الانتخابات الأوروبية: ما هي أبرز أهداف ومحاور الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء؟
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات عديدة أبرزها الهجرة غير النظامية ومسألة اللجوء السياسي. ومن بين الحلول التي اقترحتها المفوضية الأوروبية لوضع حد لهذه المشكلة، المصادقة على ميثاق الهجرة واللجوء. فماذا يعني هذا الميثاق وماهي أهدافه؟ وكيف تنظر إليه الأحزاب السياسية التي ستخوض غمار الانتخابات الأوروبية؟
بعد سنوات من الجدل والخلافات السياسية، منح الاتحاد الأوروبي في 14 مايو/ أيار الضوء الأخضر لاعتماد ميثاق أوروبي للهجرة واللجوء الذي سيتم التعامل به تدريجيا لغاية أن يطبق بشكل كامل في 2026.
والهدف منه، محاربة الهجرة غير الشرعية وتقليص الهجرة النظامية، فضلا عن تعقيد سبل الحصول على اللجوء السياسي في دول الاتحاد الأوروبي. كما أنه يجبر دول الاتحاد على تقاسم العبء المالي الناتج عن استقبال المهاجرين الذين يصلون إلى أراضيها بشكل غير شرعي. وهذا ما ترفضه بعض الدول التي تحكمها أحزاب قومية، على غرار المجر وبولندا والنمسا إضافة إلى سلوفاكيا.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين هي التي طرحت للمرة الأولى فكرة هذا المشروع في برنامجها الانتخابي. كان ذلك خلال ترشحها للمنصب في يوليو/تموز 2019.
لكن الخلافات في الرؤى وفي طريقة التعامل مع ملف الهجرة من قبل كل دولة أبقى الفكرة في أدراج البرلمان الأوربي سنوات طويلة قبل أن يتم إخراجها من جديد. وجاء ذلك على ضوء موجة المهاجرين غير الشرعيين التي عرفتها أوروبا خلال الأشهر الماضية من جهة واقتراب موعد الانتخابات الأوروبية المقررة في 9 يونيو/حزيران القادم من جهة أخرى.
فيما يلي بعض المعلومات لفهم معنى وأهداف الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء، وموقف الأحزاب الأوربية منه.
ماذا نقصد بالميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء؟
هو ميثاق تمت المصادقة عليه في 14 مايو/أيار 2024 من قبل الاتحاد الأوروبي بهدف محاربة الهجرة غير الشرعية وفرض مبدأ المساعدة والدعم بين جميع دول أعضاء الاتحاد.
سيدخل الميثاق حيز التنفيذ بشكل نهائي في 2026، لكن المفوضية الأوروبية قررت تقديم الخطوط العريضة في نهاية شهر يونيو/حزيران أي بعد الانتخابات الأوروبية.
يهدف الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء إلى إصلاح سياسة الهجرة داخل الاتحاد الأوروبي التي لاقت انتقادات عديدة ولاذعة من قبل بعض الحكومات القومية وأحزاب اليمين المتطرف التي اقتنعت بأن كل السياسات التي طبقت منذ الأزمة التي عرفتها أوروبا في 2015 و 2016 لم تأت بثمارها.
اقرأ أيضاالانتخابات الأوروبية: هل اليمين المتطرف على موعد مع اختراق تاريخي للبرلمان؟
جدير بالذكر أنه منذ العام 2000، يقع التعامل مع طلبات اللجوء والهجرة على عاتق الدول التي يصل إليها المهاجرون للمرة الأولى وذلك وفقا لمعاهدة دبلن.
ما جعل إيطاليا واليونان تواجهان تدفقا كبيرا للمهاجرين غير الشرعيين، يصلون إلى شواطئهما عبر قوارب "الموت". بالمقابل، غالبية الدول الواقعة شرق أوروبا كانت ترفض استقبال المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها إلى غاية اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا (في 24 فبراير/شباط 2024).
ماهي أهداف الميثاق؟
أولا: تشديد الرقابة على الحدود الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي
هذا يعني بأن دول الاتحاد الأوروبي ستفتح "مراكز احتجاز" أو استقبال المهاجرين قرب الحدود الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي وفي بعض المطارات للقيام بعمليات "الفرز".
يمكن لهذه المراكز استيعاب 30 ألف مهاجر وسيمولها الاتحاد الأوروبي والوكالة الأوروبية لللاجئين والوكالة الأوروبية لحرس الحدود وخفر السواحل (فرونتكس).
هدف عمليات الفرز هو تحديد هل يجب إبعاد المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية في حال تم رفض منحهم اللجوء. عملية الإبعاد لا يجب أن تتجاوز مدة زمنية قدرها 7 أيام. وسيتم خلال عملية الإبعاد أخذ بصمات أصابعهم وجميع بياناتهم الشخصية كالهوية وتاريخ ومكان الولادة إلخ.
