هيومن رايتس ووتش: العراق متقاعس عن تنفيذ قوانينه.. أين تذهب حصص تعيين ذوي الإعاقة؟
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
السومرية نيوز-محليات
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الثلاثاء، إن العراق "يتقاعس" عن تنفيذ قوانينه الوطنية التي تضمن حقوق العمل للأشخاص ذوي الإعاقة، ما يجعل حصص الوظائف المخصصة للعراقيين ذوي الإعاقة غير مستغلة ويترك مئات الآلاف عاطلين عن العمل. وأوضحت المنظمة في تقرير نشرته اليوم وتابعته "السومرية"، انه "لدى كل من العراق الاتحادي وحكومة إقليم كردستان قوانين تحدد حصة دنيا قدرها 5% من وظائف القطاع العام للأشخاص ذوي الإعاقة، فيما نقلت المنظمة عن ممثل عن "مجلس الخدمة العامة الاتحادي" قوله إن القطاع العام لم يلتزم بالحصة المقررة، وكذلك تظهر الأرقام بالنسبة لإقليم كردستان.
قالت سارة صنبر، باحثة العراق في هيومن رايتس ووتش: "الوعود القانونية بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق لا تُترجم إلى فرص عمل حقيقية، الفجوة بين القانون والممارسة تجعل مئات آلاف العراقيين ذوي الإعاقة يكافحون من أجل كسب لقمة العيش".
في 2019، قدّرت "لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، التي تُراقب المعاهدة الدولية ذات الصلة، أن في العراق أحد أكبر أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم، نحو 3 ملايين شخص، نتيجة عقود من النزاعات المسلحة، خلفت احتجاجات 2019 أيضا نحو 25 ألف جريح، منهم نحو 5 آلاف لديهم إعاقات دائمة.
وفي العراق، يخصص القانون 5% من وظائف القطاع العام و3% من وظائف القطاع الخاص للأشخاص ذوي الإعاقة، في إقليم كردستان العراق، يخصص القانون أيضا 5% من وظائف القطاع العام للأشخاص ذوي الإعاقة ويُشجّع توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص من خلال تغطية نصف رواتب الموظفين لمدة ثلاثة أشهر، فيما لاتحصي الحكومة عدد المعاقين في البلاد ونسبة توظيفهم.
ونقلت هيومن رايتس ووتش، عن منظمات حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إنها تعزي عدم تنفيذ القانون رقم 38 لسنة 2013 إلى تقاعس "هيئة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة"، وهي مؤسسة تابعة لـ "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية" مكلفة بضمان تنفيذ القانون، بينما تتحمل الهيئة المسؤولية الأساسية عن تطبيق القانون رقم 38، إلا أنها غير قادرة على القيام بذلك بمفردها.
هيئة الإعاقة ومجلس الخدمة "لايمتلكان السلطة"
ونقلت المنظمة عن مديرة الهيئة ذكرى عبد الرحيم إن الهيئة ومجلس الخدمة العامة الاتحادي يفتقران إلى السلطة لإنفاذ القانون، ويعتمدان على الوزارات الحكومية في تخصيص وتعيين العدد المطلوب من الوظائف للعراقيين ذوي الإعاقة، قالت إن بعض الوزارات لا تُنفذ التزاماتها أو تجعلها أولوية، رغم أن الهيئة تدرس اتخاذ إجراءات قانونية ضد الوزارات التي لا تلتزم بهذه الحصص.
في القطاع الخاص، يُعاقَب أصحاب العمل الذين لا يلتزمون بحصة التوظيف البالغة 3% بغرامة قدرها 500 ألف دينار عراقي (حوالي 382 دولار أمريكي)، بموجب المادة 20 من القانون رقم 38. إلا أنه لم تُفرض قط أي غرامات على أي جهة، بحسب عبد الرحيم.
