مجزرة التاسع والعشرين من رمضان: جريمة في حق الإنسانية
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
مجزرة التاسع والعشرين من رمضان: جريمة في حق الإنسانية
د. عبد الله عابدين
إن ما جرى في ميدان الاعتصام من مجزرة في الثالث من يونيو ٢٠١٩، الموافق للتاسع والعشرين من رمضان قد تم مع سبق الإصرار والترصد من قبل المجلس العسكري الانتقالي.
وقد رأينا جميعا كيف كان التمهيد لذلك بقطع الإنترنت، ونشر أرتال مدججة من قواتهم في محيط ما أسموه بـ “بكولومبيا”، وما كولومبيا هذه، لدى التحقيق الأخير، إلا من صنعهم بدءا، ثم من تضخيمهم، وهي فوق ذلك كله من إفرازات النظام البائد، الذي لا يمثل مجلسه العسكري إلا امتدادا منهجيا وعضويا له.
هكذا، إذن، أطلوا علينا بعد زياراتهم الماكوكية الى دول محور الشر الإقليمي وتزودوا بالعطايا والرشى، و”بالوصفات الناجعة”، وكيفية طبخها وإعدادها، ولكن غاب عن أخيلتهم المريضة أنه ليس المطبخ الصحيح: فالسودان ليس مصر، وميدان اعتصام ثوار السودان ليس رابعة!!
وهذا لا يعني أننا لا ندين مجزرة رابعة في مصر، بل إننا لندينها أشد الإدانة ولا نقبل بأي شكل كان أن تواجه الشعوب بآلة القمع، وأن يحرموا من حقوقهم الطبيعية في الحياة والحرية والعدالة والسلام، وكل ما يمثل ويمت بصلة للحياة الإنسانية الكريمة.
مجزرة التاسع والعشرين من رمضان تمثل عملا همجيا بكل ما تحمله هذه الكلمة من أبعاد، حيث اعتدت مجاميع إرهابية تؤمن فقط بالقوة العنيفة التي بين يديها على شباب الثورة العزل السلميين. وقد تمت المؤامرة بمباغتتهم في الصباح الباكر دون أي مراعاة لحرمة الشهر المبارك.. هكذا خاب توقيتهم، وخاب جمعهم الذي أعدوا بليل خيبة صدمت صورتها أعين كل العالمين وشهد عليها القاصي والداني.. فقد كان سبابهم المقذع وكلماتهم الآسفة على “ضياع إجازاتهم”، وكل صغيرة وكبيرة قالوا بها أو فعلوها حينها كانت تبث مباشرة على الملأ.
كأني بفلولهم وقد ساقهم الله من حيث لا يدرون إلى تكرار ما كانوا يفعلون في دارفور طوال السنين الماضيات بعيدا عن أعين الرقباء، ثم يعمدون إلى إنكاره جملة وتفصيلا.. وكأني بهم ولسان حالهم يردد ذات الشعار الدامي لفلول قوات النظام البائد الجهادية:
لغة الدما لغتي ** وليس سوى الدمى
أنا عن فنون القول ** أغلقت الفما.. !!
في ميدان الاعتصام.. رأينا وسمعنا العجب العجاب، دوي الدوشكا، وما الحاجة للدوشكا؟! لماذا أنتم مددججون بهذا الأسلحة الثقيلة؟!.. أهو الخوف القابع في دواخلكم من فرط ما ارتكبتم من جرائم، وما سفكتم من دماء للأبرياء في دارفور وفي جنوب كردفان؟! ألم تعلموا بأن العزل لا تفض تجمعاتهم بالذخيرة الحية تصوب إلى الصدور والرؤوس؟! وكيف تعلمون بذلك، وأنتم قوات ومنظمات إرهابية، ليس إلا؟!
ما هذه السادية وما هذا الحقد الدفين؟! ما هذا الإصرار على القتل الجماعي وضرب المسنين والنساء وأنصاف الموتى والجرحى وهم لا حول ولا قوة لهم؟! ألا تدرون أنه حتى الحيوان يتوقف عن ضرب و تعذيب فريسته اذا علم أنها قد استسلمت له و لم تعد سوى “أسير” بين يديه؟!
