تضاعف السعودية جهودها لدفع الشركات المالية الدولية إلى تعزيز وجودها محليا، فمن لا يظهر التزاما كافيا تجاه المملكة قد يجد قريبا صعوبة في الظفر بأعمال تجارية كبيرة في المملكة المتجهة نحو استثمارات ضخمة، وفق بلومبيرغ.

وأضاف صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي تبلغ قيمته 925 مليار دولار تفاصيل جديدة إلى المستندات التي يرسلها إلى البنوك التي تأمل في التعامل معه، ساعيا بذلك إلى معرفة ما إذا كانت شركاتهم قد حصلت على ترخيص مقر إقليمي في المملكة أم لا.

مقاومة أكثر صعوبة

وبعدما كانت البنوك تأمل في البداية في تجنب هذه القواعد، صارت مقاومة الضغوط أكثر صعوبة، خاصة بعد أن أصبحت مجموعة غولدمان ساكس أول شركة كبيرة في وول ستريت تحصل على مثل هذا الترخيص.

وقال الشريك الإداري الوطني للسعودية في شركة لينكلاترز للمحاماة، وليد راسروماني "بمجرد اعتماد تراخيص المقر المحلي بشكل كاف في قطاع ما، فإن ذلك يزيد الضغط على اللاعبين الآخرين في القطاع ليحذوا حذوهم.. تنظر العديد من الشركات في القطاع المالي بعناية إلى قواعد الحصول على مقر محلي في الوقت الحالي".

ونقلت بلومبيرغ عن مصادر مطلعة قولها إن طلب هذا الترخيص أصبح الآن جزءا من التعامل مع صندوق الاستثمارات العامة، مضيفين أن الصندوق لا يطلب حاليا من الشركات الحصول تراخيص، على الرغم من أن السؤال عن وضعها التنظيمي يُنظر إليه على أنه يزيد من الضغوط للحصول عليه.

وأثار ذلك القلق بين البنوك التي تسعى للعمل مع الصندوق، على الرغم من أن المطالب حتى الآن لا يبدو أنها أثرت على فرصهم في الفوز بمعاملات.

ووفق بلومبيرغ، صارت قدرة الشركات -من بينها "جي بي مورغان" و"سيتي غروب"- على متابعة الصفقات في أكبر اقتصاد عربي على المحك، وذلك وسط برنامج استثماري قيمته عدة تريليونات من الدولارات.

وفي هذا الأسبوع فقط، استعانت المملكة بمجموعة من البنوك لمساعدتها في تحقيق أكبر عملية بيع للأسهم هذا العام، حيث تتطلع إلى جمع ما يصل إلى أكثر من 12 مليار دولار من خلال بيع جزء من حصتها في شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية.

ولم تكن البنوك وحدها هي التي تعرضت لضغوط لإنشاء مقار في السعودية من أجل الحفاظ على العقود المربحة مع الحكومة والشركات المرتبطة بالسعودية.

وحصلت شركات الاستشارات ماكنزي آند كو وبوسطن كونسالتنغ غروب وتينيو على تراخيص في الأشهر القليلة الماضية.

تسعى الرياض إلى استقطاب المؤسسات المالية إليها (غيتي) مئات التراخيص

وأعلنت السعودية عن قانون إنشاء مقر بها عام 2021 كوسيلة لتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، وحث الشركات العالمية على إعادة استثمار بعض الأموال التي كسبتها من العمل مع الحكومة في البلاد.

وحفزت هذه القواعد شركات مثل بوينغ وأمازون وبرايس ووتر هاوس كوبرس على تعزيز وجودها في السعودية، وفي المجمل، تم منح تراخيص لأكثر من 400 شركة.

وظلت البنوك الأجنبية، حتى وقت قريب، مهمشة، وفي علامة على مدى تعقيد المشكلة يتجنب بعض المقرضين استخدام مصطلح المقر الرئيسي لأي من مكاتبهم في الشرق الأوسط.

