ما علاقة روسيا بفيلم وثائقي مزيف منسوب لتوم كروز عن أولمبياد باريس؟
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
(CNN)-- قال خبراء ومسؤولون غربيون، لشبكة CNN، إن آلة الدعاية المؤيدة لروسيا تكثف جهودها لتشويه سمعة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس المقرر تنظيمها الشهر المقبل، وكذلك تقويض الدعم الغربي لأوكرانيا من خلال سلسلة من الأعمال المثيرة الفجة عبر شبكة الإنترنت وخارجها.
وقالت المصادر إن تلك الأعمال شملت استخدام الذكاء الاصطناعي لانتحال صوت الممثل توم كروز وهو يعلق على فيلم وثائقي مزيف يهاجم اللجنة الأولمبية الدولية، ووضع توابيت عليها عبارة تستحضر الحرب الأوكرانية بالقرب من برج إيفل.
وحسبما قال خبراء يتتبعون المعلومات المضللة الروسية، لشبكة CNN، يبدو هذا النشاط جزء من جهد متزايد من جانب عملاء روس لتشويه الألعاب الأولمبية وإيقاف أي زخم لأوكرانيا يشأن استخدام أسلحة غربية الصنع لمهاجمة الأراضي الروسية.
يذكر أن اللجنة الأولمبية الدولية فرضت قيودا على مشاركة الرياضيين الروس في أولمبياد باريس بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقال الخبير السابق في الشؤون الروسية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، جافين وايلد، لـCNN، إن "هناك مزيجا من اليأس والانتهازية في موجة الدعاية الأخيرة".
حملة لتقويض الغرب
واستخدم العملاء الروس صوت كروز المزيف وشعار نتفليكس وحتى نقد مزيف لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية للفيلم الوثائقي المفبرك في محاولة لإضفاء المصداقية عليه، وفقا لمحللين في شركة مايكروسوفت، الذين أصدروا تقريرا، الأحد عن الفيلم المزيف.
وقالت مايكروسوفت إن الفيديو الدعائي، الذي تم نشره على تلغرام العام الماضي، كان "أول لمحة عما يمكن أن يكون حملة واسعة النطاق" من قبل نفس المصدر الروسي لتشويه أولمبياد باريس.
ووفقا لشركة مايكروسوفت، قامت الدعاية الروسية بتأليف قصص إخبارية مزيفة تدعي أن سكان باريس يقومون بالتأمين على ممتلكاتهم بسبب المخاوف من الإرهاب في فترة الألعاب الأولمبية، وكذلك نشر بيانات صحفية مزيفة يُزعم أنها صادرة عن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والمخابرات الفرنسية تحذر من الإرهاب.
وطلبت CNN تعليقًا من السفارة الروسية في واشنطن.
ولم تقتصر الحيل على الإنترنت فقط، فقد عثرت الشرطة الفرنسية، السبت، على 5 توابيت ملفوفة بالعلم الفرنسي، ومكتوب عليها عبارة "جنود فرنسيون في أوكرانيا"، بالقرب من برج إيفل.
وقال مسؤول عسكري فرنسي، لشبكة CNN، إنهم يشتبهون في تورط روسيا في هذه العملية، وتقوم الشرطة الفرنسية باستجواب 3 رجال فيما يتعلق بالحادث.
وأثار رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استبعاد إمكانية إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا غضب الحكومة الروسية.
وفي الأيام الأخيرة، نشرت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مؤيدة لروسيا أيضًا مقطع فيديو تم التلاعب به للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر وهو يعلق على احتمال استخدام أوكرانيا لأسلحة أمريكية الصنع في روسيا.
ويبدو أن الفيديو تم تجميعه من ظهورين مختلفين لميلر، يظهران فيه وهو يرتدي ربطات عنق مختلفة.
وليس من الواضح من الذي صنع الفيديو، ولم يعلن المسؤولون الأمريكيون والخبراء عن هوية مصدر الفيديو.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان: "على الرغم من أن هذا الفيديو مزيف بشكل واضح، إلا أنه يمثل خطوة نحو ما حذر منه الباحثون في مجال مكافحة التضليل، وهو استخدام وسائل الإعلام التي يتم التلاعب بها بواسطة الذكاء الاصطناعي لتعزيز عمليات التضليل الأجنبية".
