المنافسة على خارطة السياحة الأسرية
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
محمد بن زاهر العبري
كان المُؤمل من وزارة التراث والسياحة أن تعمل على جعل السلطنة بين الدول الأعلى جذبًا للسياحة الداخلية؛ بل ومن أشرس المنافسين، ولكن من المؤسف ألا نجد أنَّ السياحة المحلية خصوصًا العائلية، تستقطب وفود العُمانيين والعائلات العُمانية فضلاً عن الوافدين القاطنين في البلد، ذلك لفقدان البلد البُنى التحتية التي تثري السياحة المحلية.
لا تزال العديد من الأسر العُمانية تنتهز العطلات الصيفية أو العطلات القصيرة لأجل السفر إلى خارج البلد، خصوصًا العائلات التي ترغب في السفر لأجل الترويح عن الأطفال بعد موسم دراسي طويل.
نصيب الدول- خصوصًا في الإقليم- التي تحتضن مدنًا ترفيهية حديثة، من حصة استقطاب هذه العائلات وبأعداد هائلة هو نصيب الأسد، في حين تفتقر السلطنة من أقصاها لأقصاها إلى مدينة ترفيهية حديثة تستطيع جذب السياحة الداخلية، ولا يبدو أن أحدًا يمتلك إجابة عن التساؤل التالي: لماذا؟
المدن الترفيهية الضخمة والحديثة ليس فحسب أنها تستطيع توفير مئات وربما الألوف من الوظائف، وإنما تعمل على تفعيل الفنادق المحيطة بها، فترتفع نسب تشغيلها إلى 100%؛ بل إن حجوزات الغرف تبدأ فيها قبل شهور من مواسم العطلات.
وبالطبع، فإنَّ حركة الطيران أيضًا تنشط من هذا الاستقطاب، فضلًا عن المطاعم والمحلات والأسواق المتاخمة لهذه المدن الترفيهية الضخمة. الوافد أيضًا يصرف النظر عن السفر في العطلات القصيرة، ويتجه إلى الترفيه عن عائلته في هذه المدن الممتعة فيُداور المال في البلد نفسه.
وزارة التراث والسياحة تهتم هذه الأيام برياضة تسلق الجبال، وتدعم السياحة المهتمة في هذا الجانب، إلّا أنه غير غائب عنها أنَّ هذه السياحة لفئة محددة وقليلة جدًا تتمتع بشروط بدنية خاصة تؤهلها لخوض غمار المغامرة الخطرة، كما إن طقس السلطنة لا يساعد على هذه السياحة إلّا في أشهر قد تبدأ من نوفمبر وتنتهي إلى مارس.
في حين لا مجال لمقارنة عوائد هذه السياحة؛ بما قد يعود بالنفع على البلد من استقطاب السياحة الأسرية والعائلية، ليس فحسب عبر إنشاء الفنادق، وإنما عبر إنشاء مدن ترفيهية حديثة تستطيع تقديم خدمات الجذب على مستوى الإقليم؛ بل العالم فضلًا عن السياحة المحلية.
الأعداد المهولة من المسافرين بقصد الترفيه عن أطفالهم سيجدون جذبًا فائقًا فيها، خصوصًا إذا رافقتها حزمة من التسهيلات.
أخبرني زميل أنَّه يسافر في كل عطلة قصيرة إلى إحدى مدن الإقليم التي تحتضن مدينة ترفيهية كُبرى، ويقيم مع أسرته طوال فترة تلك العطلة القصيرة في أحد فنادقها، ويكاد لا يحصل على حجز إن تأخر قليلًا، ويقول هذا الزميل إنه دائمًا يجد عشرات من الأسر العُمانية متواجدة ضمن الوفود التي تملأ أرجاء تلك المدينة، بحيث إنك تعجز عن الحصول على طاولة للغداء أو العشاء على كثرة المطاعم الموجودة في تلك المدينة الترفيهية.
