سؤال وجواب.. هل يخرج نتنياهو من المأزق السياسي لمقترح الهدنة؟
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
يتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضغوط دولية هائلة للمضي قدما في اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى المحتجزين في غزة، لكن المعارضة داخل ائتلافه اليميني المتشدد تعني أن ذلك قد يكون له ثمن سياسي.
وهدد شركاء الائتلاف اليميني بالاستقالة بسبب المقترح الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة، مما قد يترك نتنياهو تحت رحمة أحزاب الوسط التي من المرجح أن تغتنم أول فرصة لإقالته من منصبه، لكن مع ذلك فإن محللين يرون أن نتنياهو قد لا يغيب عن المشهد في مجتمع لا يزال يعاني من صدمة هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
تُنظَّم منذ أشهر في نهاية كل أسبوع احتجاجات تطالب بالإفراج عن الأسرى المحتجزين في غزة، لكن السبت الماضي كان مختلفا بعدما عرض بايدن ما قال إنها خطة إسرائيلية لإطلاق سراح المحتجزين ووقف القتال.
لكن نتنياهو جدد التأكيد على أن شروطه لوقف إطلاق النار لم تتغير، وتشمل "القضاء" على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس جدعون رهط لوكالة الصحافة الفرنسية "هناك رهائن ينتظرون أن يتخذ نتنياهو قراره وهذا أمر مروع".
ورأى رهط أن نتنياهو "قد يقدم ردا سلبيا لأن من مصلحته ضمان استمراريته السياسية"، معبرا بذلك عن مخاوف كثير من المتظاهرين المناهضين للحكومة.
ولوح المتظاهرون في تل أبيب السبت الماضي بالأعلام الأميركية وقالوا لوكالة الصحافة الفرنسية "بايدن هو أملنا الوحيد".
هل يتخلى اليمين المتطرف عن نتنياهو؟هدد حليفا نتنياهو اليمينيان المتطرفان، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المال بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا قرر نتنياهو إنهاء الحرب قبل القضاء على حماس.
ويحكم الائتلاف بغالبية ضئيلة تبلغ 64 مقعدا من أصل 120 في البرلمان الإسرائيلي، ويعتمد على أصوات اليمين المتطرف.
وقال الخبير السياسي في جامعة بار إيلان، إيلان غريلسامر، لوكالة الصحافة الفرنسية إن تنفيذ بن غفير وسموتريتش تهديداتهما يعتمد على اتفاق وقف إطلاق النار المطروح على الطاولة.
وأضاف "إذا كان الاتفاق يقضي بوقف الحرب على الفور وإعادة الجنود إلى البلاد، فمن الصعب تصور بقائهما في الحكومة"، واستدرك "لكن إذا كان هناك اتفاق وسطي، فربما يبقيان".
أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المفتوحة في إسرائيل دينيس شاربيت، فأوضح أن ثمة "احتمالا قويا" لانسحابهما من الحكومة، في حين يرى رهط أنه من الممكن تشكيل حكومة أقلية بدون اليمين المتطرف مع الاحتفاظ بنفوذ كبير في البرلمان.
كيف سيكون شكل الائتلاف من دون اليمين المتطرف؟
وقال غريلسامر إنه إذا انسحب اليمين المتطرف، فإن الطريق الوحيد أمام نتنياهو للعودة إلى حكومة تتمتع بالغالبية، سيكون من خلال اتفاق مع حزب زعيم المعارضة يائير لبيد "يش عتيد" (هناك مستقبل) الوسطي.
وكان لبيد قد عرض على نتنياهو دعم حزبه للتوصل إلى صفقة تبادل للأسرى، لكن من المرجح أن يكون هذا الدعم لفترة محدودة، مما يثير تساؤلات جدية حول المستقبل السياسي لنتنياهو على المدى المتوسط.
وقال رهط "أرى صعوبة في حدوث ذلك لأنه يفضل البقاء مع حلفائه من اليمين.. لكن الأمر ممكن".
ورأى شاربيت أن "من غير المستحيل" أن ينضم حزب الوحدة الوطنية الذي يتزعمه وزير الحرب بيني غانتس إلى الائتلاف، والعامل الرئيسي هو ما إذا كانت ستتم الدعوة إلى انتخابات مبكرة أم لا.
