دير الشيخ.. قرية أسسها عالم مسلم وهجرتها نكبة 1948
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
قرية فلسطينية مهجرة منذ حرب 1948، تقع جنوب غرب المدينة المقدسة، احتلها لواء هرئيل في سياق عملية ههار (الجبل) وذلك يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول.
الموقعتقع دير الشيخ إلى الغرب بانحراف قليل إلى الجنوب من مدينة القدس، وهي على بعد 16 كيلومترا منها.
وكانت هذه القرية رابضة على أسفل السفح الشمالي لجبل "الشيخ بدر" أحد جبال القدس الغربية، ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر 475 مترا.
وتشرف من جهة الشمال الشرقي على وادي الصرار، وتخترق سكة حديد القدس يافا التي أقامها العثمانيون على أراضي القرية، ووجدت محطة للقطار على أرضها باسم محطة الشيخ بدر.
ولدير الشيخ دروب تربطها بالقرى المجاورة، ومنها طريق إلى القدس وآخر يصل إلى منطقة باب الواد الواقعة ما بين القدس ويافا.
وتصلها طرق فرعية بقرى عقور ودير الهوا وسفلى وبيت عطاب ورأس أبو عمار.
قدر عدد سكان دير الشيخ عام 1553م بـ210 نسمة تقريبا، وزاد عددهم عام 1596م إلى 270 نسمة تقريبا، أما عام 1871 فكان عددهم 196 نسمة، وعام 1931م وصل إلى 147 نسمة، بينهم 7 مسيحيين ويهودي واحد.
وعام النكبة (1948) كان عدد السكان 255 نسمة، وعام 2008 بلغ عدد أهالي دير الشيخ اللاجئين المسجلين بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) 1204 مواطنين.
تاريخ دير الشيختقول الرواية الشفوية إن دير الشيخ هو الاسم الموروث عن أسلاف القرية، وهو ما تؤكده أيضا الوثائق العثمانية منذ القرن الـ16 وحتى عام النكبة، لكن يتردد أيضا أن الاسم القديم هو دار الشيخ، والمقصود به "دار السلطان بدر" وهو محمد بن أبي القاسم بن محمد بدر الدين الهكاري.
وبدر الدين الهكاري أحد فرسان المسلمين، وكانت له مواقف مشهودة في قتال الفرنجة. وكان من أكابر أمراء المعظم الملك عيسى بن أبي بكر العادل بن يوسف بن أيوب الذي كان يستشيره ويثق به لصلاحه. وكان سمحا لطيفا ورعا خيرا بارا بأهله وبالفقراء، وبنى في القدس مدرسة للشافعية.
ونزل الهكاري السلطي وأبناؤه القدسَ قادمين إليها من مدينة السلط شرقي الأردن، وكونوا حارة "السلطية" وتولى أحفاده إمامة المسجد الأقصى لعقود طويلة وعرفوا بعائلة الإمام، ولا يزالون يقيمون بالمدينة المقدسة إلى اليوم.
وكان عدد الأكراد كبيرا بمدينة القدس، إذ شكلوا بها حارة خاصة بهم عرفت باسم "الأكراد" وكانت تقع غربي حارة المغاربة، وتعرف اليوم باسم "حارة الشرف".
ويستقر جزء آخر من أحفاد الهكاري في شرفات وهي من القرى القديمة بالقدس، يقع فيها مسجد مقام البدرية المذكور بكتاب "أنس الجليل من القدس إلى الخليل" ويقال إن رجلا صالحا من نسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه جاء إلى القرية مع عائلته، وأسلم على يديه بعض سكانها المسيحيين.
وتنسب المدرسة البدرية إلى واقفها بدر الدين محمد بن أبي القاسم محمد الهكّاري، ولم يبق منها اليوم سوى بوابتها، وفي الجزء الغربي منها ضريح كبير من الحجر يقال إنه قبره.
احتلت الزراعة (وخاصة البعلية المعتمدة على الأمطار) المرتبة الأولى بقائمة اقتصاديات دير الشيخ، ثم تربية المواشي. ومن أهم المحاصيل فيها الحبوب، وتشمل القمح والشعير والعدس والفول والحمص والكرسنة والحلبة، وهي محاصيل شتوية تعتمد على مياه الأمطار، أما الزراعة الصيفية فتعد الذرة من أولوياتها.
