الغاز المنزلي من الأزمات المصدرة إلى الاستقرار التمويني
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
منذ عام تقريباً .. انتهت كافة مظاهر أزمات الغاز المنزلي التي استمرت لثماني سنوات دون توقف، وبعكس ما حدث من ماس ناتجة عن شحة هذه المادة التي كادت أن تفجر صراعات متعددة في أوساط المجتمع، وأودت بحياة عدد من المواطنين نتيجة التنازع عليها في الأحياء السكنية في المدن، وكذلك في المناطق الريفية، وسط تغذية وسائل إعلام المرتزقة لكافة مظاهر الأزمة المصدرة من إدارة عمليات الإنتاج في صافر بمحافظة مأرب إلى مناطق سيطرة صنعاء، فاليوم نتحدث عن معادلة اقتصادية فرضتها الشركة اليمنية للغاز في العاصمة صنعاء خلال عام ثبتت من خلال الاستقرار التمويني لمادة الغاز وتمكنت من تنظيم السوق بشكل مدروس، وعملت على توسيع خدماتها في مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى، بل قادت عملية تحول درماتيكي كبير في عدة جوانب أكان البنى التحتية لقطاع الغاز المنزلي أو التوسع في تأسيس محطات خدمية نموذجية في المحافظات أو ما يتعلق بجودة الخدمات وسهولة الحصول على الغاز المنزلي على مدى الساعة .
فالكثير من عوامل الاستقرار والإنجاز التي حققتها شركة الغاز الوطنية في العاصمة صنعاء تجلت بوضوح خلال عام، ما عكس جهوداً كبيرة بذلت من قبل القائمين على إدارة الشركة ، كشفت مدى استغلال الأطراف الموالية للعدوان لحاجة اليمنيين لهذه المادة الاستراتيجية خلال السنوات الماضية والتي استخدمت كأداة من أدوات الحرب الاقتصادية ضد صنعاء ووسيلة من وسائل فرض العقاب الجماعي على الملايين من اليمنيين، فقد تعاملت إدارة صافر مع المستهلك في صنعاء بعدائية شديدة وضاعفت معاناتهم مع سبق الإصرار ثماني سنوات، مختلقة العديد من الذرائع والمبررات الواهية ليتسع أضرار أزمات الغاز المنزلي على نطاق واسع، بل إن هذه الأزمات المدارة من مأرب كادت أن تهلك الحرث.
وهنا نتذكر تصاعد تحذيرات خبراء البيئة قبل عام من اليوم، جراء الاحتطاب الجائر من قبل المواطنين والذي تسبب بضغوط كبيرة على الغطاء النباتي ونتج عن ذلك اتساع نطاق التصحر في المناطق الساحلية، وضاعف مخاطر السيول جراء اقتطاع الأشجار المعمرة في الأودية والسهول، وامتد ضرر تلك الأزمات التي استمرت لثماني سنوات دون توقف إلى المراعي التي انحسرت ما أدى إلى تراجع العديد من الأنشطة الهامة كتربية المواشي وإنتاج العسل، ما سبق ليس كل الأضرار الناتجة عن استغلال الغاز المنزلي وتحويله إلى ورقة ضغط اقتصادية ضد ٢٤ مليون يمني يعيشون في المحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، خاصة وأن هذه المادة الاستراتيجية تعددت استخداماتها ولم تعد تتعلق بطهي الطعام وان كانت الأهم، بل أصبحت مصدر وقود هام يستخدمها معظم العاملين في قطاع النقل الداخلي وكذلك في المطاعم والمقاهي والبوفيهات والمخابز، وكذلك العاملين في معامل إنتاجية، ولأهمية هذه المادة كان الحصول عليها هم جمعي يتشارك فيه الجميع طبلة تلك الفترة، فكانت من مظاهر أزمات الغاز المصدرة من أدارة صافر طوابير طويلة للنساء والأطفال في الشوارع والإحياء السكانية والسوق السوداء والتلاعب الكبير من قبل ضعاف النفوس، وكذلك طوابير خاصة بملاك وسائل النقل التي تعمل بالغاز .
