حرب غزة تفاقم أزمة جهاز الصحة النفسية بإسرائيل وتهدد بانهياره
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
القدس المحتلة– رسمت بيانات "المعهد الوطني لأبحاث السياسات الصحية" في إسرائيل صورة قاتمة لجهاز الصحة النفسية الذي تتفاقم أزمته منذ "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ يفكر العديد من المعالجين وعلماء النفس في ترك القطاع الحكومي والانتقال إلى الخاص بسبب الفجوة بين الأجور وعبء العمل.
وتشير استطلاعات جديدة إلى أن معظم العاملين في جهاز الطب النفسي الحكومي بإسرائيل، يعتزمون الاستقالة بسبب أعباء العمل الثقيلة على نظام الصحة النفسية، والارتفاع غير المسبوق بأعداد الإسرائيليين المحتاجين للعلاج، وسط الأجور المنخفضة للمختصين والأطباء، حيث يوشك هذا النظام على الانهيار، بحسب صحيفة "معاريف".
وأشرف على الاستطلاعات كبير الأطباء النفسيين في صندوق المرضى "مئوحيدت" البروفيسور أراد كوديش، والدكتورة عنبال ياركوني، وشمل أطباء نفسيين وممرضين وعلماء نفس ومختصين اجتماعيين ومعالجين آخرين في مجال الصحة العقلية.
وكُشف النقاب عن هذه الاستطلاعات عشية مؤتمر "نظام الصحة العقلية بإسرائيل" الذي سيعقد، الأربعاء والخميس المقبلين، في البحر الميت.
ومن بين المشاركين في الاستطلاعات، قال ما يقارب من 60% من العاملين في مجال الصحة النفسية إنهم يفكرون في ترك مكان عملهم في القطاع العام الحكومي. وارتفعت هذه النسبة بين المتخصصين في الطب النفسي للأطفال والشباب لتصل إلى 63.6%، بينما وصلت بين علماء النفس 41.7%، وكانت النسبة 33.3% في صفوف المتخصصين في الطب النفسي للبالغين.
ومن الأسباب الرئيسية الأخرى لذلك، وفق الاستطلاعات، عدم التوازن بين أوقات العمل وأوقات الترفيه والحياة الشخصية، وعبء العمل، ونطاق العمل الإداري المصاحب للعمل العلاجي، والرغبة في العمل من المنزل أيضا. ولكن في قطاعات مثل التمريض والعمل الاجتماعي، فإن الراتب هو السبب الرئيسي لقرار ترك النظام الصحي العام.
وعشية المؤتمر، تم إجراء استطلاع آخر بين 761 مريضا، وأظهرت نتائجه أن نظام الصحة النفسية بإسرائيل يحصل على درجة 3 (على مقياس 1-10)، إذ رأى 72% أنه في حالة سيئة إلى سيئة للغاية من حيث دمج التكنولوجيا والابتكار.
ويقول الدكتور إيتاي غال، في مقال له بصحيفة معاريف، "تظهر صورة مقلقة للغاية فيما يتعلق بشروط وظروف العمل لمقدمي الرعاية الصحية النفسية في الخدمة العامة، حيث تفاقمت أزمة ظروف العمل بعد 7 أكتوبر".
وأوضح غال، المختص بالصحة النفسية، أن الغالبية العظمى ممن شملتهم الاستطلاعات يشيرون إلى أن هذا عمل "متعب ويؤدي إلى التآكل وغير مجد ومحبط، حيث يتم استغلال الموظفين في النظام الصحي النفسي الذين يعملون أكبر عدد ممكن من الساعات بسبب النقص في الكوادر".
وأشار إلى أن "الشعور العام هو أن الموظفين بجهاز الصحة النفسية يعجزون عن تقديم الخدمة والعلاجات المناسبة للمراجعين، وما يقومون به بسبب ظروف العمل مجرد إطفاء الحرائق باستمرار بدلا من القيام بعمل كبير ومتعمق".
تحديات كبيرةمن جانبه، قال رئيس "معهد أبحاث سياسات الخدمات الصحية" نحمان آش إن "نظام الصحة النفسية، خاصة بعد حرب السابع من أكتوبر، على وشك الانهيار. وهناك حاجة إلى تغيير جوهري ومتعدد الأنظمة".
وأضاف آش، في حديث للموقع الإلكتروني "والا" عقب الكشف عن نتائج الاستطلاعات، أن "الحلول يجب أن تتركز على سد النقص في القوى العاملة، وتوفر الخدمات في القطاع العام التي أصبحت حاجة ملحة في ظل حالة الحرب".
ويعتقد رئيس المعهد أن الحكومة الإسرائيلية لا تتعامل بجدية مع الأزمة المتفاقمة بجهاز الصحة النفسية، ويطالب برصد الميزانيات الفورية والاستثمار بالنظام الصحي النفسي واستخدام التقنيات المتقدمة لتدارك إمكانية انهياره أكثر من أي وقت مضى، خصوصا بظل تداعيات أحداث 7 أكتوبر على الجهاز الصحي.
حلول وهميةوفي مؤشر لتفاقم أزمة جهاز الصحة النفسية والمخاوف من انهياره، أشارت دراسة مشتركة أجرتها "الجامعة العبرية" في القدس ومستشفى "شلفا" للصحة النفسية، وبحثت عواقب وتداعيات "صدمة" أحداث 7 أكتوبر والحرب في قطاع غزة على الجمهور في إسرائيل، إلى أن جهاز الصحة النفسية ليس بمقدوره تقديم العلاجات والخدمات للمراجعين، بسبب الارتفاع المتواصل بأعدادهم خلال الحرب.
