جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-28@13:55:22 GMT

مرض الكساد الاقتصادي

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

مرض الكساد الاقتصادي

 

محمد بن رضا اللواتي

mohammed@alroya.net

 

رُغم المؤشرات الإيجابية لحالة الميزانية الفعلية للسنة المالية المنقضية 2023، من حيث زيادة الايرادات الفعلية والفائض المالي في ظل ارتفاع أسعار النفط، وتحسُّن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان، إلّا أن المراقبين ما يزالون يرون أن الاقتصاد العماني يُعاني حقيقة من كساد؛ ذلك لأنه لا بُد من الفصل بين الميزانية التي ترتكز على ارتفاع سعر برميل النفط وما يُسببه من نمو في الناتج المحلي، وبين القاعدة الاستهلاكية والإنتاجية اللتين باتساعهما أو انكماشهما تكشفان عن حالة الاقتصاد، وبحسب المؤشرات التي يُتابعها أولئك المراقبين، فمن وجهة نظرهم فإن ثمّة كساد جاثم على صدر اقتصادنا الوطني بشكل واضح!

إذا غضضنا النظر عن ملف الباحثين عن العمل، والذي يزداد ضخامة مع كل سنة؛ حيث ترفد الجامعات والكليات الألوف من الشباب إلى سوق العمل الذي لا يستطيع استيعاب ثُلث تلك الأعداد، إذ ترى وظيفة واحدة متاحة قد يتقدم لها أكثر من 5 آلاف شاب!

وإذا غضضنا النظر عن هذا الملف، فإن المؤشر الأبرز المعتمد في تشخيص هذه الحالة هو طبيعة الاقتصاد المحلي، فهو اقتصاد ريعي، مستند بالدرجة الأولى وبشكل كامل على ارتفاع أسعار النفط، والذي يتيح للحكومة الانفاق على المشاريع الكبيرة.

دلالة أخرى تميط اللثام عن جانب من وضع الاقتصاد، تتمثل في ضعف الإنتاجية المجتمعية؛ حيث إن المجتمعات المُنتِجة هي تلك التي تُنعش خزينة الدولة بإنفاقها الناتج عن العمل، ومن خلال الضرائب التي تدفعها، وهذه المجتمعات رغم فقدانها للثروة النفطية إلّا أن اقتصاداتها نشطة وفاعلة، لكن عندما تعيش المجتمعات على إيرادات الحكومة من مواردها الطبيعية التي قد تنضب في أي وقت، يغيبُ طابع الانتاج عنها، وتصبح عالة على الإنفاق الحكومي، وعلى الرواتب التي تقصم ظهر الحكومة لأجل توفيرها.

مؤشر آخر يأتي بعده هو حجم استفادة الشركات الصغيرة والمتوسطة مما تصرفه الحكومة على المشاريع الكبيرة، فحاليًا، مجموعة قليلة من الشركات الكبرى تتداول هذا الإنفاق، أما الشركات المتوسطة أو الصغيرة فليست على مستوى المنافسة لأخذ حصة من الاقتصاد، ما يعني محدودية تداول الثروات وفقدان الفرص.

من المؤشرات التي يعتمدها خبراء الاقتصاد، متابعة حالة القطاع السياحي، الذي ما يزال غير جاذب بالدرجة الكافية كي يعمل فيه المواطنون في ظل الأجور المنخفضة، كما إن هذا القطاع إلى اليوم لم يتمكن من المنافسة المأمولة على مستوى السياحة الداخلية نظرًا لتباين عوامل الجذب المحلي.

وتُعد حالات انخفاض ايجارات العقارات، وبطء زيادة أعداد الكوادر العمانية في القطاع الخاص، وتأثر حركة البيع والشراء في الأسواق، وإقبال الكثير من المشترين على المنتجات الرخيصة، كلها مؤشرات مُقلقة تدل على تراجع الأنشطة الاقتصادية.

لذلك نرى أهمية طرح حلول تتمثل بالدرجة الأولى في إعادة هيكلة الاقتصاد، وهذا يحتاج ما بين 3 إلى 10 سنوات لإطلاق نموذج اقتصادي مُغاير ومتطور ومُستدام، لكن هناك حلول سريعة تعمل على انعاش الاقتصاد تتمثل في:

تقديم حزمة حوافز حقيقية للشركات لتوظيف العمانيين. تقديم حوافز ضريبية للشركات الأجنبية لزيادة مستوى التعمين فيها. تدريب الخريجين على العمل بكفاءة في محلات البيع بالتجزئة. تسهيل عمليات البيع والشراء في قطاع العقارات.

