري إدوارد بوبا قوله في إحاطة إعلامية "حين نتحدث عن انتشار الأسلحة، فعليك أولاً أن ترى ما حدث في ليبيا منذ سنوات وما حدث في منطقة الساحل، فقد سمح ذلك بوصولها إلى أيدٍ غير أمينة، ثم تسربت إلى بلدنا، فتفاقمت قضية التمرد والإرهاب التي نواجهها في البلاد".
وكان اللمركز الوطني لمكافحة الأسلحة الصغيرة والخفيفة في نيجيريا قد أعدم في نهاية أكتوبر الفائت نحو 2400 قطعة سلاح صودرت من مجرمين في مختلف أنحاء البلاد.
ويقول التقرير إنه، مع انهيار حكومة ليبيا السابق معمر القذافي في عام 2011، ظل الكثير من ترسانتها الضخمة دون حراسة، فيما أشارت تقديرات الأمم المتحدة في عام 2020 إلى أن ليبيا كانت تمتلك ما يصل إلى 200 ألف طن من الأسلحة عند انهيارها، ثم نشبت فيها حروب أهلية فاقمت مشكلة تأمين مخازن الأسلحة.
ويشير حساب "ديفنس نيوز نيجيريا" على منصة إكس "كانت هذه الأسلحة بلا حراسة تقريباً، وكان مصيرها الأسواق في منطقة الساحل جنوباً، وكانت هجمات بوكو حرام في أوج قوتها إنما تتقوى بمختلف الأسلحة الثقيلة التي نُهبت من الترسانة الضخمة للقذافي".
ويقدَّر مشروع "مسح الأسلحة الصغيرة" في عام 2020 أن مدنيين في نيجيريا يحوزون 6.2 مليون قطعة سلاح صغيرة مقارنة بنحو 580 ألف قطعة في أيدي قوات الأمن.
الحضور الروسيويسلط تقرير منبر الدفاع الإفريقي الضوء أيضا على تحول ليبيا إلى منصة لإمداد "الطغم العسكرية التي تحكم بوركينا فاسو ومالي والنيجر بالأسلحة".
وأوضح أن ليبيا أمست مصدرا للأسلحة الأجنبية، الكثير منها مصنوع في روسيا وجلبها إليها مرتزقة مرتبطون بمجموعة "فاغنر".
ووصلت مجموعة "فاغنر" إلى ليبيا خلال العام 2019 لدعم قوات المشير خليفة حفتر، الذي كان آنذاك بصدد شن هجوم على الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا في طرابلس.
وهذا ليس أول تقرير يكشف عن أنشطة روسية انطلاقا من ليبيا لدعم نفوذ موسكو في عدد من البلدان الإفريقية.
ففي أكتوبر الفائت، ذكر مركز " آيرون 24" الفرنسي أن موسكو تسعى إلى الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لليبيا لتأمين قواعد روسية على الجناح الجنوبي لحلف الناتو ولدعم أنشطتها في منطقة الساحل الإفريقي وما وراء الصحراء الكبرى. كما أشار إلى أن الوجود الروسي في ليبيا يوفر لموسكو فرصة لاستغلال أزمة الهجرة في أوروبا للضغط على الاتحاد الأوروبي.
ورث تركة فاغنر.. هل يتخذ "فيلق إفريقيا" الروسي ليبيا قاعدة؟ يوم الجمعة 8 نوفمبر الماضي، تداولت وسائل إعلام ليبية وصفحات نشطاء على السوشل ميديا خبر انفجار سيارة سباق كانت مشاركة في "رالي" سيارات نظم في صحراء ودان، بمنطقة الجفرة وسط ليبيا، بسبب لغم.وسلط التقرير الفرنسي الضوء على إدارة قوات روسية لثلاث قواعد جوية في ليبيا، في القرضابية بالقرب من سرت، وفي الجفرة في فزان، وفي براك الشاطئ في الجنوب الغربي، يتم استخدامها بشكل أساسي لنقل العسكريين والمعدات إلى السودان أو مناطق أخرى في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى كمالي والنيجر وبوركينا فاسو.