رئيسة المكسيك المنتخبة.. يسارية تتجنب الحديث عن غزة!
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
بفوز تاريخي غير مسبوق، صوّت ما يقارب 60% من الناخبين في المكسيك لمرشحة الحزب الحاكم للرئاسة، كلوديا شينباوم، لتُتوّج بهذا، بلقب أوّل امرأة وأول يهودية في منصب رئاسة المكسيك. وقد تعزّزت هذه النتيجة بفوز مُريح للحزب الحاكم وحلفائه، على مستوى الانتخابات التشريعية بغرفتيها، وفوز نوعيّ في الانتخابات البلدية، التي انتظمت كلها الأحد الماضي.
تعتبر المكسيك، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة أميركا اللاتينية وبحر الكاريبي، بعد البرازيل، وتتمتّع بمكانة تاريخية وثقافية متميزة في القارة الأميركية، غير أنّ إدارة هذا البلد تواجه معضلات عويصة، وعلى رأسها تجارة المخدِّرات والهجرة غير النظامية، باعتبار موقعها الجغرافي المتاخم للولايات المتحدة.
ورغم تداول الحكومات على حكم المكسيك منذ بداية التجربة الديمقراطية في 1824، فإنها ارتهنت في العقود الأخيرة لقطبية حزبية محافظة، أجّجت مستوى الغضب الشعبي بشكل تدريجي. وقد مثّل حزب "مورينا" اليساري التقدمي الذي أسّسه الرئيس المنتهية صلاحيته أندريس لوبيز أوبرادور والمنتخبة حديثًا شينباوم في 2012، فكرة ناضجة ومكتملة الملامح، لكسب ثقة المكسيكيين.
وتُوجت تلك الفكرة بانتخاب الرئيس أندريس أوبرادور المعروف أكثر بـ "أملو" في 2018، وكسبت إدارته للبلاد ثقة أكبر لتجعل منه أول رئيس تنتهي ولايته بمستوى شعبية يشارف على 68%. وهو ما جعل أغلب الرأي العام يعتبر فوز شينباوم، مرحلة ثانية من حكم الرئيس "أملو"، مع العلم أن الرئاسة في المكسيك تمتد لست سنوات ولا تسمح بفترة ثانية. وهناك نقاط مشتركة عديدة في الحقيقة، لاسيما الأيديولوجية التي تجمع بين الرئيس "أملو" وخليفته القادمة شينباوم، لكن الفوارق بينهما، لا تمثل نقاط اختلاف، وهو ما يجعل الاستبشار بتواصل الإدارة الموفقة للبلاد، مشروعًا.
وللفوارق بين الشخصيتين، دلالات جديرة بالمتابعة، جعلت بعض المحللين يرون في التجربة المكسيكية الحالية، محاكاة للتجربة البرازيلية بين الرئيس لولا دا سيلفا خلال فترة رئاسته السابقة وخليفته الرئيسة ديلما روساف، وانعكاساتها الإيجابية على المجتمع والاقتصاد البرازيلي، لولا مكائد اليمين والجيش اللذين وأدا حلمَيهما، لفترة انتخابية جديدة. بعضٌ آخر، يرى أن شينباوم هي أنجيلا ميركل المكسيك، لما تتمتّع به شخصيتهما من ثقة بالنفس ورؤية علمية لعالم السياسة، والأكثر من كل ذلك، تخصصهما في الفيزياء.
فشينباوم، المنحدرة من عائلة يهودية هاجرت من أوروبا في أربعينيات القرن الماضي إلى المكسيك، حاملة مشعل مواهب والديها العلمية واهتماماتهما النضالية الاجتماعية، فوالدتها عالمة أحياء ووالدها مهندس كيمياء، اقترن اسماهما بحركات الكفاح اليساري. وقد سطع نجم الابنة كلوديا شينباوم منذ مرحلتها الجامعية، بحصاد علمي متميز ومسيرة نضالية منحتها سبقًا في مناصب سياسية لم تبلغها امرأة قبلها، على غرار رئاستها بلدية مكسيكو العاصمة، وهاهي اليوم تُتوّج بلقب أول رئيسة للبلاد.
