شهدت ثلاث جبهات في مختلف مناطق السودان مواجهات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع. ففيما استمر القتال الدامي في الفاشر شمالي دارفور، اندلعت اشتباكات في عدد من مناطق النيل الأبيض، إضافة إلى العاصمة الخرطوم.

 يأتي هذا في وقت تتصاعد فيه الجهود الإقليمية والدولية لوقف الحرب التي تتسع رقعتها بشكل كبير، وكشف الاتحاد الأفريقي عن مبادرة جديدة للجمع بين الفرقاء السودانيين.



 وضع ميداني مشتعل

 احتدمت حدة المعارك في الفاشر مع تقدم قوات الدعم السريع في وسط المدينة وإعلانها السيطرة على أحياء رئيسية في المدينة، إضافة إلى السوق الكبير القريب من قيادة الفرقة السادسة التي تعتبر أكبر مقرات الجيش في إقليم دارفور الذي تخضع أكثر من 90 في المئة من مناطقه حاليا لسيطرة الدعم السريع.

 ومع تزايد حدة القتال، يتزايد تدهور الأوضاع الإنسانية حيث أشارت تقارير إلى ارتفاع أعداد الضحايا منذ اندلاع القتال في المدينة قبل نحو ثلاث أسابيع إلى اكثر من 200 قتيل وألف جريح، فيما أجبر عشرات الآلاف على ترك منازلهم بسبب التبادل المستمر للقصف المدفعي الذي أدى إلى تدمير العديد من المستشفيات والمرافق الخدمية.

 وفي منطقة النيل الأبيض، قالت منصات اعلامية إن اشتباكات عنيفة دارت قرب مدينة الدويم ومنطقة نعيمة وقرى مدينة ربك في وسط الولاية التي تضم مقر الفرقة الثامنة عشر الواقعة تحت سيطرة الجيش.

 وقال شهود عيان إن قوات الدعم السريع دفعت بتعزيزات كبيرة في ولايات الجزيرة وسنار والنيل الابيض، فيما واصل الطيران الحربي التابع للجيش تنفيذ غارات جوية كثيفة لمنع تقدم قوات الدعم السريع نحو تلك المناطق وسط تقارير عن خسائر كبيرة في الأرواح.

 أما في العاصمة الخرطوم، فقد استمرت عمليات القصف المدفعي في مدنها الثلاث - الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري - وسط تقارير تحدثت عن استخدام الطرفين أنواع جديدة من أسلحة القصف المدفعي بعيدة المدى.

 وأدى القصف المستمر إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في أوساط المدنيين خصوصا سكان الأحياء الشمالية الغربية من مدينة أم درمان.

 جهود دولية واقليمية

 في الأثناء، تواصلت الجهود الدولية والإقليمية الرامية لوقف الحرب.

 ووسط تقارير متزايدة عن تدخل دولي محتمل في حال عدم موافقة طرفي القتال على العودة لطاولة التفاوض، كثفت هيئات تشريعية ومجموعات ضغط من ضفوطها على الإدارة الأميركية لدفعها نحو اتخاذ خطوات ملموسة لانهاء الحرب في السودان.

 وطالب عدد من المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين إدارة بايدن بتغيير سياستها بشأن السودان، وقالوا إن جهودها الحالية لإنهاء الحرب الأهلية المدمرة لا تظهر سوى القليل من علامات التقدم.

 وقال السيناتور كريس كونز الذي ترأي اللجنة الفرعية للجنة العلاقات الخارجية للشؤون الأفريقية بمجلس الشيوخ، إن الوقت قد حان لكي يبذل البيت الأبيض المزيد.

 وأضاف "يجب على الولايات المتحدة أن تفعل المزيد لتمكين المدنيين السودانيين وجماعات المجتمع المدني، والسعي إلى المساءلة عن جرائم الحرب المرتكبة خلال هذا الصراع، ومواصلة دعم الانتقال إلى حكومة يقودها مدنيون تعكس إرادة الشعب السوداني".

 وتحدث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي، مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان حول محادثات السلام المحتملة، لكن مالك عقار نائب البرهان، قال إن حكومته "لن تذهب إلى جدة".