وانضم غانتس إلى حكومة نتنياهو الحربية في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، ولكن ليس إلى ائتلافه الحاكم، وقد هدد غانتس الشهر الماضي بالاستقالة من حكومة الحرب ما لم يوافق نتنياهو على خطة ما بعد الحرب في غزة، كما قاله حزبه الأسبوع الماضي إنه قدم مشروع قانون لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
ماذا لو تمت الدعوة لانتخابات مبكرة؟ويتوقع المحللون الثلاثة أن يخرج غانتس من الانتخابات في أفضل وضع لتشكيل حكومة غالبية، لكن غريلسامر يرى أن قائد القوات المسلحة السابق لديه مخاوف سياسية خاصة به.
وأوضح "لقد تراجع غانتس كثيرا في استطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة، لأنه يُنظر إليه على أنه متساهل للغاية، ومتردد للغاية، ومتهاون للغاية تجاه نتنياهو".
ووفقا لاستطلاع للرأي بثته قناة التلفزيون العامة الإسرائيلية، فإن 38% من الناخبين يشعرون أن غانتس هو الأنسب ليصبح رئيسا للوزراء، في مقابل 30% لنتنياهو، وفارق الـ8 نقاط هذا بينهما كان 21 نقطة قبل يناير/كانون الثاني الماضي.
وقال شاربيت "يمكن لنتنياهو الترويج لنفسه بالقول "يمكنني أن أكون الشخص الذي يستطيع وقف إنشاء دولة فلسطينية، وإلا فإن دولة فلسطينية على أبوابنا ستتسبب يوميا بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول".
وأضاف أنه من هذا المنطلق، فإن الناخبين "على الرغم من كرههم له، سيقدمون على التصويت له".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الیمین المتطرف
إقرأ أيضاً:
هآرتس: نتنياهو يُشبِّه نفسه بتشرشل والتاريخ يقول إنه ميلوسوفيتش
سخر كاتب إسرائيلي من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومعجبيه الذين يشبهونه بالسياسي العسكري البريطاني ونستون تشرشل الذي قاد بلاده إبان الحرب العالمية الثانية من حافة الهزيمة إلى النصر.
وأشار إيتان نيتشين -في مقاله بصحيفة هآرتس- إلى أن نتنياهو ومعجبيه يحبون مقارنته بتشرشل في قدراته القيادية زمن الحرب، ومهاراته في الخطابة. وقد تولى تشرشل رئاسة الحكومة في بلاده خلال الحرب مرتين، الأولى بين عامي 1940 و1945 والثانية بين عامي 1951 و1955.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2من دير ياسين إلى غزة.. آلة القتل الإسرائيلية مستمرة بحق الفلسطينيينlist 2 of 2تنديد بجريمة اغتيال إسرائيل 5 صحفيين بغزة ومطالبة بمساءلة دوليةend of listلكن الكاتب يرى أن مسار نتنياهو -الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية– يشبه إلى حد كبير نموذج الزعيم الصربي الراحل سلوبودان ميلوسوفيتش الذي تولى رئاسة جمهورية يوغسلافيا أواخر تسعينيات القرن الماضي قبل تفككها.
أعطونا الأدواتووصف الكاتب كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكونغرس الأميركي، في يوليو/تموز الماضي، بأنها لم تكن استعراضا لقوته فحسب، بل جرى تأطيرها في سياق تاريخي، إذ احتفى المحللون بإنجازه المتمثل في تحطيم الرقم القياسي الذي حققه تشرشل في عدد الدعوات التي تلقاها لإلقاء كلمة أمام أكبر هيئة تشريعية بالولايات المتحدة.
وفي تلك الكلمة، وهي رابع خطاب له هناك، اقتبس نتنياهو من تشرشل مقولته الشهيرة التي وجهها إلى الولايات المتحدة -خلال الحرب العالمية الثانية- بأن "اعطونا الأدوات وسننهي المهمة سريعا" في إشارة من رئيس حكومة الاحتلال إلى حربه على قطاع غزة.
إعلانواعتبر الكاتب أن ذلك لم يكن من قبيل الصدفة، فلطالما كان نتنياهو -وهو ابن مؤرخ- مهووسا بإرثه وصورته الشخصية، وكثيرا ما كان يعقد مقارنات بينه وبين تشرشل، فهو مثله رئيس حكومة في زمن الحرب، وكاتب وخطيب مُفوَّه، وسد منيع أمام الفاشية.
وحتى بعد أن فرغ من إلقاء خطابه في الكونغرس، توقف نتنياهو عند تمثال تشرشل النصفي لالتقاط صورة تذكارية له، للتأكد من أن المقارنة لم تغب عن بال أحد.
