3 يونيو شاهد على التاريخ.. الإرهاب الإخواني الحوثي يوقّع على مخطط تدمير الدولة والنظام الجمهوري
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
في مثل هذا اليوم (3 يونيو/ حزيران 2011) وقّع الإرهابيون في صلاة أول جمعة من شهر رجب الحرام، على مخطط تدمير الدولة ونظامها الجمهوري، في أبشع جريمة شهدها التاريخ اليمني والإسلامي، استهدفت رئيس الجمهورية وأبرز أركان الحكم داخل مسجد دار الرئاسة بالعاصمة اليمنية صنعاء، في مساع لانزلاق البلاد في فوضى فراغ دستوري وحرب أهلية طاحنة.
وفي وقت لاحق، أفرجت جماعة الإخوان المسلمين ومليشيا الحوثي عن عدد من المتهمين بارتكاب الجريمة، في صفقة تبادل أسرى لدى الطرفين، لا صلة لها بجريمة التفجير، وسط مطالبات لذوي ضحايا التفجير بضبط المتهمين والمفرج عنهم بالمخالفة وتقديمهم لمحاكمة عادلة.
واستهدفت الجماعات الإرهابية النظام الجمهورية بشكل مباشر على رأسه رئيس الجمهورية الأسبق علي عبدالله صالح، بتفجيرها مسجد دار الرئاسة الذي كان مواظباً على حضوره وكبار قيادات الدولة والحكومة لتأدية صلاة الجمعة.
وبهذا المخطط الإجرامي، كانت تسعى جماعة حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) ومليشيا الحوثي (أذرع إيران في اليمن)، اللتان تحشدان عناصرهما في شارع الجامعة منذ مطلع العام 2011، إلى انزلاق البلاد في فوضى فراغ دستوري حال نجاح مخطط اغتيال رئيس الجمهورية وكبار قيادات الدولة والحكومة، ما يمكّنها من السيطرة على القصر الرئاسي الذي يفصل بينه وشارع الجامعة (شارع الزبيري)، وإصدار البيان رقم (1) بتنصيب نفسها حاكما للبلاد. وهذه الجريمة هي بداية تنفيذ المخطط التدميري للنظام وتمزيق البلاد وفق أطماع قوى النفوذ المتصارعة.
فرق مسلحة وقناصة
المخطط الإجرامي الانقلابي الرامي إلى السيطرة على قصر الرئاسة بقوة السلاح، لم يكن تكهنا، بقدر ما هو حقيقة موثّقة، حيث كانت فرق مسلحة مدرّبة ومزودة بالأسلحة الخفيفة والرشاشة المتوسطة وقذائف RBG وقناصة محترفون، ينتشرون فوق أسطح المباني ويتمركزون داخل الشقق المرتفعة، وفي الشوارع المجاورة لدار الرئاسة، وحاولت استهداف عدد من السيارات الرئاسية التي سارعت بنقل المصابين إلى المشافي لتلقي العلاج.
العناصر الإرهابية المخططة والمنفذة، كانت تنوي تصفية الرئيس وكافة من معه بهذا المخطط الإجرامي، وفق مخطط دقيق يشير إلى اضطلاع أطراف عديدة وقوية، حيث تزامن استهداف سيارات الإسعاف مع إعلان خطيب ساحة الجامعة للمعتصمين (قتل الرئيس صالح) وردد وخلفه المعتصمون لجماعة الإخوان والحوثي (تكبيرات النصر الإجرامي المزعوم) رافقها زغاريد نسائهم في ذات الساحات (تزف بشرى القتل)، الأمر الذي لم تفوّته قناة سهيل لتسارع بنشر خبر عاجل تضمن (ذات الأمنيات الدموية).
قوات الحرس الرئاسي سيطرت على الموقف سريعاً في غضون دقائق، وافشلت مخطط الكمائن والقوات المنتشرة للارهابين، ونقلت الرئيس صالح إلى مستشفى 48 لتلقي العلاج. ولأن الرئيس صالح أدرك خطر وآثار المخطط على نفسيات الشعب اليمني الرافض للإرهاب والفوضى، أكد له في رسالة صوتية مسجّلة عاجلة أنه بخير إذا الشعب بخير. وهُنا تنفس الشعب الصعداء، وفشل انقلاب الإرهابيين.
