جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-01@00:10:14 GMT

مرض الكساد الاقتصادي

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

مرض الكساد الاقتصادي

 

محمد بن رضا اللواتي

mohammed@alroya.net

 

رُغم المؤشرات الإيجابية لحالة الميزانية الفعلية للسنة المالية المنقضية 2023، من حيث زيادة الايرادات الفعلية والفائض المالي في ظل ارتفاع أسعار النفط، وتحسُّن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان، إلّا أن المراقبين ما يزالون يرون أن الاقتصاد العماني يُعاني حقيقة من كساد؛ ذلك لأنه لا بُد من الفصل بين الميزانية التي ترتكز على ارتفاع سعر برميل النفط وما يُسببه من نمو في الناتج المحلي، وبين القاعدة الاستهلاكية والإنتاجية اللتين باتساعهما أو انكماشهما تكشفان عن حالة الاقتصاد، وبحسب المؤشرات التي يُتابعها أولئك المراقبين، فمن وجهة نظرهم فإن ثمّة كساد جاثم على صدر اقتصادنا الوطني بشكل واضح!

إذا غضضنا النظر عن ملف الباحثين عن العمل، والذي يزداد ضخامة مع كل سنة؛ حيث ترفد الجامعات والكليات الألوف من الشباب إلى سوق العمل الذي لا يستطيع استيعاب ثُلث تلك الأعداد، إذ ترى وظيفة واحدة متاحة قد يتقدم لها أكثر من 5 آلاف شاب!

وإذا غضضنا النظر عن هذا الملف، فإن المؤشر الأبرز المعتمد في تشخيص هذه الحالة هو طبيعة الاقتصاد المحلي، فهو اقتصاد ريعي، مستند بالدرجة الأولى وبشكل كامل على ارتفاع أسعار النفط، والذي يتيح للحكومة الانفاق على المشاريع الكبيرة.

دلالة أخرى تميط اللثام عن جانب من وضع الاقتصاد، تتمثل في ضعف الإنتاجية المجتمعية؛ حيث إن المجتمعات المُنتِجة هي تلك التي تُنعش خزينة الدولة بإنفاقها الناتج عن العمل، ومن خلال الضرائب التي تدفعها، وهذه المجتمعات رغم فقدانها للثروة النفطية إلّا أن اقتصاداتها نشطة وفاعلة، لكن عندما تعيش المجتمعات على إيرادات الحكومة من مواردها الطبيعية التي قد تنضب في أي وقت، يغيبُ طابع الانتاج عنها، وتصبح عالة على الإنفاق الحكومي، وعلى الرواتب التي تقصم ظهر الحكومة لأجل توفيرها.

مؤشر آخر يأتي بعده هو حجم استفادة الشركات الصغيرة والمتوسطة مما تصرفه الحكومة على المشاريع الكبيرة، فحاليًا، مجموعة قليلة من الشركات الكبرى تتداول هذا الإنفاق، أما الشركات المتوسطة أو الصغيرة فليست على مستوى المنافسة لأخذ حصة من الاقتصاد، ما يعني محدودية تداول الثروات وفقدان الفرص.

من المؤشرات التي يعتمدها خبراء الاقتصاد، متابعة حالة القطاع السياحي، الذي ما يزال غير جاذب بالدرجة الكافية كي يعمل فيه المواطنون في ظل الأجور المنخفضة، كما إن هذا القطاع إلى اليوم لم يتمكن من المنافسة المأمولة على مستوى السياحة الداخلية نظرًا لتباين عوامل الجذب المحلي.

وتُعد حالات انخفاض ايجارات العقارات، وبطء زيادة أعداد الكوادر العمانية في القطاع الخاص، وتأثر حركة البيع والشراء في الأسواق، وإقبال الكثير من المشترين على المنتجات الرخيصة، كلها مؤشرات مُقلقة تدل على تراجع الأنشطة الاقتصادية.

لذلك نرى أهمية طرح حلول تتمثل بالدرجة الأولى في إعادة هيكلة الاقتصاد، وهذا يحتاج ما بين 3 إلى 10 سنوات لإطلاق نموذج اقتصادي مُغاير ومتطور ومُستدام، لكن هناك حلول سريعة تعمل على انعاش الاقتصاد تتمثل في:

تقديم حزمة حوافز حقيقية للشركات لتوظيف العمانيين. تقديم حوافز ضريبية للشركات الأجنبية لزيادة مستوى التعمين فيها. تدريب الخريجين على العمل بكفاءة في محلات البيع بالتجزئة. تسهيل عمليات البيع والشراء في قطاع العقارات.

لله الحمد إننا نملك بُنى أساسية مُمتازة، ومُدننا ومناطقنا الاقتصادية جاهزة، كما إن برامج استقطاب الاستثمارات فاعلة، ومع هذا نجد أن الإجابة عن التساؤل حول "أين الخلل إذن؟" ربما حائرة ولا نستطيع الإمساك بها.

يقولون إن الاقتصادات الريعية تُرجئ حل المشكلات، فطالما أن الانفاق الحكومي متاح، عادة لا يتم البحث الجاد عن أسباب الأزمات، تطبيقًا لمبدأ البعض بأن "الأمور طيبة"؛ بل لا يحب أحد أن يُشار إلى وجود مشكلة ما!

