أنور الخنجري
يقال إن مدينة مطرح العتيقة يعود تاريخها للألفية الثالثة قبل الميلاد، لم نبحث حقيقة عن مصدر هذه المعلومة، لكن إذا كانت فعلًا صحيحة فهي بحد ذاتها عنصر جذب مُهم لمحبي السياحة التاريخية، لا سيما إذا ما أضفنا إليها عوامل جذب أخرى كسوقها التاريخي وقلعتها ومينائها وبحرها وسفنها وسورها وجبالها وأبراجها وحاراتها وبيوتها ومأكولاتها وناسها المخلصين الطيبين الذين يشكلون ميتروبولتينة نادرة الوجود في مدننا العُمانية، ناهيك عن اللغات واللهجات الحيَّة العديدة التي يتحدث بها أبناؤها، فهي كلها مقومات سياحية مؤثرة جدًا لو أُحسن استغلالها.
ومن المقومات السياحية والاجتماعية التي لا يجب إغفالها هي تلك الحارات والبيوت القديمة القائمة داخل وخارج سور مدينة مطرح العريقة التي كانت يومًا ما مأهولة بالعديد من الأسر العمانية المتجانسة فيما بينها، والذين انتقلوا أو نقلوا مرغمين للعيش في مدن وأحياء جديدة مخلفين وراءهم إرثاً حضارياً كان يوماً ما نابضا بالحياة، هذه هي من مسلمات التحول الحضري التي لا نختلف عليها، لكن ما يثير قلقنا هو أن يندثر هذا الإرث التاريخي والمكّون الاجتماعي للمدينة وتتحول هذه الحارات إلى خرابات وأطلال وبيوت من صفيح جراء هجرة أهلها لها تاركين بيوتهم عرضة للخراب أو مؤجرة بريالات بخسة لأعداد كبيرة من العمالة الوافدة تستخدمها كيفما تشاء؛ الأمر الذي غيَّر من ديموغرافية المكان لصالح الوافد من شبه القارة الهندية بنسبة عالية جدًا تفوق السبعين بالمائة.
ذلك ما حدا بالحكومة إلى إغلاق بعض مؤسساتها التعليمية والصحية والقضائية وربما غيرها، والمحزن في الأمر انتقال البرزة ومكتب سعادة الوالي من الموقع القديم في مدينة مطرح والذي كان يومًا يُعد من الركائز الأساسية في المدينة ولعب على مر الزمان أدوارًا وملاحم راسخة في الأذهان وفي كتب التاريخ، كما تقلّصت الخدمات الحكومية في المدينة بشكل ملحوظ، وخير شاهد على ذلك تلك المدارس المهجورة التي تُدمع العين لرؤيتها تتحول إلى خرائب مظلمة بعدما كانت في يوم ما منارات تشع بالعلم والمتعلمين.
الغريب أن أغلب تلك الخدمات قد أُغلقت بحجة عدم كفاءتها الإنتاجية نتيجة انخفاض عدد السكان العمانيين في المدينة، ألا يستدعي هذا الأمر التفكر من قبل الأهالي وكذلك الحكومة عن ما ستؤول إليه الأحوال في ولاية مطرح عامة إذا بقي الحال على هذا المنوال.
نعلم أنه من الصعوبة بمكان عودة الأجيال الحالية من أبناء مطرح إلى ديار آبائهم وأجدادهم نظرًا لمحدودية مساحة هذه البيوت التي أصبح أغلبها من التركات أو لنقصٍ في خدمات البنية الأساسية، أو لأسباب أخرى، خاصة وأن الجهات المعنية لم تعمل بشكل جاد على تحسين البنية الأساسية أو تعديل التركيبة السكانية أو حتى على إيجاد مخططات جديدة في الولاية تفي بمتطلبات أبنائها من الأراضي السكنية بحيث يمكنهم تدريجيا العودة إلى ولايتهم العريقة.
فماذا لو تكاتفت جهود الجهات الحكومية والأهلية على إيجاد السبل المناسبة الكفيلة بقلب المعادلة في ولاية مطرح؟!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
غرفة صناعة الأثاث: الاعتماد على المطورين من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد علاء نصر الدين، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأثاث والأخشاب وعضو لجنة التعاون العربي باتحاد الصناعات المصرية، أن الحكومة تعتمد على برنامج الجيل الجديد من التجمعات الصناعية - المطور الصناعي - من خلال إقامة شراكة ناجحة ومتوازنة مع القطاع الخاص، بما يتيح لشركات كبرى تطوير و ترفيق و إدارة مناطق صناعية عبر مناقصات عالمية، لمواجهة تحدي ندرة الأراضي الصناعية المرفقة و الجاهزة للاستثمار الصناعي، رغم وجود الأراضي داخل المدن و. المحافظات.
و قال نصر الدين في تصريحات صحفية له اليوم، إن آخر صفقات المطور الصناعي في مصر تمثلت في العقد الموقع بين الشركة القابضة للنقل البحري وشركة السويدي إلكتريك لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير منطقة صناعية لوجيستية متكاملة في ميناء دمياط، بهدف خلق بيئة تنافسية تدعم صناعات متنوعة مثل الطاقة المتجددة و. السيارات والبتروكيماويات والهندسة المتقدمة.
و عُقد الأسبوع الماضي اجتماعاً بين وزراء الصناعة والنقل والكهرباء والإسكان، وعدد من المطورين الصناعيين بمناطق أكتوبر الجديدة، السادات، و العلمين الجديدة، للاتفاق على آليات و ضوابط تنظيم عمل المطورين الصناعيين في مصر، حيث شهد هذا الاجتماع الإعلان عن توجه جديد من الحكومة في هذا النشاط الحيوي، و خاصة ما يتعلق بملف الكهرباء.
و أكد علاء نصر الدين أن الحكومة لا تنافس المطور الصناعي وليست ضده، و أن نجاح المطور الصناعي في جذب الاستثمار هو نجاح للحكومة و الدولة بأكملها، مطالباً بتوفير الأراضي المناسبة لإقامة المصانع، و البنية التحتية القوية التي تشمل الطرق و الموانئ و شبكات الكهرباء و المياه. كما يحتاج المستثمرون إلى تسهيلات تمويلية و دعم حكومي، بالإضافة إلى سياسات تحفيزية مثل الإعفاءات الضريبية و التسهيلات الجمركية.
و شدد نصر الدين على أن زيادة الرقعة الصناعية وإقامة المصانع والاعتماد على المطورين هي من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث تسهم في خلق فرص عمل وتعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من القطاعات. ويتطلب هذا التوسع توفير بنية تحتية متكاملة، و دعماً حكومياً، وبيئة استثمارية جاذبة، تُمكن من استقطاب المستثمرين المحليين و الأجانب.