لماذا نفذت الجماعات الإجرامية التفجير الإرهابية؟ يقول مراقبون، إنه يعود بدرجة أساسية إلى غياب رؤية بناء الدولة لدى الجماعات الدينية والطائفية المطالبة بإسقاط النظام، بسبب انقسامها نتيجة انقسام توجهها السياسي والديني والفكري، علاوة على غضب الشباب عليها، خصوصا وهم أول من نزل الساحات ورفع مطالب بالإصلاحات ومحاسبة الفاسدين، قبل أن تستغل هذه الجماعات المتطرفة هؤلاء الشباب لتركب قاربهم وتسرق احلامهم وتقدّم نفسها (متحدثا باسمهم) مقدمة مطالبها الشخصية تحت ذات الغطاء، وهذا نسف الثقة بينهم.
ويؤكد المراقبون لوكالة خبر، حالة فقدان الثقة بين المكونات الشبابية وجماعة الاسلام السياسي (الحوثي والإخوان) كانت حاضرة بقوة، وغالباً ما كانت تحتدم حد نشوب عراك واشتباكات بالأيدي والعصي. ولذلك لم تتلاق أهداف أي من هذه المكونات في نقطة مشتركة، إلا بالنسبة لجماعة الاسلام السياسي التي تمتلك أجنحة عسكرية، وهي نقطة قوة بالنسبة لها ولكنها ضعف بالنسبة للشباب.
وبينما كانت جماعة الإسلام السياسي المسلّحة تتربص ببعضها، اتفقت على أن العنف المسلّح هو الطريق الأوحد لاسقاط النظام، وعملت على ذلك تدريجياً بدءاً باستهداف المعتصمين، ومن ثم تنفيذ عمليات قنص الشباب في المظاهرات، وعند فشل كل ذلك قررت الاستهداف المباشر للرئيس وكبار قيادات الدولة، غير مكترثة بأنها الخطوة التمهيدية لتدمير البلاد.
وراح ضحية التفجير الإرهابي عشرات الشهداء على رأسهم الشهيد الدكتور عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى وأصيب آخرون بجروح متفاوتة بينهم الرئيس علي عبدالله صالح ورئيس الحكومة علي محمد مجور.
تدمير ممنهج
وفضحت المؤامرات المتلاحقة نوايا جماعات الإسلام السياسي (مليشيا الحوثي وجماعة الإخوان) في مخطط التدمير الممنهج للدولة، واغراق البلاد في الصراعات، حيث استمرت بعد فشل اغتيال الرئيس علي عبدالله صالح في مسجد الرئاسة، بشن حرب شعواء ضده، حتى بعد نقله السلطة وتفرغه للعمل السياسي وإدارة حزب المؤتمر الشعبي العام.
وتنوعت الحرب الشعواء لهذه الجماعات ضد الزعيم "صالح" حينا بالمطالبة بازاحته من رئاسة حزب المؤتمر، وآخر المطالبة باخراجه ونفيه من اليمن أو حفر نفق أرضي إلى تحت منزله في الثنية بصنعاء بغرض نسفه بكمايات كبيرة من المتفجرات، وغير ذلك.
ولأكثر من عقد لم تكشف سلطات الأمر الواقع الحوثية، والحكومات المتعاقبة قبلها عن خيوط الجريمة والمتواطئين والضالعين فيها، علاوة على ذلك إطلاقها سراح خمسة من الضالعين في جريمة تفجير المسجد والمنفذين لها، في صفقة تبادل أسرى مشبوهة تمّت في أكتوبر 2019م بين مليشيا الحوثي والقوات العسكرية في مدينة مأرب التابعة لحزب الإصلاح (الاخوان).
اتهامات متبادلة
في الوقت نفسه لم يتم تحديد المسؤولين عن التفجير رسميا، لكن الحكومة اليمنية اتهمت جماعة الحوثيين بالمسؤولية. وبحسب قولها، فإن الحوثيين كانوا يخططون لاغتيال الرئيس صالح منذ فترة طويلة.