ندعو وزارة التراث والسياحة إلى إعادة تقييم المشاريع المُستقطبة للسياحة المحلية، والتفكير الجاد بجعل السياحة الأسرية واحدة من أهدافها التي تعمل على تحقيقها في المرحلة المقبلة، فعُمان لا تستاهل أن تخلو تماًما من هكذا بؤر جاذبة للسياحة، خصوصًا لجدواها الاقتصادية، كما إن الطفل العُماني يستحق أن يجد له ترفيهًا في بلده يُضاهي ما تُقدِّمه له دول الإقليم من متعة، إن لم يفُقْها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
اشتباكات واعتداءات إسرائيلية تنتهي باتفاق مبدئي في صحنايا.. إليك خارطة ما جرى
هدأت الاشتباكات الدامية في منطقة أشرفية صحنايا في ريف دمشق بعد توصل الحكومة إلى اتفاق "مبدئي" مع وجهاء من الطائفة الدرزية وأهل المنطقة لإنهاء التوترات، التي اشتعلت على مدى الأيام القليلة الماضية.
وشهدت مدينة جرمانا في ريف دمشق اشتباكات بين قوات الأمن و"مجموعات خارجة عن القانون"، قبل أن تتوسع رقعة التوتر لتشمل صحنايا وأشرفية صحنايا، ما أسفر عن سقوط 16 قتيلا على الأقل، وفق بيانات رسمية.
وجاء التوتر الذي عصف في المناطق التي تسكنها غالبية درزية بعد تداول تسجيل صوتي يحمل إساءات بالغة للنبي محمد، "تلاه تلاه تحريض وخطاب كراهية على مواقع التواصل الاجتماعي"، حسب وزارة الداخلية.
ومساء الأربعاء، أعلنت السلطات السورية انتهاء الحملة الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا بعد دخول قوات الأمن إلى المدينة وانتشارها من أجل تأمين الأحياء والسكان المحليين.
وقال محافظ ريف دمشق عامر الشيخ، إن "مجموعات خارجة عن القانون تسللت إلى الأراضي الزراعية في منطقة أشرفية صحنايا (ليل الثلاثاء/ الأربعاء)، واستهدفت كل تحرك مدني أو أمني، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من المدنيين ومن عناصر قوات الأمن العام (لم يذكر عددهم)".
وأضاف في مؤتمر صحفي بمقر وزارة الإعلام في دمشق، "قمت مع محافظي السويداء والقنيطرة بزيارة أشرفية صحنايا اليوم (الأربعاء)، والتقينا بالفعاليات الاجتماعية، وأكدنا ضرورة عودة مؤسسات الدولة".
وشدد الشيخ على "عدم التسامح أو التهاون مع الإساءة للمقدسات الدينية وعلى رأسها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم"، لافتا إلى أن "الأمن العام اعتقل عددا من الخارجين عن القانون في أشرفية صحنايا". كما شدد المسؤول السوري على "ضرورة حصر السلاح بيد الدولة".
اعتداءات إسرائيلية
وفي السياق، شنت دولة الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية على مناطق في أشرفية صحنايا تحت مزاعم حماية الدروز، ما أسفر عن سقوط قتيل في صفوف الأمن وإصابة آخرين.
وكان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن في بيان مشترك مع وزير الحرب يسرائيل كاتس، أن "الجيش الإسرائيلي نفذ ضربة تحذيرية ضد متطرفين كانوا يستعدون لمهاجمة الدروز في بلدة صحنايا السورية".
كما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي إجلاء 3 سوريين من أبناء الطائفة الدرزية لتلقي العلاج الطبي داخل دولة الاحتلال، لافتا إلى أنه "تم نقل المصابين إلى المركز الطبي زيف في تسفات بعد أن أصيبوا في سوريا".
وأضاف جيش الاحتلال على لسان المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، أنه "يتابع التطورات في منطقة سوريا حيث تبقى القوات مستعدة للدفاع وللتعامل مع سيناريوهات مختلفة".