لله الحمد إننا نملك بُنى أساسية مُمتازة، ومُدننا ومناطقنا الاقتصادية جاهزة، كما إن برامج استقطاب الاستثمارات فاعلة، ومع هذا نجد أن الإجابة عن التساؤل حول "أين الخلل إذن؟" ربما حائرة ولا نستطيع الإمساك بها.

يقولون إن الاقتصادات الريعية تُرجئ حل المشكلات، فطالما أن الانفاق الحكومي متاح، عادة لا يتم البحث الجاد عن أسباب الأزمات، تطبيقًا لمبدأ البعض بأن "الأمور طيبة"؛ بل لا يحب أحد أن يُشار إلى وجود مشكلة ما!

وأخيرًا.. إنَّ إعادة هيكلة الاقتصاد العماني مطلبٌ ضروريٌ لتحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040"، بهدف خلق بيئة مُحفِّزة للقطاع الخاص وتعزيز ريادة الأعمال في مسار التنويع الاقتصادي، وتحفيز القطاعات غير النفطية مثل السياحية واللوجستيات والخدمية، مع نظام حوكمة مستمر يمتلك الأجوبة ويمكنه تمريرها، لأن الأيادي المرتعشة لن تصنع الفارق، كما إن الخمول على مستوى التفكير وتوقُّف البحث عن الحلول لن يصنع النجاح.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير العمل يؤكد قرب سداد مستحقات الشركات الداعمة للجنة الطوارئ بالجنوب

عقد وزير العمل والتأهيل بالحكومة الليبية، عبدالله الشارف أرحومة، صباح اليوم الخميس اجتماعًا مع مدراء ومندوبي عدد من الشركات التي قدمت خدماتها للجنة الطوارئ والاستجابة السريعة في مدينة سبها ومدن ومناطق الجنوب الغربي.

الاجتماع، الذي أُقيم بقاعة الاجتماعات في مكتب العمل والتأهيل بمدينة سبها، تناول مطالب الشركات بشأن سداد مستحقاتها عن الخدمات التي قدمتها خلال فترة عمل اللجنة في المناطق المتضررة.

وأعرب الوزير عن شكره وتقديره للشركات على جهودها التي ساهمت في دعم لجنة الطوارئ لخدمة أهالي الجنوب، كما نقل تحيات وشكر رئيس مجلس الوزراء على ما تم تقديمه للبلديات والأحياء المتضررة خلال فترة الطوارئ.

وأكد الوزير أن المستحقات المالية للشركات تم إحالتها إلى رئاسة الوزراء، وهي تحت المتابعة المباشرة من رئيس مجلس الوزراء. كما شدد على أنه سيتم سداد تلك المستحقات خلال الأسبوعين المقبلين، مؤكدًا التزام الحكومة بحفظ حقوق جميع الأطراف.

مقالات مشابهة

  • تأهل فريق NUT GANG بجامعة العريش للحلقة الختامية في أولمبياد الشركات الناشئة
  • مباحثات حول التعاون الاقتصادي بين ليبيا والولايات المتحدة
  • الحزب الناصري: الشراكة بين القطاعين العام والخاص محورية في الإصلاح الاقتصادي
  • “أرحومة” يجتمع بمدراء بعض الشركات التي قدمت خدماتها للجنة الطوارئ لمدينة سبها ومدن الجنوب الغربي
  • المصرية اللبنانية لرجال الأعمال: الإصلاح الاقتصادي يبدأ بالاستماع إلى الجميع.. والصناعة الحل
  • مجلس الوزراء اليمني يقر مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي
  • آمال النمو الاقتصادي في أميركا تقود العملة الخضراء للارتفاع
  • وزير العمل يؤكد قرب سداد مستحقات الشركات الداعمة للجنة الطوارئ بالجنوب
  • الحكومة: استطعنا تأمين استقرار الدولة للحفاظ على النمو الاقتصادي
  • مستقبل وطن: إتمام المراجعة الرابعة مع الصندوق النقد صك نجاح جديد لبرنامج الإصلاح الاقتصادي