وأكدت هيومن رايتس ووتش، انه يتعين على الحكومة العراقية اتخاذ الخطوات المناسبة لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام وتعزيز توظيفهم في القطاع الخاص، مثلا من خلال برامج العمل الإيجابي، والحوافز، والمبادرات لتعزيز فرص العمل الهادفة للأشخاص ذوي الإعاقة. ينبغي للحكومة إنشاء آليات مراقبة للوزارات لتقديم تقارير دورية عن أدائها في الوفاء بحصة التوظيف والتزاماتها الأخرى بموجب القانون رقم 38 والقانون رقم 22.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الحصص في حد ذاتها غالبا ما تكون غير كافية لتفكيك أو معالجة عوائق التوظيف التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة، وبالتالي ينبغي أن تقترن بإنفاذ التشريعات الأخرى المتعلقة بعدم التمييز والمساواة، فضلا عن الدعم والتمويل لخلق بيئات عمل ملائمة.
قالت صنبر: "رغم أن العراق لديه أكبر عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم، إلا أن السلطات العراقية لا تلبي احتياجاتهم. ينبغي للحكومة ضمان ألا يكون التزامها بتوفير فرص العمل للعراقيين ذوي الإعاقة وعدا فارغا".
القانون رقم 38 في العراق الاتحادي
قالت هيومن رايتس ووتش إن العديد من الوزارات تقاعست عن الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون رقم 38. مثلا، لا تجمع وزارة التخطيط العراقية بانتظام بيانات حول عدد الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعيشون في البلاد، رغم أن هذا الإجراء منصوص عليه في المادة 15 (9) من القانون رقم 38، ورغم الطلبات المتكررة من الهيئة للقيام بذلك، بحسب عبد الرحيم.
لا تجمع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بيانات حول معدلات توظيف العراقيين ذوي الإعاقة في القطاع العام أو الخاص، يعمل نحو 5 ملايين عراقي، أو 39% من القوى العاملة في العراق، في القطاع العام، للوفاء بحصة الـ 5% المقررة قانونا، يجب أن يشغل الأشخاص ذوو الإعاقة ما لا يقل عن 250 ألف وظيفة من هذه الوظائف.
رغم غياب رقم دقيق لعدد العراقيين ذوي الإعاقة الذين يشغلون وظائف في القطاع العام بشكل إجمالي، لم تستوفِ أي وزارة حصة الـ 5%، وفقا لوثيقة أطلع عليها ممثل عن مجلس الخدمة العامة الاتحادي هيومن رايتس ووتش. قالت عبد الرحيم لـ هيومن رايتس ووتش إن هيئة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة بدأت تتتبّع التعيينات في 2019، ومنذ ذلك الحين عُيِّن 1,434 شخصا فقط من ذوي الإعاقة في وظائف في القطاع العام.
قال موفق الخفاجي، رئيس "تجمع المعوقين في العراق" لـ هيومن رايتس ووتش: "عندما نطلب من مجلس الخدمة العامة الاتحادي توظيف المزيد من الأشخاص ذوي الإعاقة، غالبا ما يجيبون بأنه لا توجد فرص عمل كافية".
في سبتمبر/أيلول 2023 افتتحت الهيئة منصة التوظيف المباشر بالتعاون مع المجلس لتسهيل توظيف خريجي الجامعات من ذوي الإعاقة. خصص المجلس أيضا حقلا في استمارة التقديم الإلكترونية للقطاع العام حيث يمكن للمرشحين الإشارة إلى حالة الإعاقة لديهم.
قالت عبد الرحيم إنه لم يتم توظيف أحد حتى الآن من خلال هذه المنصة.
وأوصى تقرير المنظمة، هيئة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة بالتنسيق مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إنشاء آلية مراقبة وتقييم لضمان أن ظروف عمل وأجور الموظفين ذوي الإعاقة تتساوى مع الموظفين الآخرين، وإنشاء آلية للرصد والإبلاغ للوزارات الحكومية لتقديم تقارير دورية عن أدائها في تلبية حصة التوظيف، وفرض غرامات على الشركات الخاصة التي لا تلبّي حصة التوظيف البالغة 3%.
