تبدلات جديدة فرضت نفسها على ميدان جنوب لبنان بعد تصاعد الضربات المُتبادلة بين "حزب الله" وإسرائيل خلال الأيام القليلة الماضية.
بشكلٍ غير مسبوق، بات مدى الضربات كبيراً، فـ"حزب الله" من جهة عمّق استهدافاته، فيما بادرت إسرائيل إلى توسيع رقعة المناطق التي تقوم بقصفها في العمق اللبناني، حتى باتت أي منطقة آمنة تحت خطر الضربات المفاجئة.


حالياً، فإنّ السيناريو الأكثر بروزاً على لسان الإسرائيليين هو "غزو لبنان"، فالإستعدادات لذلك كثيرة، وآخرها كان عبر مناورات خاضها لواء "غولاني" لمُحاكاة سيناريوهات الدخول إلى لبنان والإشتباك مع عناصر "حزب الله". في المقابل، يبدو أن "حزب الله" مُلتزم بتعميق ضرباته المدروسة لإيصال رسائل موجعة ميدانياً إلى الإسرائيليين، وأساسها أنّ التمادي في قصف المدنيين سيُقابل بالرّد الأشدّ. هنا، ما تبين هو أن "حزب الله" فتحَ الطريق نحو معادلات حربية جديدة، محورها إدخال مناطق جديدة إلى خط النار، من بينها عكا ونهاريا. بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الحزب آثر إلى جانب ذلك، تثبيت قدراته الإضافية في إستهداف سلاح الجو الإسرائيلي عبر إسقاطه قبل يومين مُسيرة من طراز "هيرمز 900" فوق جنوب لبنان.
إزاء كل ذلك، تبرز 3 تساؤلات أساسية وهي: لماذا اختار الحزب عكا ونهاريا بالتحديد لإدخالهما المعركة؟ ولماذا لا يستهدف كل الطائرات الإسرائيلية فوق لبنان؟ وما هي النقطة الفاصلة التي تعتبرُ بمثابة إعلان حربٍ من قبل "حزب الله"؟
بشأن التساؤل الأول، ما يتبين هو أنّ "حزب الله" قرّر أن تكون جبهته أكثر شمولية بعيداً عن خط التماس المباشر بين لبنان والمستوطنات الإسرائيلية، ولهذا السبب، اختار عكا ونهاريا لتكونان بمثابة منطقتين أساسيتين لتوسع "الصراع المدروس والمضبوط".
الخبير العسكريّ والإستراتيجي هشام جابر يقول لـ"لبنان24" إنَّ استهداف الحزب لهاتين المدينتين يمثل رمزية كبيرة في الحرب القائمة، مشيراً إلى أن الرسالة الأساس مما يجري مفادها أن "حزب الله" أراد إدخال منطقة الساحل الإسرائيلي تحت خانة التهديد، وبالتالي الضغط بشكلٍ كبير على هذا الجانب المُهم من فلسطين المحتلة بالنسبة لتل أبيب.
مصدرٌ سياسيّ مُقرب من "حزب الله" يتوافقُ مع جابر في هذا الإطار، ويكشفُ لـ"لبنان24" أنّ منطقة الساحل الإسرائيلي تُمثل نقطة إنعطافٍ مهمة على صعيد الصراع، وبالتالي فإن دخولها منطقة النار يعني أنَّ التوتر سينسحب عليها، ما يعني انعكاس ذلك على المرافئ والموانئ هناك، وبالتالي تأثر الحركة التجارية الإسرائيلية عند البحر الأبيض المتوسط.
في المقابل، يقول جابر إنَّ منطقتي عكا ونهاريا تمثلان موئلاً سياحياً أساسياً لإسرائيل، وبالتالي فإنّ استهداف "حزب الله" لهاتين المنطقتين بالشكل الحالي، يشيرُ إلى أنّ الأخير يسعى لإيفاد رسالة مفادها أن السياحة الإسرائيلية ستكونُ قيد الشلل.
ماذا عن التساؤل الثاني الخاص عن سبب عدم قيام حزب الله باستهداف كل الطائرات الإسرائيلية فوق لبنان؟ عن هذا الأمر، يقول جابر إنَّ "حزب الله" يمتلكُ منظومة دفاعية جوية مُتكاملة، وهو يستخدمها للأهداف الحربية الأساسية بالنسبة له، والمقصود هناك الطائرات الحربية الإسرائيلية.
يلفتُ جابر إلى أنَّ عمليات إسقاط الطائرات المسيرة مثل "هيرمز 900" هو أمرٌ كان أساسياً أيضاً باعتبار أن هذه الطائرة "غير عادية" بالنسبة لسلاح الجو الإسرائيلي، ولهذا السبب بادر "حزب الله" إلى إسقاط 3 منها خلال الآونة الأخيرة.
في غضون ذلك، ما يتبين من خلال التقارير الإسرائيلية هو أن تل أبيب قد تختار توسيع عملياتها الجوية من دون المضي بغزو برّي شامل ضد لبنان، ما يعني أن سلاح الجو الإسرائيلي قد يضيف إلى بنك أهدافه مناطق لبنانية عديدة وسلسلة من المُدن الأساسية لـ"تأليبها على حزب الله".
الأمرُ هذا يتوقف عنده المصدر المُقرب من الحزب ويقول إنّ إسرائيل "غدارة" جداً، في حين أن توسيع رقعة القصف يميناً وشمالاً يدل على ضعفها، وهي تسعى للتعويض عن الخسائر العسكرية التي مُنيت بها مؤخراً خصوصاً بعض الضربات القاسية التي وجهها الحزب لمواقع عسكريّة إستراتيجية.

