سودانايل:
2025-02-23@02:44:07 GMT

ولادة من خاصرة رخوة

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

بقلم: عمر العمر

لا فارق بين بياني نيروبي و أديس . ديباجة كليهما لا تتجاوز وفق أفضل الرؤى توصيف المحنة. المؤتمرون لايزالون عند سارية (لا للحرب). توقيت نهاية الكارثة لا يزال رهين بلقاء تسوية متوهم بين المتقاتلين. حتى مع اتساع قاعدة مناهضي الحرب يضيق أمام المؤتمرين نحت مخرج من تحت ركام الكارثة الوطنية.

مرد هذا العجز إما قصور في العصف الذهني الجماعي أو استعصاء الأزمة على خيارات الحلول الممكنة. تعليق مصير الشعب والوطن على كاهل أطراف الاقتتال الحُمق هو القعود الكساح بعينه. الوضع المستفحل في التأزيم يتطلب أكثر من هذا الرجاء وأبعد من ذلك الترقب. هذه القوى المناهضة للحرب مطالبة باجتراح علاج يتجاوز البقاء على شرفة الانتظار إلى التقاط زمام المبادرة وقفاز التحدي.مادامت قوى السلام تسند ظهرها إلى الشارع فلا خوف عليها ما التزمت سماع نبض الجماهير و شعارات الثورة.
*****
صحيح القوى المناهضة للحرب لا تملك سلاحا من أجل منازلة أعداء السلم الوطني.هي لا تملك كذلك مقاتلين مسلحين لكنها تمتلك جنودا مؤمنين بقضية الحرية والعدالة. صحيح كذلك أنها تدرك أبعاد التقاطعات الخارجية على الرقعة الداخلية. لكن يجب عليها في الوقت نفسه التسلح بالجرأة الكافية ليس فقط من أجل كشف المصادر بل استثمارها من أجل بناء علاقات مستقبلية أو العمل على مقاومتها بأمضى منها.إذا تضيق خيارات مواجهة العنف بالعنف فإن في العمل الدبلوماسي آفاقا عريضة. أزمة غزة شاهد شاخص حاضر. البيانات لا تصنع حلولا مهما بلغت بلاغتها مالم تتسقى من قوة أو تستند إلى ظهير ذي حول وطول.مصير الوطن كما مستقبل الشعب يستدعيان اجتراح عملية سياسية تجعل هذه المرحلة الشائهة المشوهة وحربها القذرة ( ولادة من الخاصرة).
******
بغض النظر عن مكان لقاء مفترض بين الجيش والجنجويد فإن أفضل نتائجه لجهة إخماد الحرب لن تتجاوز إطار تسوية بين الطرفين. تلك معادلة لا تمنح الشعب حقوقه المهدرة أو مكتسباته المضاعة.بما أنه ليس منهما من هو مهجوس بحقوق الشعب أو طموحاته يصبح الرهان على أحدهما مثلما هو عليهما معاً ضربا من الخسران المبين. بل هو مساهمة في تأجيج عذابات النازحين ، اللاجئين والمرابطين بين الأنقاض. فإذا كان أقصى المأمول من قبل المؤتمرين ترقب تسوية تسترضي أطراف القتال الكارثي ،فلماذا لا يأخذ المؤتمرون المبادرة فيطرحون مبادرة من شأنها اختزال المعاناة الجماعية وانقاذ الشعب ، الدولة والوطن. هذه خطوة لا تتطلب أكثر من جرعة شجاعة . هي جرعةٌ مُرّةٌ لكنها تنطوي على شفاء لا محالة لأنها ستكون من ابداع عقلية مؤمنة بما تنتج.
