عربي21:
2025-03-20@06:57:33 GMT

الاصطفاف الإقليمي خلف أمريكا

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

ما أن أعلن جو بايدن مبادرة بشأن ما يحدث في قطاع غزة، حتى اصطفت الدول العربية خلف مبادرته مطالبة بالاستجابة لها، وهي مبادرة وُلدت برؤية إسرائيلية -كما تناقلت الأوساط الأمريكية- وماتت يومها بخطاب إسرائيلي وأيضا أمريكي، إذ ما زال الإسرائيلي يؤكد ألا بديل عن استمرار القتال، كما أعلن الأمريكان تأييدهم للقضاء على قيادات حماس وعدم قبول استمرار سيطرتها على القطاع، فأي مبادرة هذه التي يريدون للحركة أن توقع عليها؟!

الوضع الذي نحن أمامه هو ما يصفه "المهدي المنجرة" في كتابه "الإهانة في عهد الميغا-إمبريالية" بـ"الذل (.

.) فقد غدت المهانة شكلا للحكم ونمطا لتدبير المجتمعات وطنيا وعالميا" ويتابع المهدي بقوله: "تنبع الإهانة من إرادة واعية في التعدي على كرامة الآخرين وليس فقط من الهيمنة". وكان يقصد بالميغا-إمبريالية "الإمبريالية العظمى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتحالفاتها ذات الهندسة المتنوعة".

بيت القصيد في كلام الدكتور "المنجرة" أن الإهانة نابعة من إرادة واعية في التعدي على كرامة الآخرين، وهذا ما تفعله الولايات المتحدة بالحكام والشعوب على السواء، يهينوننا بقصد ودون مواربة ليكسروا عزمنا المنهك، ويستبدوا بمقدَّراتنا قبل قرارنا، ثم يريدون بسط هذه المهانة والهيمنة على الفصائل التي أهانتهم للمرة الأولى منذ عشرات السنين، وصفعتهم صفعة تاريخية ستظل محفورة على وجوههم قبل أن تكون منقوشة بحروف من نور في حقبة مظلمة.

يريد الأمريكيون للمقاومة أن توقع على ورقة الهزيمة السياسية، بقبول وقف مؤقت لإطلاق نار "قد يصير دائما" في حال استمرت المفاوضات بشكل جيد! إذا يمكن للإسرائيلي أن يعطل المفاوضات بأي حجة بعد استلام أسراه، ويعيد حربه الوحشية على القطاع لتهجير الفلسطينيين في النهاية من فلسطين كلها وإخلائها من سكانها الأصليين، وهذه النتيجة الطبيعة للمبادرة الأمريكية
يريد الأمريكيون للمقاومة أن توقع على ورقة الهزيمة السياسية، بقبول وقف مؤقت لإطلاق نار "قد يصير دائما" في حال استمرت المفاوضات بشكل جيد! إذا يمكن للإسرائيلي أن يعطل المفاوضات بأي حجة بعد استلام أسراه، ويعيد حربه الوحشية على القطاع لتهجير الفلسطينيين في النهاية من فلسطين كلها وإخلائها من سكانها الأصليين، وهذه النتيجة الطبيعة للمبادرة الأمريكية التي أعلنت الدول العربية أنها تدعو إليها، ثم أعلنت الدول السبع دعمها للمبادرة مع مطالبة الدول الإقليمية بأن تضغط على حماس لقبولها، رغم أن لا أحد وضع الاحتلال الهمجي أمام مسؤوليته بقبول المقترح السابق الذي رعته الولايات المتحدة وقبلته المقاومة الفلسطينية ورفضه الاحتلال، فأي اختلال في موازين العدالة هذا!

المثير للانتباه أن جميع من دعا الفلسطينيين إلى قبول الاتفاق يتجاهلون أمرين؛ أولهما أن المقترح الأمريكي لم يصل إلى الفلسطينيين، بحسب تصريحات حسام بدران مساء أمس الاثنين، ويطالبونهم بالتوقيع "على بياض" كما نقول في مصر، ومعلوم حجم الانحياز الأمريكي للجانب المحتل والمجرم. وثانيهما، وهو الأهم، أن الاحتلال نفسه يرفض المقترح الأمريكي، إذ لا يمكن فهم الاستدراك الإسرائيلي لكلام بايدن ووصفه بغير الدقيق، بأنه قبول بالمقترح، فلماذا يدعون الفلسطينيين إلى قبول اتفاق لم يقبله الاحتلال أصلا رغم انحياز النص له؟!

ربما تحتاج الدول المعنية بالشأن الفلسطيني، وخاصة الدول "الضاغطة" على حماس، إلى أن تفهم طبيعة المكاسب التي خرجت بها المقاومة يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والمكاسب التي حافظت عليها بعدم تمكين العدو من أسراه أو المساس ببنية المقاومة، أو قدرتها على السيطرة المدنية في كل بقعة انسحب الاحتلال منها، ما يعني هزيمة سياسية كاملة و"مذلة" لكل الأطراف التي دعمت (في السر والعلن) العدوان الهمجي البربري على القطاع، فضلا عن الهزيمة الاستخباراتية لكل دولة عظمى أو إقليمية حاولت جمع معلومات استخباراتية عن الأسرى الإسرائيلين ولم يجدوا سوى السراب.