وكانت مساحة أراضي دير الشيخ -وكثير منها مشاع- 6781 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع) منها 141 دونما للطرق والوديان و400 دونم غرست بأشجار الزيتون قبل عام 1944، وحوالي 1316 دونما للمزروعات الشتوية مثل القمح والشعير.
ولم يتوقف نشاط أهالي دير الشيخ عند الثروة الزراعية، بل اهتموا أيضا بالثروة الحيوانية، وكانت نسبة كبيرة من أراضي القرية تعرف بـ"أراضي المشاع" التي تكون ملكيتها لمجموع القاطنين بالقرية، وكان حق التصرف منوطا بالسكان كلهم، ويشتركون في حقوق الرعي والاحتطاب والمياه، لذلك كانت نسبة كبيرة من أراضي دير الشيخ تستخدم مراعي للحيوانات.
معالم دير الشيخكان في القرية مسجد واحد قديم اسمه مسجد "السلطان" ويلحق به مقام كبير ذو قبتين به مصلى للنساء وقبر للسلطان بدر، وكذلك قبر كبير لعائلة السلطان.
ويعتبر هذا المسجد من المعالم الرئيسية الهامة بدير الشيخ، وذلك لقدمه وجمال بنائه، وهو الوحيد بالقرية، وتقام فيه صلاة الجمعة والجماعة والعيدين، وكان أيضا مقرا لتلقي العلم قبل بناء المدارس.
احتلال القرية وتهجير سكانهااحتلت القوات الإسرائيلية ممر القدس إلى الجنوب تماما من الطريق المؤدي إلى الساحل، مع انتهاء الهدنة الثانية في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1948.
واحتل لواء هرئيل دير الشيخ في سياق هذه العملية التي عرفت بعملية "ههار" وذلك يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 1948.
المستوطنات على أراضي دير الشيخلا توجد مستوطنات على أراضي القرية، ولكن على بعد كيلومتر واحد منها إلى الجنوب الغربي تقع مستوطنة نيس هريم التي شيدت سنة 1950، وتقع في أرض تابعة لقرية بيت عطاب.
بعد التهجيرتم هدم بيوت القرية عدا مقام الشيخ سلطان بدر، وهو بناء أبيض جميل ذو قبتين يربض حاليا وسط غابة من أشجار القطلب ذات اللحاء الأحمر التي تشتهر بها أرض القرية، حتى عرفت المنطقة بوادي القطلب.
وتخترق أراضي دير الشيخ مسارات المشي والتنزه بعد إعلانها محمية طبيعية من قبل سلطات الطبيعة الإسرائيلية، لكن على أنقاض البيوت المهجرة.
وتغطي الأعشاب البرية ركام الحجارة المتناثرة، ويوجد فيها أيضا الصبار وكثير من شجر الزيتون، ولا تزال أنقاض المنازل المبعثرة في أنحاء الموقع بادية للعيان.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بيتر ثيل.. ملياردير يكره الديمقراطية وهكذا يرى العالم
رسمت مجلة لوبس صورة متعددة الألوان والأبعاد للمستثمر في فك التشفير بيتر ثيل المسيحي المعادي للديمقراطية والذي يدعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورأت أنه يحمل أفكارا غريبة، وله تأثير قوي على جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي.
وافتتحت المجلة مقالها المطول -بقلم جولي كلاريني وريمي نيون- عن ثيل، الذي يصف نفسه بأنه ليبرالي ومسيحي وشاذ وقارئ ومعلق على الفيلسوف الفرنسي رينيه جيرار، بقوله "مرحبا بفوز ترامب" الذي دعمه منذ عام 2016، مبرزا أن "المستقبل يتطلب أفكارا جديدة وغريبة".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 25 أسئلة لتوضيح ما تعنيه خطة نشر قوات أوروبية في أوكرانياlist 2 of 2الإسلاموفوبيا في فرنسا.. ليبيراسيون: 173 عملا معاديا للمسلمين عام 2024end of listوإذا كان هذا المستثمر الذي صنع ثروته من خلال فيسبوك والمشاركة في تأسيس "باي بال" وشركة البرمجيات "بالانتير"، أقل شهرة بين عامة الناس من صديقه الملياردير إيلون ماسك، فهو يعد من الشخصيات الأكثر نفوذا في الإدارة الجديدة، وهو من أكثر رجال الأعمال في مجال التكنولوجيا قدرة على التعبير الفكري، وتقول الفيلسوفة كاثرين مالابو "إن ما توصل إليه ليس فلسفة عظيمة، ولكنه ليس سيئا مقارنة بترامب وماسك".
