منذ عام تقريباً .. انتهت كافة مظاهر أزمات الغاز المنزلي التي استمرت لثماني سنوات دون توقف، وبعكس ما حدث من ماس ناتجة عن شحة هذه المادة التي كادت أن تفجر صراعات متعددة في أوساط المجتمع، وأودت بحياة عدد من المواطنين نتيجة التنازع عليها في الأحياء السكنية في المدن، وكذلك في المناطق الريفية، وسط تغذية وسائل إعلام المرتزقة لكافة مظاهر الأزمة المصدرة من إدارة عمليات الإنتاج في  صافر  بمحافظة مأرب إلى مناطق سيطرة صنعاء، فاليوم نتحدث عن معادلة اقتصادية فرضتها الشركة اليمنية للغاز في العاصمة صنعاء خلال عام ثبتت من خلال الاستقرار التمويني لمادة الغاز وتمكنت من تنظيم  السوق بشكل مدروس، وعملت على توسيع خدماتها في مختلف  المحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى، بل قادت عملية تحول درماتيكي كبير في عدة جوانب أكان البنى التحتية لقطاع الغاز المنزلي أو التوسع في تأسيس محطات خدمية نموذجية في المحافظات أو ما يتعلق بجودة الخدمات وسهولة الحصول على الغاز المنزلي على مدى الساعة .