أين الرجولة والنخوة وأنتم تطاردون الفتيات والنساء وتطلقون السباب عليهن بأقذع الأساليب، وتجبرونهن على قول “عسكرية” بدل مدنية؟! يحدث هذا وواحدتهن تجري إتقاء لشركم المستطيل، فلا تتركونها حتى تلحقوا بها أذى جسيما وعندكم من هذا الكثير الكثير!! هل تكملون نقصا في دواخلكم، أم على قلوب أقفالها؟!
بل لماذا أسألكم، حيث أنتم مجرد أدوات، “مأمورون”، كما يقال في هذه المواقف، درءا للمسؤولية عندما يأتي آتيها، وهو آت لا ريب؟! حقا لماذا أسأل المأمورين، والآمر هناك خلف نياشينه يقبع، وخلف ستراته يستكين، بلا ضمير يسأله، ولا وازع يزعه؟! .. أعني كبارهم في مجلس التسول الذين ما توانوا عن تدبيج الأكاذيب ونقض العهود والتراجع عن المواثيق، ثم في الختام، والعبرة بالخواتيم، بسفك دماء الأبرياء العزل والسلميين من شباب وشابات الثورة على قارعة عيد الفطر المبارك ليجعلوا تهننة السودانيين لبعضهم البعض في هذا العيد: عيد شهيد!!
ألا يعلم هؤلاء أنه يمكنهم القيام بواجباتهم في تأمين الوطن والمواطن، بدون أن يتربعوا على سدة الحكم، أليس هذا واجبهم الدستوري؟!.. أليست هذه عقيدتهم العسكرية؟! أم هي شهوة السلطة أمسكت بتلابيبهم، فاختنقوا بسمها الزعاف، وما كادوا يفلتون؟!
بيد أنني يجب أن أؤكد أنه لو كان جيشنا هو جيشنا، ولو أن أحراره كانوا يحكمون في قمة المؤسسة العسكرية، ولم “ينزع منهم السلاح”!! لما كان أمرنا بهذا الهوان، بل كنا سنبقى أعزة تحت راية جيشنا الباسل. وقد تبينت هذه الأزمة على لسان أحد الجنود عندما توسلته إحدى الثائرات على قارعة الهجوم الغاشم على ميدان الأحرار:
– ألن تقوموا بحمايتنا، وقد أتى هؤلاء لقتلنا، وسفك دمائنا؟!
ولم تكد تكمل الثائرة توسلاتها بطلب الحماية، وهي حق أساسي للمدنيين في كل أنحاء العالم، حتى انهمر الرصاص الحي عليهم، تصارخت الثائرة:
– الجيش إنتهى، الجيش إنتهى!!..
وتبخر صوتها وسط زعيق الكلاش والدوشكا تطلق من قبل أرتالهم الغاشمة التي لم تزود بأبسط معرفة أو تدريب في كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف الحساسة.. إذ ذاك ما فتئوا يصولون و يجولون في الميدان وقد تعروا تماما وهم يظنون أنهم يعرون الآخرين: صناعة وهم لا ضريب لها في التاريخ القريب للإنسانية!!
هل يجب إيراد كل تفاصيل هذه التراجيديا هنا؟.. كلا، فهي مبذولة بالصوت والصورة على الوسائط الحديثة وعلى شاشات التلفاز، ومدبجة بالكلمات على ألسنة المراسلين والمدونين، وتعج بها التقارير الإخبارية، وقنوات اليوتيوب.. إذن، ما الذي نريد هنا؟
إنني من هذا الموقع أدعو إلى “ضرب الحديد وهو ساخن” بإطلاق مبادرة على وجه السرعة تعنى بإعداد ملف كامل ودقيق ومفصل بكل الوثاثق لتقديم كل من:
– عبدالفتاح البرهان.
– محمد حمدان دقلو.
– شمس الدين كباشي.