ورأت بلومبيرغ أن الإصرار السعودي على حصول البنوك على مقر بالمملكة يخاطر باحتدام المنافسة مع المركزين الماليين المجاورين أبوظبي ودبي، اللذين استخدمتهما معظم البنوك الدولية لسنوات كقاعدة مريحة لإدارة عملياتها في الخليج.

تحديات

سعت بعض البنوك إلى تلبية مطالب السعودية من خلال تعيين كبار صانعي الصفقات السعوديين، وإيجاد مسؤولين تنفيذيين رئيسيين في الرياض، والتعهد بنقل المزيد من المصرفيين إلى العاصمة.

ولم تفعل هذه الجهود كثيرا لتهدئة المملكة، فوفقا لبعض المصرفيين، الذين أجروا محادثات غير رسمية مع المسؤولين السعوديين الذين حثوهم على التوسع في الرياض، كما أصدروا تحذيرات صريحة بأنهم إذا استمروا في السفر من مراكز أخرى، لن يتم الترحيب بهم كمستشارين.

ولكن، حتى لو حصلت البنوك على ترخيص سعودي، فسوف تواجه البنوك تحديات أخرى، على سبيل المثال، بموجب القواعد السعودية التي سيتم فرضها عليهم، يجب أن يكون لديهم ما لا يقل عن 15 موظفا مع 3 من كبار المسؤولين التنفيذيين في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على دولتين أخريين على الأقل تقديم تقارير إلى المقر السعودي للبنوك، ويمكن للمؤسسات الكبيرة أن تمتثل لهذه القواعد عن طريق نقل موظفي المكاتب المساعدة إلى البلاد، لكن بالنسبة للبنوك الاستثمارية الأصغر حجما، فإن مثل هذه الخطوة ستكون أكثر صعوبة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