*****
ربما لا تكون أُطر المبادرة مكتملة لكنها ترتكز إلى محورين؛ شروط مقابل تقديم تنازلات غايتهما استرداد الدولة أولاً. لهذه الغاية الأولوية القصوى. كل حديث في شأن تحقيق الحرية، العدالة والسلام أو إنجاز شعارات الثورة على طريق وطن ديمقراطي موحد قبل القبض على مفاصل الدولة ليس غير هذيان سياسي.أن تخسر جزءً من الأهداف السياسية المرحلية أفضل من إهدار فرص تحقيق كل الطموحات الوطنية . هذه المعادلة تستوجبها كما تكتسب جدواها العقلانية في سياق اختلال موازين القوى. الأزمة تستفحل . قوى السلام تتوغل في العجز المزمن . الإنهاك يتمكن من جناحي معسكر الحرب على نحو ينأى بهما بلوغ أي منهما مرحلة الحسم .لذلك يتيح توافق الضعفاء فتح مخرج آمن أفضل من ممارسة الانتحار .انتظار رحيل أحد طرفي الحرب عبر (الباب الموارب) مثل ترقب تسوية ثنائية.كلا الخيارين ليسا في صالح الشعب والثورة.
*****
صحيح الهروب الجماعي من ألسنة الجحيم دفع المواطنين لهجر الخرطوم ، مدن وقرى.لكن عمليات التهجير القسري ، التعذيب الممنهج والهروب العشوائي لن تُغيّب الشارع السياسي أو تُحطّم الرأي العام .فكيفما جاء شكل الدولة الجديدة من بين الأطلال فهي لن تكتسب شرعيتها إلا من هذا الشارع أو تصطدم به لا محالة. بالطبع لا خوف من الشارع مثلما لا خوف عليه. قناعتي الثابتة أن جميع الجائلين في معسكر الحرب يجهلون طبيعة الشخصية السودانية. هذه رؤية لا أود تأطير من هم على ربوة دعاة السلام داخلها.لعل التسامح أو على الأقل التغافل عن عيوب الآخر من أبرز الخطوط في قماشة تلك الشخصية. فالسوداني الأصيل لا يجنح إلى التعصب حتى حين تغالبه نوبات الانفعال أحيانا.هو كاره للانتهازية و الانتهازيين بطبعه.
*****
ربما ثمة مقاربة محزنة بين ما يحدث في السودان و ما يجري في غزة.لكن أشد تواطأ من ذلك حال نتانياهو والبرهان.فمع تباين فوارق التماثل بين السودانيين والاسرائيليين فالرجلان يخوضان حربين خاسرتين دفاعا عن مصيريهما الأسودين تحت شعار حماية الدولة زيفا وخداعا.فكما يواجه البرهان محاكمة على جرائم فساد تعزز خروجه المذل والنهائي من المشهد السياسي يدرك البرهان مواجهة مصير أذل و أخذى خسر الحرب أوربحها.لذلك يفضل كلاهما البقاء داخل داخل خندق الحرب حتى يفنى أو تفنى العناقيد ،ما لم تلوح في الأفق فرصة خروج شخصي آمن .مأزق حميدتي أظرت من أخيه لأنه لايخسر السلطة وحدها
******
فالميليشيا الاثنية تخوض حربا مدمرة كارثية عبثية تحت شعارات مزيفة واهمة خاسرة.فإصلاح الدولة لا يتم فوق حطام شبكات بناها الأرضية أو مؤسساتها. التاريخ لم يحدثنا عن ميليشيا عنصرية أو ايديولوجية انجزت تحولا ديمقراطيا.نعم السودان بلد ثري بالموارد على نحو يغري الطامعين . لكنه ليس فضاء مفتوحا . فقر أهله لايعني افتقادهم قدرة الدفاع عنه أو الاستسلام لبغاث أو بغاة غزاة.فالانتماء الوطني كائن حي ينبت من ذرات الأرض ثم ينمو و يتجذر فيها وعلى أنفاس وإيقاع الشعب يكتسب صلابته.للسودان تشابك قبلي مع جيرانه على الاتجاهات الأربعة لكن تلك الحقيقة لاتجعل من حدوده (خاصرة رخوة).

