بالتوازي مع الأجواء "التفاؤلية" بقرب انتهاء الحرب على قطاع غزة، على وقع كلام الرئيس الأميركي جو بايدن عن خطّة من ثلاث مراحل قال إنّها إسرائيلية لوقف إطلاق النار، وجد فيها كثيرون "أساسًا" يمكن التفاوض عليه، كانت "الجبهة اللبنانية" تشتعل بشكلٍ لافِت، وبوتيرة بدت غير مسبوقة، حتى إنّ هناك من وصف الأيام الأخيرة بأنّها "الأعنف" منذ فتح الجبهة في الثامن من تشرين الأول، بعد يوم واحد على عملية "طوفان الأقصى".


 
ترجِم ذلك بعمليات استهداف مكثّفة ومتزامنة للجيش الإسرائيلي لمناطق لبنانية عدّة، بعضها تعرّضت للقصف للمرّة الأولى منذ بدء المعارك والاشتباكات، فيما بدا بعضها الآخر "عشوائيًا"، خلافًا للانطباع الذي تكرّس على مدى الأسابيع الأخيرة عن بنك أهداف "محدّد"، يلتزم به الجيش الإسرائيلي ويقوم على "تحييد المدنيين"، كما تُرجِم أيضًا بعمليات "نوعية" قام بها "حزب الله" في المقابل، الذي ضرب مواقع عسكرية إسرائيلية، وُصِفت بـ"الحسّاسة".
 
وبالتوازي مع كلّ ذلك، لفتت تسريبات الإعلام الإسرائيلي عن أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أعطى تعليمات للجيش بـ"توسيع وتشديد" الضربات على لبنان، وهو ما اختلفت تفسيراته وتفاوتت، بين من قرأ فيه تحضيرًا لتوسعة رقعة المعارك، وصولاً ربما إلى "الحرب الشاملة"، ومن رأى فيه "محاولة ضغط" على "حزب الله" للتجاوب مع الوساطات الإقليمية والدولية للتوصل إلى اتفاق، فأيّ التفسيرَين هو "الأقرب" إلى الواقع؟!
 
التصعيد "الأعنف"
 
بمُعزَلٍ عن التفسيرات التي قد تتضارب وتتفاوت، يؤكد العارفون أنّ جولة القتال خلال عطلة نهاية الأسبوع تكاد تكون "الأعنف على الإطلاق" منذ بدء المواجهات بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي، ولو أنّ المواجهة شهدت في محطّاتٍ عدّة "استنفارًا أكبر"، ربطًا بـ"نوعية" بعض الجرائم التي كان يرتكبها الجيش الإسرائيلي، على وقع استهداف المدنيين والصحافيين مثلاً، من دون أن تشهد "الجبهة" كثافةً في النيران كالتي شهدتها في الأيام الأخيرة.
 
ينطبق ذلك على "أداء" الجيش الإسرائيلي الذي كان واضحًا أنّه عدّل في "تكتيكاته"، خصوصًا ليل الجمعة-السبت، الذي وُصِف بـ"الساخن"، واستهدف خلاله العدوّ قرى عدّة دفعة واحدة، بينها ما هو بعيد عن المنطقة الحدودية، لتتصاعد بعده حدّة المواجهات إلى حدّ بعيد، مع عودة التركيز الإسرائيلي على قصف الدراجات النارية، إضافة إلى بعض المنازل التي تُرصَد حركة بمحيطها، وهو ما أدّى إلى سقوط المزيد من الشهداء في صفوف المدنيّين.
 
لكنّ ذلك ينطبق أيضًا على أداء "حزب الله" الذي تلقّف بدوره، التصعيد الإسرائيلي، فردّ "الصاع صاعين" إن جاز التعبير، من خلال رفعه وتيرة العمليات "المضادة"، التي استهدفت العديد من المواقع العسكرية الإسرائيلية، ولكن أيضًا من خلال استهداف المسيّرات، كما فعل مع المسيّرة من نوع هرمز 900 "التي تعتدي على أهلنا وقرانا"، فأسقطها بالضربة القاضية، وكلّ ذلك بالتزامن مع إدخال أنواع جديدة من الأسلحة إلى أرض الميدان.
 
ما التفسيرات؟
 
في قراءة دلالات هذا التصعيد "العنيف" على الجبهة اللبنانية، بالتزامن مع استمرار الهجوم الإسرائيلي على رفح، وعلى وقع الحديث عن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، تُعطى الكثير من التفسيرات "المتضاربة" في مكانٍ ما، إذ ثمّة من يعتبر أنّ العدو الإسرائيلي يجهّز من خلال هذا الأداء للانتقال إلى نمط "الحرب الشاملة" التي لوّح بها منذ اليوم الأول ضدّ لبنان، وهو ما يفسّر "إيعاز" نتنياهو لجيشه صراحةً بتوسيع وتشديد الضربات.
 