ولتوضيح صورة ثيل صاحب الفكر المتقلب، يؤكد عالم الاجتماع أرنو سان مارتن أن الخط الفاصل بين العظمة والسخافة رفيع للغاية، وأن "الحياة اليومية لثيل لا تزال تتلخص في التماس المال، لكن هؤلاء الناس يحاولون إعطاء أنفسهم طابعا فلسفيا من خلال إشارات غامضة، وهو يقول أشياء شنيعة، ولكن كلما كنت أكثر ثراءً زاد الأمر سوءًا".
إعلان
وقد لخص المقال فكر هذا الملياردير، الذي ولد عام 1967، في ست نقاط محورية حسب التسلسل التالي:
1. كآبة المشاريع العظيمةيرى ثيل أن العالم راكد، وهذا هو أحد الجوانب الأكثر إثارة للدهشة في خطابه، رغم وجوده فيما يعتبر القلب النابض للابتكار العالمي وادي السيليكون، فهو يرى أن دماء الغرب قد نفدت منذ زمن طويل بعد أن كان المهندسون أصحاب الرؤية الثاقبة يريدون إعادة تشكيل العالم وكشف أسرار المادة.
في ذلك -كما يرى ثيل- نجح المهندسون في اختراق الذرة، ونشروا الزراعة المعدلة وراثيا، وبنوا السدود، وصمموا طائرة الكونكورد، أما اليوم ففقدنا هذا الزخم، ونحن نكتفي بتوزيع ثمار التقدم الماضي دون أن نخترع أي شيء آخر في الواقع.
ويرد ثيل، الذي يكره النساء، فقدان روح الفتح إلى "تأنيث المجتمع" واستيلاء البيروقراطيين وموظفي المالية والعصريين (الهيبسترز) على السلطة، وهم جميعا شخصيات ضعيفة، وإلى الخوف من التقدم، إذ يرى أن علاج الخوف من الحرب النووية ليس الهروب من بناء الأسلحة النووية، بل بتطوير "أنظمة أفضل مضادة للصواريخ الباليستية".
وكذلك يسخر ثيل من علم المناخ الذي يعتقد أنه بعيد عن الصواب في إثارة الشك في المستقبل، وحسب رأيه، لا ينبغي أن تتمثل الاستجابة للأضرار البيئية في الإبطاء، بل في الإسراع لأن حل مشكلة تغير المناخ يكمن في "مفاعلات الاندماج".
العبقري في نظر ثيل يشبهه تماما، فهو رجل أولا وأبيض ثانيا ثم هو أميركي أو على الأقل غربي، وفكر ثيل هو بمثابة حنين إلى الزمن المبارك عندما كانت هذه الفئة من الناس تعتقد أنها مركز الكون.
2. اختفاء الرجال العظماءفي ذهن ثيل، قراءة التاريخ بسيطة، فهو جدول مزدوج الإدخال، إما "متفائلون أو متشائمون" وكذلك "متأكدون أو غير محددين"، فالأوروبيون متشائمون غير محددين، "يقتصرون على رد الفعل على الأحداث عند وقوعها"، أما الصينيون فهم متشائمون محددون يفعلون كل ما في وسعهم لتجنب اندلاع ثورة، في حين أن الأميركيين -في نظره- متفائلون بشدة، ولكنهم لا يخططون لمستقبل أفضل إلا في أوقات رخائهم.
وتعد فلسفة ثيل التاريخية بأكملها نخبوية، وهو يفتقر إلى وجهات نظر يرسمها رجال أقوياء، وهو قريب من الحركة التي يتزعمها المدون كيرتس يارفين، الذي يحارب الديمقراطية باعتبارها "ضعيفة"، ويهاجم ما يسميه "الكاتدرائية"، وهي الهيمنة الثقافية المفترضة للديمقراطيين الليبراليين، ويدافع وسط فوضى عارمة عن ظهور "ملوك الرؤساء التنفيذيين".
