في زمن الغلاء.. المصريون يلجؤون للمؤسسات الخيرة لتقديم الأضاحي خارج البلاد
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
القاهرة– لم تتخل الأسر في مصر عن شعيرة الأضحية، رغم ارتفاع أسعار الأضاحي بعد خفض قيمة الجنيه بنحو 60% في مارس/آذار الماضي، بل لجأ كثير منهم إلى حلول بديلة لتخفيف العبء المالي ومواصلة أداء الشعيرة الدينية.
وتظهر هذه البدائل، التي ظهرت مع الأزمة الاقتصادية الممتدة منذ سنوات، مدى حرص المصريين على الالتزام بأداء الشعيرة الدينية والرغبة في مساعدة المحتاجين في الوقت نفسه، وتتيح للراغبين المشاركة في هذه الشعيرة المهمة بطرق ميسرة ومبتكرة.
مصر تعتمد على سلاسل المواشي المستوردة والأعلاف من الخارج لتوفير اللحوم (الجزيرة) ماذا حل بالمواشي المحلية؟
يقول رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجاري، محمد وهبة، إن أسعار الأضاحي من البقر والغنم الأكثر شعبية "زادت حوالي 20% مقارنة بالعام الماضي، وبلغ متوسط سعر الكيلو قائم في العجول البقري 175 جنيها (3.7 دولارات)، وبلغ متوسط سعر الكيلو قائم في الغنم البلدي 210 جنيهات (4.5 دولارات)، مما أدى إلى تراجع حركة البيع والشراء بنسبة 50%".
ويضيف في حديث لـ"الجزيرة نت" أن مصر تعتمد بشكل كبير على استيراد سلالات المواشي من الخارج، مما أدى إلى تراجع كبير في أعداد السلالات المحلية أو "البلدي" التي تتميز بقدرتها على التكيف مع الظروف المناخية المصرية، لكن قلة الدعم والتشجيع الحكومي أدت إلى تراجع تربيتها.
وأشار وهبة إلى أن ارتفاع أسعار الأضاحي جاء للأسباب التالية:
تراجع التربية الحيوانية وانخفاض عدد المربين نتيجة لارتفاع تكاليف التربية، هذا الانخفاض أدى إلى تقليل المعروض من المواشي في السوق. نقص زراعة الأعلاف، حيث تقلصت مساحات الأراضي المخصصة لزراعة الأعلاف نتيجة للتحول إلى زراعة محاصيل تجارية أكثر ربحية، مما أدى إلى نقص حاد في الأعلاف. نقص الأعلاف وزيادة أسعارها أثر سلبا على تكلفة تربية المواشي، مما انعكس على أسعار الأضاحي. زيادة الاعتماد على المواشي الأجنبية، مما زاد من الأسعار، بسبب تقلبات أسعار الصرف وارتفاع تكاليف النقل والشحن. بدائل عبر المؤسسات الخيريةمن أحدث البدائل أمام المصريين لتقديم الأضاحي، هو القيام بالشعيرة عبر المؤسسات الخيرية التي تعمل في عدد من الدول القارة الأفريقية في ظل ارتفاع الأسعار وكأحد الحلول المبتكرة لتخفيف العبء المالي.
يقول المشرف في جمعية "مؤسسة الخير الإنسانية بأفريقيا" إبراهيم العدوي "مع الارتفاع الكبير في أسعار الأضاحي في مصر، لجأ بعض المصريين إلى شراء الأضاحي من دول أفريقية تعاني من ظروف اقتصادية صعبة وعملة محلية ضعيفة مثل تنزانيا وكينيا والصومال وغيرها".
وهذه الأضاحي، وفق ما قال العدوي لـ"الجزيرة نت"، تكون عادة أقل تكلفة، ويتم ذلك عبر التعاون مع مؤسسات خيرية تقوم بشراء الأضاحي في تلك الدول وذبحها وتوزيع لحومها على المحتاجين.
وأضاف أن هذا الخيار لا يخفف فقط العبء المالي عن كاهل المصريين، بل يساهم أيضا في دعم المجتمعات الأفريقية الفقيرة.
وبشأن أسعار الأضاحي، أوضح أن متوسط سعر الخروف 2200 جنيه (حوالي 46 دولارا) مقارنة بنحو 8500 جنيه (حوالي 180 دولارا) للبديل البلدي (المحلي)، ومتوسط سعر العجول 22 ألف جنيه (حوالي 470 دولارا) مقارنة بنحو 72 ألف جنيه (حوالي 1500 دولار) للبديل المحلي، لسببين أولهما العملة المحلية (في الدول الأفريقية) الضعيفة، وثانيهما وفرة المراعي الخصبة الكثيرة، والثروة الحيوانية المحلية الكبيرة.
تمنح الجمعية صاحب الأضحية فرصة رؤية الأضحية الخاصة به وذبحها وتوزيعها من خلال توثيق العملية من خلال فيديو مصور يتم إرساله له إما بشكل مباشر أو إرساله لاحقا، وذكر اسمه على الأضحية قبيل ذبحها حتى يستوثق من أداء الشعيرة.
