التصعيد الأعنف على جبهة لبنان.. كيف يُفهَم في هذا التوقيت؟!
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
بالتوازي مع الأجواء "التفاؤلية" بقرب انتهاء الحرب على قطاع غزة، على وقع كلام الرئيس الأميركي جو بايدن عن خطّة من ثلاث مراحل قال إنّها إسرائيلية لوقف إطلاق النار، وجد فيها كثيرون "أساسًا" يمكن التفاوض عليه، كانت "الجبهة اللبنانية" تشتعل بشكلٍ لافِت، وبوتيرة بدت غير مسبوقة، حتى إنّ هناك من وصف الأيام الأخيرة بأنّها "الأعنف" منذ فتح الجبهة في الثامن من تشرين الأول، بعد يوم واحد على عملية "طوفان الأقصى".
ترجِم ذلك بعمليات استهداف مكثّفة ومتزامنة للجيش الإسرائيلي لمناطق لبنانية عدّة، بعضها تعرّضت للقصف للمرّة الأولى منذ بدء المعارك والاشتباكات، فيما بدا بعضها الآخر "عشوائيًا"، خلافًا للانطباع الذي تكرّس على مدى الأسابيع الأخيرة عن بنك أهداف "محدّد"، يلتزم به الجيش الإسرائيلي ويقوم على "تحييد المدنيين"، كما تُرجِم أيضًا بعمليات "نوعية" قام بها "حزب الله" في المقابل، الذي ضرب مواقع عسكرية إسرائيلية، وُصِفت بـ"الحسّاسة".
وبالتوازي مع كلّ ذلك، لفتت تسريبات الإعلام الإسرائيلي عن أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أعطى تعليمات للجيش بـ"توسيع وتشديد" الضربات على لبنان، وهو ما اختلفت تفسيراته وتفاوتت، بين من قرأ فيه تحضيرًا لتوسعة رقعة المعارك، وصولاً ربما إلى "الحرب الشاملة"، ومن رأى فيه "محاولة ضغط" على "حزب الله" للتجاوب مع الوساطات الإقليمية والدولية للتوصل إلى اتفاق، فأيّ التفسيرَين هو "الأقرب" إلى الواقع؟!
التصعيد "الأعنف"
بمُعزَلٍ عن التفسيرات التي قد تتضارب وتتفاوت، يؤكد العارفون أنّ جولة القتال خلال عطلة نهاية الأسبوع تكاد تكون "الأعنف على الإطلاق" منذ بدء المواجهات بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي، ولو أنّ المواجهة شهدت في محطّاتٍ عدّة "استنفارًا أكبر"، ربطًا بـ"نوعية" بعض الجرائم التي كان يرتكبها الجيش الإسرائيلي، على وقع استهداف المدنيين والصحافيين مثلاً، من دون أن تشهد "الجبهة" كثافةً في النيران كالتي شهدتها في الأيام الأخيرة.
ينطبق ذلك على "أداء" الجيش الإسرائيلي الذي كان واضحًا أنّه عدّل في "تكتيكاته"، خصوصًا ليل الجمعة-السبت، الذي وُصِف بـ"الساخن"، واستهدف خلاله العدوّ قرى عدّة دفعة واحدة، بينها ما هو بعيد عن المنطقة الحدودية، لتتصاعد بعده حدّة المواجهات إلى حدّ بعيد، مع عودة التركيز الإسرائيلي على قصف الدراجات النارية، إضافة إلى بعض المنازل التي تُرصَد حركة بمحيطها، وهو ما أدّى إلى سقوط المزيد من الشهداء في صفوف المدنيّين.
لكنّ ذلك ينطبق أيضًا على أداء "حزب الله" الذي تلقّف بدوره، التصعيد الإسرائيلي، فردّ "الصاع صاعين" إن جاز التعبير، من خلال رفعه وتيرة العمليات "المضادة"، التي استهدفت العديد من المواقع العسكرية الإسرائيلية، ولكن أيضًا من خلال استهداف المسيّرات، كما فعل مع المسيّرة من نوع هرمز 900 "التي تعتدي على أهلنا وقرانا"، فأسقطها بالضربة القاضية، وكلّ ذلك بالتزامن مع إدخال أنواع جديدة من الأسلحة إلى أرض الميدان.
ما التفسيرات؟
في قراءة دلالات هذا التصعيد "العنيف" على الجبهة اللبنانية، بالتزامن مع استمرار الهجوم الإسرائيلي على رفح، وعلى وقع الحديث عن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، تُعطى الكثير من التفسيرات "المتضاربة" في مكانٍ ما، إذ ثمّة من يعتبر أنّ العدو الإسرائيلي يجهّز من خلال هذا الأداء للانتقال إلى نمط "الحرب الشاملة" التي لوّح بها منذ اليوم الأول ضدّ لبنان، وهو ما يفسّر "إيعاز" نتنياهو لجيشه صراحةً بتوسيع وتشديد الضربات.
