على حافة الانهيار.. كيف يسعى نتانياهو للحفاظ على تماسك الحكومة؟
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
بعد مرور ثمانية أشهر على الحرب الإسرائيلية في غزة، أدت سلسلة من المواجهات والانقسامات والإنذارات إلى دفع الحكومة التي شكلها رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، إلى "حافة الانهيار"، وزادت من احتمال أن يتبع ذلك "انهيار الائتلاف الحكومي"، مما قد يؤدي إلى إجراء "انتخابات جديدة"، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
خارجيا، يتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي لضغوط متزايدة من الجمهور لإعادة الرهائن الإسرائيليين المتبقين إلى الوطن، ومن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة حماس.
وداخل حكومة الوحدة التي شكلها بعد أقل من أسبوع من هجمات حماس في السابع من أكتوبر، فهو يواجه تمردات من قبل الحلفاء والمعارضين على حد سواء.
وتعهد وزراء من اليمين المتطرف، بالانسحاب من الحكومة إذا وافق نتانياهو على الصفقة التي قال بايدن إنها "اقتراح إسرائيلي".
وهددت الأحزاب الدينية بسحب دعمها من الائتلاف بشأن أحكام المحكمة، المتوقع صدورها خلال أيام، والتي قد تلغي الإعفاء من الخدمة العسكرية الممنوح للشباب اليهود المتشددين منذ فترة طويلة.
وطالب يوآف غالانت، وزير الدفاع من حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو، رئيس الوزراء بـ"الالتزام علنا بتجنب الاحتلال الإسرائيلي لغزة إلى أجل غير مسمى".
التحدي الأكثر "إلحاحا"التحدي الأكثر إلحاحا يأتي من، بيني غانتس، زعيم المعارضة الذي يعد، إلى جانب نتانياهو وغالانت، أحد الأعضاء الثلاثة الذين لهم حق التصويت في حكومة الحرب، وفق "واشنطن بوست".
وتضم حكومة الحرب في إسرائيل 5 أعضاء أبرزهم نتانياهو وغانتس وغادي آيزنكوت، ووزير الدفاع، يوآف غالانت.
ووافق غانتس، وهو خصم نتانياهو السياسي، ووزير الدفاع السابق على الانضمام إلى "حكومة الحرب" بعد هجوم السابع من أكتوبر.
وهدد غانتس بالاستقالة من حكومة الحرب في حال لم يوافق نتانياهو على خطة ما بعد الحرب على قطاع غزة.
ورحيل غانتس، المنافس السياسي الرئيسي لنتانياهو، لن يؤدي إلى إسقاط الحكومة نفسها.
كما أن اقتراح سحب الثقة الذي قدمه حزب الوحدة الوطنية في البرلمان الإسرائيلي الأسبوع الماضي لا يحظى بفرصة النجاح.
ويضم الكنيست 120 مقعدا، فيما يسيطر ائتلاف نتانياهو اليميني على أغلبية مريحة بواقع 64 مقعدا، بينما لدى تحالف غانتس ثمانية مقاعد فقط في البرلمان.
ويلزم تشكيل حكومة الحصول على تأييد 61 نائبا على الأقل من الكنيست.
كرة الثلج "بدأت تتدحرج"ويتسأل المحللين السياسيين "إلى متى سيتمكن نتانياهو من الحفاظ على كل شيء معا؟"، وفق "واشنطن بوست".
وقال غايل تالشير، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية: "لقد بدأت كرة الثلج تتدحرج.. خطوة غانتس لن تضع حدا مباشرا لهذا الائتلاف، لكن الائتلاف بدأ ينهار على نفسه".
وأصبحت مشاكل نتانياهو أكثر وضوحا، أن أعلن بايدن عن اقتراح قدمه مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي مؤخرًا لوقف القتال لمدة ستة أسابيع وتبادل الرهائن مع السجناء الفلسطينيين، والذي يهدف إلى تمهيد الطريق لإنهاء نهائي للصراع.
لكن نتانياهو سعى إلى النأي بنفسه عن الاقتراح، وكان شركاؤه من اليمين المتطرف واضحين بشكل لا لبس فيه في أنهم إذا تم التوصل إلى اتفاق، فسوف "يحاولون إسقاط ائتلافه".
والإثنين، اتهم وزير الأمن الوطني الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، نتانياهو بمحاولة "تبييض" اتفاق لإنهاء حرب قطاع غزة الذي قدمه بايدن، و"كرر التهديد بالاستقالة من الحكومة".
وقال بن غفير، وهو شريك من اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم في إسرائيل، أمام كتلة حزبه في الكنيست إن نتانياهو دعاه للاطلاع على مسودة خطة غزة لكن مساعدي رئيس الوزراء لم يقدموها له، وذلك لمرتين.