لذلك لم تجد صنعاء خيار آخر لمواجهة هذه الآزمة الناتجة عن العبث بالموارد السيادية من قبل المرتزقة بعد أن استخدمت السلطات النافذة المستحوذة على قطاع صافر ومنشاة الغاز كافة الأساليب الكفيلة باستمرار أزمات الغاز في مناطق سيطرة صنعاء تحت مختلف الذرائع تارة باسم تراجع معدل الإنتاج تحت مبرر عدم الصيانة لمعامل الإنتاج وبالتالي خفض حصة هذه المحافظات التي تتسم بالكثافة السكانية وتارة أخرى باسم القطاعات القبلية التي كانت تستخدم لقطع الإمدادات لأسابيع ولم يتم الاستجابة لدعوات تأمين، وتحييد خطوط الإمداد الرئيسية لمقطورات الغاز المنزلي القادم من صافر، وكذلك محاولات حكومة المرتزقة فرض أسعار بيع لصنعاء تفوق أسعار الغاز البترولي في الأسواق الدولية، لذلك لم يكن هناك بديل سوى دراسة افضل البدائل الكفيلة بتأمين السوق المحلي من مادة الغاز المنزلي بشكل دائم بما يضمن أنهاء مظاهر الأزمة ويحقق الاستقرار التمويني المستدام .
وعندما اتجهت صنعاء لاستيراد الغاز المنزلي من مصادر خارجية كان ردة فعل الطرف الآخر كبيرة، بل يمكن وصفها بالهيستيرية، ليس لأنها فقدت سوقاً قوامه ٢٤ مليون مستهلك بل لأنها فقدت أحد أدوات الضغط في صنعاء، فتم تغطية احتياجات السوق من الأسواق الدولية بأسعار أقل من الأسعار التي كانت مفروضة من منشأة صافر وبكميات تغطي الاحتياج العام ليسود الاستقرار في مادة الغاز، واليوم بعد عام من الانتقال إلى هذه الخطوة تعيش الأسواق حالة استقرار دائم بالغاز المنزلي الذي يستورد وفقا لمواصفات عالمية ويقدم للمواطن بأسعار موحدة في الريف والحضر.
وعوضاً عن مظاهر الأزمات المصدرة من مناطق سيطرة مارب، يشاهد المواطن اليوم مظاهر جديدة تعكس حالة الاستقرار التمويني الذي تشهده أسواق العاصمة صنعاء، فالكثير من المحطات الخاصة ببيع الغاز التي تعمل على مدى ٢٤ ساعة في كافة شوارع وأحياء العاصمة صنعاء منتشرة بشكل منظم وتعمل وفق معايير الأمن والسلامة وتعمل بتراخيص رسمية من قبل الشركة، يضاف إلى أنها تمكنت من تنظيم السوق وإنهاء الاحتكار من قبل الوكلاء، ووضعت اشتراطات تضمن عدم التلاعب بالأوزان وتحمي المستهلك، وعلى مدى الأشهر الماضية نفذت شركة الغاز بصنعاء مشروع إنشاء وتشغيل المحطات
النموذجية لبيع مادة الغاز بالشكل المباشر سواء للسيارات أو للمواطنين في كافة المحافظات، لتغطية احتياج المجتمع من الغاز المنزلي، والحد من أي تلاعب من قبل الوكلاء
سواء بالقياس أو بالأسعار أو إخفاء مادة الغاز، وعملت الشركة على توسيع نطاق خدماتها أكان من خلال المحطات النموذجية أو من خلال اعتماد نقاط بيع تحت إشرافها تعمل في الأحياء السكنية لضمان تسهيل حصول المواطنين على هذه المادة وفق معايير الأمن والسلامة.
