تُعَد المستشفيات الجامعية في مصر من أعمدة الرعاية الصحية التي لا غنى عنها، حيث تلعب دورًا محوريًا في تقديم الخدمات الطبية المتخصصة والتعليم الطبي. 

ومع ذلك، تواجه هذه المؤسسات تحديات عديدة تتطلب حلولًا جذرية ومستمرة، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، شهد قطاع المستشفيات الجامعية جهودًا كبيرة نحو التطوير والتحديث، وهو ما يعكس التزام الدولة برفع كفاءة هذه المؤسسات وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

التحديات الرئيسية:البنية التحتية والتجهيزات الطبية

تواجه المستشفيات الجامعية تحديًا كبيرًا في تطوير بنيتها التحتية وتجهيزاتها الطبية، العديد من المستشفيات تعاني من مبانٍ قديمة وتجهيزات طبية تحتاج إلى تحديث، مما يؤثر سلبًا على جودة الخدمات الصحية.

الكوادر البشرية

يعد نقص الكوادر الطبية المؤهلة من أكبر التحديات التي تواجه المستشفيات الجامعية. تحتاج هذه المستشفيات إلى مزيد من الأطباء والممرضين المدربين لمواجهة الأعداد المتزايدة من المرضى وتقديم الرعاية الصحية المطلوبة.

التمويل

تعاني المستشفيات الجامعية من نقص التمويل الذي يؤثر على قدرتها على توفير الخدمات الصحية الأساسية، بالإضافة إلى الاستثمار في التطوير والتحديث. الحاجة إلى تمويل مستمر يعتبر عائقًا رئيسيًا أمام تحسين الخدمات الصحية.

البحث العلمي والتطوير

نقص الموارد المخصصة للبحث العلمي والتطوير يعد تحديًا آخر. تحتاج المستشفيات الجامعية إلى دعم أكبر للبحث العلمي من أجل تطوير علاجات جديدة وتحسين طرق العلاج الحالية.

الحلول والجهود المبذولة:تطوير البنية التحتية

فيجب أن تعمل وزارة التعليم العالي  على تحسين البنية التحتية للمستشفيات الجامعية بشكل مستمر،والتي تم إنفاق 19 مليار جنيه على 160 مشروعًا لتطوير البنية التحتية، بما في ذلك تحديث المباني والتجهيزات الطبية، بالإضافة إلى ذلك، من خلال  زيادة عدد المستشفيات الجامعية إلى 125 مستشفى بسعة 33 ألف سرير،ولكن المواطن المصري يحتاج إلى العديد من المستشفيات التي تخدم المواطن  مما يسهم في تقديم خدمات أفضل لعدد أكبر من المرضى.

تعزيز الكوادر البشريه

من خلال  إطلاق برامج تدريبية لتأهيل الأطباء والممرضين ورفع كفاءتهم كما يجب  زيادة الرواتب والمزايا لجذب المزيد من الكوادر الطبية للعمل في المستشفيات الجامعية، تأتي هذه الخطوات ضمن جهود تحسين بيئة العمل وتقديم حوافز لتشجيع الأطباء على الانضمام لهذه المؤسسات.

زيادة التمويل

يجب علي الوزارة  تخصيص مبالغ مالية كبيرة لتطوير المستشفيات الجامعية، مثل مشروع تطوير مستشفى قصر العيني التعليمي الجديد بجامعة القاهرة، ومشروع المدينة الطبية بجامعة عين شمس والتي  يتم أيضًا السعي للحصول على دعم من الجهات الدولية والمحلية لدعم هذه المشروعات.

تشجيع البحث العلمي

خلال الفترة السابقه  استطاعت المستشفيات الجامعيه أن تصل إلي  العديد من التصنيف العالميه، وهو ما يعكس الجهود المبذولة في تعزيز البحث العلمي وهو يأتي من خلال تقديم الدعم من الدولة للعديد من المبادرات البحثية  فيجب علي الوزراة توفير بيئة مناسبة للباحثين من أجل تحقيق اكتشافات جديدة وتحسين مستوى الرعاية الصحية.