لا وجه للشبهويقول الكاتب الإسرائيلي إن العاملين بأجهزة الإعلام من المعجبين بنتنياهو يعملون على ترسيخ هذا التشبيه في أذهان الناس. ففي الأسبوع الماضي، تحدث نافيه درومي -وهو مقدم برنامج إذاعي- لمدة 4 دقائق مقارنا بين نتنياهو وتشرشل ومدعيا أن السياسي العسكري السابق "هزم النازيين بدعم من الولايات المتحدة، أما نتنياهو فقد قضى على المحور الإيراني رغما عن الولايات المتحدة".
ولكن بعد عام من الحرب والقتل والتشريد في غزة، وبعد صدور مذكرة اعتقال بحقه من الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فإن كاتب المقال يرى أن النهج الذي تبناه نتنياهو لا يتسق مع مسيرة تشرشل بقدر ما يتماهى مع أسلوب الزعيم الصربي ميلوسوفيتش.
فكما حال نتنياهو، لم يكن ميلوسوفيتش يُعد، في سنواته الأولى، متطرفا لكنه كان مثله في تمكينه الحركات القومية المتطرفة في صربيا مستغلا تطرفها لمآرب شخصية. وكان أن انهار العقد الذي أبرمه مع تلك الحركات عندما انفلتت من قبضته، مما أدى نهاية المطاف إلى إسقاط دولته في الهاوية، طبقا لمقال هآرتس.
انتهازيةوأوضح المقال في هآرتس أن ميلوسوفيتش كان قد نأى بنفسه في البداية عن المتطرفين الصرب بل وأدان أفعالهم علنا، في حين تعهد نتنياهو ذات مرة بعدم الانحياز أبدا إلى اليميني المتطرف إيتمار بن غفير أو حركة المستوطنين اليمينيين المتشددين، رافضا ومنددا بآرائهم المتطرفة.
إعلانوأعلن أيضا أن بن غفير لن يصبح وزيرا في حكومته، ورفض أن يشاركه المنصة خلال إحدى محطات حملته الانتخابية. لكن عندما انقلبت حظوظهما السياسية تغير موقفهما، وبات تشكيل تحالف مع "القوميين العنيفين" سبيله الوحيد للاحتفاظ بالسلطة.
ودافع نتنياهو عن قراره تعيين بن غفير وزيرا للأمن الداخلي بقوله للإذاعة العامة "لقد عدّل الكثير من آرائه" مقللا من أهمية هذه الخطوة بقوله "هم الذين انضموا إليّ، ولست أنا من انضم إليهم".
ويخالف الكاتب هذا الرأي، إذ يقول إن نتنياهو ما إن برزت مشاكله القانونية للعيان حتى لجأ إلى اليمين المتشدد، وتوسط لدخولهم في تيار السياسة السائد ضمن ائتلاف حاكم محتمل، وشوهد نهاية المطاف مبتسما في صورة انتخابية مع بن غفير.
ضد الإسلاموسواء كانت نزعة نتنياهو القومية، مثل ميلوسوفيتش، نابعة -برأي كاتب المقال- من قناعة صادقة أو انتهازية جبانة، فإن ازدراءه الحقيقي للفلسطينيين والعرب واضح. وعلى غرار الزعيم الصربي، يعتبر نفسه قائدا في طليعة الحرب ضد الإسلام، وينصّب نفسه مدافعا عن الغرب. وهي نفس مبررات ميلوسوفيتش بأن أفعاله دفاع عن أوروبا ضد ما سماها "جحافل المسلمين".
وعلى عكس ميلوسوفيتش الذي حوَّل خسارته كوسوفو إلى انتصار على الغرب، فإن الكاتب يعتقد أن نتنياهو أتقن هو الآخر فن التلاعب بالواقع أمام مؤيديه، محولا الهزائم إلى انتصارات متصورة. وعلى الرغم من الحروب التي خسرها، فقد نجح في البقاء سياسيا من خلال إعادة صياغة الإخفاقات على أنها انتصارات.
وبقدر ما غرس كلا الزعيمين النزعة القومية الوحشية، فإن نظاميهما اتسما أيضا بالمحسوبية والفساد. وكان يُنظر إلى ميرا ماركوفيتش (زوجة ميلوسوفيتش) على أنها القوة الدافعة وراء سياساته المتشددة ومقاومة التنازلات، تماما مثل ما هي سارة نتنياهو اليوم.