وأخيرًا.. إنَّ إعادة هيكلة الاقتصاد العماني مطلبٌ ضروريٌ لتحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040"، بهدف خلق بيئة مُحفِّزة للقطاع الخاص وتعزيز ريادة الأعمال في مسار التنويع الاقتصادي، وتحفيز القطاعات غير النفطية مثل السياحية واللوجستيات والخدمية، مع نظام حوكمة مستمر يمتلك الأجوبة ويمكنه تمريرها، لأن الأيادي المرتعشة لن تصنع الفارق، كما إن الخمول على مستوى التفكير وتوقُّف البحث عن الحلول لن يصنع النجاح.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مستشار حكومي: ربط المصارف الوطنية بنظيراتها الأمريكية يوفر سبل الاستقرار الاقتصادي

الاقتصاد نيوز - بغداد

أكد مستشار رئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، الأربعاء، أن الربط بالمصارف الأمريكية يتيح خطوط التمويل والائتمان للتجارة والاستثمار بالعراق، فيما بين أن التعاون المباشر مع أكثر من مصرف أمريكي يخفض تكاليف المعاملات الخارجية.

وقال صالح، في تصريح أوردته وكالة الأنباء الرسمية، واطلعت عليه "الاقتصاد نيوز"، إن "العراق طالما يقع ضمن منطقة الدولار مثل غيره من بلدان الـ"أوبك"، إذ يشكل دولار الولايات المتحدة الأمريكية غالبية أصوله المالية من عوائد النفط، فإن من مصلحة بلادنا التعاطي المتكافئ مع النظام المصرفي التجاري في الولايات المتحدة كقوة مراسلة عالمية للمصارف الوطنية، ولاسيما عند التعاطي بأكثر من مصرف أميركي يعمل على مستوى العالم (غلوبال بنك) ويمتلك فروعاً وأذرعاً عالمية كبرى".

وأضاف أن "ما يعمل عليه البنك المركزي العراقي من ربط المصارف الوطنية بكبريات المصارف والمؤسسات المالية في الولايات المتحدة بأكثر من مصرف ممن تتمتع بالصفة العالمية، هي وسيلة مهمة في توفير سبل الاستقرار الاقتصادي وتحسّين مناخ الاستثمار والتجارة والتنمية في بلادنا عبر التكامل مع منطقة التجارة والصيرفة والاستثمار بالدولار التي مازالت هي من أقوى وأهم المناطق النقدية في العالم بلا شك".

ولفت إلى أن "خفض تكاليف المعاملات المصرفية الخارجية تتطلب اليوم تعاوناً مصرفياً مباشراً مع أكثر من مصرف أمريكي (كلوبال)، وأن البنك المركزي العراقي يخطو بالاتجاه الصحيح والمتفتح والمتسارع في تقييم أولوياته بما يخدم استقرار الاقتصاد الوطني على مستوى التعاملات المصرفية الخارجية وتنفيذها بالسرعة المطلوبة والضمانات العالية".

وبين صالح أن "المصرف الأمريكي الثاني يتولى توفير الفرص للمصارف العراقية بكونه مصرفاً مراسلاً عالمياً متعدد الأذرع والعمليات في سرعة تنفيذ العمليات المصرفية سواء في التحويلات أو تمويل التجارة الخارجية لأسواق بلادنا من دون عوائق وبشفافية وحوكمة عالية، فضلاً عن إتاحة خطوط التمويل والائتمان للتجارة والاستثمار للعراق، وكذلك الاستفادة من الخدمات المصرفية الرقمية وقواعد الأمثال على المستوى الدولي العالية التقدم، بما ينقل مصارفنا الوطنية الى المستوى العالمي المطلوب وهي عوامل تشجع مناخ الاستثمار والأعمال في بلادنا بالوقت نفسه في خضم التكامل والتعاون مع النظام المصرفي الدولي".


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • ترامب يحمّل بايدن مسؤولية الانكماش الاقتصادي.. ويؤكد: "الازدهار قادم... لكن تحلّوا بالصبر"
  • ترامب ينأى بنفسه عن التراجع الاقتصادي
  • مستشار حكومي: ربط المصارف الوطنية بنظيراتها الأمريكية يوفر سبل الاستقرار الاقتصادي
  • تركيا تعلن أسماء الشركات التي ستقدّم خصومات للشباب المقبلين على الزواج! القائمة تضم 20 علامة تجارية
  • جامعة هيريوت وات ووكالة أورورا50 يصدران “تقرير مؤشر التنوع الجنساني في مجالس إدارات الشركات على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2025”
  • أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على تباين مع تقييم نتائج أعمال الشركات
  • مدبولي: هبوط حاد في مؤشر البطالة.. وخطة الإصلاح الاقتصادي في مسارها الصحيح
  • عضو بمجلس التخطيط الوطني: الوضع الاقتصادي في ليبيا يتدهور
  • عمار: الحديث عن المساس بالدعم نوعاً من «الغباء الاقتصادي»
  • السوداني: أهمية إسهام الشركات الإيطالية في النهضة الشاملة التي يشهدها العراق