قبل عام وجه رئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير الركن، مهدي المشاط، الشركة اليمنية للغاز بالاتجاه لاستكمال إنشاء محطات التعبئة المركزية للغاز المنزلي في مختلف المحافظات بهدف تقديم مادة الغاز بسهولة ويسر للمواطنين وبأقل تكلفة، يضاف إلى توجيه أخر تمثل بوضع دراسة لإنشاء مصنع لصناعة وصيانة أسطوانات الغاز وكذلك إنشاء ورشة صيانة مركزية، اليوم نتحدث عن إنشاء منشاة الغاز الدائم في ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة بتمويل ذاتي، هذا المشروع الاستراتيجي الهام الذي جاء تنفيذاً لتوجيهات الرئيس المشاط، سيسهم في تخزين كميات كبيرة من الغاز المستورد من الأسواق الدولية من جانب، وكذلك سيسهم في سرعة تفريغ ناقلات الغاز وشحن الغاز عبر المقطورات بسرعة أكبر وفترة زمنية أقل وبسلاسة دون تأخير، يضاف إلى أن المشروع يتضمن إنشاء ساحات انتظار وورش صيانة وساحة دخول وخروج للقاطرات ومعاشق تعبئة وساحات انتظار احتياطية ومرافق خدمية آخري .
سيسهم في تخزين المشتقات النفطية والحد من كمية العجز الناتج في مادة الغاز بما يكفل استمرار تقديم الخدمات للمواطنين وتلبية احتياجاتهم، وفي إطار خطة الشركة سيتم التوسع في سعة التخزين بالمنشأة لتصل إلى نحو 250 الف طن و24 معشق تعبئة والتي معها ستعمل على التغطية الكاملة لاحتياجات المحافظات من مادة الغاز.
وبخصوص مصنع صناعة وصيانة أسطوانات الغاز، تم ترجمة التوجيهات إلى واقع خلال فترة زمنية قياسية من قبل الشركة، يضاف إلى أن مهام صيانة الأسطوانات التالفة أو التي تشكل خطورة على حياة المستهلكين تمضي بوتيرة عالية، بعكس ما كان خلال سنوات العدوان والحصار وما حدث من ممارسات انتهازية من قبل سلطات حزب الإصلاح في مأرب.
ولا ننسى أن مهام الصيانة تحتاج جهدة كبيراً نظراً الارتفاع التراكمي الكبير لأعداد الأسطوانات التالفة، فخلال السنوات الماضية تحولت أسطوانات الغاز التي لا يخلو منزل يمني من وجودها إلى قنابل موقوتة بسبب توقف الصيانة الدورية التي كانت تقوم بها شركة الغاز قبل العام ٢٠١٦م، ورغم اقتطاع أدارة صافر مبلغ مالي على كل لتر وعلى كل أسطوانة باسم الصيانة لم تقم الشركة باي أعمال صيانة، بل صادرت تلك الأموال التي كانت تودع في حساب خاص بالصيانة، ونتيجة تجاهل الشركة في صافر للصيانة في بلد تشير الإحصائيات إلى أن إجمالي الأسطوانات التالفة فيها يبلغ نحو ١٢ مليون أسطوانة، تصاعدت الحوادث المأساوية في عدد من المحافظات نتيجة تسرب أسطوانات الغاز أو انفجارها، ما أدى إلى وفاة العشرات وإصابة المئات سنوياً بحريق من الدرجات الأولى والثانية جراء حوادث الغاز، وخلال الفترة ٢٠١٦-٢٠١٩ ، سجلت الأجهزة الأمنية نحو ١٢٠٠ حادثة ما بين حريق وانفجار ناتج عن أسطوانات غاز تالفة، نتج عنها وفاة ٢٥٠ من النساء والأطفال، ورغم تصاعد المطالب حينها بضرورة شروع الشركة بإجراءات الصيانة إلا أدارة صافر لم تستجيب لتلك النداءات الإنسانية، وحتى العام ٢٠٢١ تم استئناف برنامج الصيانة في العاصمة صنعاء، كخطوة أعقبتها عدة خطوات حتى تم إنشاء مصنع لصناعة وصيانة أسطوانات الغاز، والخطوة الأهم هي اهتمام شركة الغاز في العاصمة صنعاء خلال الفترة الماضية بصيانة أسطوانات الغاز ، ما أدى إلى تراجع تلك الحوادث المؤسفة .