 إنجازات ملموسة

خلال العام الماضي، استقبلت المستشفيات الجامعية 24.5 مليون مريض، وساهمت في القضاء على قوائم الانتظار بنسبة إنجاز 80%. كما تم إطلاق 535 قافلة طبية واستقبال أكثر من 10 آلاف مريض أجنبي، مما يعزز دور المستشفيات الجامعية في تشجيع السياحة الصحية.

 أمثلة على التطوير: جامعة المنصورة

تم إدراج مستشفيات جامعة المنصورة ضمن مؤسسات الـ(Q1) في تصنيف سيماجو العالمي، وحصلت على اعتماد (الأيزو - سعودي 365).

 جامعة أسيوط

افتتحت المرحلة الأولى من مستشفيات الإصابات والطوارئ الجديدة بجامعة أسيوط، مما يساعد على تحسين خدمات الطوارئ والرعاية الصحية في صعيد مصر.

جامعة الإسكندرية

تم تطوير وحدة قسطرة القلب للأطفال وغرفة عمليات القلب المفتوح، بالإضافة إلى افتتاح صيدلية إكلينيكية لمرضى أورام الأطفال، مما يعزز من قدرات المستشفى على تقديم خدمات طبية متخصصة.

تشهد المستشفيات الجامعية في مصر تحديات كبيرة، إلا أن الجهود المبذولة من قبل الدولة ووزارة التعليم العالي تؤكد على الالتزام بتحسين هذه المؤسسات. من خلال تطوير البنية التحتية، تعزيز الكوادر البشرية، زيادة التمويل، وتشجيع البحث العلمي، يمكن للمستشفيات الجامعية أن تلعب دورًا أكبر في تحسين الصحة العامة وتقديم خدمات طبية عالية الجودة للمواطنين.

جانب من تطوير المستشفيات الجامعيه جانب من تطوير المستشفيات الجامعيه جانب من تطوير المستشفيات الجامعيه 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الخدمات الصحية المستشفيات الجامعية الخدمات الطبية تقديم الرعاية الصحية قطاع المستشفيات الجامعية المستشفیات الجامعیة فی تطویر المستشفیات البنیة التحتیة هذه المؤسسات البحث العلمی من خلال

إقرأ أيضاً:

مفارقة التقدم العلمي

في مقالنا السابق، عبرّتُ عن حاجتنا العاجلة إلى مراجعة علاقتنا بالأنظمة التقنية وآلية تفاعلنا معها بما تحمله من تأثيرات يمكن أن تخرجَ المجتمعات الإنسانية عن نمطها الإنساني السليم، ونستكمل في مقالنا الحالي شيئا من هذا التوجّس الرقمي الآخذ في التقدّم السريع الذي يطرق أبواب وعينا؛ لنعيد تحديد بُوصلتنا الإنسانية وفقَ أطرها العقلانية ومبادئها الأخلاقية؛ إذ ترسّخ في قاموس معارفنا أن التقدّم العلمي والتقني يمثّل تجسيدا لانتصار الإنسان على الجهل والمرض والعوز، ولكن مع هذا التقدم تتضاعف مشكلاتنا الوجودية بلباسها الجديد التي تهدد استقرار الإنسان النفسي والاجتماعي، وتنشأ تساؤلات تتعلق بالتقدم العلمي والتقني وضريبته التي تدفعها المجتمعات الإنسانية -رغم كل الفوائد الناتجة- فكيف يمكن أن يكون للتقدم العلمي وجه مظلم؟ ولماذا نشعر بالضياع والقلق كلما اقتربنا أكثر من تحقيق «الحلم التقني»؟

قبل عقود ماضية، كان الإنسان يرى في التقدّم وسيلةً للخلاص والتطوّر المحمود؛ حيثُ وضع آماله على التقدّم العلمي في إيجاد حلول لمشكلاته الكثيرة منها إطالة عمره، وتحسين صحته، وتخفيف أعباء العمل، وبات كثير من هذه الأمنيات حقيقةً واقعية؛ فأصبح متوسط عمر الإنسان أطول، والأمراض أقل فتكًا، وأصبحت الآلات تؤدي الكثير من المهام الشاقة. لكن في المقابل، زاد التقدمُ العلمي الفجوة النفسية والاجتماعية؛ فتقلصت مستويات السعادة، وزادت معدلات الاكتئاب والقلق والتوتر وفقدان المعنى والشغف؛ فارتفعت معدلات الجريمة والانتحار.