على صعيد النقطة الثالثة والمُرتبطة بـ"النقطة الفاصلة التي تعتبرُ بمثابة إعلان حربٍ من قبل "حزب الله"، يقول جابر إنّ الحزب ما زال مُلتزماً بنطاق خط الإشتباك القائم منذ 8 تشرين الأوّل الماضي، مشيراً إلى أنّه في حال وصل الحزب بهجماته إلى مدينة حيفا، عندها سيكونُ ذلك بمثابة دلالة وإشارة على إعلانهِ الحرب الشّاملة ضد إسرائيل.
بدوره، يلفتُ المصدر السياسيّ المقرب من "حزب الله" إلى أنَّ معادلة حيفا مقابل بيروت هي التي ستكون قائمة في حال بادرت إسرائيل بشن هجمات ضد العاصمة اللبنانية، مشيراً إلى أن مثل هذه الخطوة التي يتم التهديد بها مؤخراً، ستؤدي إلى اشتعال الجبهة بشكلٍ كبير، وبالتالي دفع "حزب الله" إلى شنّ هجمات كبرى واسعة النطاق.
في المحصلة، فإن ما يجري يكشف عن أن الأمور باتت تتجهُ نحو التصعيد الذي ما زال مضبوطاً بعض الشيء، إلا أن التهديدات الإسرائيلية لا توحي بأن رقعة الإشتباك ستبقى محدودة، إذ من الممكن أن يكون القصفُ عشوائياً بواسطة سلاح الجو، وهذا ما قد يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيداً في الميدان. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

تقرير: شبح الحرب مع "حزب الله" يثير مخاوف إسرائيلية بشأن الطاقة

حذر خبراء من أن حربا مفتوحة بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" ربما تؤدي إلى تأثيرات كبيرة وسلبية على قطاع الطاقة في البلاد، وفق تقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

كوهين: إذا انقطعت الكهرباء لساعات في إسرائيل فسينقطع التيار الكهربائي لشهور في لبنان

وكان شاؤول غولدشتاين، رئيس إدارة الطاقة الكهربائية في إسرائيل صرح الأسبوع الماضي قائلا إن حربا محتملة مع حزب الله "يمكن أن تعطل بشدة البنية التحتية للطاقة في إسرائيل"، مبينا أنه في غضون 72 ساعة من انقطاع التيار الكهربائي سوف تصبح إسرائيل "غير صالحة للعيش".