فالكثير من عوامل الاستقرار والإنجاز التي حققتها شركة الغاز الوطنية في العاصمة صنعاء تجلت بوضوح خلال عام، ما عكس جهوداً كبيرة بذلت من قبل القائمين على إدارة الشركة ، كشفت مدى استغلال الأطراف الموالية للعدوان لحاجة اليمنيين لهذه المادة الاستراتيجية خلال السنوات الماضية والتي استخدمت كأداة من أدوات الحرب الاقتصادية ضد صنعاء ووسيلة من وسائل فرض العقاب الجماعي على الملايين من اليمنيين، فقد تعاملت إدارة صافر مع المستهلك في صنعاء بعدائية شديدة وضاعفت معاناتهم مع سبق الإصرار ثماني سنوات، مختلقة العديد من الذرائع والمبررات الواهية ليتسع أضرار أزمات الغاز المنزلي على نطاق واسع، بل إن هذه الأزمات المدارة من مأرب كادت أن تهلك الحرث.
وهنا نتذكر تصاعد تحذيرات خبراء البيئة قبل عام من اليوم، جراء الاحتطاب الجائر من قبل المواطنين والذي تسبب بضغوط كبيرة على الغطاء النباتي ونتج عن ذلك اتساع نطاق التصحر في المناطق الساحلية، وضاعف مخاطر السيول جراء اقتطاع الأشجار المعمرة في الأودية والسهول، وامتد ضرر تلك الأزمات التي استمرت لثماني سنوات دون توقف إلى المراعي التي انحسرت ما أدى إلى تراجع العديد من الأنشطة الهامة كتربية المواشي وإنتاج العسل، ما سبق ليس كل الأضرار الناتجة عن استغلال الغاز المنزلي وتحويله إلى ورقة ضغط اقتصادية ضد ٢٤ مليون يمني يعيشون في المحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، خاصة وأن  هذه المادة الاستراتيجية تعددت استخداماتها ولم تعد تتعلق بطهي الطعام وان كانت الأهم، بل أصبحت مصدر وقود هام يستخدمها معظم العاملين في قطاع النقل الداخلي وكذلك في المطاعم والمقاهي والبوفيهات والمخابز، وكذلك العاملين في معامل إنتاجية، ولأهمية هذه المادة كان الحصول عليها هم جمعي يتشارك فيه الجميع طبلة تلك الفترة، فكانت من مظاهر أزمات الغاز المصدرة من أدارة صافر  طوابير طويلة للنساء والأطفال في الشوارع والإحياء السكانية والسوق السوداء والتلاعب الكبير من قبل ضعاف النفوس، وكذلك طوابير خاصة بملاك وسائل النقل التي تعمل بالغاز  .
لذلك لم تجد صنعاء خيار آخر لمواجهة هذه الآزمة  الناتجة عن العبث بالموارد السيادية من قبل المرتزقة بعد أن استخدمت السلطات النافذة المستحوذة على قطاع صافر ومنشاة الغاز كافة الأساليب الكفيلة باستمرار أزمات الغاز في مناطق سيطرة صنعاء تحت مختلف الذرائع تارة باسم تراجع معدل الإنتاج تحت مبرر عدم الصيانة لمعامل الإنتاج وبالتالي خفض حصة هذه المحافظات التي تتسم بالكثافة السكانية وتارة أخرى باسم القطاعات القبلية التي كانت تستخدم لقطع الإمدادات لأسابيع ولم يتم  الاستجابة لدعوات تأمين، وتحييد خطوط الإمداد الرئيسية لمقطورات الغاز المنزلي القادم من صافر، وكذلك محاولات حكومة المرتزقة فرض أسعار بيع لصنعاء تفوق أسعار الغاز البترولي في الأسواق الدولية، لذلك لم يكن هناك بديل سوى دراسة افضل البدائل الكفيلة بتأمين السوق المحلي من مادة الغاز المنزلي بشكل دائم بما يضمن أنهاء مظاهر الأزمة ويحقق الاستقرار التمويني المستدام .
وعندما اتجهت صنعاء لاستيراد الغاز المنزلي من مصادر خارجية كان ردة فعل الطرف الآخر كبيرة، بل يمكن وصفها بالهيستيرية، ليس لأنها فقدت سوقاً قوامه ٢٤ مليون مستهلك بل لأنها فقدت أحد أدوات الضغط في صنعاء، فتم تغطية احتياجات السوق من  الأسواق الدولية بأسعار أقل من الأسعار التي كانت مفروضة من منشأة صافر وبكميات تغطي الاحتياج العام ليسود الاستقرار في مادة الغاز، واليوم بعد عام من الانتقال إلى هذه الخطوة تعيش الأسواق حالة استقرار دائم بالغاز المنزلي الذي يستورد وفقا لمواصفات عالمية ويقدم للمواطن بأسعار موحدة في الريف والحضر.
وعوضاً عن مظاهر الأزمات المصدرة من مناطق سيطرة مارب، يشاهد المواطن اليوم مظاهر جديدة تعكس حالة الاستقرار التمويني الذي تشهده أسواق العاصمة صنعاء، فالكثير من المحطات الخاصة ببيع الغاز التي تعمل على مدى ٢٤ ساعة في كافة شوارع وأحياء العاصمة صنعاء منتشرة بشكل منظم وتعمل وفق معايير الأمن والسلامة وتعمل بتراخيص رسمية من قبل الشركة، يضاف إلى أنها تمكنت من تنظيم السوق وإنهاء الاحتكار من قبل الوكلاء، ووضعت اشتراطات تضمن عدم التلاعب بالأوزان وتحمي المستهلك، وعلى مدى الأشهر الماضية نفذت شركة الغاز بصنعاء مشروع إنشاء وتشغيل المحطات
النموذجية لبيع مادة الغاز بالشكل المباشر سواء للسيارات أو للمواطنين في كافة المحافظات، لتغطية احتياج المجتمع من الغاز المنزلي، والحد من أي تلاعب من قبل الوكلاء