أما بخصوص المهاجرين القابلين للحصول على حق اللجوء السياسي، فعليهم إيداع ملف كامل وانتظار الرد خلال مدة لا تتعدى 12 أسبوعا. وبعد نهاية هذه المدة المخصصة لدراسة الملفات، يمكن للمهاجرين الذين تحصلوا على جواب إيجابي دخول الفضاء الأوروبي.
ثانيا: تعزيز التضامن ما بين دول الاتحاد لمكافحة الهجرة غير الشرعية
في حال وصول عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين إلى بعض دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما المطلة على المتوسط، سيكون من حق المفوضية الأوروبية تفعيل ما تسمى "آلية التضامن" ما بين الدول الأعضاء.
اقرأ أيضانبض أوروبا: ما أسباب صعود اليمين المتشدد وما حظوظه في الانتخابات الأوروبية؟
وأمام دول الاتحاد خياران اثنان: إما استقبال جزء من المهاجرين وطالبي اللجوء على أراضيها أو منح مساعدة مالية للبلد المتضرر لبناء مراكز للإيواء في انتظار القيام بعمليات الفرز.
ويرغب الاتحاد الأوروبي بتوزيع طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين في المستقبل القريب على جميع دول الاتحاد. وأي بلد يرفض استقبال حصته من المهاجرين سيدفع غرامة مالية قيمتها 20 ألف يورو عن كل مهاجر. وفي هذا الصدد يتوقع أن تستقبل فرنسا 4000 شخص من بين 30 ألفا.
كما سيتم إنشاء صندوق تضامن ما بين دول الأعضاء لتقديم الدعم المالي لأي بلد يواجه أزمة مهاجرين.
ثالثا: تنسيق تطبيق الميثاق بين جميع دول الاتحاد
الهدف من ذلك هو التأكد من أن كل دولة تطبق نفس القوانين وتحترم جميع الإجراءات التي ينص عليها الميثاق، لا سيما فيما يتعلق بملف اللجوء السياسي وأن تكون نزيهة في معاملاتها مع ملفات طالبي اللجوء.
في هذا الصدد، إحدى مهمات وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء التي تأسست في يناير/تشرين الثاني 2022 خلفا للمكتب الأوروبي للجوء السابق، تتمثل في تقديم الدعم والاستشارة القانونية للدول التي تدرس ملفات اللجوء فضلا عن تدريب المتخصصين القانونين في هذا المجال.
رابعا: تسهيل عملية إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية
اقترحت المفوضية الأوروبية تكثيف الاتفاقيات مع البلدان الأصلية للمهاجرين لكي تسمح بعودة مواطنيها الذين لم تتم تسوية أوضاعهم الإدارية. بالمقابل، تعهدت المفوضية برفع عدد تأشيرات السفر للدول التي تستقبل مواطنيها المبعدين من أوروبا. وفق إحصاءات الاتحاد الأوروبي، تقدر نسبة المهاجرين غير الشرعيين الذين يعودون إلى أوطانهم الأصلية بنحو 21 بالمائة.
ما هو موقف الأحزاب الأوروبية المشاركة في الانتخابات من هذا الميثاق؟
رحبت أحزاب اليمين الجمهوري في أوروبا بهذا الميثاق وهي ترى فيه حلا ناجعا لأزمة الهجرة غير الشرعية.
أما الأحزاب القومية واليمينية المتطرفة، فهي تعتقد بأن الميثاق لن يحل مشكلة الهجرة لأنه يتسم بكثير من الليونة. فعلى سبيل المثال، اقترح حزب "التجمع الوطني" الفرنسي أن تتم دراسة ملفات طالبي اللجوء في السفارات والقنصليات الفرنسية المتواجدة في بلدانهم وأن لا يأتوا إلى فرنسا.
كما اقترح أيضا إبعاد كل المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى دول الاتحاد الأوروبي وعدم دراسة ملفاتهم أو استقبالهم، بشكل أوتوماتيكي. إضافة إلى هذا، اقترحت الأحزاب القومية المتطرف، لا سيما في المجر وسلوفاكيا وهولندا، فرض رقابة على مستوى الحدود الداخلية وليس الخارجية للاتحاد الأوروبي.
فهل ستغير نتائج الانتخابات الأوروبية المقررة الأحد المقبل مصير هذا الميثاق؟
طاهر هاني
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: المهاجرین غیر الشرعیین الانتخابات الأوروبیة دول الاتحاد الأوروبی المفوضیة الأوروبیة اللجوء السیاسی هذا المیثاق الهجرة غیر
إقرأ أيضاً:
المشاط تستقبل سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة بالقاهرة.
استقبلت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، السيدة/ أنجلينا أيخهورست، سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة بالقاهرة، والوفد المرافق لها، وذلك في أول لقاء بين الجانبين عقب توليها المنصب خلفًا للسفير/ كريستيان برجر، حيث شهد اللقاء مناقشة مختلف أوجه الشراكة الاقتصادية بين جمهورية مصر العربية والاتحاد الأوروبي، في إطار العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين.