إعلانوالعبقري في نظر ثيل يشبهه تماما، فهو رجل أولا وأبيض ثانيا ثم هو أميركي أو على الأقل غربي، وفكر ثيل بمثابة حنين إلى الزمن المبارك عندما كانت هذه الفئة من الناس تعتقد أنها مركز الكون.
3. الموت البطيء للنظام القديموقد كتب بيتر ثيل مقالا يرى فيه أن "عودة ترامب إلى البيت الأبيض تنذر بنهاية النظام القديم"، لأنه مرحلة جديدة من التاريخ، تموت فيه الليبرالية الكلاسيكية كسياسة وكفلسفة، وهو يعتبر أن التنوير قد فشل، وأن "الديمقراطية أظهرت عجزها عن كبح جماحها"، لأن العنف لا يرفع من خلال "العقد الاجتماعي" الذي تدافع عنه الفلسفة الليبرالية.
ويرى ثيل أن حركة اليقظة (ووكيسم) "انحراف عن التقاليد اليهودية المسيحية"، وأيديولوجية وحشية، والخطر بالنسبة له هو أن هذه "الصوابية السياسية" سوف تؤدي إلى حكومة عالمية من "الملحدين الشيوعيين".
4. ابتعد عن السياسةوللهروب من الديمقراطية، التي يرى ثيل أن ما يقوضها هو "الزيادة الكبيرة في عدد المتلقين للرعاية الاجتماعية وتوسيع حق التصويت للنساء"، يسعى لمضاعفة المجالات التي تفلت من الدولة، كالفضاء والعملات المشفرة والجزر البحرية، لأنه يرى -حسب الخبير الاقتصادي برنارد بيريت- أن "الدولة والديمقراطية أعداء للحرية وأن التكنولوجيا سوف تنقذنا من السياسة".
وترى المؤرخة مايا كاندل أن "ما يجب أن نفهمه هو أن الحرية في أذهان أصحاب التكنولوجيا ليست للجميع. بل هي مخصصة للأقوياء الذين لديهم القدرة والواجب على تحريك العالم".
إذا لم تكن جزءًا من الكائنات العليا، فلست من عالم ثيل، عالم النمو والوصول إلى الموارد، عالم المعرفة والخلود، وقبل كل شيء عالم التفوق
5. تسريع التقنيةماذا نفعل في زمن نهاية العالم؟ في بعض الأحيان لا يكتفي ثيل بالانتظار حتى عودة المسيح، لأنه يبدو من الممكن "المساهمة في تعجيل (نهاية العالم)"، ولتحقيق هذه الغاية، يرغب ثيل في أن نعود إلى الأسئلة الكبرى مثل طبيعة الإنسان، والسيطرة على الطبيعة، ومحاربة الموت.
وفي فكر بيتر ثيل يتعايش منهجان، فكر ديني حول نهاية التاريخ، وفكر تقدمي، وليس في ذلك تعارض بالنسبة له، ويبدو له أن السعي إلى الخلود هو الطريق للوصول إلى الجنة، لذا فإن التطور البشري والمسيحية ليسا متعارضين.
إعلان 6. السيطرة على العالموبيتر ثيل هو من أشد المعجبين بسلسلة أفلام "سيد الخواتم"، التي تجمع بين ثلاثية السلطة المفسدة، والصراع الكوني بين الخير والشر، وإمكانية الخلود. وقد قال عدة مرات إنه يريد أن يصبح قزما، و"إذا كان يرى نفسه قزما، فهو -حسب أوليفييه ألكسندر- يرى بقية العالم أنواعا أدنى جسديا أو أخلاقيا، تجب السيطرة عليها أو ستختفي".
وملخص نظرة ثيل للعالم -حسب المقال- تعتمد على مبدأ التمايز العمودي أدنى أو أعلى، و"إذا لم تكن جزءًا من الكائنات العليا، فلست من عالمه، عالم النمو والوصول إلى الموارد، عالم المعرفة والخلود، وقبل كل شيء عالم التفوق".