سواء بالقياس أو بالأسعار أو إخفاء مادة الغاز، وعملت الشركة على توسيع نطاق خدماتها أكان من خلال المحطات النموذجية أو من خلال اعتماد نقاط بيع تحت إشرافها تعمل في الأحياء السكنية لضمان تسهيل حصول المواطنين على هذه المادة وفق معايير الأمن والسلامة.
قبل عام وجه رئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير الركن، مهدي المشاط، الشركة اليمنية للغاز بالاتجاه لاستكمال إنشاء محطات التعبئة المركزية للغاز المنزلي في مختلف المحافظات بهدف تقديم مادة الغاز بسهولة ويسر للمواطنين وبأقل تكلفة، يضاف إلى توجيه أخر تمثل بوضع دراسة لإنشاء مصنع لصناعة وصيانة أسطوانات الغاز وكذلك إنشاء ورشة صيانة مركزية، اليوم نتحدث عن إنشاء منشاة الغاز الدائم في ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة بتمويل ذاتي، هذا المشروع الاستراتيجي الهام الذي جاء تنفيذاً لتوجيهات الرئيس المشاط، سيسهم في تخزين كميات كبيرة من الغاز المستورد من الأسواق الدولية من جانب، وكذلك سيسهم في سرعة تفريغ ناقلات الغاز وشحن الغاز عبر المقطورات بسرعة أكبر وفترة زمنية أقل وبسلاسة دون تأخير، يضاف إلى أن المشروع يتضمن إنشاء ساحات انتظار وورش صيانة وساحة دخول وخروج للقاطرات ومعاشق تعبئة وساحات انتظار احتياطية ومرافق خدمية آخري .
سيسهم في تخزين المشتقات النفطية والحد من كمية العجز الناتج في مادة الغاز بما يكفل استمرار تقديم الخدمات للمواطنين وتلبية احتياجاتهم، وفي إطار خطة الشركة سيتم التوسع في سعة التخزين بالمنشأة لتصل إلى نحو 250 الف طن و24 معشق تعبئة والتي معها ستعمل على التغطية الكاملة لاحتياجات المحافظات من مادة الغاز.
وبخصوص مصنع صناعة وصيانة أسطوانات الغاز، تم ترجمة التوجيهات إلى واقع خلال فترة زمنية قياسية من قبل الشركة، يضاف إلى أن مهام صيانة الأسطوانات التالفة أو التي تشكل خطورة على حياة المستهلكين تمضي بوتيرة عالية، بعكس ما كان خلال سنوات العدوان والحصار وما حدث من ممارسات انتهازية من قبل سلطات حزب الإصلاح في مأرب.
ولا ننسى أن مهام الصيانة تحتاج جهدة كبيراً نظراً الارتفاع التراكمي الكبير لأعداد الأسطوانات التالفة، فخلال السنوات الماضية تحولت أسطوانات الغاز التي لا يخلو منزل يمني من وجودها إلى قنابل موقوتة بسبب توقف الصيانة الدورية التي كانت تقوم بها شركة الغاز قبل العام ٢٠١٦م، ورغم اقتطاع أدارة صافر  مبلغ مالي على كل لتر وعلى كل أسطوانة باسم الصيانة لم تقم الشركة باي أعمال صيانة، بل صادرت تلك الأموال التي كانت تودع في حساب خاص بالصيانة، ونتيجة تجاهل الشركة في صافر للصيانة في بلد تشير الإحصائيات إلى أن إجمالي الأسطوانات التالفة فيها يبلغ نحو ١٢ مليون أسطوانة، تصاعدت الحوادث المأساوية في عدد من المحافظات نتيجة تسرب أسطوانات الغاز أو انفجارها، ما أدى إلى وفاة العشرات وإصابة المئات سنوياً بحريق من الدرجات الأولى والثانية جراء حوادث الغاز، وخلال الفترة ٢٠١٦-٢٠١٩ ، سجلت الأجهزة الأمنية نحو ١٢٠٠ حادثة ما بين  حريق وانفجار ناتج عن أسطوانات غاز تالفة، نتج عنها وفاة ٢٥٠ من النساء والأطفال، ورغم تصاعد المطالب حينها بضرورة شروع الشركة بإجراءات الصيانة إلا أدارة صافر لم تستجيب لتلك النداءات الإنسانية، وحتى العام ٢٠٢١ تم استئناف برنامج الصيانة في العاصمة صنعاء، كخطوة أعقبتها عدة خطوات حتى تم إنشاء مصنع لصناعة وصيانة أسطوانات الغاز، والخطوة الأهم هي اهتمام شركة الغاز في العاصمة صنعاء خلال الفترة الماضية بصيانة أسطوانات الغاز ، ما أدى إلى تراجع تلك  الحوادث المؤسفة .
يمكن القول إن ما تحقق في سبيل البنى التحتية للغاز في مناطق سيطرة حكومة صنعاء خلال عام فقط يساوي ما حققته الشركة على مدى عشرين عاماً بل يزيد، خاصة إذا علم القارئ أن شركة الغاز اليمنية طيلة العقود الماضية لم تبن خزانات مركزية للغاز، وظلت تدير الغاز في اليمن من مبنى مستأجر ، وتعمل تحت رحمة عدد من الوكلاء الذين وضعوا عمليات الشركة تحت رغباتهم واحكموا سيطرتهم على السوق ومارسوا احتكار القلة في ظل غياب أي منافسة شريفة بشتى الأساليب.
، وبعكس الماضي تعمل الشركة اليوم على تحقيق التنافس الشريف في هذا السوق أمام  كل الراغبين في الاستثمار في مجال تقديم خدمات الغاز تحت إشرافها ووفق شروط السلامة والأمان .
الحديث يطول عن ما تحقق خلال عام في هذا المجال، ولكن الأهم هو وقوف المواطن إلى جانب الشركة في الإبلاغ عن أي اختلالات تمارس من أي وكيل أو أي مقدم خدمة، لتواصل دورها في ضبط الانحرافات والحفاظ على الاستقرار التمويني بما يضمن استمرار خدماتها بسهولة ويسر وجودة وأمان.
والله من وراء القصد .
خبير اقتصادي