بالمقابل رفضت مليشيا الحوثي (ذراع إيران) الإقرار بمسؤولية تنفيذ الجريمة، واتهمت الحكومة بالوقوف وراءه، في حين تشير القرائن وتحليلات الخبراء والمختصين إلى تورط الطرفين في الشراكة بالجريمة التي كانت تهدف إلى إسقاط كامل النظام وإدخال البلاد في فوضى الفراغ الدستوري.
وبعد مرور نحو 13 عاماً على ارتكاب الجريمة، دون الكشف عن المخططين والممولين والمنفذين للجريمة، واستمرار بقاء المتهمين أحراراً طلقاء، تُثار الكثير من الشكوك نحو السلطات التي تخضع لها البلاد.
وحمّلت أسر ضحايا الجريمة، الجهات المعنية في سلطة الأمر الواقع الحوثية، والحكومة الشرعية، كامل المسؤولية في ضبط المتهمين الفارين وإعادة المفرج عنها في صفقات تبادل أسرى لا علاقة لها بملف قضية تفجير المسجد، وإحالة ملف القضية للجهات المعنية لاستكمال الإجراءات.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: الرئیس صالح البلاد فی
إقرأ أيضاً:
مصادر لـعربي21: تركيا كانت مطلعة على اتفاق قسد ودمشق.. تفاصيل هامة
كشف مصدر خاص لـ"عربي21"، الثلاثاء، اطلاع تركيا على وثيقة الاتفاق الموقع بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والدولة السورية، لافتا إلى أن أنقرة تشعر بالارتياح لهذا التطور.
ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا أواخر العام الماضي، دأب المسؤولون الأتراك على التلويح بعملية عسكرية ضد "قسد" شمالي شرق سوريا، لكن خطاب زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا عبد الله أوجلان الداعي إلى حل التنظيم وإلقاء السلاح فتح الباب أمام العملية السياسية.
وكان حزب المساواة وديمقراطية الشعوب "ديم" المناصر للأكراد في تركيا كشف عن إرسال أوجلان ثلاث رسائل قبل خطابه "التاريخي" واحدة منها إلى "قسد"، التي تعتبرها انقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني المدرج على قوائم الإرهاب لديها.
ومساء الاثنين، وقع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي على اتفاق دمج الأخير في مؤسسات الدولة، وذلك ضمن مساعي دمشق لحل كافة الفصائل المسلحة وبسط سيطرتها على كافة التراب الوطني.
قبل ذلك بساعات، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة له عقب اجتماع للحكومة في العاصمة أنقرة إن الشرع ينتهج سياسة شاملة منذ سقوط نظام المخلوع بشار الأسد في أواخر العام الماضي دون الوقوع في "فخ الانتقام"، مشيرا إلى أنه "إذا استمرت هذه القوة في التزايد، فستفسد المكائد ضد سوريا".
وشدد على أن أنقرة لن تسمح بإعادة رسم الخرائط في سوريا، موضحا أن "من ينظر إلى سوريا ولا يرى فيها إلا الطوائف والمذاهب والأعراق فهو حبيس التعصب الأعمى"، بحسب وكالة الأناضول.
وقال باحث في الشؤون السورية، طلب عدم الكشف عن هويته، إن التطورات في تركيا بخصوص إمكانية إلقاء حزب العمال الكردستاني سلاحه ساهمت في دفع "قسد" لتوقيع الاتفاق مع دمشق.
في سياق متصل، كشف مصدر آخر لـ"عربي21" إن الولايات المتحدة أخبرت حلفائها الأكراد أنها ستنسحب من سوريا.
وتعد قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
كما تحظى هذه القوات التي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال شرقي سوريا، بدعم عسكري من واشنطن.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعا في تصريحات أدلى بها في كانون الثاني /يناير الماضي، الجميع إلى رفع أيديهم عن سوريا، في إشارة إلى القوات الأمريكي في سوريا.
وشدد أردوغان على قدرة بلاده على "سحق" التنظيمات "الإرهابية" في سوريا، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلون الأكراد، الذين تراهم أنقرة خطرا على أمنها القومي.