هذه القدرات الهائلة في التدبير أولا والصمود ثانيا، فضلا عن البسالة في المواجهات المباشرة رغم فارق القدرات والإمكانيات، تجعلنا نتساءل بحقٍّ عن مقدار كفاءة العقل الذي يدعو طرفا لا يزال ممسكا بمقاليد الأمور إلى تقديم تنازلات! وما الدافع وراء الضغط على المقاومة سوى "الذل" الذي وصفه الدكتور المنجرة!

ربما يكون الدافع الخفي من الضغط على المقاومة، أنها استطاعت تحطيم كل الأساطير السياسية والعسكرية في المنطقة، فإسرائيل ليست جيشا لا يُقهر، وقوتها العسكرية غير رادعة للمقاومين، خاصة في فلسطين ولبنان، بل هي المردوعة خاصة على الحدود الشمالية مع حزب الله الذي يرفع من سخونة قصفه بما أشعل معه الغابات، بل الأهم أن الولايات المتحدة نفسها تكبح الهجوم الإسرائيلي على حزب الله بعدما شاهدت خوار وضعف الجنود الإسرائيليين بعتادهم في مواجهة مقاومين حفاة أو بـ"شبشب نابولي"، الفلسطينيون هم من يُكسبون غيرهم الوزن في المنطقة، لا العكس، فمثلا لم يهاتِف بايدن السيسي إلا بعد ستة أشهر من وصوله إلى الرئاسة (في أيار/ مايو 2021)، على خلفية تصعيد عسكري بين المقاومة والاحتلال في قطاع غزة، ولا تحتل مصر مكانتها في المنطقة وكذلك الأردن إلا بسبب وجودهما الحدودي مع فلسطين المحتلة، وكذلك تكتسب قطر جزءا مهما من مكانتها المتزايدة بسبب استضافتها لمكتب حركة حماسكما أن مقولة أمريكا ستحارب إذا هوجمت إسرائيل أصبحت مقولة غير مخيفة لليمنيين والعراقيين ومن قبلهم اللبنانيين، فهذه الأساطير كلها تحطمت، وتحطمت معها أسطورة كبرى روجها الزعماء العرب؛ عنوانها أننا لا نستطيع فعل شيء للفلسطينيين في ظل القوة الإسرائيلية والدعم الأمريكي، وهو ما تحطم على مدار الأشهر الثمانية المنصرمة.

كذلك قد يكون هناك دافع خفي آخر، يتعلق بخوف حكام المنطقة من ذياع صيت حركة تحرر وطني، وهي حركة تقوم بتغيير قيادتها بصورة انتخابية، وتكتسب مكانتها السياسية من رضا مجتمعها عنها، وهي صورة مغايرة لطبيعة حكمهم القسري دون انتخابات حقيقية، فضلا عن أنهم جاثمون فوق أنفاس شعوبهم دون رضا داخلي، بل بدعم خارجي محض، لأجل ذلك يخشى حكام المنطقة من الانتصار السياسي للمقاومة لأنها ستزيد من تعرية وضعهم السياسي والاجتماعي داخليا.

بَقِيَ أن نذكِّر الفلسطينيين والوسطاء الذين يتعاملون معهم بالوزن الحقيقي للطرفين؛ الفلسطينيون هم من يُكسبون غيرهم الوزن في المنطقة، لا العكس، فمثلا لم يهاتِف بايدن السيسي إلا بعد ستة أشهر من وصوله إلى الرئاسة (في أيار/ مايو 2021)، على خلفية تصعيد عسكري بين المقاومة والاحتلال في قطاع غزة، ولا تحتل مصر مكانتها في المنطقة وكذلك الأردن إلا بسبب وجودهما الحدودي مع فلسطين المحتلة، وكذلك تكتسب قطر جزءا مهما من مكانتها المتزايدة بسبب استضافتها لمكتب حركة حماس على أراضيها، ولو أغلقته كما يُقال فإن هذا الجزء المهم ستفقده من تأثيرها الإقليمي السياسي وسيتحول إلى الدولة الجديدة التي ستستضيف الحركة. لذا على الفلسطينيين أن يدركوا أنهم من يمنحون غيرهم الوزن، وعلى الأطراف الأخرى أن تدرك ذلك أيضا، فلا تضغط إلى الدرجة التي تجعل الفلسطينيين يديرون ظهورهم عنها، وبالتالي ستتجاهلهم منظومة "الميغا-إمبريالية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بايدن غزة العربية إسرائيلية حماس إسرائيل حماس غزة العرب بايدن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة صحافة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی المنطقة على القطاع

إقرأ أيضاً:

أمريكا توضّح حقيقة قائمة الدول «الممنوع دخولهم إلى أراضيها»

قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تامي بروس إنه “لا توجد قائمة بالدول التي يتم تقييد أو منع دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة”.