دعم شعبي واسعوبعيدًا عن النجاحات التي حققتها شينباوم، في إدارتها للمناصب السابقة، برؤية علمية مخلوطة بأبعاد إنسانية، يبقى موقفها من القضية الفلسطينية، وبالتحديد من أحداث غزة الأخيرة، نقطة استفهام مُثيرة للانتباه. فهي تحظى بدعم حزام شعبي عريض، ولطالما انشغلت بقيم يسارية حميدة، على غرار العدالة الاجتماعية ومحاربة الظلم والاضطهاد، لكنها التزمت الصمت أمام جرائم الإبادة الممنهجة التي تقودها الحكومة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
واكتفت بتصريح يتيم، على إثر انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، قالت فيه حرفيًا: "يجب أن ندين كل أشكال العنف وخاصة هذا النوع من العنف ومهاجمة المدنيين الأبرياء"، دون الإشارة إلى هوية الأبرياء. ودعت في الوقت نفسه، إلى ضرورة وقف العنف، مُبدية موافقتها على الاعتراف بالدولتين، ومؤكدة "فلنسعَ إلى إيجاد السبيل الفوري لتهدئة هذه المنطقة من العالم".
وقد جاء ذلك التصريح، مشابهًا لموقف رفيقها الرئيس المكسيكي "أملو"، الذي بدا في ذلك الوقت دون الانتظارات، مقارنة بمواقف حكومات اليسار اللاتيني الشجاعة، على غرار الرئيس الكولومبي ونظيره البوليفي والبرازيلي.
ورغم تقديم حكومة الرئيس "أملو" نهاية الشهر الماضي، طلبًا لمحكمة العدل الدولية بالانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بشأن انتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، على خلفية الحرب في قطاع غزة، فإن هناك تفاصيل، تجعل بعض الحقوقيين يتهمون حكومة المكسيك باللعب على الحبال، في موقفها مما يحدث في غزة.
فالرئيس "أملو"، كان حريصًا بعد طلب الانضمام على عدم إطلاق لفظ "الإبادة"، على ما تقوم به إسرائيل، وأجاب عن سؤال صحفي واجهه بذلك، بالقول: إنه لا يريد الدخول في متاهة "اتهامات" خلافية المعاني، مبرّرا أن ذلك اللفظ قوّي ويفرض مسؤولية قانونية معقّدة على من يتفوّه به.
مواقف ضبابيةإضافة إلى ذلك، يتّهم بعض الحقوقيين، الرئيس أملو، وغير بعيد عن موقف رفيقته في الحزب وخليفته في المنصب، بأنه يتهرّب من خطوة الاعتراف بدولة فلسطين، حتى في غمرة الاعتراف الجماعي الذي أقدمت عليه إسبانيا والنرويج وأيرلندا الأسبوع الماضي. حيث قالها صراحة: إنه يُفضّل انتظار اتخاذ قرار بشأن تلك الخطوة، وكأنه يلقي بالكرة في ملعب خليفته المنتخبة حديثًا شينباوم، التي ستبدأ مدتها الرئاسية يوم 1 أكتوبر/ تشرين الأول القادم.
ورغم هذا الموقف الضبابي للحكومة المكسيكية، فإنها تتمتع بعلاقات دبلوماسية جيدة مع نظيرتها الفلسطينية، كما أن بعثتها الرسمية لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم تفوّت أي مناسبة للتصويت لصالح قرار العضوية الكاملة لفلسطين.
وفي نفس السياق، استبعدت حكومة الرئيس "أملو"، أمر قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، على غرار ما فعلته بعض الحكومات الصديقة في المنطقة، وفي نفس الوقت، لم تنجرّ إلى وصف حماس بالإرهابية، كما فعلت حكومات أخرى، احترامًا للحياد، كما يرى الرئيس "أملو" ذلك.