يمكن القول إن ما تحقق في سبيل البنى التحتية للغاز في مناطق سيطرة حكومة صنعاء خلال عام فقط يساوي ما حققته الشركة على مدى عشرين عاماً بل يزيد، خاصة إذا علم القارئ أن شركة الغاز اليمنية طيلة العقود الماضية لم تبن خزانات مركزية للغاز، وظلت تدير الغاز في اليمن من مبنى مستأجر ، وتعمل تحت رحمة عدد من الوكلاء الذين وضعوا عمليات الشركة تحت رغباتهم واحكموا سيطرتهم على السوق ومارسوا احتكار القلة في ظل غياب أي منافسة شريفة بشتى الأساليب.
، وبعكس الماضي تعمل الشركة اليوم على تحقيق التنافس الشريف في هذا السوق أمام كل الراغبين في الاستثمار في مجال تقديم خدمات الغاز تحت إشرافها ووفق شروط السلامة والأمان .
الحديث يطول عن ما تحقق خلال عام في هذا المجال، ولكن الأهم هو وقوف المواطن إلى جانب الشركة في الإبلاغ عن أي اختلالات تمارس من أي وكيل أو أي مقدم خدمة، لتواصل دورها في ضبط الانحرافات والحفاظ على الاستقرار التمويني بما يضمن استمرار خدماتها بسهولة ويسر وجودة وأمان.
والله من وراء القصد .
خبير اقتصادي
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الإمارات تقود العالم نحو استشراف المستقبل وجاهزية مواجهة الأزمات
أبوظبي: وام
اختتمت القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025، أعمالها أمس في مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك»، وسط توافق دولي لافت على ضرورة تسريع التحول نحو أنظمة استجابة أكثر تكاملاً وابتكاراً، وتعزيز العمل المشترك العابر للحدود في ظل بيئة عالمية تتسم بالغموض والتقلبات السريعة.
وجاءت القمة بتنظيم من الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، وبرعاية كريمة من سموّ الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، وانعقدت على مدار يومين تحت شعار «معاً نحو بناء مرونة عالمية» بمشاركة دولية واسعة.
وأكد علي سعيد النيادي، رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، أن القمة شكلت محطة استراتيجية محورية لترسيخ مكانة دولة الإمارات نموذجاً رائداً في مجال استشراف المستقبل وبناء منظومات وطنية ودولية متكاملة لإدارة الأزمات.
وقال إن القمة بما شهدته من مشاركات دولية رفيعة وتوصيات عملية، أثبتت أن الاستجابة للمخاطر العالمية المعقدة لم تعد مسؤولية وطنية فحسب، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب بناء جسور التعاون والتكامل بين الدول والمؤسسات، وتعزيز القدرات المؤسسية، وتطوير أدوات تحليل المستقبل، لافتاً إلى أن تعزيز المرونة لا يقتصر على تعزيز القدرات الأمنية أو التكنولوجية، بل يشمل أيضاً الاستثمار في الإنسان، وتبني سياسات مرنة تواكب التغيرات، وبناء ثقافة مجتمعية قادرة على التفاعل مع الأزمات باحترافية ومرونة.
وأضاف أن الجاهزية لا تُبنى في أوقات الأزمات، بل تُصنع في أوقات الاستقرار، ومن هنا فإن الهيئة تلتزم بمواصلة العمل مع كافة الشركاء لبناء منظومة وطنية ودولية مستعدة ومتكاملة تسهم في ضمان أمن المجتمعات واستدامة التنمية.
وأكد أن مخرجات القمة تمثل خريطة طريق طموحة للسنوات القادمة، وستكون محوراً لعدد من المبادرات والمشاريع التي ستطلقها الهيئة بالتعاون مع شركائها محلياً ودولياً.