بالإضافة الى النظر في إعطاء الأفضلية للشركات التي تفي بالتزاماتها في توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في منح عطاءات المشتريات الحكومية.
كما اوصت المنظمة، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتقديم المساعدة الفنية والدعم لأصحاب العمل في تلبية احتياجات الموظفين ذوي الإعاقة، وضمان توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة في أماكن العمل الخاصة والعامة عندما يطلبها الأشخاص ذوو الإعاقة، وتقييم ما إذا كانت المخصصات الشهرية المقدمة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة كافية لتلبية احتياجاتهم ومراجعتها لرفعها حسب الحاجة، وجمع بيانات حول معدلات توظيف العراقيين ذوي الإعاقة.
واوصت المنظمة أيضا، وزارة العدل بتوفير التدريب للقضاة العراقيين حول إنفاذ أحكام مكافحة التمييز على أساس الإعاقة، فيما اوصت وزارة التخطيط بجمع بيانات بشكل منتظم عن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق ومعدلات توظيفهم، واوصت أيضا وزارة التربية بزيادة فرص التعليم والتدريب المهني للأشخاص ذوي الإعاقة، كما اوصت وزارة التجارة بالنظر في ربط إصدار تراخيص الأعمال أو تجديد بالامتثال لحصة التوظيف في القطاع الخاص البالغة 3%، وفرض غرامات على الشركات التي لا تستوفي هذه الحصة.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: وزارة العمل والشؤون الاجتماعیة الخدمة العامة الاتحادی للأشخاص ذوی الإعاقة هیومن رایتس ووتش فی القطاع العام فی القطاع الخاص من وظائف القطاع عبد الرحیم فی العراق
إقرأ أيضاً:
هيومن رايتس: إسرائيل تفرض ظروفا تهدد الحمل والولادة وحياة المواليد الجدد بغزة
اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" سلطات الاحتلال الإسرائيلي بفرض ظروف تهدد النساء الحوامل وحياة المواليد الجدد في قطاع غزة الذي تعرض لإبادة جماعية طيلة 15 شهرا.
وقالت المنظمة الحقوقية في تقرير أصدرته، الثلاثاء، إن الحصار الإسرائيلي على غزة وهجماتها ضد المرافق الصحية في القطاع خلقت خطرا جسيما يهدد أحيانا حياة النساء والفتيات أثناء الحمل والولادة وبعدهما منذ بدء الأعمال العدائية في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ويتوصل التقرير الصادر في 50 صفحة بعنوان "خمسة أطفال في حاضنة واحدة: انتهاكات حقوق النساء الحوامل أثناء الهجوم الإسرائيلي على غزة" إلى أن الحصار غير القانوني الذي تفرضه القوات الإسرائيلية على قطاع غزة، والقيود الشديدة التي تفرضها على المساعدات الإنسانية، وهجماتها على المرافق الطبية والعاملين في الرعاية الصحية أضرَّت مباشرة بالنساء والفتيات أثناء الحمل، وفي الولادة، وفترة ما بعد الولادة.
وقالت بلقيس والي، المديرة المشاركة لقسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في "هيومن رايتس ووتش": "منذ بدء الأعمال العدائية في غزة، تمر النساء والفتيات بفترة حمل يفتقرن فيها إلى الحد الأدنى من الرعاية الصحية، والصرف الصحي، والمياه، والغذاء، فهنَّ وأطفالهن حديثي الولادة عرضة دوما لخطر الموت الذي يمكن الوقاية منه".