بهذا المعنى، ثمّة من يعتقد أنّ التصعيد الذي شهدته "جبهة" جنوب لبنان يهيئ الأرضية لجولة أكبر وأعنف من القتال في المرحلة المقبلة، خصوصًا بعد أن ينتهي الجيش الإسرائيلي من "جبهة" رفح إن جاز التعبير، من دون أن يكون قد حقّق أهدافه المُعلَنة، ما سيتطلب منه الاستمرار بالقتال ولو على "جبهة أخرى"، علمًا أنّ هذا الأمر يندرج أيضًا ضمن استراتيجية "التصاعد التدريجي" لوتيرة العمليات منذ تشرين الأول الماضي.
 
لكن، في مقابل هذه التفسيرات، ثمّة قراءة أخرى تتمسّك بمنطق "استبعاد" انزلاق الأمور إلى حرب شاملة، لا تريدها إسرائيل "المُنهَكة أصلاً" من حرب غزة، والباحثة عن "مَخرَج" لإنهائها، يحفظ ماء وجهها، لا للدخول في "مستنقع" آخر، ويرى أصحاب هذا الرأي أنّ الأمر لا يعدو كونه "ضغطًا ناريًا" على لبنان، إن جاز التعبير، من أجل التجاوب مع الوساطات القائمة لحلّ مشكلة "الشمال"، من دون الذهاب إلى حرب أوسع.
 
تتضارب المعطيات، وتتفاوت التقديرات، لكنّ الثابت أنّ "جبهة لبنان" تشهد أعنف أيام المواجهات منذ الثامن من تشرين الأول الماضي. وإذا كان من "الثوابت الواقعية" أيضًا، أنّ الطرفين لا يريدان توسيع الاشتباك في الوقت الحالي، وأنّ الأرجحية تبقى للمفاوضات في المقام الأول، فإنّ الأكيد أنّ كل السيناريوهات تبقى واردة، إذا ما استمرّت وتيرة التصعيد على شكلها الحالي، أو واصلت سياسة "التصاعد المتدرّج"!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی حزب الله

إقرأ أيضاً:

العدو الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان

يمانيون../ واصل “جيش” العدو الإسرائيلي اليوم الاثنين، انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان الموقع منذ عدة أسابيع.

وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أن جيش العدو استمر باعتداءاته على البنى التحتية والمباني والمنازل في بلدات الناقورة والبستان والزلوطية، وأقدم على تفجير عدد من المنازل تزامناً مع تحليق للطيران المروحي والاستطلاعي في الأجواء.

كما أقدم “جيش” العدو الإسرائيلي على رفع العلم الصهيوني على تلة بين بلدتي البياضة والناقورة المشرفة على الساحل عند مدخل بلدة ‎الناقورة الرئيسي، وأقفلت قوات العدو طريق مدينة بنت جبيل – مارون الراس بالسواتر الترابية والمكعبات الاسمنتية ما حال دخول الآليات والمركبات تجاه بلدة مارون.

في سياق متصل، قال رئيس حكومة تصريف الاعمال اللبنانية نجيب ميقاتي خلال جولة له في جنوب لبنان “إن التأخير والمماطلة لتنفيذ القرار الدولي لم تأت من جهة الجيش اللبناني بل المعضلة هي في الجانب الصهيوني وهناك مماطلة من قبله ويجب أن نراجع أطراف اتفاق وقف إطلاق النار، لوضع حد لتلك المماطلة الصهيونية والإسراع قدر الإمكان قبل انتهاء مهلة الـ60 يوما المنصوص عليها في تفاهم وقف إطلاق النار لحصول انسحاب صهيوني كامل من الأراضي اللبنانية”.

مقالات مشابهة

  • العدو الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان
  • الموساد وتفجيرات البيجر.. عميلان سابقان يكشفان تفاصيل جديدة عن العملية التي هزت حزب الله
  • حاليّاً... هذا ما يقوم به العدوّ الإسرائيليّ في جنوب لبنان
  • مولوي من السعودية: مصمّمون على أن نخرج إلى لبنان الذي نريده وتريدونه
  • أحمد زعيم.. صوت الإبداع الذي يحلّق في سماء الفن العربي
  • وزير خارجية تركيا يكشف الملفات التي ناقشها مع الشرع في سوريا
  • حزب الله يكشف عن المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان
  • بعثة الأمم المتحدة تزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • زيارة أممية لمواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • ‏وسائل إعلام إسرائيلية: الجيش الإسرائيلي يبدأ التحقيق في أسباب عدم اعتراض الصاروخ الذي أطلق من اليمن