كان يفترض أن تمنحنا التقنية مزيدًا من الوقت للراحة والتأمل، ولكنها -في بعض حالاتها غير الموزونة- جعلتنا عالقين في دوامة لا تنتهي من الإدمان الرقمي، والمقارنات الاجتماعية، وانعدام المعنى؛ فبدلًا من تحقيق الراحة المنشودة، أصبحنا عبيدًا للهواتف الذكية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والعمل المستمر دون انقطاع. كانت المجتمعاتُ الإنسانية التقليدية قائمةً على أنظمة اجتماعية وثقافية مستقرة تمنح الإنسان إحساسًا بالهوية والانتماء، ومع تطوراتنا العلمية، قادت العولمة الرقمية والتقدم التقني إلى تفكيك هذه البنى؛ لتجعل الفرد يشعر بالعزلة والاغتراب رغم تضاعف الارتباط بين المجتمعات الإنسانية في العالم بسبب النشاط التقني وانتشار وسائله التواصلية، ولكن في المقابل، باتت هذه المجتمعات وأفرادها أكثر تفككًا من الناحية العاطفية؛ فتهاوت القيم الأخلاقية وضعفت المكتسبات العقلية والمعرفية العميقة، وتحولت الحياة إلى سباق مفتوح من الاستهلاك والتطوّر المستمر بلا هوادة؛ ليفقد الإنسان أهم تساؤل فطري ينبغي للعقل البشري أن يثيره: لماذا؟

سبق أن وصفتُ الإنسانَ الحديث بالإنسانِ الرقمي؛ لاقترانه الكبير بالتقنيات الرقمية التي قرّبته من معارف كثيرة -رغم سطحيتها- لم يكن من السهل بلوغها مع زمن سابق يندر فيه مثل هذا الاقتران الرقمي، ورغم كل الوسائل التقنية المتاحة له، نجده يعاني من شعور دائم بأنه ضائع في متاهات الحياة التي تؤرقه بمستجداتها الفاتنة ذات المعايير المثالية، ولم تعد هناك حقائق مطلقة؛ إذ تراجعت الفلسفة أمام العلم مفتوح المصادر، وتحولت الأسئلة الوجودية العميقة إلى قضايا «لا عملية» لا تحظى بالاهتمام ولا تثير دهشة العقل، والأدهى أن يفقد الإنسان ذاته ومعنى وجوده؛ فكيف -حينها- يمكن لإنسان أن يعرف عن عالمه الفيزيائي المحيط فيما يكون عاجزًا عن فهم ذاته ومعنى وجوده؟

مع ظهور الذكاء الاصطناعي وتسارع تطويراته، اتسعت هذه المفارقة وضاقت حلولها؛ فبعد أن أخذت الظنونُ بالإنسان بأنه الكائن الأذكى في الوجود والأجدر في فهم قواعد الحياة -دون منافس- وحل ألغازها، يجد نفسَه الآن في مواجهةٍ مع كياناتٍ اصطناعية ذكية تتجاوزه في مستويات التفكير واتخاذ القرارات والإبداع؛ ليبرز السؤال المهم: أما زلنا مميزين؟ وهل سيفقد الإنسان قيمته في عالم تسيطر عليه الخوارزميات الذكية؟ تصل بنا حتمية واقعنا الحالي إلى نتيجة مفادها أن التقدّم في الذكاء الاصطناعي ومشتقاته مثل الروبوتات الذكية وأنظمة التواصل الرقمية ليس مجرد إنجاز علمي، ولكنه بمنزلة التحدي الوجودي الذي فرض واقعه علينا بكل ثقل؛ ليعيد الإنسانُ صياغةَ مفهوم المسائل الوجودية ومشكلاتها الجديدة؛ فسبق أن أسس الإنسانُ تقدمَه على فكرة تفرّده بالعقل ومركزيته الوجودية؛ فإذا فقد هذه المَيزة لصالح الذكاء الاصطناعي، فما الذي سيبقى له؟ مثل هذه الأسئلة، لم تكن تطرح إلا في الفلسفات القديمة على سبيل المنحى الفلسفي النظري الذي لا يعوّلُ على واقعٍ ملموس وقطعي؛ لتصبح اليوم قضايا عملية يمكن أن تحدد مصيرنا مجتمعاتٍ وأفرادًا.