ومن لف لفهم من أعضاء المجلس العسكري الانتقالي الى العدالة الدولية. وذلك من خلال رفع قضية في محكمة الجنايات الدولية بلاهاي بتهمة ارتكاب جريمة في حق الإنسانية تتمثل في مجزرة التاسع عشر من رمضان في ميدان الاعتصام في القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة في الخرطوم.. هذا طبعا بالإضافة إلى مسؤوليتهم الجنائية في أحداث الثامن من رمضان وما أزهق فيها من أرواح.
أما ملفهم الأسود في دارفور وفي جبال النوبة وغيرها من أقاليم السودان ذات الصلة فيجب أن يكون الصورة المتقدمة لضلوعهم في سفك دماء السودانيين وفي محاولات الإبادة الجماعية لقطاعات واسعة منهم في تلك المناطق كما في غيرها.
ويجب في هذا الصدد الاتصال المكثف بأسر الضحايا من الشهداء والمصابين بغرض توثيق شهاداتهم وإفاداتهم حول ما جرى من مجازر، كما يجب أن يفتح الباب لكل من تعرض لتعذيب أو اغتصاب أو سوء معاملة بأي شكل من الأشكال ليدلي بإفادته لكي تكتمل الصورة ويتكامل الإطار.
الوسوماعتصام القيادة العامة المجلس العسكري الانتقالي ثورة ديسمبر مجزرة القيادة
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: اعتصام القيادة العامة المجلس العسكري الانتقالي ثورة ديسمبر مجزرة القيادة
إقرأ أيضاً:
في حدث كروي تأريخي.. 18 مباراة بتوقيت واحد الليلة
بغداد اليوم- متابعة
تنطلق الجولة الأخيرة من الدور الأول في دوري أبطال أوروبا، اليوم الأربعاء، (29 كانون الثاني 2025)، بإقامة 18 مباراة في توقيتٍ واحدٍ.
وتُعدُّ هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تقام فيها 18 مباراة في نفس التوقيت ببطولة واحدة عبر التاريخ، سواء في بطولة دوري أبطال أوروبا نفسها، أو كأس العالم للمنتخبات، أو في البطولات القارية.
وكان الاتحاد الأوروبي"يويفا" استحدث شكلاً جديدًا لدوري أبطال أوروبا هذا الموسم، بلعب 36 فريقًا دوري من دور واحد، على أن يتأهل أصحاب أول 8 مراكز إلى دور الـ16، فيما يخرج أصحاب المراكز من 25 إلى 32 من هذا الدور.
أما أصحاب المراكز من التاسع وحتى الـ24 فسيضطرون لخوض مواجهتين (ذهابًا وإيابًا) لتحديد 8 فرق تتأهل إلى دور الـ16.
وستحدد الجولة الأخيرة، الفرق الثمانية المتأهلة مباشرة لدور الـ16، إضافة للمتأهلين للملحق، والمغادرين للبطولة.
وبحسب الاتحاد الأوروبي، فإن صاحبي المركزين التاسع والعاشر سيواجهان فريقين في المركز 23 و24؛ وأصحاب المراكز 11 و12 سيتم وضعهما ضد أصحاب مراكز 21 و22، وما إلى ذلك، في القرعة التي ستجرى يوم 31 يناير/كانون الثاني الجاري.
وسيواجه صاحب المركز التاسع على سبيل المثال أحد فريقين (23 أو 24)، على أن يواجه صاحب المركز العاشر الفريق الآخر، علمًا بأن مباراة الإياب تكون على ملعب الفرق (من 9 إلى 16).
ويمكن أن يلتقي فريقان سبق وواجها بعضهما البعض في مرحلة الدوري، وكذلك يمكن أن يلتقي فريقان من نفس البلد في مواجهات هذا الدور.
يشار إلى أن ليفربول (21 نقطة)، وبرشلونة (18 نقطة) ضمنا التأهل إلى دور الـ16، بغض النظر عن الجولة الأخيرة.
وأدناه جدول مباريات الجولة الأخيرة وستقام جميعها بذات التوقيت: