أمر العبادة - كل العبادة - مبناه على تعظيم الله جل وعلا، وتعظيم شعائره، وإذا كان هذا هو المقصود من تنفيذ أوامر الله تعالى، فإن هذا أيضا هو المعين على تنفيذها، والناظر في الآيات التي تتكلم عن الذبائح سواء كانت هديا في حق الحاج أو أضحية في حق غيره، يجد قول الله تعالى في ختام الحديث عنها: "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم.
فدعونا من هؤلاء وأولئك الذين اشتروا الدنيا بالآخرة مهما علا صوتهم وذاع صيتهم وصاروا تكوينا شيطانيا يناصب الله ورسوله العداء، ويخاصم الثقافة العربية والثوابت الدينية، ولننظر إلى عطاء الله تعالى للمسلمين في يوم عرفة: "ارجعوا عبادي مغفورًا لكم ولمن شفعتم له"، كما نرى أن الأضحية فيها توسعة على المسلمين وتقوية للتكافل والتواد بينهم، ما يجعل المجتمع المسلم نسيجا واحدًا، القادر فيه يقف بجانب الضعيف، والغنى يعطى الفقير، وهذا هو لب الشريعة ومقصدها، وتقوية لمبدأ التواد والتراحم بين المسلمين جميعا، بل بين المسلمين وغيرهم.
ومن أحب العبادات إلى الله: عبادة إطعام الطعام، فإن شريعة الإسلام لا تعرف ذلك المجتمع الذي يموت بعض أبنائه شبعا وتخمة، بينما يموت البعض الآخر جوعا، وإنما تعنى بأن يتقاسم الناس فى المجتمع الواحد كل شيء حتى الشدائد، وفى ذلك يقول نبينا - صلى الله عليه وسلم ـ فى معنى الحديث: "ليس منا من بات شبعانا وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم"، فإذا كانت الأضحية التي هي من السنن المؤكدة التي تؤدى بعد صلاة عيد الأضحى وحتى انتهاء أيام التشريق، فقد جعل لها رسول - صلى الله عليه وسلم - فقها خاصا، حيث أمر أصحابه أن يأكلوا من لحوم الأضاحي ويتصدقوا ولا يدخروا فوق ثلاث، فلما كان العام القادم ذكروا له ذلك وما فيه من المشقة عليهم، فقال لهم: "كلوا وتصدقوا وادخروا".
فهو فقه إذاً وتناغم مع الواقع وتبصر بحال الناس ومراعاة لأوقات الحاجة، فما أحوجنا في أيامنا هذه إلى أن نعظم الله سبحانه وتعالى ونمتثل أمره وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم وأن نطبق الشرع الشريف تطبيقا واعيا يعرف المرادات الشرعية ويمتثل المقاصد الفقهية، فليس من المروءة ولا من الدين أن يتحجج الذى اعتاد على ذبح الأضحية بارتفاع ثمنها فيمتنع عن الذبح، بل علي القادر أن يتوسع فى أضحيته مراعاة لأحوال الناس التى لا تأكل اللحم إلا فى العيد، ولبيان تعظيم الله لشعائره التى منها الأضحية، قال تعالى مخاطبا أمة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم -: "ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ " آية 32 من سورة الحج.
اللهم ارزقنا حج بيتك واهدنا صراطك المستقيم، واحفظ مصرنا، وأدم أمننا، واجمع على الحق شملنا.. اللهم آمين.
[email protected]
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
دعاء قبل الأكل.. ماذا كان يقول الرسول قبل تناول الطعام؟
دعاء قبل الأكل من السنن النبوية التي حثّ عليها الإسلام، لما فيها من بركة وتذكير بنعمة الله، حيث تعزز هذه الأدعية الشعور بالامتنان وتقرب العبد من ربه سبحانه وتعالى، وترصد «الوطن» في السطور التالية، دعاء قبل الأكل من السنة النبوية.
أوضحت دار الإفتاء المصرية في فتوى لها حول دعاء قبل الأكل أنه من المستحب أن يقول المسلم قبل الأكل: «بِسْمِ الله»، اتباعًا لحديث النبي محمد ﷺ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ»، كما يُستحب الدعاء بعد الانتهاء من الطعام، حيث قال النبي ﷺ: «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
ولفتت الإفتاء إلى أن هذه الأدعية تُعزِّز الشعور بالامتنان وتُذكِّر المسلم بنعم الله عليه، كما تُسهم في زيادة البركة في الطعام، وتُعدُّ هذه الممارسات جزءًا من الآداب الإسلامية التي تهدف إلى تعزيز الروابط الروحية بين المسلم وربه في جميع جوانب الحياة اليومية.