وأضافت: "الخروقات الصارخة والمتكررة التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان في غزة لها وقع خاص وحاد على النساء والفتيات الحوامل والمواليد الجدد. وقف إطلاق النار وحده لن ينهي هذه الظروف المروعة. على الحكومات الضغط على إسرائيل لضمان أن تلبي بشكل عاجل احتياجات النساء والفتيات الحوامل والأطفال حديثي الولادة وغيرهم ممن يحتاجون إلى الرعاية الصحية".
ويشير التقرير إلى أنه حتى كانون الثاني/ يناير 2025، لا تتوفر رعاية الطوارئ للتوليد وحديثي الولادة إلا في سبعة من 18 مستشفى تعمل جزئيا في مختلف أنحاء غزة، وأربعة من 11 مستشفى ميدانيا، ومركز صحي مجتمعي واحد، مقارنة بـ 20 مؤسسة تشمل مشافٍ ومراكز أخرى أصغر للرعاية الصحية كانت تعمل قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ويضيف أن جودة الرعاية الصحية التي تستطيع المرافق الطبية ومقدمي الخدمات القليلة المتبقية في غزة تقديمها انخفضت بشكل كبير، حيث يتم إخراج النساء على عجل من المستشفيات المزدحمة أحيانا بعد ساعات قليلة من الولادة لإفساح المجال للمرضى الآخرين، وكثير منهم من مصابي الحرب. تعمل جميع المرافق الطبية في غزة في ظروف غير صحية تشهد ازدحاما ونقصا خطيرا في المواد الصحية الأساسية، بما فيها الأدوية واللقاحات.
لا تتوفر سوى معلومات ضئيلة عن معدل بقاء المواليد الجدد على قيد الحياة أو عدد النساء اللواتي لديهن أمراض خطيرة أو يمتن أثناء الحمل أو الولادة أو بعد الولادة. مع ذلك، في تموز/ يوليو، أفاد خبراء في صحة الأمومة بأن معدل الإجهاض التلقائي في غزة ارتفع بنسبة تصل إلى 300% منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وأفادت "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" (اليونيسف) أنه منذ 26 كانون الأول/ ديسمبر 2024، توفي ثمانية رضَّع ومواليد بسبب انخفاض حرارة الجسم نتيجة نقص المأوى الأساسي إلى جانب درجات حرارة الشتاء.
وقال طبيب في مستشفى للولادة في رفح إن لديهم عددا قليلا جدا من الحاضنات وكثيرا من الأطفال الخدج لدرجة "أننا نضطر إلى وضع أربعة أو خمسة أطفال في حاضنة واحدة... ومعظمهم لا ينجو".
ويؤكد التقرير أن الحصار الإسرائيلي غير القانوني لغزة واستخدام التجويع أسلوبَ حرب تسبب بانعدام الأمن الغذائي الحاد لمعظم الناس في غزة. وتواجه النساء والفتيات الحوامل عقبات هائلة في الحفاظ على التغذية الجيدة والنظام الغذائي الصحي الضروري لصحتهن ونمو الجنين.
كما حرمت الحكومة الإسرائيلية الفلسطينيين عمدا من المياه، ما يشكل جريمة ضد الإنسانية وأحد أفعال الإبادة الجماعية. أفادت العديد من النساء الحوامل عن تعرضهن للجفاف أو عدم تمكنهنّ من الاغتسال.
يسبب هذا الحرمان عديدا من الحالات الصحية أو يفاقمها كثيرا، بما يشمل فقر الدم وتسمم الحمل والنزيف وتسمم الدم، وكلها يمكن أن تكون قاتلة بدون علاج طبي مناسب.
وطالبت المنظمة حلفاء "إسرائيل" وعلى رأسهم الولايات المتحدة، باتخاذ كل التدابير الممكنة لإنهاء هذه الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة وغيرها. كما طالبت بوقف المساعدات العسكرية لـ"إسرائيل"؛ ومراجعة الاتفاقيات الثنائية مع احتمال تعليقها، مثل اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل"، واتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"؛ كما طالبت بدعم المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من جهود المساءلة.