 وفي لقاء بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ابلغ وفد الآلية الرفيعة للاتحاد الأفريقي تنسيقية القوى المدنية السودانية "تقدم" بأن الاتحاد يبذل جهودا مكثفة لإيقاف الحرب عبر حل سياسي شامل متفاوض عليه بواسطة السودانيين أنفسهم.

 وأكد انه يعمل على توحيد الجهود الساعية للسلام في منبر واحد مع التأكيد على أن منبر جدة هو المنبر الوحيد الفاعل حالياً من أجل الوصول إلى وقف لإطلاق النار.

 كما أكد وفد الألية الرفيعة أن الإتحاد الأفريقي على وشك تيسير حوار شامل بين السودانيين في الأسابيع القادمة.

 وكانت الخارجية المصرية قد اعلنت أيضا عن تنظيمها مؤتمرا للحوار بين القوى السودانية بمشاركة الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، لكن الحكومة السودانية وضعت شرطا ترفض فيه مشاركة بعض الشركاء ورهنت موافقتها على الحضور بحصر اختيار الأطراف السودانية على تلك التي تعترف بها صراحة، كما رهنت مشاركة الاتحاد الأفريقي باستعادة عضوية السودان المجمدة فيه.

أبوظبي - سكاي نيوز عربية  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

أين تقف .. مع مليشيات الجيش أم مليشيا الدعم السريع؟

طلعت محمد الطيب

رأينا ومنذ بدء هذه الحرب القذرة كيف ظل إعلام الفلول يثابر في إلصاق تهمة إنحياز تنسيقية تقدم إلي قوات الدعم السريع وإتهامها بأنها جناح سياسي له، ولكن دون تقديم حجج مقنعة.
الواقع ان تقدم وغيرها من قوي سياسية ومدنية وافراد ومنظمات تبذل ما تستطيع من جهد لوقف العدائيات وعودة الفريقين إلي طاولة المفاوضات. هذا المقال لا يهدف إلى مناقشة هذا الأمر، بل هو محاولة لتقديم رؤية أقرب لواقع الوجدان السوداني تجاه الفريقين المتحاربين وهي حرب نعلم جميعا إن الوطن والمواطن هو من يدفع تكلفتها الباهظة جدا ويسعى كل العقلاء إلى إيقافها، بل يتوق الناس إلى العودة لحياتهم الطبيعية قبل الحرب رغم ما كان بها من معاناة وشقاء.
حتي نفهم مشاعر الناس تجاه الفريقين المتقاتلين لا بد من الاستعانة بنظرية التطور والحداثة الثانية (استخدمها في مقابل الحداثة الاولي)، لأنها تبنت موقف يرتكز علي حقيقة أن المعرفة ثنائية وهي معرفة العقل مقابل الفطرة. والاستعانة بالتطور لا علاقة له بالقضايا الوجودية الكبري مثل الإيمان والإلحاد بل إنها استعانة ذات طابع معرفي أو ابستمولوجي ودليلي علي ذلك هو وقوف العديد من الدعاة الإسلاميين بحماس شديد مع نظرية التطور بحكم ان العلم الحديث والحفريات ظلت تؤكد صحتها في مجملها. هناك مثلا الشيخ عدنان ابراهيم في أوروبا وهناك عبد الصبور شاهين في مصر وهو للمفارقة كان ممن قدموا دعوة ضد الكاتب الراحل نصر حامد أبو زيد يكفره فيها ويؤيد ضرورة التفريق بينه وبين زوجته!.
بل حتي رموز الإسلام السياسى من أمثال القرضاوي كان قد صرح في لقاء تلفزيوني شهير فيما يتعلق بنظرية التطور، أنه علي إستعداد لإعادة تأويل النصوص الدينية لتستوعب نظرية التطور. وقبل ذلك كان الشهيد محمود محمد طه له موقف واضح مؤيد لنظرية تشارلز داروين بمعني أن أبو البشرية آدم كان له اب وام.