وشهدت فعاليات اليوم الثاني للقمة كلمة رئيسية لفاديم سينيافسكي، وزير الطوارئ البيلاروسي، بعنوان «توقُّع اللا متوقَّع: تخفيف الغموض الاستراتيجي» ركز فيها على تعزيز الاستعداد لمواجهة العقبات غير المتوقعة بتوجه استراتيجي، فيما ألقى لي دي وو، نائب مدير مركز القيادة في وزارة إدارة الطوارئ الصينية كلمة رئيسية بعنوان «القيادة الاستراتيجية: تعزيز الصمود الوطني» استعرض فيها النهج الاستراتيجي للصين في إدارة الطوارئ، مع تسليط الضوء على نظام القيادة الموحد الذي يعزز القدرة الوطنية على الصمود، والوقاية من المخاطر، والاستجابة السريعة للكوارث.
وتضمنت المحاور الرئيسية لليوم الثاني من القمة محور إدارة الغموض: بناء المرونة في عالم متغير، إذ شهدت فعالياته سلسلة من الجلسات المتخصصة، بدأت بكلمة افتتاحية لحمد سيف الكعبي، مدير إدارة حوادث المواد الخطرة في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، بعنوان «إدارة الغموض: الحفاظ على الوضوح»، سلّط فيها الضوء على أهمية استباق التحديات والارتقاء بمرونة أنظمة الطوارئ، من خلال تعزيز التفكير الاستراتيجي وسط بيئة عالمية مملوءة بالتقلبات.
وتلتها كلمة رئيسية لغراسيموف أنتون اندرفيج، نائب وزير الاتحاد الروسي للدفاع المدني وحالات الطوارئ وإزالة آثار الكوارث الطبيعية، بعنوان: «إدارة عدم اليقين من خلال التعاون الدولي في الاستجابة للأزمات»، تناول فيها آليات تعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف لتوحيد الجهود في مواجهة الأزمات الكبرى، مشدداً على أهمية بناء جسور الثقة وتقاسم الموارد والمعلومات بين الدول.
وفي محاضرة «التعامل مع عدم اليقين: الذكاء الاصطناعي ومستقبل التواصل في الأزمات»، استعرض فيليب بورمانس، خبير التواصل الاستراتيجي، دور الذكاء الاصطناعي في صياغة خطط اتصال ديناميكية خلال الكوارث، وكيفية استخدامه لتعزيز الرسائل الاستباقية والوصول الفعّال إلى المجتمعات المتأثرة.
واختُتمت جلسات المحور بمحاضرة لمارتن ييتس، مستشار التكنولوجيا الحكومية في شركة «بريسايت»، بعنوان «توظيف البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي التوليدي لإدارة الاستجابة لحالات الطوارئ»، استعرض فيها حلول تقنية متقدمة لتسريع اتخاذ القرار وتحسين التنسيق بين الجهات المعنية عبر توظيف تحليلات البيانات والأنظمة الذكية، ما يعزز دقة الاستجابة وسرعة التعافي من الأزمات.
وفي جلسة «الاقتصاد المتكيف: نماذج جديدة للمرونة المالية» ركز محور الاقتصاد المتكيف على أهمية بناء اقتصادات مرنة قادرة على التكيف مع التحديات الطارئة والمخاطر المستقبلية.
واستهلت لوريتا هيبر جيرارديت، رئيس فرع المعرفة بالمخاطر والرصد وتنمية القدرات في مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، هذا المحور بكلمة بعنوان «الاقتصاد المتكيف: الاستثمار من أجل مستقبل أفضل»، تناولت فيها سبل تعزيز الاستثمارات التنموية المستدامة وبناء بيئة اقتصادية قادرة على الصمود في وجه الأزمات.
وتبعتها بجلسة ثانية بعنوان «تعزيز الاقتصاد: نهج قائم على تعديل المخاطر» أكدت فيها ضرورة تبني سياسات اقتصادية مرنة تعتمد على فهم دقيق لمخاطر الكوارث وتضمينها في صلب استراتيجيات التنمية، ما يتيح تعزيز المرونة الاقتصادية ويضمن استمرارية واستدامة الاقتصاد في مختلف الظروف.