وأضاف أن أي خطة لا بد وأن تتضمن القضاء على حركة حماس.
وفي سياق متصل، قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن الشيء الوحيد الذي يجب فعله هو زيادة الضغط العسكري على حماس.
وسموتريتش عضو آخر متطرف في الحكومة وهدد هو الآخر بالاستقالة إذا وافقت إسرائيل على الاتفاق المقترح.
وأضاف "الاقتراح الخطير الذي تحدث عنه الرئيس بايدن قدمته حكومة الحرب بدون سلطة وبالمخالفة للقانون، وهو غير ملزم لحكومة إسرائيل ودولة إسرائيل".
رهان نتانياهوقال مقربون من نتانياهو لـ"واشنطن بوست"، إنه يأمل في تأخير أي انفصال لأطول فترة ممكنة، خوفا من أن يؤدي الغضب الشعبي بسبب فشله في منع إجراء 7 أكتوبر وإطلاق سراح المزيد من الرهائن إلى محو الانتخابات".
ويشير بعضهم إلى أن "رئيس الوزراء يريد الاستمرار في منصبه حتى الانتخابات الأمريكية في نوفمبر، على أمل أن يحل الرئيس السابق، دونالد ترامب، محل بايدن في البيت الأبيض".
لكن رئيس الوزراء يشعر بالارتياح إزاء تسارع وتيرة التطورات السياسية ومستعد لتحقيق أقصى استفادة من الظروف، وفقا لما نقلته "واشنطن بوست"، عن مسؤول إسرائيلي لم تكشف هويته.
وقال المسؤول إن نتانياهو ليس لديه أي نية للتنحي، وإذا جرت انتخابات، فسوف يقوم بحملته على نفس المواضيع اليمينية التي جعلت منه الزعيم الأطول خدمة في إسرائيل.
ويصف نتانياهو غانتس وغالانت ومنافسين آخرين بأنهم "متسامحون مع الحرب ضد حماس"، ويقدم نفسه باعتباره "حصنا ضد قيام دولة فلسطينية".
وقال المسؤول: "قد لا يتفوق في الاستراتيجية العسكرية، لكنه يتفوق في المناورة السياسية".
والواقع أن احتمالات بقاء نتانياهو في الائتلاف قد ازدادت في الأسابيع الأخيرة.
وبعد تأخره في استطلاعات الرأي لعدة أشهر، تقدم نتانياهو بفارق ضئيل على غانتس في استطلاع حديث حول تفضيل الإسرائيليين لمنصب رئيس الوزراء.
وبالإشارة لاستطلاعات الرأي، يشكك المسؤولون الأميركيون بشدة في أن الإنذار النهائي الذي وجهه غانتس وحده" سيؤدي إلى رضوخ رئيس الوزراء لمطالبه".
الميل نحو "اليمين"؟يأخذ المسؤولون تهديد غانتس بالخروج من حكومة الحرب على محمل الجد، ويتوقعون أن يؤدي ذلك إلى جعل "ديناميكياتها المنقسمة أكثر صعوبة".
وفي ظل أحد السيناريوهات، يمكن أن يُترك نتانياهو ليحكم مع ائتلافه من الوزراء المحافظين، مما يؤدي إلى ميل عملية صنع القرار "نحو اليمين".
ومن جانبه، قال مستشار الأمن القومي السابق لنتانياهو، ياكوف عميدرور، إن حكومة الحرب حققت إجماعا إلى حد كبير على القضايا الرئيسية، بما في ذلك الهجوم الإسرائيلي الأخير على مدينة رفح جنوب غزة.
وأشار إلى أن "إنذار غانتس لن يكون له أي تأثير على مواصلة الحرب".
وقال عميدرور: "سيقومون بتعيين حكومة حرب أخرى".
لكن محللين إسرائيليين يقولون إن "خطوة غانتس قد تدفع منافسي نتانياهو الآخرين داخل حزبه إلى السعي للحصول على السلطة".
وقد تآكل الدعم الأساسي لرئيس الوزراء، وفقا لاستطلاع أجرته الجامعة العبرية صدر هذا الشهر، وأظهر أن 17 بالمئة من ناخبي الليكود مستعدون لحجب أصواتهم إذا قاد نتانياهو الحزب في انتخابات جديدة.
وسيكون لـ"مرشحا يمينيا غير نتانياهو جاذبية أكبر لدى غالبية الإسرائيليين من شخصية يمين الوسط أو يسار الوسط مثل غانتس أو زعيم المعارضة، يائير لابيد".
ولذلك "لن تكون المواجهة بين نتانياهو وغانتس".