بهذا المعنى، ثمّة من يعتقد أنّ التصعيد الذي شهدته "جبهة" جنوب لبنان يهيئ الأرضية لجولة أكبر وأعنف من القتال في المرحلة المقبلة، خصوصًا بعد أن ينتهي الجيش الإسرائيلي من "جبهة" رفح إن جاز التعبير، من دون أن يكون قد حقّق أهدافه المُعلَنة، ما سيتطلب منه الاستمرار بالقتال ولو على "جبهة أخرى"، علمًا أنّ هذا الأمر يندرج أيضًا ضمن استراتيجية "التصاعد التدريجي" لوتيرة العمليات منذ تشرين الأول الماضي.
لكن، في مقابل هذه التفسيرات، ثمّة قراءة أخرى تتمسّك بمنطق "استبعاد" انزلاق الأمور إلى حرب شاملة، لا تريدها إسرائيل "المُنهَكة أصلاً" من حرب غزة، والباحثة عن "مَخرَج" لإنهائها، يحفظ ماء وجهها، لا للدخول في "مستنقع" آخر، ويرى أصحاب هذا الرأي أنّ الأمر لا يعدو كونه "ضغطًا ناريًا" على لبنان، إن جاز التعبير، من أجل التجاوب مع الوساطات القائمة لحلّ مشكلة "الشمال"، من دون الذهاب إلى حرب أوسع.
تتضارب المعطيات، وتتفاوت التقديرات، لكنّ الثابت أنّ "جبهة لبنان" تشهد أعنف أيام المواجهات منذ الثامن من تشرين الأول الماضي. وإذا كان من "الثوابت الواقعية" أيضًا، أنّ الطرفين لا يريدان توسيع الاشتباك في الوقت الحالي، وأنّ الأرجحية تبقى للمفاوضات في المقام الأول، فإنّ الأكيد أنّ كل السيناريوهات تبقى واردة، إذا ما استمرّت وتيرة التصعيد على شكلها الحالي، أو واصلت سياسة "التصاعد المتدرّج"!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی حزب الله
إقرأ أيضاً:
دعوة من الكتائب للرئيس المُكلف والعماد عون: لعدم الرضوخ للابتزاز المتمادي الذي يمارسه الثنائي
أعلن المكتب السياسي الكتائبي في بيان له اليوم الثلاثاءـ اثر اجتماعه برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، الى أنه "يؤمن بعد سنوات طويلة من الأزمات والحروب والنكسات، بأن لبنان أمام فرصة حقيقية لاستعادة السيادة والقرار الحر والشروع في بناء دولة حقيقية يتساوى فيها اللبنانيون، وتفتح أمامهم آفاق المستقبل على مختلف الصعد، دولة قادرة على استعادة دور البلد التاريخي، شرط حسن توظيف الفرصة لصالح لبنان واللبنانيين".واعتبر أن "ما شهده لبنان منذ بداية انطلاق عجلة المؤسسات واكتمال عقدها بانتخاب رئيس للجمهورية وتجلي الديمقراطية في تسمية رئيس الوزراء، قلب المعطيات وأظهر تصميما لبنانيا للإمساك بزمام الأمور وتقرير المصير".
ورأى أن "لبنان الذي خرج من حرب مدمّرة، لا بد له، وانسجاما مع خطاب القسم وكلام الرئيس المكلف، أن يسقط من بيان الحكومة الوزاري أي عبارة، بالمباشر أو بالمواربة، لا تنيط بالدولة وحدها حصرية السلاح وحق الدفاع عن الوطن، ويمكن أن تفسر أنها تفوض أو تتنازل لأي طرف عن هذا الواجب"، معتبراً إن "الحكومة المنتظرة مطالبة بأن تضرب بيد من حديد، وأن تفكك كل الميليشيات، وأن تطبق وقف إطلاق النار بحرفيته، وتثبت بنوده على كامل الأراضي اللبنانية جنوبًا وشمالا".
وطالب المكتب السياسي "المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتنفيذ تعهداتها بالانسحاب من الأراضي اللبنانية التي احتلتها قبل انقضاء فترة الستين يوما التي شارفت على الانتهاء".
واستغرب "كيف أن الفريق الذي امتهن التعطيل كسلاح للسيطرة على القرار، ما زال مصرا على استعمال الأساليب ذاتها، فيطالب بتأجيل موعده في الاستشارات ويغيب عن المشاورات لتحسين شروطه التفاوضية على الحصص، في ممارسة باتت من الماضي ويرفض اللبنانيون العودة إليها".
ودعا "رئيس الوزراء المكلف ورئيس الجمهورية إلى عدم الرضوخ للابتزاز المتمادي الذي يمارسه ثنائي التعطيل بالمطالبة بوزارة من هنا أو منصب من هناك خارج القواعد التي أرساها خطاب القسم، والتي تفرض تطبيق وحدة المعايير على الجميع ومن دون استثناء، حتى لا تحمل التشكيلة الحكومية عوامل فشلها المبكر".
وإذ أكد على تمسكه بـ"كل ما ورد في خطاب القسم، لا سيما لجهة الفقرات الخاصة بانبثاق السلطة"، رفض "مبدأ التوقيع الثالث والثلث المعطل وثنائية تختزل طائفة".