التطور يعني أن اسلاف الإنسان عاشوا ملايين السنين قبل ان يظهر الإنسان بشكله الحديث قبل عشرات الالاف إلي مائة الف سنة تقريبا. ومن المعروف أن غرائز الإنسان تطورت لتعزيز تناسله وتطوره وانطبعت تلك الغرائز في تلافيف الدماغ وهي قوية جدا لأنها ارتبطت ببقاء الإنسان. ومن المعروف ايضا أن الإنسان كان قد عاش آلاف السنين في مجموعات صغيرة ومن الغرائز القوية لديه هي غريزة الانتماء لمجموعته وحمايتها لأن في ذلك حماية لنفسه ولذلك أصبحت غريزة ( نحن) ضد ( الآخرين ) لحماية أنفسنا منهم ، قوية جدا ، بحيث لا يقل تاثيرها علي سلوك الإنسان عن غرائزه الجنسية والبيولوجية الأخري.
تطور العقل بمعني السببية والمنطق كان تطورا لاحقا وبطيئا في مقابل الفطرة intuition حتي ان أحدهم قال أن نمو ريش الطيور بعد أن تطورت من الزواحف كان بغرض التدفئة وليس الطيران وإن الطيران جاء عرضا. عقل الإنسان لانه مازال ضعيفا واسيرا لفطرته الحيوانيه يحتاج إلي روافع مثل المؤسسات والقيم وكل ما شانه تعزيز وترقية التفكير الجماعي. وقد شبه عالم النفس الامريكي الشهير جوناثان هيدت العقل براكب الفيل، والفيل في هذه الحالة هي الفطرة، وإنت لا تملك سوي توجيه ذلك الفيل الضخم إلي الوجهات الصحيحة ولا يمكنك تجاهله لانه سيكون من يقودك في هذه الحالة. مشكلة الحداثة الاولي إنها اعتقدت بقدرة العقل علي السيادة بل تحول دعاتها حتي إلي شئ شبيه ب " عبادة السبب" وهذا ما فعله الناس اثناء الثورة الفرنسية حينما دخلوا إحدى كاتدرائيات باريس وقاموا بتكسير تصاوير العذراء والسيد المسيح وكل الرموز الدينية واستبدلوها بشعارات تمجد السبب reason والعقل.
مع أن الواقع يقول أن القيم الدينية وكل القيم الإنسانية هي ضالة المجتمعات الإنسانية التي تسعى إلي الإستقرار والاحساس بالأمان والسعادة.
غريزة ( نحن) و( هم) هي المتحكمة بقوة الآن في الشهد السوداني، فهناك من يميل وجدانه إلى تأييد مليشيات الجيش لانه ينتمى إلي مجموعات وسط وشمال السودان المهدد ب ( الآخر) او حتي وهم إفتراض قومية الجيش رغم ان كل الدلائل تشير وبقوة الي غير ذلك. هناك من يقف مع قوات الدعم السريع ايضا بحكم الانتماء الجغرافي لغرب السودان وهناك من ينطلق من الانتماء إلي( قبيلته الايديولوجية ) في انحيازه إلي هذا الفريق أو ذاك .
ولذلك علينا أن نساعد عقلنا علي التحكم في ( فيل المعرفة الفطرية ) وتوجيهها إلي الطريق الصحيح ، طريق التفاوض من اجل السلام والامن والتفاهم والاستقرار.

talaat1706@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • وزير الإعلام خالد الإعيسر: الحـرب ستنتهي اليوم إذا التزمت مليشيا الدعم السريع بمخرجات منبر جدة
  • الجيش السوداني يكثف ضرباته على مواقع الدعم السريع في الخرطوم وبحري
  • الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة ويلاحق عناصر الدعم السريع
  • الجيش السوداني يدعو جوبا لمنع عناصر الدعم السريع من دخول أراضيها
  • الجيش صمم على تنفيذ الاتفاق بقية مناطق السودان دون الحاجة لموافقة قوات الدعم السريع
  • الجيش يعلن استعادة مقر الفرقة 17 من الدعم السريع وسط السودان
  • لماذا توقفت أميركا عن تأييد الدعم السريع؟
  • الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من الدعم السريع
  • أين تقف .. مع مليشيات الجيش أم مليشيا الدعم السريع؟
  • يا مثقفو السودان وعقوله النيرة … اتحدوا