وفي بداية اللقاء تقدمت الدكتورة رانيا المشاط بالتهنئة إلى السيدة/ أنجلينا أيخهورست على منصبها الجديد كسفيرة للاتحاد الأوروبي ورئيسة بعثتها لدى مصر وجامعة الدول العربية خلفًا للسفير كريستيان بيرجر، متمنية لها التوفيق في مهمتها، ومؤكدة على استمرارية التنسيق والتعاون من أجل وضع اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي موضع التنفيذ بما يعود بالنفع على الجانبين، وينتقل بالعلاقات الاقتصادية إلى آفاق أرحب.
وأكدت "المشاط" الأهمية الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي باعتباره أحد الشركاء الرئيسيين لجمهورية مصر العربية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لافتة إلى أن الاتحاد الأوروبي يعد داعمًا أساسيًا للعديد من المشروعات الحيوية التي تعزز من قدرة مصر على تحقيق أهدافها التنموية الشاملة والمستدامة.
وتطرقت الدكتورة رانيا المشاط، إلى التطور الكبير الذي شهدته العلاقة مع الاتحاد الأوروبي منذ بداية العام الجاري، بدءًا من انعقاد مجلس الشراكة المصرية الأوروبية، ثم الزيارة رفيعة المستوى للسيدة رئيسة المفوضية الأوروبية، وتوقيع الإعلان المُشترك للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وبعد ذلك انعقاد المؤتمر الاستثماري المصري الأوروبي، لافتة إلى الحزمة المالية التي تبلغ قيمتها 7.4 مليار يورو، في إطار الشراكة المصرية الأوروبية، لدعم مشروعات التنمية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي لضمان بيئة اقتصادية مستقرة وجاذبة للاستثمار، وتشجيع الاستثمار والتجارة بما يسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية، وتطوير أطر الهجرة والتنقل بما يضمن تبادل الخبرات والكوادر البشرية بشكل منظم ومفيد للطرفين، والتوسع في جهود تطوير رأس المال البشر.
كما أشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي إلى الجهود المبذولة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها ركيزة أساسية لدفع عجلة الاقتصاد، حيث تسهم هذه المشروعات في خلق فرص العمل وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال، ويشمل التعاون أيضًا دعم الطاقة المتجددة بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو الاستدامة البيئية، وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية التي تضمن توفير شبكة أمان اجتماعي للفئات الأكثر احتياجًا.
واستعرض الجانبان الموقف الحالي لتنفيذ المرحلة الأولى من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم عجز الموازنة MFA، حيث أكدت «المشاط»، ما قامت به الوزارة من تنسيق مع بعثات الاتحاد الأوروبي، والجهات الوطنية المعنية، من أجل الوقوف على الإصلاحات الهيكلية المنفذة، فضلًا عن الضمانات الاستثمارية المقرر أن يتيحها الاتحاد الأوروبي، والتي تُعزز استثمارات الشركات الأوروبية في مصر.
كما بحثا فُرص التعاون في ظل اتجاه الاتحاد الأوروبي لتطبيق الآلية الأوروبية لتعديل حدود الكربون CBAM، موضحة أن الحكومة تعمل على تعزيز التعاون مع شركاء التنمية من أجل تعزيز تنافسية الصادرات المصرية من خلال المنح والتي تعمل على دعم القطاع الصناعي من أجل التوافق مع تلك الآلية.
وأشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إلى العلاقات المستمرة مع المؤسسات المالية الأوروبية في مختلف مجالات التنمية، خاصة تمكين القطاع الخاص، وعلى رأس تلك المؤسسات بنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية، موضحةً أنه في إطار سعي البنك الدولي لتطبيق خطة إصلاح طموحة وتدشين منصة موحدة للضمانات، فيمكن أن تتعاون المؤسسات الأوروبية مع الوكالة الدولية لضمانات الاستثمار التابعة للبنك الدولي، من أجل توحيد الجهود التي تخلق المزيد من الآليات المبتكرة للقطاع الخاص في مصر.
من جانبها، وجهت سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة بالقاهرة، الشكر للدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على حسن الاستقبال، موضحة أن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ومصر تشهد تطورًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، وتعد نموذجًا للشراكات البناءة، متطلعة إلى العمل المُشترك من أجل مواصلة تطوير الشراكة الاقتصادية والبناء على ما تحقق.
جدير بالذكر أن محفظة التعاون الإنمائي الجارية مع الاتحاد الأوروبي تسجل 1.3 مليار يورو تشمل منحًا مالية، وتمويلات مختلطة، لتعزيز عدة قطاعات حيوية، تشمل النقل والبنية التحتية، الذي يعد شريانًا رئيسيًا لتعزيز الحركة الاقتصادية وربط المناطق المختلفة، وقطاع المياه الذي يهدف إلى تحسين الوصول إلى المياه النظيفة وتحقيق الاستدامة في الموارد المائية، والزراعة التي تسهم في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الإنتاج المحلي.