الغاز المنزلي من الأزمات المصدرة إلى الاستقرار التمويني
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
منذ عام تقريباً .. انتهت كافة مظاهر أزمات الغاز المنزلي التي استمرت لثماني سنوات دون توقف، وبعكس ما حدث من ماس ناتجة عن شحة هذه المادة التي كادت أن تفجر صراعات متعددة في أوساط المجتمع، وأودت بحياة عدد من المواطنين نتيجة التنازع عليها في الأحياء السكنية في المدن، وكذلك في المناطق الريفية، وسط تغذية وسائل إعلام المرتزقة لكافة مظاهر الأزمة المصدرة من إدارة عمليات الإنتاج في صافر بمحافظة مأرب إلى مناطق سيطرة صنعاء، فاليوم نتحدث عن معادلة اقتصادية فرضتها الشركة اليمنية للغاز في العاصمة صنعاء خلال عام ثبتت من خلال الاستقرار التمويني لمادة الغاز وتمكنت من تنظيم السوق بشكل مدروس، وعملت على توسيع خدماتها في مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى، بل قادت عملية تحول درماتيكي كبير في عدة جوانب أكان البنى التحتية لقطاع الغاز المنزلي أو التوسع في تأسيس محطات خدمية نموذجية في المحافظات أو ما يتعلق بجودة الخدمات وسهولة الحصول على الغاز المنزلي على مدى الساعة .
فالكثير من عوامل الاستقرار والإنجاز التي حققتها شركة الغاز الوطنية في العاصمة صنعاء تجلت بوضوح خلال عام، ما عكس جهوداً كبيرة بذلت من قبل القائمين على إدارة الشركة ، كشفت مدى استغلال الأطراف الموالية للعدوان لحاجة اليمنيين لهذه المادة الاستراتيجية خلال السنوات الماضية والتي استخدمت كأداة من أدوات الحرب الاقتصادية ضد صنعاء ووسيلة من وسائل فرض العقاب الجماعي على الملايين من اليمنيين، فقد تعاملت إدارة صافر مع المستهلك في صنعاء بعدائية شديدة وضاعفت معاناتهم مع سبق الإصرار ثماني سنوات، مختلقة العديد من الذرائع والمبررات الواهية ليتسع أضرار أزمات الغاز المنزلي على نطاق واسع، بل إن هذه الأزمات المدارة من مأرب كادت أن تهلك الحرث.
وهنا نتذكر تصاعد تحذيرات خبراء البيئة قبل عام من اليوم، جراء الاحتطاب الجائر من قبل المواطنين والذي تسبب بضغوط كبيرة على الغطاء النباتي ونتج عن ذلك اتساع نطاق التصحر في المناطق الساحلية، وضاعف مخاطر السيول جراء اقتطاع الأشجار المعمرة في الأودية والسهول، وامتد ضرر تلك الأزمات التي استمرت لثماني سنوات دون توقف إلى المراعي التي انحسرت ما أدى إلى تراجع العديد من الأنشطة الهامة كتربية المواشي وإنتاج العسل، ما سبق ليس كل الأضرار الناتجة عن استغلال الغاز المنزلي وتحويله إلى ورقة ضغط اقتصادية ضد ٢٤ مليون يمني يعيشون في المحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، خاصة وأن هذه المادة الاستراتيجية تعددت استخداماتها ولم تعد تتعلق بطهي الطعام وان كانت الأهم، بل أصبحت مصدر وقود هام يستخدمها معظم العاملين في قطاع النقل الداخلي وكذلك في المطاعم والمقاهي والبوفيهات والمخابز، وكذلك العاملين في معامل إنتاجية، ولأهمية هذه المادة كان الحصول عليها هم جمعي يتشارك فيه الجميع طبلة تلك الفترة، فكانت من مظاهر أزمات الغاز المصدرة من أدارة صافر طوابير طويلة للنساء والأطفال في الشوارع والإحياء السكانية والسوق السوداء والتلاعب الكبير من قبل ضعاف النفوس، وكذلك طوابير خاصة بملاك وسائل النقل التي تعمل بالغاز .
لذلك لم تجد صنعاء خيار آخر لمواجهة هذه الآزمة الناتجة عن العبث بالموارد السيادية من قبل المرتزقة بعد أن استخدمت السلطات النافذة المستحوذة على قطاع صافر ومنشاة الغاز كافة الأساليب الكفيلة باستمرار أزمات الغاز في مناطق سيطرة صنعاء تحت مختلف الذرائع تارة باسم تراجع معدل الإنتاج تحت مبرر عدم الصيانة لمعامل الإنتاج وبالتالي خفض حصة هذه المحافظات التي تتسم بالكثافة السكانية وتارة أخرى باسم القطاعات القبلية التي كانت تستخدم لقطع الإمدادات لأسابيع ولم يتم الاستجابة لدعوات تأمين، وتحييد خطوط الإمداد الرئيسية لمقطورات الغاز المنزلي القادم من صافر، وكذلك محاولات حكومة المرتزقة فرض أسعار بيع لصنعاء تفوق أسعار الغاز البترولي في الأسواق الدولية، لذلك لم يكن هناك بديل سوى دراسة افضل البدائل الكفيلة بتأمين السوق المحلي من مادة الغاز المنزلي بشكل دائم بما يضمن أنهاء مظاهر الأزمة ويحقق الاستقرار التمويني المستدام .
وعندما اتجهت صنعاء لاستيراد الغاز المنزلي من مصادر خارجية كان ردة فعل الطرف الآخر كبيرة، بل يمكن وصفها بالهيستيرية، ليس لأنها فقدت سوقاً قوامه ٢٤ مليون مستهلك بل لأنها فقدت أحد أدوات الضغط في صنعاء، فتم تغطية احتياجات السوق من الأسواق الدولية بأسعار أقل من الأسعار التي كانت مفروضة من منشأة صافر وبكميات تغطي الاحتياج العام ليسود الاستقرار في مادة الغاز، واليوم بعد عام من الانتقال إلى هذه الخطوة تعيش الأسواق حالة استقرار دائم بالغاز المنزلي الذي يستورد وفقا لمواصفات عالمية ويقدم للمواطن بأسعار موحدة في الريف والحضر.
وعوضاً عن مظاهر الأزمات المصدرة من مناطق سيطرة مارب، يشاهد المواطن اليوم مظاهر جديدة تعكس حالة الاستقرار التمويني الذي تشهده أسواق العاصمة صنعاء، فالكثير من المحطات الخاصة ببيع الغاز التي تعمل على مدى ٢٤ ساعة في كافة شوارع وأحياء العاصمة صنعاء منتشرة بشكل منظم وتعمل وفق معايير الأمن والسلامة وتعمل بتراخيص رسمية من قبل الشركة، يضاف إلى أنها تمكنت من تنظيم السوق وإنهاء الاحتكار من قبل الوكلاء، ووضعت اشتراطات تضمن عدم التلاعب بالأوزان وتحمي المستهلك، وعلى مدى الأشهر الماضية نفذت شركة الغاز بصنعاء مشروع إنشاء وتشغيل المحطات
النموذجية لبيع مادة الغاز بالشكل المباشر سواء للسيارات أو للمواطنين في كافة المحافظات، لتغطية احتياج المجتمع من الغاز المنزلي، والحد من أي تلاعب من قبل الوكلاء
سواء بالقياس أو بالأسعار أو إخفاء مادة الغاز، وعملت الشركة على توسيع نطاق خدماتها أكان من خلال المحطات النموذجية أو من خلال اعتماد نقاط بيع تحت إشرافها تعمل في الأحياء السكنية لضمان تسهيل حصول المواطنين على هذه المادة وفق معايير الأمن والسلامة.
قبل عام وجه رئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير الركن، مهدي المشاط، الشركة اليمنية للغاز بالاتجاه لاستكمال إنشاء محطات التعبئة المركزية للغاز المنزلي في مختلف المحافظات بهدف تقديم مادة الغاز بسهولة ويسر للمواطنين وبأقل تكلفة، يضاف إلى توجيه أخر تمثل بوضع دراسة لإنشاء مصنع لصناعة وصيانة أسطوانات الغاز وكذلك إنشاء ورشة صيانة مركزية، اليوم نتحدث عن إنشاء منشاة الغاز الدائم في ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة بتمويل ذاتي، هذا المشروع الاستراتيجي الهام الذي جاء تنفيذاً لتوجيهات الرئيس المشاط، سيسهم في تخزين كميات كبيرة من الغاز المستورد من الأسواق الدولية من جانب، وكذلك سيسهم في سرعة تفريغ ناقلات الغاز وشحن الغاز عبر المقطورات بسرعة أكبر وفترة زمنية أقل وبسلاسة دون تأخير، يضاف إلى أن المشروع يتضمن إنشاء ساحات انتظار وورش صيانة وساحة دخول وخروج للقاطرات ومعاشق تعبئة وساحات انتظار احتياطية ومرافق خدمية آخري .
سيسهم في تخزين المشتقات النفطية والحد من كمية العجز الناتج في مادة الغاز بما يكفل استمرار تقديم الخدمات للمواطنين وتلبية احتياجاتهم، وفي إطار خطة الشركة سيتم التوسع في سعة التخزين بالمنشأة لتصل إلى نحو 250 الف طن و24 معشق تعبئة والتي معها ستعمل على التغطية الكاملة لاحتياجات المحافظات من مادة الغاز.
وبخصوص مصنع صناعة وصيانة أسطوانات الغاز، تم ترجمة التوجيهات إلى واقع خلال فترة زمنية قياسية من قبل الشركة، يضاف إلى أن مهام صيانة الأسطوانات التالفة أو التي تشكل خطورة على حياة المستهلكين تمضي بوتيرة عالية، بعكس ما كان خلال سنوات العدوان والحصار وما حدث من ممارسات انتهازية من قبل سلطات حزب الإصلاح في مأرب.
ولا ننسى أن مهام الصيانة تحتاج جهدة كبيراً نظراً الارتفاع التراكمي الكبير لأعداد الأسطوانات التالفة، فخلال السنوات الماضية تحولت أسطوانات الغاز التي لا يخلو منزل يمني من وجودها إلى قنابل موقوتة بسبب توقف الصيانة الدورية التي كانت تقوم بها شركة الغاز قبل العام ٢٠١٦م، ورغم اقتطاع أدارة صافر مبلغ مالي على كل لتر وعلى كل أسطوانة باسم الصيانة لم تقم الشركة باي أعمال صيانة، بل صادرت تلك الأموال التي كانت تودع في حساب خاص بالصيانة، ونتيجة تجاهل الشركة في صافر للصيانة في بلد تشير الإحصائيات إلى أن إجمالي الأسطوانات التالفة فيها يبلغ نحو ١٢ مليون أسطوانة، تصاعدت الحوادث المأساوية في عدد من المحافظات نتيجة تسرب أسطوانات الغاز أو انفجارها، ما أدى إلى وفاة العشرات وإصابة المئات سنوياً بحريق من الدرجات الأولى والثانية جراء حوادث الغاز، وخلال الفترة ٢٠١٦-٢٠١٩ ، سجلت الأجهزة الأمنية نحو ١٢٠٠ حادثة ما بين حريق وانفجار ناتج عن أسطوانات غاز تالفة، نتج عنها وفاة ٢٥٠ من النساء والأطفال، ورغم تصاعد المطالب حينها بضرورة شروع الشركة بإجراءات الصيانة إلا أدارة صافر لم تستجيب لتلك النداءات الإنسانية، وحتى العام ٢٠٢١ تم استئناف برنامج الصيانة في العاصمة صنعاء، كخطوة أعقبتها عدة خطوات حتى تم إنشاء مصنع لصناعة وصيانة أسطوانات الغاز، والخطوة الأهم هي اهتمام شركة الغاز في العاصمة صنعاء خلال الفترة الماضية بصيانة أسطوانات الغاز ، ما أدى إلى تراجع تلك الحوادث المؤسفة .
يمكن القول إن ما تحقق في سبيل البنى التحتية للغاز في مناطق سيطرة حكومة صنعاء خلال عام فقط يساوي ما حققته الشركة على مدى عشرين عاماً بل يزيد، خاصة إذا علم القارئ أن شركة الغاز اليمنية طيلة العقود الماضية لم تبن خزانات مركزية للغاز، وظلت تدير الغاز في اليمن من مبنى مستأجر ، وتعمل تحت رحمة عدد من الوكلاء الذين وضعوا عمليات الشركة تحت رغباتهم واحكموا سيطرتهم على السوق ومارسوا احتكار القلة في ظل غياب أي منافسة شريفة بشتى الأساليب.
، وبعكس الماضي تعمل الشركة اليوم على تحقيق التنافس الشريف في هذا السوق أمام كل الراغبين في الاستثمار في مجال تقديم خدمات الغاز تحت إشرافها ووفق شروط السلامة والأمان .
الحديث يطول عن ما تحقق خلال عام في هذا المجال، ولكن الأهم هو وقوف المواطن إلى جانب الشركة في الإبلاغ عن أي اختلالات تمارس من أي وكيل أو أي مقدم خدمة، لتواصل دورها في ضبط الانحرافات والحفاظ على الاستقرار التمويني بما يضمن استمرار خدماتها بسهولة ويسر وجودة وأمان.
والله من وراء القصد .
خبير اقتصادي
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
محافظ البنك المركزي:احتياطيات العملة الأجنبية تتجاوز 140% من العملة المصدرة
آخر تحديث: 31 أكتوبر 2024 - 9:24 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- كشف محافظ البنك المركزي علي العلاق، الخميس، عن قيمة الاحتياط النقدي الذي يمتلكه العراق.وقال العلاق خلال أعمال اليوم الثاني من ملتقى “ميري 2024” في أربيل، إنه “لا يمكن اختزال دور البنك المركزي من خلال النظرة الى نافذة بيع العملة فقط”، مؤكداً أن “البنك المركزي يمثل ركناً اساسياً من اركان الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلد”.وأضاف إن “العراق بدأ في 2003 من احتياطيات مقدارها لا شيء”، مستدركاً: “لدينا الان أكثر من 100 تريليون دينار في التداول، واحتياطيات العملة الأجنبية تتجاوز 140% من العملة المصدرة، ما يشكل ضمانة كبيرة للاستقرار النقدي”.وتابع العلاق: “رخصنا 16 شركة للدفع الالكتروني، والبنك المركزي يعكف على ترخيص مصارف رقمية”، لافتاً الى أن “البنك المركزي يقوم بإنشاء شركة وطنية تتولى تنظيم الدفع الالكتروني، باستخدام افضل التقنيات والأساليب، وهي وصلت الى مراحل متقدمة”.وأوضح: “لدينا خطة لإصلاح المصارف الحكومية وخطة لإصلاح المصارف الاهلية، وفي السنة القادمة سنشهد تحولات كبيرة في المصارف الحكومية واعادة هيكليتها، او بالنسبة للمصارف الخاصة يعاد ترخيصها الى أسس ومعايير الحوكمة والشفافية وتكون منسجمة مع المعايير الدولية”.ورأى العلاق أن “نحو 40% من البنوك في العالم تمارس دور التحفيز المباشر للاقتصاد، والعراق من بين هذه البنوك”، منوهاً الى أن “مواجهة العجز المالي في الموازنة يكون عبر الدين العام، وهذا الامر يحتاج الى سيطرة متأتية من هيكل المالية العامة للدولة”.وأشار الى أن “يأتي من العجز، والعجز الكبير في الموازنة يأتي من ارتفاع النفقات بشكل مستمر ولا يقابله نمو في الايرادات، وخاصة الايرادات المحلية”.ولفت العلاق الى أن “أصبحت هنالك نفقات ملزمة وغير مرنة في الموازنة العامة للدولة، ولازال العراق يعتمد على الايرادات النفطية لتغطية نفقاته بشكل كلي تقريباً، وأي تذبذب في سعر النفط يؤثر على تغطية النفقات”، وفقاً للعلاق الذي رأى أن ذلك “يؤشر وجود خلل هيكلي في بنية الاقتصاد العراقي”.وبالنسبة للتضخم، قال انها “كانت في عام 2023 نحو 7.5% لذا كان لابد للبنك من أن يعمل على سحب جزء من الكتلة النقدية لتقليل التضخم”.وتابع العلاق أنه “في عام 2020 كان حجم الكتلة النقدية 46 تريليون دينار وقفز في نهاية 2023 الى 100 تريليون دينار“.وذكر محافظ البنك المركزي أن “مستوى الكتلة النقدية خلال سنة لم يرتفع، وبقي على حاله، وهذا يدلل على أن هذه الفائدة قد حققت الهدف منها”، كاشفاً عن أن “الدين الخارجي هو أقل من 20 مليار دولار”.