وفي محاضرة «التوجه المشترك: بناء مستقبل مرن»، سلّط داغ ديتر، مستشار استثماري وخبير في الأصول التجارية العامة، الضوء على أهمية وجود منظومات اقتصادية قوية ومبتكرة تتسم بالمرونة وتستند إلى الحوكمة الفعالة والتخطيط طويل الأمد لضمان الجاهزية والاستقرار في مواجهة الأزمات.
وقدّم راشد عبد الكريم البلوشي، وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، كلمة بعنوان «تخفيف المخاطر لتحقيق اقتصادات مزدهرة» شدد خلالها على أهمية تنويع الاقتصاد والاستفادة من الشراكات الدولية والابتكار كركائز أساسية لتقليل التأثيرات الاقتصادية للأزمات، وتحقيق نمو شامل ومستدام.
واختُتم المحور بجلسة حوارية مشتركة بعنوان «التعاون العالمي: تعزيز الاقتصادات في أوقات الأزمات»، جمعت جميع المتحدثين في الاقتصاد المتكيف لمناقشة سبل تفعيل التعاون الدولي لتقوية دعائم الاقتصاد العالمي في ظل الأزمات، وذلك عبر تنسيق الجهود وتبادل الخبرات بهدف تعزيز المرونة الاقتصادية العالمية.
وقالت مريم ياعد القبيسي، المتحدث الرسمي للقمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025، في الكلمة الختامية التي أعلنت فيها أهم مخرجات وتوصيات القمة، إن القمة تُعتبر انعكاساً واضحاً للرؤية الإماراتية الراسخة بأهمية العمل المشترك وبناء جسور التواصل بين الدول، وقد أثبتت أن العمل الجماعي، حين يقترن بالرؤية والالتزام، بإمكانه أن يحول التحديات إلى فرص، ويصنع من الأزمات دافعاً للتطور.
وأضافت: «نحن، في دولة الإمارات، وبتوجيهات قيادتنا الرشيدة، نؤكد التزامنا بمواصلة دعم منظومة الاستجابة العالمية، عبر الاستثمار في العقول، وتطوير البنية التحتية الذكية، وتعزيز دور المجتمعات».
وأشارت إلى أن الهيئة أصدرت التقرير الختامي للقمة، والذي يضم خلاصة ما أنتجته نخبة العقول اللامعة ليكون بمثابة خريطة طريق للمستقبل، ونبراساً يهدي جميع الجهات ذات العلاقة في الخطط والاستراتيجيات والمشاريع المستقبلية، مؤكدة أن هذا التقرير المهم للتذكير بالمسؤوليات التي أخذناها على عاتقنا خلال هذه القمة لجعل العالم مكاناً أفضل.
التوصية الأولى، تعزيز التعاون الدولي لإدارة الطوارئ؛ إذ برزت الحاجة بشكل واضح إلى تعزيز التنسيق الدولي في مجال الاستجابة للأزمات، حيث أكد المشاركون عدم قدرة أي دولة على مواجهة الأزمات الكبرى بمفردها، ما يُبرز أهمية تبني نماذج فعّالة للتعاون الإقليمي، إضافة إلى تطوير بروتوكولات دولية موحّدة للطوارئ لتحقيق استجابة أسرع وأكثر تنسيقاً إلى جانب توسيع برامج التدريب العابرة للحدود في إدارة الأزمات بهدف تعزيز التوافق بين الجهات المسؤولة عن إدارة الطوارئ، إضافة إلى تعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص لتوحيد الجهود وتكامل الموارد استعداداً للكوارث.