وسيكون نتانياهو في مواجهة "شخصا آخر يمثل الجناح اليميني".
ويراقب نشطاء الليكود عن كثب أي إشارات تشير إلى أن غالانت قد يستعد لتولي رئيس الوزراء بشكل مباشر أكثر.
لكن مكتب غالانت رفض التعليق لصحيفة "واشنطن بوست" حول ذلك الأمر.
ومن جانبه، أكد المسؤول الإسرائيلي، أن "مفتاح إسقاط نتانياهو موجود داخل الليكود.. ومفتاح الليكود هو غالانت".
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط أكثر من 36439 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: رئیس الوزراء الإسرائیلی بنیامین نتانیاهو واشنطن بوست حکومة الحرب فی إسرائیل یؤدی إلى الحرب فی
إقرأ أيضاً:
الإنفاق العسكري العالمي يسجل أعلى مستوى له منذ نهاية الحرب الباردة: هل نحن على حافة سباق تسلح جديد؟
شمسان بوست / وكالات:
كشف تقرير صادر عن مركز أبحاث رائد في مجال النزاعات أن الإنفاق العسكري العالمي بلغ 2.72 تريليون دولار في 2024، بزيادة 9.4 عن عام 2023 وهو أكبر ارتفاع على أساس سنوي منذ نهاية الحرب الباردة على الأقل.
وأظهرت البيانات الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن التوتر الجيوسياسي المتصاعد شهد زيادة في الإنفاق العسكري في جميع مناطق العالم، مع نمو سريع على وجه الخصوص في كل من أوروبا والشرق الأوسط.
وقال المعهد “رفعت أكثر من 100 دولة حول العالم إنفاقها العسكري في عام 2024”. وأضاف “مع تزايد إعطاء الحكومات الأولوية للأمن العسكري، وغالبا ما يكون ذلك على حساب مجالات الميزانية الأخرى، يمكن أن يكون للمقايضات الاقتصادية والاجتماعية تداعيات كبيرة على المجتمعات لسنوات قادمة”.
وأدت الحرب في أوكرانيا والشكوك حول التزام الولايات المتحدة تجاه حلف حلف شمال الأطلسي إلى ارتفاع الإنفاق العسكري في أوروبا (بما في ذلك روسيا) بنسبة 17 بالمئة، مما دفع الإنفاق العسكري الأوروبي إلى ما هو أبعد من المستوى المسجل في نهاية الحرب الباردة.
بلغ الإنفاق العسكري الروسي نحو 149 مليار دولار في 2024، بزيادة 38 بالمئة عن 2023 وضعف المستوى المسجل في عام 2015. ويمثل ذلك 7.1بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا و19 بالمئة من إجمالي الإنفاق الحكومي.
ونما إجمالي الإنفاق العسكري الأوكراني بنسبة 2.9 بالمئة ليصل إلى 64.7 مليار دولار، وهو ما يعادل 43 بالمئة من الإنفاق الروسي. وبنسبة 34 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وكان العبء العسكري لأوكرانيا هو الأكبر من أي دولة في عام 2024.
وقال معهد ستوك هولم “تخصص أوكرانيا في الوقت الراهن جميع إيراداتها الضريبية لجيشها. في مثل هذا الحيز المالي الضيق، سيكون من الصعب على أوكرانيا الاستمرار في زيادة إنفاقها العسكري”.
وارتفع الإنفاق العسكري للولايات المتحدة بنسبة 5.7 بالمئة ليصل إلى 997 مليار دولار، وهو ما يمثل 66 بالمئة من إجمالي إنفاق حلف حلف شمال الأطلسي و37 بالمئة من الإنفاق العسكري العالمي في عام 2024.
وتواصل إسرائيل حربها في قطاع غزة، وفي عام 2024 ارتفع إنفاقها العسكري بنسبة 65% ليصل إلى 46.5 مليار دولار، وهذه أكبر زيادة منذ حرب الأيام الستة في عام 1967، وفق سيبري.
في المقابل، انخفض إنفاق إيران بنسبة 10% ليصل إلى 7.9 مليارات دولار في عام 2024، “رغم انخراطها في النزاعات الإقليمية”، بحسب سيبري، لأن “تأثير العقوبات حد بشدة من قدرتها على زيادة الإنفاق”.
وبعد الولايات المتحدة، تأتي الصين في المرتبة الثانية وهي تستثمر في تحديث قواتها المسلحة وتوسيع قدراتها في مجال الحرب السيبرانية وترسانتها النووية، وهي الآن تستحوذ على نصف الإنفاق العسكري في آسيا وأوقيانوسيا. وفي عام 2024، زادت ميزانيتها العسكرية بنسبة 7% لتصل إلى 314 مليار دولار.