كل ما سقناه في الأعلى من تأملات تخص مفارقة التقدّم العلمي؛ فإنها لا تسوّق حصر المشكلة في التقدم العلمي بحد ذاته، ولكن في آلية استعمالاتنا للتقنيات المصاحبة للتقدم العلمي واستيعابنا لضرورة تحقيق التوازن بين الممارسة الرقمية والممارسة الإنسانية بجميع أبعادها؛ فينبغي أن تكون التقنية أداةً لخدمة الإنسان، لا سجنًا يفرض عليه أنماطَ حياةٍ غير طبيعية. نحن بحاجة إلى فلسفة جديدة تواكب هذا التقدّم وتعيد التوازن بين العلم والروح المنسية في زحمة التطوّر العلمي غير المحكم والموزون وبين المادية والمعنى وبين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي. نحن بحاجة إلى إعادة تعريف النجاح والتقدّم؛ فلا يقاسان بمعدلات النمو الاقتصادي أو الاكتشافات العلمية فحسب، ولكن بمقدار ما يضيفانه إلى حياة الإنسان من سلام داخلي وتوازن نفسي. علينا أن نتريّث قليلا قبل كل خطوة نخطوها نحو التطور التقني؛ لنسأل أنفسنا: أهذا التقدم يجعلنا أكثر سعادةً، أم أنه سباقٌ مجهول النهاية؟ إن المفارقة الحقيقية ليست في التقدم ذاته، ولكن في عدم قدرتنا على استعماله بحكمة؛ فالتقنية، كما قال الفيلسوف الألماني «مارتن هايدغر» ليست مجرد أدوات، وإنما طريقة جديدة لرؤية العالم، وإن لم نتحكم في هذه الرؤية ومساراتها؛ فإننا نجد أنفسنا في عالم متقدم تقنيًا، لكنه خالٍ تمامًا من الروح والمعنى الذي سنفقد بسببه مغزى الوجود والتقدّم المفيد.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

مقالات مشابهة

  • في الوقت الذي تهديد فيه مليشيا الحوثي السعودية..الرياض تجدد دعمها لخارطة الطريق وجهود السلام في اليمن
  • بالتزامن مع تهديدات حوثية للمملكة.. السعودية تجدد دعمها لخارطة الطريق وجهود السلام في اليمن
  • برلمانية: تطوير البنية التحتية الصناعية وتعميم حلول الطاقة النظيفة لمواجهة الأحمال الصيفية
  • رئيس جامعة كفر الشيخ يتابع تقدم الأعمال بالمدينة الطبية لمواكبة التطورات الصحية
  • أنور العنوني لـ«الاتحاد»: ملتزمون بتقديم المساعدات وجهود التعافي وإعادة الإعمار في غزة
  • جامعة الملك عبدالعزيز تناقش تعزيز الصحة النفسية وجودة الحياة الجامعية
  • نقابات وشركات كبرى تتعاقد على تلقي الخدمات الصحية بمستشفيات مطروح
  • مدير المستشفيات التعليمية يتفقد «المطرية التعليمي» لمتابعة انتظام العمل.. صور
  • الإمداد الدوائي يرفد عدد من المستشفيات والمرافق الصحية بالأدوية والمستلزمات الطبية
  • مفارقة التقدم العلمي