وشاركت السفارة الروسية في جنوب إفريقيا نسخة من الفيديو عبر منصة إكس (تويتر سابقا)، وفقا للقطات التقطها صحفي من شبكة BBC.
وقال الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، هاني فريد، إن الفيديو يحمل سمات التلاعب باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وقام فريد بتحليل الفيديو من خلال أنظمة متعددة للكشف عن التزييف العميق و وجد أن الأصوات في الفيديو تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي وأن حركات شفاه المتحدث باسم وزارة الخارجية في الفيديو قد تم تغييرها باستخدام برنامج الذكاء الاصطناعي لمزامنة الشفاه.
وذكر فريد: "حتى لو لم يصدق الجميع هذا التزييف، فإن الاستخدام المكثف للتزييف العميق سيؤدي إلى التشكك في كل ما نراه عبر الإنترنت".
وفي المقابل، أعرب الخبير لي فوستر عن شكوكه في أن الصور الموجودة في الفيديو تم التقاطها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وقال فوستر، لشبكة CNN: "بالنظر إلى الأمر من وجهة نظر تحليلية، ليس من المنطقي استخدام الذكاء الاصطناعي للتعامل مع حركات الفم بحيث تكون متطابقة بشكل أساسي مع الحركات الأصلية، ومع ذلك، يظل تلاعب الذكاء الاصطناعي بصوت الفيديو سؤالًا لم يتم حله".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: إيمانويل ماكرون الأزمة الأوكرانية الحكومة الروسية الحكومة الفرنسية وكالة الاستخبارات الأمريكية استخدام الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
العالم في عصر الذكاء الاصطناعي الفائق
أعلنت شركة أوبن إيه آي (OpenAI) منذ تأسيسها في سان فرانسيسكو عام 2015 أن هدفها الرئيسي يتمثل في تطوير ذكاء اصطناعي عام (AGI) وآمن يحاكي ذكاء الإنسان، ويفيد البشرية جمعاء، لكنها لم تتحدث عن موعد إنجاز ذلك حتى فترة قريبة.
في شهر يوليو/تموز 2024، تحدثت أوبن إيه آي عن تصنيف الذكاء الاصطناعي ضمن 5 مستويات، هي:
المستوى الأول: الذكاء الاصطناعي التحاوري (Conversational AI)يشير هذا المستوى إلى التقنيات التي تُمكّن الآلات من فهم ومعالجة لغة البشر والحوار معهم بطريقة طبيعية وسياقية، ومساعدتهم في إنشاء المحتوى الخاص بهم. يشمل ذلك روبوتات الدردشة، والمساعدات الافتراضية، وأدوات أخرى مصممة للتفاعل مع المستخدمين من خلال النص أو الصوت أو كلاهما معا.
تتوافر حاليا عدة برمجيات تقع ضمن هذا المستوى، ولكن بدرجات متفاوتة من حيث الهدف وطبيعة الاستخدام، منها شات جي بي تي من أوبن إيه آي، وأليكسا من أمازون، وكوبايلوت من مايكروسوفت، وسيري من آبل، وجيميناي من غوغل، وواتسون من آي بي إم، إلخ. المستوى الثاني: الذكاء الاصطناعي المنطقي (Reasoning AI)
يشير هذا المستوى إلى الأنظمة الذكية المصممة لمحاكاة التفكير المنطقي واتخاذ القرارات بشكل مشابه للبشر. يتضمن ذلك استخدام خوارزميات لحل المشكلات، واستخلاص الاستنتاجات، واتخاذ القرارات بناءً على البيانات والقواعد المعطاة. بدأت بعض الشركات حديثا بتجريب تقنيات تعتبر ضمن المراحل الأولى لهذا المستوى، مثل "o1" من أوبن ايه آي. المستوى الثالث: الذكاء الاصطناعي المستقل (Autonomous AI)
يشير هذا المستوى إلى الأنظمة القادرة على أداء المهام واتخاذ القرارات بشكل مستقل دون تدخل بشري. تستخدم هذه الأنظمة التعلم الآلي الذاتي، والاستدلال المنطقي، والإدراك للتكيف والاستجابة لبيئتها بشكل ديناميكي. يمكن لهذه الأنظمة العمل كوكيل (Agent) مستقل نيابة عن المستخدم، كممارسة عمله أثناء إجازته.
