معسكرات الاعتقال الإسرائيلية "غوانتنامو جديد" لقهر أبناء غزة
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
غزة - صفا
لا زالت المعلومات شحيحة وغير كافية لرسم صورة حقيقية عن أعداد وظروف احتجاز المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة في سجون ومعسكرات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي، في ظل سياسة التعتيم الإعلامي وجريمة الإخفاء القسري لآلاف المعتقلين.
لكن ما يرشح بين الحين والآخر من معلومات عن معسكر الاعتقال المعروف باسم "سدي تيمان" تكفي لتكوين صورة تقريبية لحجم القهر الذي يواجهه آلاف المعتقلين في هذا المعتقل وغيره من سجون الاحتلال السرية المخصصة لمعتقلي غزة.
ومؤخرا، اعترف الاحتلال بأنه اعتقل ما لا يقل عن 4000 مواطن من قطاع غزة منذ بدء الحرب، أفرج عن 1500 معتقل منهم.
وقبل أيام، كشف الاحتلال عن استشهاد 36 معتقلا فلسطينيا من قطاع غزة في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، منذ 7 أكتوبر.
وفي تقرير لها، نقلت وكالة "أسوشيتد برس" السبت الماضي، عن "منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان – إسرائيل" قولها إن بعض المعتقلين ماتوا بسبب الإهمال الطبي في السجون ومراكز الاحتجاز.
وبينت "أسوشيتد برس" أن المستشفى العسكري الإسرائيلي في "سدي تيمان"، وهو الوحيد المخصص لعلاج الأسرى من قطاع غزة، تتزايد الاتهامات بالمعاملة غير الإنسانية فيه، في وقت يُمنع الصحفيون واللجنة الدولية للصليب الأحمر من دخوله.
ونقلت الوكالة شهادات لثلاثة عاملين في هذا المستشفى العسكري، بينوا فيها أن معظم المرضى يرتدون حفاظات، ومقيدي اليدين والقدمين، ومعصوبي الأعين، ويقبعون داخل خيمة بيضاء في الصحراء، ولا يُسمح لهم باستخدام الحمام.
كما تؤكد الشهادات أن الأسرى تجرى لهم عمليات جراحية دون إعطائهم المسكنات الكافية، على يد أطباء مجهولين.
ونقلت الوكالة عن جندي يعمل في المستشفى، قوله "إن المرضى تعرضوا لظروف مزرية، وكثيرا ما أصيبت جروحهم بالالتهابات".
غوانتنامو جديد
ودفعت شهادات المعتقلين المفرج عنهم من معسكر "سدي تيمان"، حقوقيين وصحفيين لإطلاق اسم "غوانتنامو" عليه تشبيها له بالمعتقل سيئ السمعة الذي افتتحته الولايات المتحدة الأمريكية على الأراضي الكوبية عام 2002 عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر لاحتجاز معتقلي تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية دون التقيد بأي من قوانين حقوق الإنسان.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كانت قد نشرت بدورها تحقيقا في مارس/آذار الماضي، أكدت فيه استشهاد 27 معتقلا فلسطينيا من غزة داخل منشآت عسكرية احتجزوا فيها منذ اندلاع الحرب على القطاع.
وأوضحت الصحيفة -في حينه- أن المعتقلين توفوا أثناء احتجازهم في قاعدة "سدي تيمان" العسكرية الواقعة شمال شرقي بئر السبع، وفي قاعدة "عناتوت" القريبة من القدس، أو أثناء الاستجواب في مراكز التحقيق الإسرائيلية الأخرى.
شهادات مروعة
وفي تقرير سابق للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عرض شهادات مروعة لمعتقلين من قطاع غزة أفرج عنهم، كشفت عن تعرضهم لعمليات تعذيب قاسية ومعاملة حاطّة بالكرامة الإنسانية، بما في ذلك التعرية والتحرش الجنسي أو التهديد به.
وشملت الممارسات القاسية ضربهم بشكل "وحشي وانتقامي"، وإطلاق الكلاب تجاههم، وشبحهم لساعات طويلة، وتعريتهم من ملابسهم بشكل كامل، وحرمانهم من الطعام والذهاب لدورات المياه.
وأشار المرصد إلى أن أخطر ما تلقاه من شهادات هو تعرض معتقلات لتحرش جنسي مباشر، وإجبارهن على التعري وخلع الحجاب، وتوجيه تهديدات بالاغتصاب وهتك العرض لمعتقلات ومعتقلين وذويهم، في إطار عملية التعذيب والابتزاز لإجبارهم على الإدلاء بمعلومات عن آخرين.
ليس الوحيد
ويؤكد نادي الأسير الفلسطيني أن ما نشر حتى الآن حول أوضاع معتقلي غزة عبر سلسلة التحقيقات والتقارير الصحفية الدولية التي نشرت مؤخرًا، تتعلق كلها بمحطة واحدة اسمها "سدي تيمان"، في حين توجد سجون ومعسكرات أخرى يحتجز فيها معتقلون من غزة، ولا تتوفر معلومات كافية عن ظروف احتجازهم، منها معسكر "عناتوت"، وسجن "عوفر".
ويشير نادي الأسير إلى استمرار الاحتلال برفض الإفصاح عن كافة المعطيات التي تتعلق بمعتقلي غزة وأماكن احتجازهم، ومنها هويات من استشهدوا في معسكراته.
وترى مؤسسات حقوقية، ومنها نادي الأسير، أنّ قضية معتقلي غزة باتت تشكّل اليوم التحدي الأكبر للمؤسسات الحقوقية، في ظل جملة الإجراءات والقيود المشددة التي يفرضها الاحتلال عليهم، وممارسته لجريمة الإخفاء القسري، وتطويع القانون في سبيل ذلك.