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

أبو الغيط: التعاون مع الدول العربية يساهم في مواجهة التحديات العالمية وتجاوز دوامة الأزمات

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن التعاون مع الدول العربية بما لديها من إمكانات ومقدرات وطاقات وتجارب سوف يحمل قيمة مضافة معتبرة، وسيساهم في مواجهة التحديات العالمية الراهنة وتجاوز دوامة الأزمات المتواصلة التي تواجهها الدول النامية.

وقال أبو الغيط خلال كلمته في أعمال الدورة الحادية عشر لقمة منظمة الدول الثمانية النامية للتعاون الاقتصادي، إن التحولات على صعيد الاقتصاد العالمي، خاصةً في ضوء عدم اليقين الجيوسياسي والتنافس المتصاعد بين القوى الكبرى تدفع العالم إلى أتون الحروب التجارية وتبني السياسيات الحمائية وعلى الدول النامية أن تواجه هذا الواقع الجديد بسياسات تكامل جادة من أجل الحفاظ على المكتسبات التي تحققت بخروج الملايين في هذه الدول من براثن الفقر المدقع خلال العقود الماضية. 

وأشار إلى أن الدول النامية ومجموعة الجنوب تحتاج إلى بلورة رؤية مشتركة حيال القضايا الكبرى للاقتصاد العالمي، وهي قضايا ستكون محل تجاذب شديد في الفترة المقبلة مثل أعباء التغيير المناخي وأسعار الطاقة والتحول الطاقوى، وآثار الذكاء الاصطناعي على النمو الاقتصادي، وسياسات مكافحة الفقر على صعيد عالمي إلى غير ذلك من القضايا.

وأكد على أن الجامعة العربية تولى اهتماماً خاصة، من خلال مجالسها المختلفة ومنظماتها المتخصصة، لكافة هذه القضايا ولديها استعداد كامل لتبادل الخبرات والتجارب والأفكار مع كافة الأطراف الصديقة بشأنها. 

وشدد أبو الغيط على أن قمة اليوم التي تحتضنها جمهورية مصر العربية، سوف تمثل نقطة انطلاق جديدة نحو مستقبل مزدهر من خلال الدفع بمزيد من التعاون فيما بين دول مجموعة الثمانية، وبين دول المجموعة والأطراف الأخرى وعلى رأسها دول الجامعة العربية مما يفتح آفاقاً جديدة من الفرص الاقتصادية والتنموية.

مقالات مشابهة

  • دليلك المنزلي لخفض «ضغط الدم وتعزيز صحة القلب»
  • شركة صافر تدعم توسعة مركز الغسيل الكلوي في مأرب لتخفيف معاناة المرضى
  • الولايات المتحدة تعقد صفقة مع الشركة المصنعة للطائرة التي رصدت السنوار
  • الإعلام والذكاء الاصطناعي.. تغطية الأزمات وثورة الخوارزميات
  • بعد التحديث الأخير لأسعار الإنترنت المنزلي.. خطوات تغيير الباقة الخاصة بك
  • بوتين عن موقف كييف من عقد ترانزيت الغاز الروسي إلى أوروبا: تعض اليد التي تطعمها
  • رئيس تحرير السياسة الدولية: مصر لا تفصل بين الأزمات السياسية وتحقيق الاستقرار
  • شاهد / الاضرار التي خلفها العدوان الصهيوني على صنعاء وميناء الحديدة ..صور
  • أبو الغيط: التعاون مع الدول العربية يساهم في مواجهة التحديات العالمية وتجاوز دوامة الأزمات
  • ابوعبيدة يفاجئ الجميع بما قاله عن عملية صنعاء الفرط صوتية التي استهدفت الاحتلال