تعمل العديد من الشركات للوصول إلى هذا المستوى، لكنها لم تبلغه بعد بشكل كامل. أبسط الأمثلة على ذلك هو السيارات ذاتية القيادة عندما تصل إلى مستوى لا يتطلب مراقبة بشرية لعملها. المستوى الرابع: الذكاء الاصطناعي الابتكاري (Innovating AI)
يشير هذا المستوى إلى الأنظمة الذكية القادرة على استكشاف وابتكار وتطوير أفكار أو منتجات أو حلول جديدة بشكل مستقل. يستخدم التفكير الناقد في هذا المستوى لتطوير الأعمال وتحقيق الأهداف بكفاءة عالية. يمثل بلوغ هذا المستوى قفزة هائلة في قدرات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، تقربه من الذكاء الاصطناعي الفائق. المستوى الخامس: الذكاء الاصطناعي التنظيمي (Organizational AI)
يشير هذا المستوى الأخير إلى ذكاء اصطناعي فائق (Superintelligence) قادر على أداء عمل منظمة أو مؤسسة بأكملها أي يقوم بأعمال كل شخص لدى المنظمة أو المؤسسة، وكل وظيفة يتم تنفيذها، وذلك بواسطة وكلاء آليين يعملون معا، ويجرون التحسينات، ويديرون كل ما هو مطلوب دون الحاجة لوجود إنسان.
لا يكتفي الذكاء الاصطناعي التنظيمي بإدارة أعمال المنظمة أو المؤسسة بأكملها فقط، بل ويحسن ويعزز العمليات التجارية واتخاذ القرارات من خلال تحليل البيانات، والتوصل إلى رؤى تدعم التخطيط الإستراتيجي وتحسن كفاءة العمل.
في سبتمبر/أيلول 2024، صرح سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، أن تحقيق الذكاء الاصطناعي الفائق الذي يتفوق على البشر في جميع المجالات، قد يكون ممكنا في غضون "بضعة آلاف من الأيام"، أي بضع سنوات.
لا يكتفي الذكاء الاصطناعي التنظيمي بإدارة أعمال المنظمة أو المؤسسة بأكملها فقط بل يحسن ويعزز العمليات التجارية واتخاذ القرارات (غيتي إيميجز) الذكاء الاصطناعي العام في 2025في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أجرى جاري تان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لحضانة الشركات الناشئة واي كومبينيتور (Y Combinator)، مقابلة مع سام ألتمان، سأله فيها "ما الذي أنت متحمس له في عام 2025؟" "ماذا سيأتي؟"
أجاب ألتمان على الفور: "الذكاء الاصطناعي العام". "أنا متحمس لذلك".
هل هذا واقعي؟في مارس/آذار 2023 وبعد مدة وجيزة من إطلاق شات جي بي تي 4، تم إخضاعه للعديد من الامتحانات المطلوبة للقبول في الجامعات الأميركية أو لممارسة الأعمال، حيث أحرز فيها نتائج جيدة. ففي اختبار سات (SAT) الذي تعتمده الجامعات الأميركية للقبول، حصل في قسم القراءة والكتابة المستندة إلى الأدلة (Evidence-Based Reading & Writing) على درجة 710 من 800، أي حقق درجة أفضل من 93 بالمئة من الأشخاص الذين تقدموا لهذا الاختبار.
وحصل في قسم الرياضيات (Math) على درجة 700 من 800، محققا بذلك درجة أفضل من 89 بالمئة من الأشخاص الذين تقدموا لهذا الاختبار. وحصل بالمجمل على 1410 درجات من أصل 1600، مما يؤهله للقبول في جميع الجامعات الأميركية بما فيها جامعات النخبة (مثل هارفارد وستانفورد)، التي تتطلب عادة درجات أعلى من 1400.
وفي اختبار القبول في كلية الطب (MCAT) حصل على 511 درجة من أصل 528، وكان أداؤه أفضل من أداء 80 بالمئة من الأشخاص الذين تقدموا لهذا الامتحان. وكانت درجته تؤهله للقبول في أرقى الكليات التي تتطلب 510 درجات على الأقل. وأحرز شات جي بي تي 4، درجة قدرها 297 في امتحان نقابة المحامين الأميركيين الموحد (UBE)، الذي يؤهل المحامين لممارسة المهنة، وهي نتيجة تتجاوز الحد الأدنى المطلوب للنجاح في كافة الولايات الأميركية، مع العلم أن الحد الأدنى للنجاح في ولاية أريزونا هو الأعلى بين كافة الولايات الأميركية ويبلغ 273 درجة من 400.