ونبه النادي إلى أنّ عامل الزمن، ومرور وقت أطول على استمرار احتجاز المعتقلين في المعسكرات دون السماح لجهات دولية بالاطلاع على ظروف احتجازهم، يعني تصاعد أعداد الشهداء في صفوفهم.
وتكشف صور العشرات ممن أفرج عنهم من معسكرات الاحتلال، عن مستوى جرائم التّعذيب التي مورست بحقهم، ومنهم حالات خرجت وقد تعرضت لعمليات بتر في الأطراف نتيجة لذلك.
ويقلل نادي الأسير من أهمية ادعاءات الاحتلال بنيته فتح تحقيقات بشأن ظروف معسكر "سدي تيمان"، مؤكدا أنها مجرد ادعاءات لا تحمل أي معنى لمنظومة تمارس الإبادة الجماعية على مرأى من العالم، وتمارس جرائم التّعذيب والإعدامات الميدانية أمام عدسات الكاميرات.
ويقول النادي إن منظومة القضاء الإسرائيلي "شكّلت وما تزال ركنا أساسا في ترسيخ كل الجرائم الحاصلة اليوم، ومنها الجرائم المتواصلة بحقّ الأسرى والمعتقلين".
ويجدد نادي الأسير مطالبته بفتح تحقيقات بإشراف دولي بشأن الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي مورست بحقّ المعتقلين والأسرى في سجون ومعسكرات الاحتلال.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: سدي تيمان غوانتنامو معتقلو غزة الإخفاء القسري سجون الاحتلال نادی الأسیر من قطاع غزة سدی تیمان
إقرأ أيضاً:
تصاعد الدعوات الإسرائيلية لتشديد حصار غزة ومنع توزيع المساعدات الإنسانية
مع اقتراب حماس والاحتلال من النقطة التي قد تنفجر عندها مفاوضات التبادل نحو تنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة، دار نقاش حاد في الأسابيع الأخيرة حول ما إذا كان الاحتلال قادرا على تحقيق هدفي الحرب: هزيمة حماس، ومنع سيطرتها العسكرية والحكومية على غزة، وإطلاق سراح المختطفين.
المحامي يهودا شيفر الخبير الدولي بمكافحة تمويل "الإرهاب"، ومؤسس هيئة حظر غسل الأموال، ذكر أنه "بعد حوالي خمسمائة يوم منذ بدء القتال في غزة، بات من الواضح للجميع اليوم أن نقطة الضعف الرئيسية لدى حماس تتمثل في إمدادات الوقود والغذاء والمياه، لأنه في الأيام الأولى للحرب منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية بشكل كامل، مما دفع الحركة للموافقة على الإفراج التدريجي عن عدد كبير من المختطفين، ثم خضع الاحتلال للضغوط الدولية الهائلة، وسمح بدخول المساعدات الإنسانية للقطاع".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "تقديم هذه المساعدات حرم الاحتلال من رافعة ضغط أساسية في ملف التفاوض، وأدّى لإطالة أمد القتال، ولو استطاع الاحتلال منع الوقود والماء والغذاء من دخول غزة، فإنها كانت ستمارس ضغوطاً ستؤدي لهزيمة الحركة، وتحقيق أهداف الاحتلال فيما يتصل بصفقات التبادل، لكن علينا أن نسأل: هل يمكن منع دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، مع أن الإجابة على السؤال ليست بسيطة، وتتطلب تفكيراً قانونياً وعملياً خارج الصندوق".
وأشار إلى أن "منع دخول المساعدات الإنسانية للقطاع يتعارض مع القانون الدولي الإنساني المرتكز على اتفاقيات جنيف، لكن هناك قواعد دولية ركيزتها الاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب وقواعد مجموعة العمل المالي (FATF)، التي تحظر تقديم أي مساعدة، حتى غير إنسانية، لمنظمة مسلحة، أو لأي شخص تحت سيطرتها، وهذه القواعد راسخة في القانون الأميركي، لأن المساعدات لا تصل فقط للمدنيين الفلسطينيين، بل لحماس نفسها، التي تواصل القتال، مما يعني تقديم المساعدات المباشرة للعدو".
وزعم أن "مفتاح النصر وتحقيق هدفي الحرب يكمن بتغيير النموذج، وتطبيق القواعد الدولية بشكل أكثر دقة، بحيث يتم توزيع المساعدات الإنسانية فقط في المناطق التي لا تخضع لسيطرة حماس، ومن غير المنتمين لها، وبذل الجهود لإنشاء مناطق لتوزيع المساعدات تكون تحت السيطرة المباشرة أو غير المباشرة للاحتلال، لأن المساعدات الإنسانية يتم توزيعها اليوم في غزة من خلال حماس ومؤسساتها".
وأشار إلى أن "تهديد الاحتلال بالعودة للحرب في حال تعثر اتفاق وقف إطلاق النار، يستدعي منها اتخاذ إجراءات لتغيير طريقة توزيع المساعدات بشكل كامل في المناطق التي لا تخضع لسيطرة حماس، وممن لا يخضعون لها، سواء من قبل الجيش نفسه، أو هيئة دولية أخرى، رغم فشله بتنفيذ هذه الخطة أثناء الحرب، بزعم عدم المخاطرة بحياة الجنود من أجل أداء مهمة مدنية، وهي توزيع المساعدات، رغم أنها ستؤدي لنتائج أفضل كثيراً بممارسة الضغوط على حماس".