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

رئيس النواب: مصر وفرت حماية دبلوماسية لإجهاض مُخططات تهجير الشعب الفلسطيني

 شارك المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب اليوم السبت الموافق 22 فبراير 2025 في أعمال المؤتمر السابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية، والذي عُقد بمقر جامعة الدول العربية، حيث ألقى كلمة بشأن موضوع “ دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه ورفض مُخططات التهجير والضم ومواجهة مُخططات تصفية القضية الفلسطينية ”.

 وجاء أبرز ما فيها على النحو التالي:


في مُستهل الكلمة، أكد المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب على أن المنطقة العربية تمر بمرحلة مصيرية جراء ما يُحاك ضد قضية العرب المركزية الأولى القضية الفلسطينية من خطر وجودي لتصفيتها، موضحا أن تلك المُخططات الخبيثة التي تهدف لتهجير الشعب الفلسطيني من غزة تُشكل تهديداً فادحاً لثوابت منظومة الأمن القومي العربي.


وخلال الكلمة أشار المستشار الدكتور حنفي جبالي إلى أن مصر أدركت منذ الوهلة الأولى لإندلاع الأزمة في قطاع غزة خطورتها الجسيمة مُمتدة الأثر والتداعيات، ومن هذا المنطلق تحركت الدولة المصرية وفقاً لعدة محاور ومسارات، في مُقدمتها المسار الإنساني بالتواصل المُكثف دولياً وإقليمياً للتوصل لوقف لإطار النار وهو ما تُوج بالتوصل للاتفاق الحالي بالتعاون مع دولة قطر الشقيقة والشركاء الدوليين والإقليميين، والذي تسعى مصر لتثبيته وصولاً لتطبيقه بمراحلة الثلاث، وبالتوازي مع المسار الإنساني .

و أكد المستشار الدكتور حنفي جبالي على أن الدولة المصرية وفرت غطاءً من الحماية الدبلوماسية المُكثفة لإجهاض أية مُخططات خبيثة تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني، مُشيراً إلى أن مصر تعكف حالياً على وضع خُطة شاملة ومتعددة المراحل للبدء في عملية التعافي المُبكر وإعادة إعمار قطاع غزة بوجود الفلسطينيين وتمسكهم بأرضهم.


كما استعرض الجهود المصرية المُكثفة للم الشمل وتوحيد الصف الفلسطيني، مُشدداً على المقاربة المصرية المُرتكزة على أنه لا استقرار إقليمي وعالمي دون الوصول لتسوية نهائية تضمن قيام الدولة الفلسطينية المُستقلة على خطوط 4 يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.

مقالات مشابهة

  • أبو العينين: الأمة العربية على قلب رجل واحد من أجل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية
  • رئيس مجلس النواب: مُخططات تهجير الشعب الفلسطيني تستهدف تصفية القضية الفلسطينية
  • رئيس النواب: مصر وفرت حماية دبلوماسية لإجهاض مُخططات تهجير الشعب الفلسطيني
  • السودان: الأمل الضائع في مواجهة الأزمات المستمرة والحروب المتجددة
  • روبيو: واشنطن ستقدم مشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن تسوية الصراع الأوكراني
  • “خاصرة عين زبيدة”.. تجربة تاريخية وترفيهية فريدة
  • الاتحاد: يجب أن تلتف الدول العربية حول موقف واحد لدعم إقامة الدولة الفلسطينية
  • برلماني: الشائعات تهدف لإضعاف الدولة ومصر بشعبها وقيادتها ستظل قوية
  • موسكو: هناك القليل من التفاصيل بشأن تسوية الصراع في أوكرانيا 
  • حماس محذرة نتنياهو: أي محاولة لاستعادة الأسرى بالقوة لن تسفر إلا عن مزيد من الخسائر