وجاء أداؤه أفضل من أداء 90 بالمئة من الأشخاص الذين تقدموا لهذا الامتحان. هذه النتائج لا تعني أن مستوى ذكائه أصبح قريبا من ذكاء البشر، إذ لا يزال لديه العديد من نقاط الضعف وخاصة في مجال المنطق (reasoning)، وذلك ما حاولت أوبن إيه آي تحسينه في إصدارتها الحديثة "o1″، كما أنها تبذل جهودا كبيرة حاليا لتطوير القدرات المنطقية في إصدارات العام المقبل.
وفق المستويات الخمسة التي حددتها أوبن إيه آي، يمكن القول إن المستوى الذي يؤهل للذكاء الاصطناعي العام، هو المستوى الثاني، أي الذكاء الاصطناعي المنطقي. أما المستويات التي تتجاوز ذلك (الذكاء الاصطناعي المستقل والابتكاري والتنظيمي) فتمثل خطوات متقدمة نحو الذكاء الاصطناعي الفائق (ASI)، متجاوزة قدرات الذكاء الاصطناعي العام الأساسية.
إذا نجحت أوبن إيه آي في مسعاها لتطوير القدرات المنطقية للذكاء الاصطناعي لمنتجاتها خلال عام 2025، فيمكننا القول إننا بلغنا المستوى الأساسي للذكاء الاصطناعي العام، وفق اختبار آلان تورينغ (المتعارف عليه حاليا) الذي يقيس قدرة الآلة على محاكاة السلوك البشري في الحوار، بحيث لا يستطيع الشخص معرفة إن كان يتفاعل مع إنسان أو آلة.
التحذير من أخطار تفوق الذكاء الاصطناعي على البشر ليست بالجديدة (غيتي) هل العالم جاهز للذكاء الاصطناعي العامفي أكتوبر/تشرين الأول 2023 وخلال مناقشة عامة تتناول مستقبل الذكاء الاصطناعي، قال سام ألتمان: "إذا لم نبنِ بنية أساسية كافية، فسيكون الذكاء الاصطناعي العام متاحا لعدد قليل من الناس، مما قد يشعل الحروب، ويصبح في الغالب أداة بيد الأثرياء".
التحذير من أخطار تفوق الذكاء الاصطناعي على البشر ليست بالجديدة. ففي مقابلة مع بي بي سي عام 2014، قال عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ: "تطوير الذكاء الاصطناعي الكامل يمكن أن يؤدي إلى نهاية الجنس البشري". أما إيلون ماسك فيعتقد أن هذا الاحتمال هو 20 بالمئة فقط، لكن يجب علينا أن نفعل ذلك على أي حال، حسب رأيه.
أما عالم الحاسوب الكندي الحائز جائزة تورنغ عام 2018 والذي يعتبر أحد آباء الذكاء الاصطناعي، يوشوا بينجيو فقال عن الذكاء الاصطناعي "نحن نخلق وحوشا أقوى منا".
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مرارا من خطورة استخدام الأسلحة الذكية التي تعمل تلقائيا قائلا "استهداف البشر بواسطة آلات مزودة بذكاء اصطناعي مستقل هو خط أخلاقي لا يجب تجاوزه".
وما يؤكد الشكوك في احتمال استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير أسلحة ذاتية العمل هو ما أعلنته شركة ميتا أوائل هذا الشهر من أنها ستسمح لوكالات الأمن القومي الأميركية ومقاولي الدفاع باستخدام نموذج الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر لاما (Llama) الذي طورته.
أخيرا، وفي أثناء مناقشة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي جرت عام 2017، قال فلاديمير بوتين: "من سيتربع على عرش الذكاء الاصطناعي سوف يحكم العالم".
الذكاء الاصطناعي العام والفائق على الأبواب، وسوف يجعل من يمتلكه قادرا على القيام بأشياء تبدو خيالية حتى الآن. وقد تقوم الحروب من أجله، وقد ينتهي في أيدي فئات قليلة من أصحاب النفوذ، ما لم يتغير النظام العالمي الراهن.