الشركات الناشئة.. الدعامة الحقيقية للاقتصاد
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
شمسة الريامية
تُعد ندوة المُؤسسات الصغيرة والمتوسطة بسيح الشامخات في عام 2013، هي إحدى أبرز الندوات التي قُمت بتغطيتها في بدايات رحلتي المُتواضعة بعالم الصحافة، كما تُعتبر هذه الندوة نقطة الانطلاقة الحقيقية لتكوين الأرضية الصلبة والمسار الصحيح والواضح الذي ينبغي أن تسير عليه هذه المؤسسات حتى تساهم فعلياً في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان وتوفر فرص عمل للشباب.
أتذكر حينها أني كتبت مقالًا بعد انتهاء الندوة بعنوان "الكرة في مضربكم"، تحدثت فيه عن أنَّ الحكومة وفّرت كل أنواع الدعم والتمويل؛ سواء المالي أو المعنوي وغيرها الكثير للنهوض بهذه المؤسسات، وعلى رواد الأعمال اقتناص الفرص والقيام بدورهم في تنمية مؤسساتهم والتوسع فيها.
مرّت عليَّ تلك المشاهد واللحظات التي احتفظت بها في صندوق ذاكرتي جيدًا، وأنا أتابع توجيهات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- بإطلاق مبادرات وبرامج تُعزِّز من تطور هذه الشريحة من المؤسسات، وآخرها مبادرة تأسيس سوق فرعية في بورصة مسقط للشركات الواعدة، وازداد يقيني بأن الجهود مستمرة ومتواصلة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، والتي لن تتوقف بكل تأكيد عند هذا الحد.
وحرصًا من الحكومة على الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة المتسارعة وتقنيات الذكاء الإصطناعي وإنترنت الأشياء وغيرها من التقنيات التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، فإنها تُحفِّز على تأسيس شركات تقوم على التقنية والابتكار والمعرفة لدورها في النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل للمواطنين.
وقد تزايد الاهتمام بالشركات الناشئة في سلطنة عُمان في السنوات الأخيرة، وذلك عن طريق إطلاق برنامج يُعنى بهذه الشركات، وتأسيس صندوق للاستثمار الجريء للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة. كما لم تألو المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء جهدا في تقديم الدعم للشركات الناشئة، إذ وجه البنك المركزي العُماني المؤسسات المالية المختلفة إلى تمويل الشركات العاملة في مختلف القطاعات وخاصة في التكنولوجيا المالية.
كذلك ضخ الصندوق العُماني للتكنولوجيا (سابقًا) استثمارات في أكثر من 92 شركة ناشئة عُمانية في مراحل مُختلفة؛ مما يُؤكد اهتمامه بدعم هذه الشركات لتؤدي دورها المأمول في الاقتصاد الوطني. ولتقديم الاستشارات في دراسات الجدوى الاقتصادية، وإعداد الحملات الترويجية لمنتجات هذه الشركات للمنافسة على المستوى الدولي، أنشأت هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حاضنات في مختلف محافظات سلطنة عُمان لتقوم بهذا الغرض.
ونظرًا لهذه الجهود الفعَّالة من قبل الجهات الحكومية والشركات الخاصة، فقد حصلت سلطنة عُمان على المركز 45 في تمويل الشركات الناشئة في عام 2022 في مؤشر الابتكار العالمي. ووفقًا لتقرير صدر عن مؤسسة "ستارت أب جينوم" حازت سلطنة عُمان على تصنيف متقدم في مجالات الأسواق الجاذبة للمواهب بتكلفة مناسبة للشركات الناشئة على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
إنَّ لدى شبابنا الكثير من الأفكار الرائدة، والجامعات تضج بالتجارب البحثية التي لا تزال تبحث عمن يترجمها إلى واقع، بعد أن أثبتت جدواها، وفي ظل هذا الاهتمام الكبير من قبل سلطان البلاد المُفدى- حفظه الله- وحكومته التي عملت على تهيئة البيئة الداعمة للشركات الناشئة، وبناء قدراتها وتقديم الدعم المالي لها، أصبح الأفق واسعا للنهوض بأفكار وتطلعات الشباب لتأسيس مشاريع مبتكرة في قطاعات مهمة وحيوية تواكب التطورات المتسارعة، وتترجم مستهدفات رؤية "عُمان 2024" في إيجاد اقتصاد مستدام.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كيف يفتح العمل الصالح أبواب السعادة الحقيقية ويمنحك حياة مليئة بالطمأنينة
يبحث الإنسان في حياته عن السعادة، التي يظن أن الحصول على المال والسلطة والمكانة الاجتماعية هو السبيل إليها. ولكن في الحقيقة، السعادة الحقيقية لا تأتي من متاع الدنيا الزائل، بل من العمل الصالح الذي يرضي الله ويُحيي النفس البشرية بالطمأنينة والسكينة.
كيف يفتح العمل الصالح أبواب السعادةفي القرآن الكريم، وعد الله تعالى عباده الصالحين بحياة طيبة في الدنيا وآخرة أفضل، حيث قال سبحانه وتعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]. وهكذا، فإن الله سبحانه وتعالى يوضح لنا أن العمل الصالح هو الذي يقود الإنسان إلى حياة مليئة بالرضا والسكينة، ويمنحه جزاءه في الدنيا وفي الآخرة.
إن العمل الصالح لا يقتصر على الطاعات والعبادات فحسب، بل يمتد ليشمل جميع الأعمال التي تنبع من نية خالصة لله تعالى، كإحسان التعامل مع الآخرين، وتقديم المساعدة للمحتاجين، والسعي وراء الخير في كل جانب من جوانب الحياة. هذا العمل هو ما يزكي الروح ويطهر القلب، ويحقق السلام الداخلي للإنسان، لأن إيمانه بالله ورضاه عن أفعاله يجلب له شعورًا بالطمأنينة.
وفي هذا السياق، لا ينبغي للإنسان أن يعتقد أن السعادة الحقيقية تكمن في جمع المال أو امتلاك الممتلكات. فهذه الأشياء مؤقتة، بينما السعادة الحقيقية تتجسد في سلامة النفس وراحة القلب والإيمان بالله، الذي ينعكس بدوره في سلوك الإنسان. ومن هنا، تكمن أهمية القناعة والرضا بما قسمه الله له، فالتقدير الصحيح لما في يده يجلب السعادة الداخلية، ويزيد من رضاه عن حياته.
إن الله تعالى يضمن للإنسان الذي يسير على طريق العمل الصالح أن يحييه حياة طيبة، وهو وعد يتكرر في كتابه العزيز؛ حيث أن الحياة الطيبة لا تعني بالضرورة حياة خالية من التحديات، بل حياة مليئة بالإيمان، حيث تكون القدرة على الصبر والتفاؤل في الأوقات الصعبة هي سر السعادة الحقيقية.
ختامًا، إن العمل الصالح والإيمان بالله هما مفتاحا السعادة في الدنيا والآخرة. ولذلك، يجب على الإنسان أن يسعى دائمًا لتحقيق رضا الله، وأن يتذكر أن السلام الداخلي ينبع من تقوى الله والعمل بما يرضيه، لتكون حياته مليئة بالبركة والطمأنينة.