وأشارت الدراسة التي استعرضتها القناة 12 الإسرائيلية إلى أن أكثر من 520 ألف شخص في إسرائيل تعرضوا لـ"اضطراب ما بعد الصدمة" وبحاجة لرعاية وعلاج، كما شهدت دراسات إضافية على سوء الحالة النفسية لدى الإسرائيليين بسبب الحرب الطويلة.
وقال رئيس جمعية الأطباء النفسيين الإسرائيلية، يورام شلاير، إنه "مع بداية إصلاح الصحة النفسية في عام 2015، رأينا أن الإجراء الأول الذي تم اتخاذه كان إغلاق العيادات، وتجاهل علاج المشكلة الأساسية، وهي بالطبع الرواتب وظروف العمل غير المستحقة والمهينة، مما يدفع الموظفين إلى ترك العمل".
ويتابع شلاير أنه منذ ذلك الحين شهدت إسرائيل الكثير من الأزمات، منها جائحة كورونا (كوفيد-19) وضربة 7 أكتوبر وحرب غزة، "وبدلا من قيام الحكومة الإسرائيلية برصد ميزانيات وتحديث رواتب الأطباء النفسيين، وكذلك تحديث المعايير لتناسب احتياجات السكان، وبدلا من الاحتفاظ بالمختصين النفسيين، فإنها بحثت عن حلول وهمية تسببت بتراكم المشاكل التي تنذر بانهيار تام لنظام الصحة النفسية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات جائحة كورونا نظام الصحة النفسیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
طلاب تجارة عين شمس يطلقون حملة توعية مجتمعية لدعم الصحة النفسية
أطلق مجموعة من طلاب كلية التجارة بجامعة عين شمس مشروع تخرج مبتكر يحمل رسالة إنسانية ومجتمعية عميقة، تحت شعار "الصحة النفسية.. أول خطوة لحياة أفضل"، مستهدفين نشر الوعي النفسي بين الشباب، وكسر الصور النمطية السلبية المرتبطة بالعلاج النفسي، في ظل عالم يمتلئ بالضغوطات والمفاهيم المغلوطة عن أهمية الصحة النفسية ودور العلاج النفسي في حياة الإنسان.
ويهدف المشروع إلى معالجة النظرة التقليدية السلبية للعلاج النفسي، وجعل طلب الدعم النفسي أمرًا طبيعيًا ومقبولًا بعيدًا عن وصمة العار والخجل، وذلك عبر حملات توعوية تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة رئيسية للوصول إلى فئة الشباب، باستخدام أدوات رقمية حديثة ومحتوى بصري تفاعلي وقصص واقعية ملهمة.
وأوضح الطلاب القائمون على المشروع أن فكرتهم انطلقت من قناعة راسخة بأن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة العامة للإنسان، وأن التحديات النفسية التي يمر بها الأفراد تستدعي مساحة آمنة من القبول والفهم والدعم، بعيدًا عن الأحكام المسبقة والخوف المجتمعي من وصمة المرض النفسي.
ويعتمد المشروع على تصميم حملات رقمية مبتكرة، تتضمن إنتاج محتوى مرئي وجرافيكي تفاعلي يناقش قضايا نفسية مختلفة بلغة مبسطة وقريبة من الشباب، إلى جانب رواية قصص حقيقية لأشخاص خاضوا تجارب علاج نفسي ناجحة، بهدف إلهام المتابعين وكسر حاجز الصمت والخجل المرتبط بالاضطرابات النفسية وطلب المساعدة.
كما يركز الفريق على نشر رسائل إيجابية تعزز فكرة أن طلب الدعم النفسي لا يعد ضعفًا أو تقصيرًا، بل هو تعبير عن القوة والرغبة الحقيقية في التغيير والنمو، معتبرين أن التحدث عن المشاعر ومواجهة المشكلات النفسية خطوة أولى وأساسية نحو التعافي والتحسن.
ولم يقتصر المشروع على الجانب التوعوي فقط، بل امتد ليشمل تقديم حلول عملية من خلال التعريف بدور المعالج النفسي كشريك داعم في رحلة العلاج والنمو الشخصي، وليس مجرد "طبيب" يعالج مريضًا، في محاولة لتغيير الصورة النمطية التقليدية السائدة في الأذهان حول طبيعة العلاج النفسي.
وأكد الطلاب أن مشروعهم يسعى أيضًا إلى بناء مجتمع إلكتروني داعم عبر منصات التواصل الاجتماعي، يكون بمثابة مساحة آمنة لكل من يمر بتحديات أو ضغوطات نفسية، حيث يجد المتابعون محتوى يعزز من تقبل الذات والتعاطف مع الآخرين، ويشجع على تبادل الخبرات والقصص دون خوف أو خجل.
وضم فريق العمل الطلابي مجموعة من الشباب الطموحين، وهم:
ربى ياسر مسعد مصطفى
عمر سالم عبدالحق بيومي
سما كمال أبو الحسن عبدالعزيز
آية أحمد سيد طه الخطيب
سماح سامح فسدق تاوضروس
أحمد محسن محمد حسن
عبدالرحمن حسام فاروق محمد
وأكد الفريق أن رسالتهم الأساسية تتمثل في ترسيخ قناعة مجتمعية جديدة مفادها أن "طلب الدعم النفسي قوة لا ضعف، والاهتمام بالصحة النفسية حق طبيعي لكل إنسان، والتحدث عن المشاعر هو البداية الحقيقية نحو التعافي والشفاء".
ويأتي هذا المشروع في وقت تزايدت فيه الحاجة إلى حملات التوعية بالصحة النفسية، خاصة مع ارتفاع معدلات الضغوط النفسية في أوساط الشباب نتيجة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتلاحقة، ما يجعل من هذه المبادرات الشبابية نماذج ملهمة يجب دعمها وتوسيع نطاقها للوصول إلى أكبر عدد من الفئات المستهدفة.