سودانايل:
2025-02-03@22:25:24 GMT

معادلات السياسة بين الثورة و الحرب

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
الواقع التاريخي و الاجتماعي للبشرية يقول أن أعلى درجات العنف في المجتمعات هي الحروب و ليست الثورة، و الأخيرة يمكن أن تتحول إلي حرب، و تخلق واقعا مغايرا تماما للذي كان قبل الثورة، في الأجندة و المطالب و حتى في الشعارات، و الحرب مادامت تمثل أعلى درجات العنف في المجتمع لا تتوقف لكي تتحول إلي ثورة، فالذين يعتقدون أن الحرب المستمرة في السودان سوف تتحول إلي ثورة لكي تحقق لهم الشعارات التي يبشرون بها، هذا الاعتقاد يعتبر محاولة لخلق وهم سياسي وسط قلة محدودة، و هذا الاعتقاد لا مكان له وسط الطليعة الاجتماعية التي تملك "الوعي و إدارة الصراع" لأنهم يعلمون أن الحرب سوف ينتج عنها عنصرين مهمين في مسيرة العمل السياسي " العنصر الأول سوف تخلق أجندة جديدة مغايرة تماما للتي كانت سائدة قبل الحرب.

. و الثاني سوف تبرز قيادات جديدة لها دعم اجتماعي تكتسبه من خلال دورها في الحرب" هذه المتغيرات إذا لم تراعيها القوى السياسية لن تستطيع أن تحجز لها مكانا في المسرح السياسي بعد الحرب..
أن المنتصر في الحروب هو الذي سوف يكتب التاريخ بعدها، و هو الذي سوف يضع أجندة مستقبل البلاد، و يكشف عن القوى التي كانت سببا فيها، و هو سوف يصبح صاحب الكلمة العليا بسبب التحولات التي حدثت في المجتمع تأييدا له و حملت معه السلاح، و قاتلت معه كتفا بكتف، و هذا ليس إحباط للناس لكنه الواقع، فأهم عامل في السياسة معرفة المتغيرات في الواقع و دراسته، و يجب معرفة المكنزمات المحركة له، فالسياسي يجب أن لا يقفز على الواقع، و يضع افتراضات من الخيال، بل لابد من تشريح الواقع حتى يعرف كيف يتعامل معه حاضرا و مستقبلا.. هناك بعض القوى السياسة و النخب الذين يبشرون أنهم سوف يسيرون في خط الثورة و عدم الانحراف عنه، هذا التعهد كان يجب أن يكون بعد انتصار الثورة و يجعلونه مشروعهم السياسي، لكن بعد فشل هذه النخبة عن انجاز شعارات الثورة لا تعد وعودهم صالحة لصناعة المستقبل.. هي محاولة لتبرئة الذمة من الذي حدث، و لكنهم على قناعة أن عجلة التاريخ لا تعود للوراء مرة أخرى..
كما ذكرت تكرار في المقالات أن " الشعار" لا يصبح بديلا عن الفكرة، فالأفكار هي التي تغير الواقع، و إذا أحسنت النخب السياسية التعامل معها، و أجادوا إدارتها.. و دائما تجهض الأفكار؛ إذا كانت القيادات التي تتولى تنفيذها ذات قدرات متواضعة، و قليلة التجربة في الإدارة و الخبرة السياسية، و أيضا تعاملت معها بإنتهازية، أي يخاطبون الناس بأنهم يريدون تنفيذها، و هم يخططون لتنفيذ مصالح أخرى أقل منها شأنا.. فإذا كانت النخب السياسية تحترم الشعب يجب عليهم أحترام خياراته.. و الحرب الدائرة الآن فرضتها تناقضات السياسة، و عدم التعامل معها بعقلانية.. خاصة أن الرهان حتى اليوم عند أغلبية القيادات السياسية ليس رهانها على الشعب، و مايزال رهانها على الخارج بأن يصبح لها رافعة للسلطة.. و السؤال هل الخارج سوف يصبح هو القوى التي سوف تشكل توازن القوى في المجتمع؟ إذا كانت هناك إمكانية لفعل ذلك؛ كانت نجحت في فيتنام و أفغانستان و العراق و لم تفر أمريكا تاركة أدواتها تواجه مصيرها في تلك الدول، الشعب وحده هو الذي سوف يشكل توازن القوى في المجتمع، و يضغط لفرض أجندته، و الآن تغيرت المعادلة السياسية، و الذي يريد الثور يجب عليه أن يبدأ التحضير لها لكي تنجح من خلال أجيال جديدة لم تحضر الحرب، و لا سلبيات مرحلة الفترة الانتقالية...
فالواقع السياسي يفرض على النخب السياسية قراءة تاريخ الثورة و الانتفاضة في السودان، و لماذا كان التباعد بينهما دائما و يتم تنفيذها بقيادات جديدة؟ عندما تفشل القيادات السياسية في انجاز شعارات الثورة يصيب الإحباط قيادات الثورة و خاصة الشباب، و يصعب أن تقنعهم أن يثوروا مرة أخرى، و يقدموا ذات التضحيات، و لكي تعود ذات القيادات التي عجزت عن تحقيق الشعارات. لذلك تنتظر المجتمعات حتى تأتي أجيال جديدة لكي تتولى زمام الأمر.. و التاريخ يقول قد حدث التجديد في قيادات ثورة أكتوبر و في انتفاضة إبريل و في ثورة ديسمبر.. و أيضا أنظر إلي الفارق الزمني بين كل واحدة و أخرى بسبب الحاجة لتجديد الأجيال.. فالذين يعتقدون أنهم يريدون إعادة العجلة للوراء لكي يبدأون عندما توقفوا هم يطاردون السراب. لكن يستطيعوا أن يغيروا اجندتهم حتى تتماشى مع متغيرات الواقع، حتى يستطيعوا أن يخلقوا منافذ جديدة للحوار بأجندة جديدة..
أن الحرب هي أعلى مراحل النزاعات في المجتمعات، و هي المناط بها أن تخلق واقعا جديدا مغايرا للذي أدى إلي الحرب، و أن الحرب صنعت تحالفات جديدة في المجتمع، و أجندة و قيادات جديدة، و هؤلاء هم الذين سوف يضعون أجندة الحوار في المجتمع، و ليس هناك قوى تستطيع أن تبعدهم إذا كانت خارجية أو داخلية.. القيادات التي سوف تفرزها الحرب هؤلاء الذين يصنعون السودان الجديد.. أما المجتمع الدولي و الدول الأخرى أن كانت أمريكا و الغرب و بعض دول الإقليم الذين يتدخلون في شأن السودان الداخلي، هؤلاء يريدون الطمأنة على مصالحها حتى يستطيعوا تغيير مواقفهم.. و أقول؛ ليس بعد الحرب ثورة كما يعتقد بعض الذين لا يقرأون التاريخ.. فالذي يفرض شروطه لوقف الحرب على الأخر هو الذي سوف يشكل مستقبل السودان.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی المجتمع أن الحرب إذا کانت