ورغم انخفاض الأسعار، فإن تأثيرات الأوضاع الاقتصادية الأخيرة في مصر لم تساعد كثيرا في زيادة الطلب على الأضاحي الأفريقية، بحسب مؤسسة الخير الإنسانية، ولكنها لم تشهد تراجعا كما حدث في السوق المحلي.
التأثيرات الاقتصادية ضغطت على المصريين في الأضاحي (غيتي) حرمانيقول مواطنون اعتادوا أن يُضَحّوا كل عام ويوزعوا اللحوم على الفقراء والمحتاجين إن زيادة أسعار الأضاحي تجاوزت قدرة كثير من الأسر المصرية على شراء الأضاحي، مما أدى إلى انخفاض عدد الراغبين في أداء شعيرة الأضحية هذا العام.
أحد هؤلاء كان المهندس محمد شريف الذي قال لـ"الجزيرة نت" "نحن في مرحلة التقشف والتوفير، الكثير من الأسر اضطرت للتقشف في مصاريفها، مما أثر على نمط حياتها اليومي، وبالتالي قلل من عدد الأضاحي المتاحة للتوزيع على الفقراء، كما أثر سلبا على قدرة هؤلاء الفقراء على الاستفادة من لحوم الأضاحي خلال عيد الأضحى".
يضيف أنه قبل عامين أو 3 كان ربع العجل من البقر أو الجاموس لا يزيد على 5 آلاف جنيه، ويبلغ وزنه نحو 95 كيلوغراما والصافي نحو 50 كيلوغراما، أما الآن فإن الصك في الجمعيات والمؤسسات الخيرية يبلغ حوالي 13 ألف جنيه ويزن حوالي 16 كيلوغراما فقط.
في نهاية المطاف، فإن ارتفاع أسعار الأضاحي في مصر هو نتاج تداخل مجموعة من العوامل الزراعية والاقتصادية واللوجيستية، فهذه الزيادة لم تؤثر فقط على قدرة المصريين على شراء الأضاحي والالتزام بالشعيرة الدينية، بل امتدت تأثيراتها لتشمل الفقراء الذين يعتمدون في الحصول على اللحوم على ما يتم توزيعه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أسعار الأضاحی مما أدى إلى فی مصر
إقرأ أيضاً:
338 مقبرة غامضة في منطقة أبيدوس.. لماذا بناها المصريون وكيف كان شكلها؟
في صعيد مصر، حيث تقف شواهد الحضارة المصرية دليلا على عظمة تاريخ ساحر هناك واحدة من أقدم المدن وأهم المواقع الأثرية، هي أبيدوس، وتحتوي مقابرها بطابعها الفريد وأهميتها التاريخية على قصص عن الملوك والآلهة والمعتقدات القديمة، ذُكرت حكاياتها ومحتواياتها في كتاب «سر الأهرامات» المُترجم لـ عالم المصريات التشيكي، ميروسلاف فيرنر، المتخصص في تاريخ وآثار مصر القديمة.
أسرار من مقابر غامضة في منطقة أبيدوسيقول عالم المصريات التشيكي كانت الفكرة الرئيسية لمقابر أبيدوس أكبر من مجرد ركام من الرمال، فهي مكان مقابر عصر الأسرات الأول بالتقاليد الدينية في مصر العليا في فترة ما قبل الأسرات، وعلى الجانب الغربي لأبيدوس بالقرب من مصب الوادي الكبير جبانة تحتوي على مقابر أقدم الملوك منذ نهاية فترة ما قبل الأسرات وبداية عصر الأسرات المبكر، ما يعني أنها مجموعة معمارية كاملة تقع في الصحراء.
الجزء السفلى من تلك المقابر عبارة عن حجرة دفن وحجرة أو أكثر للتخزين تستخدم في حفظ الأثاث الجنائزي، ويتكون الجزء العلوى منها من تل رملي منخفض، يتراوح ارتفاعها بين متر ومترين ونصف يحيط به سور، وبحسب وصف عالم المصريات فإن المنطقة يحيط بها مقابر فرعية بلغ عددها في عصر الملك «جر» 338 مقبرة، وقد دفن في تلك المقابر الفرعية خدم الملك وزوجاته، ويبدو أن العديد منهم قد تم ماتوا أثناء الطقوس الجنائزية ودفنهم مع الملك في الوقت نفسه.
فيما بعد دمرت الجبانة الملكية في أبيدوس وتم حرقها، ومن الصعب إعادة رسم شكلها الحقيقي وتحتوي أقدم جبانات أبيدوس على مجموعة كبيرة من كسرات أواني.
مقابر كوم السلطانيوجد في كوم السلطان مكان عبادة الإله «خنتي أمنتي» ومن بعده الإله أوزير، وبها قلاع كبيرة يبلغ ارتفاعها الأصلى عن عشرة أمتار ومبنية من الطوب اللبن الجاف ومكسوة ومطلية باللون الأبيض ومزينة من الخارج، أما من الداخل فهي فارغة في معظمها ، فيما عدا بناء صغير من الطوب اللبن بالقرب من المدخل، ويعتقد بأن طقوس الدفن كانت تتم فيها في وقت من الأوقات، ويبدو أيضا أن تلك الأبنية كانت تهدم على عجل بعد انتهاء الطقوس.