ترى المنسّقة الدولية لمرصد حقوق الإنسان بالمكسيك، دانييلا لوبيز، أن موقف الفائزة برئاسة المكسيك عن الحزب الحاكم، كلوديا شينباوم، لن يكون مغايرًا كثيرًا لموقف سلفها الرئيس "أملو"، فكلاهما يعتمد الحياد، وربما سيكون موقفها هي أكثر برودًا، رغم تنديدها بالظلم والاضطهاد في بلدها، غير أن الأمر مختلف الآن، مراعاة لحساسية هويتها ومسؤوليات منصبها الجديد. ويجري كل ذلك على خلاف مواقف قواعد الحزب المنتفضة للحق الفلسطيني، في الجامعات وفي شوارع المكسيك التي تبلغ الجالية الفلسطينية فيها ما يقارب 40 ألفًا، مقابل 30 ألفًا من أصول يهودية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ا شینباوم على غرار
إقرأ أيضاً:
بعد غلق باب الترشيح| 19 متقدما بأوراقه بانتخابات الاتحاد المصري للخماسي الحديث
أغلق مساء أمس الخميس الموافق 7 نوفمبر باب الترشح لرئاسة وعضوية الاتحاد المصري للخماسي الحديث عن دورة 2024 - 2028 وكان باب الترشح قد فتح في الأول من نوفمبر واستمر لمدة اسبوع بمقر الاتحاد بمجمع الاتحادات الأولمبية باستاد القاهرة.
وتقدم 19 مرشحًا بأوراق ترشحهم على مناصب الرئاسة والعضوية ونائب الرئيس وأمين الصندوق وجاءت قائمة المرشحين كالتالي:
تقدم على منصب الرئاسة: المهندس شريف العريان رئيس الاتحاد الحالي، والدكتور محمد عبد المنعم.
وتقدم على منصب نائب الرئيس: اللواء حازم الدمهوجي، والأستاذ سامح عبد المحسن.
وتقدم على منصب أمين الصندوق: الدكتور شادي عبد العزيز، والأستاذ ايهاب ابو العلا.
بينما تقدم على منصب العضوية 10 مرشحين بالإضافة إلى 3 مرشحين تحت السن وهم: كابتن عوض سامي، العميد سامر أنيس نجيب، المهندس عمرو شمس الدين، الأستاذ أنس عبد السلام، الأستاذ وائل سليمان، الأستاذة منى شفيق، الأستاذة سمر سيد، المهندس شادي حفني، الأستاذ أحمد بشير، الأستاذة نسمة طلال.
وترشح تحت السن كلا من: الأستاذة نادين يحيى، الأستاذ مصطفى راشد، الأستاذ علي زين العابدين.
وحسب لائحة الاتحاد المصري للخماسي الحديث يتكون مجلس الإدارة من 9 مرشحين بواقع رئيس، ونائب رئيس، وأمين صندوق، وخمس أعضاء وعضو تحت السن على أن يتواجد سيدة واحدة على الأقل في المجلس المنتخب (مقعد للمرأة).
وقد دعا الاتحاد المصري للخماسي الحديث لاجتماع الجمعية العمومية العادية للعام 2023-2024 وذلك يوم السبت الموافق 14 ديسمبر الساعة التاسعة صباحًا والذي يتضمن جدول أعماله انتخاب مجلس إدارة للدورة 2024 - 2028.
ووفق التصنيف الذي أعلنته اللجنة الأولمبية المصرية، تضم الجمعية العمومية لاتحاد الخماسي الحديث 9 هيئات رياضية لها حق التصويت في الانتخابات.
الجدير بالذكر أن جميع أعضاء مجلس إدارة الاتحاد الحالي للخماسي الحديث قد تقدموا بأوراق ترشحهم باستثناء الراحلة نهى ماهر التي وافتها المنية وذلك رغبةً في استمرار مسيرة الانجازات.
استطاع الاتحاد المصري للخماسي الحديث في الدورتين السابقتين تحت قيادة المهندس شريف العريان، تحقيق طفرة غير مسبوقة في اللعبة سواء على المستوى المحلي ونشر اللعبة في جميع أنحاء الجمهورية أو على المستوى الدولي بسيطرة مصر على منصات التتويج في بطولات العالم للمراحل السنية المختلفة وايضًا على المستوى الأولمبي بتحقيق ميداليات في دورات الألعاب الأولمبية للكبار والشباب اختتمت بانجاز تاريخي بحصول مصر على ذهبية تاريخية في أولمبياد باريس 2024 من خلال أحمد الجندي.