إقرأ أيضاً:

ندوة في ببروكسل: تشرذم القوى السياسية اليمنية يطيل الحرب ويعزز هيمنة الحوثيين

يمن مونيتور/ قسم الأخبار

أكدت ندوة نظمها المنتدى اليمني الأوروبي، أن تشرذم الأحزاب اليمنية لا يخدم أحداً سوى الحوثيين، الذين يستفيدون من غياب رؤية وطنية موحدة، بل يعزز من هيمنة وسيطرة الجماعة المسلحة على البلاد.

وأكد المشاركون في الندوة التي أقيمت فعالياته بالعاصمة البلجيكية بروكسل وحضرها قادة حزبيون وخبراء سياسيون، إلى تعزيز الحوار بين القوى السياسية، وتشكيل تكتل وطني قادر على استعادة الدولة وفرض نفسه في أي مفاوضات قادمة.

وفي كلمته الافتتاحية، قال رئيس المنتدى، خليل مثنى العمري، إن الندوة والتي شارك فيها، قادة أحزاب المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الناصري والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية.. تهدف إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية في اليمن، وسبل استعادة دورها في الحياة العامة.

من جانبه، انتقد عبد الرحمن السقاف، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، ما وصفه بـ”اختلال موازين القوى في البلاد”، مشددًا على ضرورة احتكار الدولة للقوة العسكرية.

وأضاف أن “الشعبوية المنتشرة في البلاد تؤدي إلى تخريب الوعي السياسي العقلاني، وتحوّل الأكاذيب إلى حقائق، مما يفاقم الأزمات ويؤجج الصراعات الإعلامية”، لافتًا إلى أن “هناك فرقًا كبيرًا بين النقد العقلاني للأحزاب وبين تدمير الوعي السياسي”.