وأثار تصريحات غولدشتاين قلق أوساط كبيرة في الرأي العام الإسرائيلي، مما دفع كلا من وزير الطاقة إيلي كوهين، والرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء الإسرائيلية مئير شبيغلر، إلى انتقاد تلك التصريحات.

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن الشركة التي يشغل غولدشتاين منصب رئيسها التنفيذي المعروفة بالعبرية "نوغا"، نأت بنفسها عن تعليقاته.

وأشارت ورقة بحثية متخصصة حول أمن الطاقة نشرت في 2 يونيو إلى أن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية يمكن أن تواجه 4000 صاروخ يوميا خلال الأسابيع الأولى من القتال، ومن المرجح أن تُعطى الأولوية على الفور لحماية الأصول العسكرية بدلا من قطاعات البنية التحتية المدنية مثل الكهرباء.

وقالت إنه من المحتمل حدوث "انقطاعات طويلة للتيار الكهربائي المحلي".

ويؤثر اعتماد إسرائيل الكبير على الكهرباء على كل جانب من جوانب الحياة اليومية تقريبا، بما في ذلك المواصلات وإمدادات المياه (تأتي مياه الشرب بشكل أساسي من عدد قليل من محطات تحلية المياه الساحلية)، والاتصالات، والخدمات المصرفية، والتجارة، وتبريد المواد الغذائية.

وبحسب خبراء، فإنه في حالة الحرب، يمكن لحزب الله أن يلحق الضرر بخطوط الأنابيب والموانئ ومحطات الطاقة ومنصات الغاز البحرية التي تجعل إنتاج الطاقة ممكنا في إسرائيل.

ويمكن أن يضرب أيضا البنية التحتية الحيوية التي تقوم عليها الشبكة الكهربائية، مثل المحطات الفرعية وخطوط الجهد العالي، مما يجعل توزيع الطاقة مستحيلا.

وتأتي معظم الكهرباء في البلاد من غاز الوقود الأحفوري، الذي يتم توفيره من خلال 3 حقول فقط في البحر الأبيض المتوسط، ولكل منها منصة معالجة خاصة بها ومحطة استقبال إمدادات أرضية.

ومن المتوقع أن يوفر الغاز الطبيعي 75 بالمئة من احتياجات البلاد من الطاقة هذا العام، وذلك باستخدام بضع عشرات من محطات الطاقة الكبيرة والمحطات الفرعية الأخرى، والتي يمكن العثور على مواقعها بسهولة باستخدام خرائط غوغل.

وقال سامي ترجمان، الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي والذي يرأس مجلس إدارة الهيئة الوطنية للنفط والغاز، إن محطات توليد الطاقة بالوقود الأحفوري كانت "نقطة ضعف"، وإن الاعتماد على احتياطيات الفحم والديزل كان بمثابة "كعب أخيل" لإسرائيل.

المصدر: "تايمز أوف إسرائيل"

مقالات مشابهة

  • خلافات حادة داخل الحكومة الإسرائيلية إثر تصريحات غالانت بشأن الحرب مع لبنان
  • ميقاتي: نحن في حالة حرب والتهديدات الإسرائيلية نوع من الحرب النفسية
  • الجامعة العربية تحذر مجددا من خطورة اتساع الحرب الإسرائيلية على لبنان
  • القنابل الإسرائيلية دمرت مساحات كبيرة من قرية لبنانية وسط مخاوف من اتساع الحرب
  • ضغوط اعلامية وسياسية وديبلوماسية.. لا حرب واسعة
  • الساعون إلى منع حرب إسرائيل على لبنان لن ييأسوا
  • توصية إسرائيلية باستهداف الأسد للضغط باتجاه إحباط أي هجوم لحزب الله
  • توصية إسرائيلية باستهداف الأسد للضغط باتجاه إحباط هجوم لحزب الله
  • تقرير: شبح الحرب مع "حزب الله" يثير مخاوف إسرائيلية بشأن الطاقة
  • الأمم المتحدة تحذر من اتساع رقعة الحرب الإسرائيلية من غزة إلى لبنان