وقال مسؤول في البيت الأبيض لشبكة “فوكس نيوز ديجيتال”: “إنه لم يتم اتخاذ أي قرارات بشأن فرض حظر سفر محتمل على أكثر من 40 دولة، من بينها روسيا وبيلاروس”.

وأفادت التقارير أن “مواطني أفغانستان وإيران وكوبا وبوتان وليبيا وكوريا الشمالية والصومال وسوريا والسودان وفنزويلا واليمن لن يسمح لهم بدخول الولايات المتحدة بموجب هذا الاقتراح، وستصنف هذه الدول الـ11 ضمن المستوى “الأحمر” في النظام المرمز بالألوان”.

ووفقا لتقارير من وكالة “رويترز” وصحيفة “نيويورك تايمز”، “قد تواجه هذه الدول قيودا شديدة أو كلية على السفر تفرضها الولايات المتحدة”.

وأوضحت بروس، “أنه لا توجد قائمة محددة، ولكن هناك مراجعة جارية”، وقالت: “أولا وقبل كل شيء، لا توجد قائمة، ما ينظر إليه الناس خلال الأيام القليلة الماضية ليس قائمة موجودة هنا ويتم العمل عليها، هناك مراجعة، كما نعلم من خلال الأمر التنفيذي للرئيس، لبحث ما يمكن أن يساعد في جعل أمريكا أكثر أمانا عند التعامل مع قضية التأشيرات ومن يسمح لهم بدخول البلاد، ولكن ما يتم الترويج له على أنه شيء صادر عن وزارة الخارجية ببساطة ليس صحيحا”.

وأضافت: “ستظل دول أخرى، مثل روسيا وباكستان، مسموحا لها بالسفر، على عكس الحظر الكلي، ولكنها ستواجه عقبات عندما يتعلق الأمر بالحصول على تأشيرة، ويعتبر هذا المستوى ضمن الفئة “البرتقالية”.

وبحسب وكالة رويترز، “هناك دولا مختلفة، بما في ذلك العديد من الدول الإفريقية، تراقب أيضا لفرض قيود محتملة عليها ضمن المستوى “الأصفر”، وسيكون لديها ما يقرب من شهرين لإجراء تغييرات لتجنب وضعها في المستوى “البرتقالي” أو “الأحمر”، ويشمل المستوى الأصفر دولا كاريبية، بما في ذلك سانت لوسيا وسانت كيتس ونيفيس، وكذلك أنتيغوا وباربودا”، وحسب “رويترز”، “فإن 41 دولة ستتأثر بهذا الإجراء بشكل ما، بينما تذكر “نيويورك تايمز” أن العدد يصل إلى 43 دولة”.

I hope someone at @StateDept reviews this list and notices that any kind of #travelban on Bhutan, a peaceful, landlocked Himalayan Buddhist kingdom (population: ~800,000) wedged between India and China, is utterly insane. pic.twitter.com/XCQSlrremO

— Sadanand Dhume (@dhume) March 15, 2025

Trunp set to issue travel ban for people from 43 countries.

All travel banned:

Afghanistan
Bhutan
Cuba
Iran
Libya
North Korea
Somalia
Sudan
Syria
Venezuela
Yemen

Visas sharply restricted:

Belarus
Eritrea
Haiti
Laos
Myanmar
Pakistan
Russia
Sierra Leone
South Sudan… pic.twitter.com/V6mcWjPhTY

— Oli London (@OliLondonTV) March 15, 2025

وقبل أيام، نقلت وسائل إعلامية، أن “إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تدرس “فرض قيود سفر شاملة على مواطني عشرات الدول”.

آخر تحديث: 18 مارس 2025 - 19:24

مقالات مشابهة

  • دينا البشير: استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي تهديد للأمن الإقليمي وتصعيد غير مسبوق
  • مديرية صحة إدلب تنظم ورشة عمل تحضيراً لأسبوع التلقيح الإقليمي الذي سيُقام خلال الشهر المقبل
  • سرقة لا تصدق.. محكمة أكسفورد تدين لصوص المرحاض الذهبي "أمريكا" الذي سرق من مسقط رأس تشرشل
  • الحد الأدنى للأجور: ما هي الدول الأوروبية التي شهدت أعلى الزيادات؟
  • "باشات": استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة يعرض الاستقرار الإقليمي بالكامل للخطر
  • اللواء حاتم باشات: العدوان الاسرائيلي على غزة يعرض الاستقرار الإقليمي للخطر
  • أمريكا توضّح حقيقة قائمة الدول «الممنوع دخولهم إلى أراضيها»
  • ما هي الممرات المائية التي تسعى أمريكا للسيطرة عليها بالشرق الأوسط؟
  • CBS تزعم تواصل أمريكا وإسرائيل مع 3 دول لتهجير الفلسطينيين ..تفاصيل
  • مسافر يوثق ومضات البرق والأعاصير التي ضربت أمريكا‬⁩ من نافذة الطائرة .. فيديو