بدوره، قال عبد الله نعمان، الأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري، إن تجربة “اللقاء المشترك” بين الأحزاب السياسية اليمنية كانت نموذجًا سياسيًا ناجحًا، لكنه انتقد مشاركتها في حكومة الوفاق الوطني، معتبرًا أنها “أخطأت بقبول تقاسم الوظائف العامة على حساب الكفاءة”، مما أتاح لجماعة الحوثي استغلال الوضع لإسقاط الدولة.

وأضاف: “الأحزاب السياسية تلعب أدوارًا مختلفة في زمن الحرب مقارنة بأوقات السلم، حيث يصبح الشعب كله جبهة واحدة لمواجهة الأخطار”، مشيرًا إلى أن “الحرب شوهت صورة الأحزاب السياسية”، وأنه “عندما تتحدث المدافع، تصمت السياسة”، وانه من الصعوبة الحديث عن مستقبل الاحزاب في ظل الوضع المسلح الحالي.

من جانبه، أكد عبد الرزاق الهجري، القائم بأعمال الأمين العام لحزب الإصلاح، أن الأحزاب اليمنية تأثرت بالوضع السياسي الراهن، لكنها تشهد “انفتاحًا ونقاشًا داخليًا إيجابيًا بسبب تطور وسائل التواصل الاجتماعي”.

وقال: “ليس من مصلحة المنظومة السياسية أن تغيب القوى المؤثرة عن المشهد”، مشددًا على ضرورة أن “تتنافس الأحزاب وهي قوية، بدلًا من أن تتصارع وهي ضعيفة”، مضيفًا أن “الشرذمة السياسية تُضعف الجميع”.

بدوره، أكد القيادي في المؤتمر الشعبي العام رئيس كتلته البرلمانية عبد الوهاب معوضة أن جماعة الحوثي نفذت “انقلابًا شاملًا” واستولت على مؤسسات الدولة.

وأضاف: “يحاول الحوثيون تصوير العمل السياسي كجريمة، ويروجون لفكرة أن الحل الوحيد لليمن هو حكم الولي الفقيه”، مشيرًا إلى أن “الأحزاب بحاجة إلى إعادة تنظيم جهودها من خلال التكتل الوطني لتوحيد القوى السياسية”.

من جهته، قال عبد الله أبو حورية، الأمين العام المساعد للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، إن القوى السياسية اليمنية يجب أن تتوحد لاستعادة الدولة.

وأضاف: “إذا ظللنا نبكي على اللبن المسكوب، فلن نبني بلدًا”، مشيرًا إلى أن “الصراعات السياسية أضعفت الجميع، وأتاحت للحوثيين الفرصة للتمدد”.

وأوضح أن “المقاومة الوطنية قدمت 1,500 شهيد، ووصلت إلى مشارف الحديدة، لكن اتفاق ستوكهولم جاء ليعرقل تقدمها”، مؤكدًا أن “الخلاف مع الحوثيين وجودي، لأنهم يرون أنفسهم أصحاب حق إلهي في الحكم”.

وأضاف أبو حوريه “المقاتلين في الميدان لاستعادة البلاد من الحوثيين هم الأبطال الحقيقيين أكثر من السياسيين والأمل بهم لاستعادة الدولة” .

مقالات مشابهة

  • عماد أبوغازي: الإمام محمد عبده لم يقل لعن الله السياسة بعد فشل الثورة العرابية
  • الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري الديمقراطي: بيان حول إجتماع المكتب القيادي
  • هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها
  • جريمة فاريا... توقيف والدة المرتكب والفتاة التي كانت برفقته
  • الحكومة: حزمة الحماية الاجتماعية التي يجرى إعدادها تغطي فئات المجتمع (فيديو)
  • حكومة الإقليم تشكر الكتل السياسية التي ساهمت بتمرير تعديل الموازنة
  • “تاح تاح تاح تحسم بالسلاح”: الأغنية السياسية في الحرب (1-2)
  • دروس من تجربة الحرب الراهنة
  • ندوة في ببروكسل: تشرذم القوى السياسية اليمنية يطيل الحرب ويعزز هيمنة الحوثيين
  • بالفيديو.. مسؤولون: الهليكوبتر التي تحطمت كانت ضمن وحدة استعداد في حالة هجوم على أمريكا