مختصون لـ "اليوم": العمارة السعودية فرصة تحول مدن المملكة لمحركات اقتصادية

في خطوة تاريخية تعكس التوجه الطموح للمملكة نحو تعزيز الهوية الثقافية وتحقيق التنمية المستدامة، أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مشروع خريطة العمارة السعودية، الذي يهدف إلى تطوير المشهد العمراني السعودي من خلال تحديد 19 طرازًا معماريًا مستوحى من التراث السعودي والثقافة المحلية، مع دمج الحداثة والتقنيات المتطورة.
وبين المختصون خلال حديثهم لـ"اليوم" أن مبادرة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإطلاق خريطة العمارة السعودية تهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية للمدن السعودية، وتحقيق التنمية المستدامة من خلال التوازن بين الأبعاد الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية
أخبار متعلقة لتعزيز الوعي.. إطلاق برنامج "إجابة وإرشاد السائلات" في الحرم المكيالقيادة تهنئ رئيس إيرلندا بذكرى اليوم الوطني لبلادهالمدن محركات اقتصادية
وأكد المختصون أن هذا المشروع يعكس التوجه العالمي لتحويل المدن إلى محركات اقتصادية تخلق فرص العمل، مع الحفاظ على الإرث الثقافي، ويمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } خريطة العمارة السعودية.. مكاسب اقتصادية وحفاظ على الإرث الثري للمملكة
وفي هذا السياق، أشاد الأستاذ المشارك في قسم التخطيط العمراني بجامعة الملك سعود الدكتور وليد الزامل، بهذه المبادرة، مؤكدًا أنها تسهم في ترسيخ القيم النسبية للمدن السعودية، والتي تتجذر في المشاركة المجتمعية عبر التاريخ في تشكيل البنية العمرانية.
وأضاف أن إعادة تكريس هذا المفهوم يساهم في بناء هوية ثقافية متجددة تتماشى مع التوجهات العالمية الحديثة، التي تهدف إلى تحويل المدن من مجرد مستقرات سكنية إلى محركات اقتصادية توفر فرص العمل وتعزز الاستدامة البيئية.الأستاذ المشارك في قسم التخطيط العمراني بجامعة الملك سعود الدكتور وليد الزامل - اليوم وليد الزامل
علامة اقتصادية مميزة
وأكد الزامل أن الحفاظ على الهوية العمرانية لكل مدينة سعودية، والتي تشمل القيم الثقافية والعادات والتقاليد والخصائص الطبيعية والمكانية، يعزز الاستدامة الحضرية من خلال تحقيق التوازن بين الأبعاد الثلاثة: الاجتماعي، والاقتصادي، والبيئي.
وأشار إلى أن فهم الأبعاد الثقافية والاجتماعية التي ساهمت في تشكيل البيئة الحضرية يخلق “القيمة المضافة” أو “العلامة الاقتصادية المميزة” لكل مدينة سعودية.
وأضاف الزامل: “استلهام الماضي والحاضر لاستشراف المستقبل يتيح للمملكة فرصة تحويل مدنها إلى مراكز اقتصادية عالمية، مع الحفاظ على الأصالة الثقافية والتراث العمراني. هذه المبادرة تصب في تحقيق أهداف الرؤية الوطنية 2030، وتدعم جهود التنمية المستدامة وتعزيز جودة الحياة.”
المعمار السعودي توظيف للجغرافيا والتراث
وأوضح الخبير في الهندسة المعمارية، رامي خان، أن مشروع الطرازات المعمارية الـ 19 يُعد جزءًا من رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية من خلال توظيف الخصائص الجغرافية والتراثية الفريدة لكل منطقة في المملكة. الخبير في الهندسة المعمارية رامي خان - اليوم رامي خان
وأضاف: “هذه الخطوة ليست فقط تعزيزًا للجمال المعماري، بل تسهم في تطوير قطاع البناء والتصميم وفق أسس مستدامة تعكس الإرث الثقافي السعودي بطريقة معاصرة".
من جانبه، عبّر رامي خان عن تطلعه لرؤية هذه الرؤية الطموحة تتحول إلى واقع ملموس، يعكس عراقة وتنوع العمارة السعودية، ويعزز مكانة المملكة كوجهة عالمية في مجال التصميم الحضري والمعماري، مبيناً ان مشروع الطرازات المعمارية الـ 19 يمثل خطوة استراتيجية نحو تطوير الهوية العمرانية السعودية، بما يضمن استدامة المدن وتعزيز الاقتصاد المحلي، مع الحفاظ على الإرث الثقافي العريق.

مقالات مشابهة

  • مختصون لـ "اليوم": العمارة السعودية فرصة تحول مدن المملكة لمحركات اقتصادية
  • وزارة الخارجية تستضيف رؤساء البعثات الدبلوماسية والهيئات والمكاتب الإقليمية والمنظمات الدولية المعتمدة لدى المملكة بمناسبة شهر رمضان
  • السلطان: العمارة السعودية تسهم في إبراز هوية المملكة عالميًا
  • البنك المركزي يكشف أسماء البنوك التي قررت نقل مقارها إلى عدن تفادياً للعقوبات الأمريكية!
  • جيرمين ديفو: الدوري السعودي أكثر جاذبية من الأمريكي بفضل قوته المالية
  • البنك المركزي يعلن أسماء البنوك التي وافقت على نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن
  • بعد تحسن نظام حماية العمال في السعودية.. عودة العمالة الإندونيسية إلى المملكة
  • لجنة الإعلام في البنوك السعودية توقع مذكرة تعاون مع ( حماية المستهلك ).
  • مركزي عدن يقول بأنه تلقى بلاغاً خطياّ من البنوك التي تعمل في مناطق سيطرة الحوثيين .. هذا ماجاء فيه
  • عاجل . البنك المركزي اليمني يكشف عن نقل مراكز البنوك التي كانت بصنعاء الى إلى عدن. ضربة موجعة للمليشيا الحوثية