في المقابل، شددت وزارة الخارجية السورية على رفض دمشق "القاطع لجميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية"، معتبرة أن "الدعوات الأخيرة التي أطلقتها جماعات خارجة عن القانون، شاركت في أعمال عنف على الأراضي السورية، للمطالبة بما يسمى حماية دولية، دعوات غير شرعية ومرفوضة بشكل كامل".
وأكدت الخارجية السورية، في بيان، "التزام سوريا الراسخ بحماية جميع مكونات الشعب السوري دون استثناء، بما في ذلك أبناء الطائفة الدرزية الكريمة، التي كانت ولا تزال جزءا أصيلا من النسيج الوطني السوري".
ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي، تتصاعد تحذيرات من داخل وخارج سوريا من محاولات دولة الاحتلال استغلال الدروز لترسيخ انتهاكاتها للسيادة السورية، بينما تؤكد دمشق أن لجميع الطوائف في البلاد حقوق متساوية دون أي تمييز.
"كل دم سوري محرم"
علق المفتي العام للجمهورية العربية السورية، الشيخ أسامة عبد الكريم الرفاعي، على التوترات المتسارعة في ريف دمشق، مشددا على أن "كل دم سوري محرم".
وقال الرفاعي في تسجيل مصور، "كل قطرة دم من أبناء هذا البلد غالية على قلوبنا"، مضيفا أن "هذه الفتنة يشعلها أعداء الوطن الذين لا يريدون الخير بل تخريبه وتدميره".
وشدد على أنه "لن يكون هناك أي رابح من وراء الفتنة"، مؤكدا أن على "السوريين عدم التفكير بالثأر والانتقام وترك العدالة كي تأخذ مجراها".
وتابع الشيخ الرفاعي: "أقول للسوريين إن عليهم ألا يسمعوا لأصوات الفتنة"، مشددا على ضرورة "التعقل والعمل على تهدئة النفوس حتى يعم الأمن".
من جهتها، أعلنت محافظة السويداء، عن التوصل إلى اتفاق وصفته بأنه "مبدئي" لوقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا، وتشكيل لجنة مشتركة لحل أزمة التوترات الأمنية بالمنطقتين.
وقالت المحافظة في بيان عبر منصة "تلغرام"، إنه "خلال الجلسة التي عُقدت في دمشق بحضور محافظي ريف دمشق، والسويداء، والقنيطرة إلى جانب عدد من الوجهاء والشخصيات الاجتماعية، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي يقضي بوقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا".
دروز لبنان
وفي السياق، دعا الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، وليد جنبلاط، إلى إجراء "تحقيق شفاف" في الحادثة، محذرا في الوقت ذاته من محاولة دولة الاحتلال الإسرائيلي استغلال الدروز.
وقال جنبلاط في كلمة له خلال اجتماع استثنائي للمجلس المذهبي الدرزي في العاصمة اللبنانية بيروت، إن "أتباع الشيخ موفق طريف (زعيم الطائفة الدرزية في دولة الاحتلال) يريدون توريط دروز لبنان وسوريا لمحاربة جميع المسلمين".
وأضاف أنه "مستعد للقيام بكل الخطوات، كما فعلتُ سابقا مع دروز إدلب، لكن لا بد من برنامج واضح وإسكات البعض في الداخل الذين يستنجدون بإسرائيل"، داعيا تشكيل لجنة للاتصال بجميع الأطراف للعمل على حل الأزمة في سوريا.
كما حذر شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز بلبنان سامي أبو المني، من "مخططات لضرب أبناء الوطن الواحد في سوريا"، موضحا أن "ما حصل في سوريا مشروع فتنة، وعلى الدولة أن تحفظ حقوق الشعب بكل أطيافه".
وأضاف "تواصلنا مع القيادة السورية والمسؤولين في تركيا وقطر والسعودية ومع مفتي الجمهورية العربية السورية سماحة الشيخ أسامة الرفاعي، ومفتي الجمهورية اللبنانية سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان".