سواليف:
2024-11-07@18:55:15 GMT

نور على نور

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

#نور_على_نور

د. #هاشم_غرايبة

هنالك قول منسوب للإمام ابن حنبل: “لا تأخذ عني ولا عن مالك، ولكن خذ عمن أخذنا منه”.
بديلا لخطب الجمعة التي تسعى وزارات أوقاف أنظمتنا لتسطيحها وتفريغها من أهدافها التي أرادها الله محاضرة أسبوعية تعالج متطلبات الواقع، أنشر كل يوم خميس مقالة بعنوان تأملات قرآنية، اورد فيها استنباطات معاصرة مستوحاة من آية، وليس تفسيرا لمعناها، حيث ان التفسير قد أفاض به كثيرون قبلا، لكن لأن القرآن أنزله الله للعالمين، عالم القرون الأولى، ولكل العوالم القادمة، لذا يجب على طالبي العلم منه أن يبحثوا فيه عن مفاتيح العلم المتقدم أبدا، وعن معالجات لمشكلات كل عصر.


وكثيرا ما أتعرض لسؤال استنكاري من بعض السلفيين الاستنساخيين: هل ما قلت به من تأمل لآيات القرآن الكريم أو استنباط منها أخذته عن كتب المفسرين، أم جئت به من عندك.
بالطبع لا أرد على هؤلاء، لأن سؤالهم ليس استفهاميا، رغم أنه لدي الجواب المقنع الذي يقول أنه لا أحد من طالبي العلم سواء كان من القدامى أو المتأخرين جاءه العلم وحيا من عند الله، فجميعهم تعلموه من القرآن الكريم، ومن تطبيقات ذلك في السنة المطهرة.
في كل العصور، ظل هنالك من بعض من يعتبرون أنفسهم سلفيين ، ومن باب الخوف على الدين من الإبتداع أو التحريف، يبالغون في التحوط، ليذهبوا الى أن القرآن أنزل على أهل زمن التنزيل من قريش فقط، تتعلمه وتعلمه لباقي البشر، لذلك يعتبرون أن تفسيره مقصور على السلف الصالح، ومن جاء بغير ما قالوا به من بعدهم رفضوه، وقد يصل بالغلاة المتطرفين منهم الى تكفير من زاد على أقوال أهل القرن الأول.
لا أحد ينكر أن الجيل الأول هم أفضل القرون، فهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذوا منه مباشرة، وكلما كان المرء أقرب الى مصدر النور كان أهدى.
لكن ذلك الأمر في أسس العقيدة والعبادات، فهي لا تتعدل ولا تتغير، وليس في تفسير القرآن، فالمعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعقد حلقات العلم لتفسير الآيات، بل كان يترك ذلك لفهمهم، فإن أُشكل عليهم أمر فسّره، ولم ينكر على أحد فهمه، لذلك كان علي رضي الله عنه يقول: “القرآن حمال أوجه”.
من ذلك نفهم الحكمة من تفسير المفسرين الأوائل للآيات على ظاهر المعنى، لأن معارف البشر آنذاك لا تتحمل التفسيرات الأعمق، ولم يقر النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراتهم تلك ولم يرفضها، لأن إقراره أو رفضه لها سيكون سنة متبعة تحظر أي تفسير أعمق مستقبلاً.
ليس من سند لقول القائل بأن السلف الصالح لم يتركوا زيادة لمستزيد، فقد صدر تفسير الثوري ومجاهد في القرن الثاني الهجري، والأخفش في القرن الثالت، والطبري في الرابع، والجرجاني في الخامس، والزمخشري في السادس، والرازي في السابع، وابن كثير في الثامن …وابن عاشور في الرابع عشر، وكلٌّ زاد عمن سبقه.
على الطرف المقابل للسلفيين الإستنساخيين، هنالك التفريطيون، الذين رغم أنهم يوقنون أن القرآن كلام الله، لكنهم يعتبرونه مجرد كتاب هداية، ومصدرا لأحكام الدين، وينكرون اعتبار القرآن مصدرا للعلم والمعرفة، لذلك يرفضون مذهب التأمل في آياته الكونية، بقصد استنباط إشارات معرفية للعلوم الطبيعية، قائلين إن القرآن كتاب هداية، ولم ينزل بقصد أن يكون مرجعا علميا.
الحقيقة أن القرآن مصدر العلم المطلق والمعرفة الصحيحة، لأنه صادر عن خالق كل شيء، العليم بدقائق تركيب كل شيء وخصائصه، وصحيح أن القرآن لم ينزل ليكون مرجعا في العلوم التطبيقية التجريبية، فقد ترك ذلك للبشر يجتهدون في البحث فيه بما ينفعهم ويسهل معيشتهم الدنيوية، لكننا إن أحسنّا التأمل في الإشارات الكونية الواردة فيه، يمكن أن نجد فيها مفاتيح وإشارات لمعارف ما زالت مجهولة لنا، أو على الأقل تأكيدا أو تصحيحاً لمعارف توصلنا لها بالإكتشاف أو التجريب.
مشكلة البشر أن العلماء المؤهلين للبحث العلمي أغلبهم لا يعرفون القرآن، والمؤمنون به قاعدون لا يبحثون، بل ينتظرون اكتشاف فتح علمي جديد للفريق الأول ليقولوا: انظروا!…هذا موجود في القرآن.
لذلك قال تعالى: “وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا” [الفرقان:30].

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: نور على نور أن القرآن

إقرأ أيضاً:

حفظ النسل.. الجامع الأزهر يعقد الملتقى الفقهي الطبي الأول

عقد الجامع الأزهر أولى حلقات الملتقى الفقهي الطبى، والذي جاء تحت عنوان: "حفظ النسل بين الشرع والطب"،  تزامناً مع مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان، وحاضر في الملتقى الأستاذ الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء ، والأستاذ الدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، وأدار اللقاء الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.

خريجي الأزهر بالمنيا تعقد ندوة للتوعية بخطورة الزواج المبكر رئيس جامعة أسيوط: التعاون مع الأزهر ضمانة كافية لبناء وعي الشباب



أوضح الدكتور محمود صديق، أن حفظ النسل قضية محورية تناولتها الشريعة الإسلامية وتحدث عنها القرآن الكريم وشرع لها القوانين والضوابط الكبيرة قال تعالي{وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾، هذه الآية التي حملت في مضمونها حفظ النسل فى تناغم بين الطب والشرع، وركزت عليها السنة النبوية المطهرة وزخرت بها أحاديث المصطفى ﷺ، وفي سياق حفظ النسل كفل القرآن الكريم للزوجين حقوق العِرض وعدم اختلاط الأنساب، فالمرأة الحامل حينما تُطلق أو يموت عنها زوجها، لا يمكن لأحد أن يتزوج بها حتى يبرأ رحمها مما فيه، فالرحم مشغول، وهي طلقت وانقطعت العلاقة الزوجية بينها وبين من كان زوجها، فلماذا تنتظر هذه المدة الطويلة؟، وفي هذا لعن النبي ﷺ من دعت غير زوجها لفراشها ولعن من سقى ماء غيره.

وأضاف نائب رئيس جامعة الأزهر: إن العلم الحديث أثبت منذ سنوات قليلة أن هناك تغييرا يحدث في الصفات الوراثية يأخذها الجنين من سقيا ماء الرجل الآخر، كما يظهر العجب فى القرآن الكريم حينما يقول المولى عزّ وجلَّ فى كتابه العزيز: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ وفي هذا حكمة من الله عزّ وجل لحفظ النسل، حين تنتظر ثلاثة أشهر رغم أنها لم تحض، فالسبب يرجع إلى الخلايا الجذعية التى تدخل على المبيض ثم تستطيع المراة أن تحمل وأن يرزقها الله عزّ وجلَّ البنين والبنات. هذا المثال ورد في القرآن الكريم مع نبيين من أنبياء الله تعالى: سيدنا إبراهيم وسيدنا زكريا عليهما السلام. ذكر القران الكريم في حفظ النسل أنه لم يخلق سوى ذكرا وأنثى لاستمرار الكون وعبادة الله في الكون ووضع ضوابط وأمورا يستحيل على العقل البشري أن يضع مثل هذه القوانين التي من شأنها إسعاد الأمة والأسرة وأن يكون هناك مجتمع يعبد الله ويكون بحق خليفة الله في الأرض في هذا الكون.

وفي سياق حديثه، أكد د. محمود صديق، على أهمية اتباع الإنسان لمنهج الله وفطرته، محذرًا من التمرد على هذه الفطرة، ومشددًا على أن أي خروج عنها هو اتباع للشيطان، وذكر قوله تعالى في حديثه عن الشيطان: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ﴾، مشيرًا إلى أن التمسك بالقوانين والسنن التي وضعها الله يضمن صلاح الحال في الدنيا والآخرة.

مقالات مشابهة

  • تعرف على ورثة الانبياء
  • سر تكرار «فبأي آلاء ربكما تكذبان» في سورة الرحمن؟
  • الإفتاء: مقاطع القرآن الكريم المصحوبة بالموسيقى من أشد الكبائر
  • ما حكم قراءة القرآن في المسجد قبل صلاة الفجر؟
  • معنى التعتعة في حديث "والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه "
  • حكم وضع رجل على رجل أثناء الاستغفار وذكر الله
  • كيفية الرُّقية الشرعية من آيات القرآن الكريم
  • حكم قراءة القرآن مصحوبا بالموسيقى.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم حفظ القرآن الكريم وبيان فضل حفظه
  • حفظ النسل.. الجامع الأزهر يعقد الملتقى الفقهي الطبي الأول