وتمثلت التوصية الثانية في بناء استراتيجيات مجتمعية لتعزيز المرونة، حيث أكد العديد من الخبراء أهمية تمكين المجتمعات المحلية في إدارة الطوارئ، مستشهدين بتجارب دولية رائدة أظهرت أهمية دور الإشراك المجتمعي في تعزيز المرونة والاستجابة للطوارئ والأزمات، إضافة إلى دمج برامج الاستعداد المجتمعي للكوارث ضمن السياسات الوطنية، إلى جانب تعزيز شبكات الاستجابة المحلية من خلال تأهيل الجهات المحلية وتزويدها بالموارد اللازمة، إضافة إلى ضمان شمولية استراتيجيات الاتصال أثناء الأزمات لتصل بفاعلية إلى جميع فئات المجتمع.
والتوصية الثالثة هي «توظيف الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في إدارة الأزمات، برز الذكاء الاصطناعي كقوة مؤثرة في الاستجابة للطوارئ، حيث تم استعراض الخصائص والاستخدامات المتقدمة لأنظمة الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالكوارث، ورصد المخاطر، وتحسين كفاءة المساعدات الإنسانية، وتضمنت توصيات القمة، توسيع نطاق أنظمة الإنذار المبكر القائمة على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالكوارث وتعزيز الاستجابة الاستباقية وعمليات الإجلاء إلى جانب تفعيل أدوات الذكاء الاصطناعي للكشف عن المعلومات المضللة للحد من انتشار المعلومات المغلوطة خلال الأزمات، فضلاً عن تطوير منصات متكاملة لإدارة الأزمات بالذكاء الاصطناعي لتوحيد جهود الاستجابة بين مختلف القطاعات والدول».
وتضمنت التوصية الرابعة، تعزيز القيادة واتخاذ القرار خلال الأزمات، تم تسليط الضوء على أهمية القيادة خلال الأزمات، حيث أكد الخبراء ضرورة وجود قيادة مرنة وحاسمة قادرة على اتخاذ القرارات بسرعة وفاعلية، فيما شملت تضمين التدريب على القيادة في إدارة الأزمات ضمن مؤسسات الاستجابة للطوارئ لتحسين عمليات اتخاذ القرار، إلى جانب تشجيع القيادات على تبنّي إستراتيجيات تكيفية تعتمد على البيانات الآنية والتغيرات المستمرة خلال الأزمات، فضلاً عن تطبيق أدوات التقييم الذاتي لقادة الأزمات لمساعدتهم على تطوير أساليبهم بشكل مستمر.
وتضمنت التوصية الخامسة، تعزيز المرونة الاقتصادية لمواجهة الكوارث، تم التأكيد من خلال هذا المحور على أهمية الاستعداد الاقتصادي كعامل محوري في التعافي من الأزمات، حيث استعرضت القمة تجارب دول أثبتت أن امتلاك المرونة المالية القوية يسهم في سرعة التعافي من الصدمات الاقتصادية، فيما تضمنت، دمج السياسات الاقتصادية الواعية بالمخاطر ضمن التخطيط الوطني، إلى جانب تطوير أُطر لإدارة الميزانيات الحكومية بما يضمن توفير احتياطيات مالية مخصصة لمواجهة حالات الطوارئ، فضلاً عن توسيع نطاق آليات التمويل المبتكرة لتلبية احتياجات الاستجابة الإنسانية.
وتم خلال القمة توقيع مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون والعمل المشترك، حيث وقّعت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث مذكرة تعاون مع «مجموعة بيورهيلث»، بهدف تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين في مجالات الاستجابة الطبية للطوارئ والأزمات والكوارث، وتطوير منظومة الرعاية الصحية باستخدام أحدث التقنيات والحلول الرقمية، إلى جانب التعاون في إعداد برامج تدريبية وتخصصية، وتبادل الدراسات والخبرات العلمية، ووضع خطط استمرارية الأعمال.
كما أبرمت الهيئة مذكرة تفاهم مع «كلية أبوظبي للإدارة»، بهدف توطيد التعاون في مجال إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، والعمل المشترك في تصميم وتقديم برامج أكاديمية وتدريبية متخصصة، وتعزيز البحث العلمي المشترك، واستكشاف تطبيقات مبتكرة للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
وشملت مجالات مذكرة التفاهم تنظيم مؤتمرات ومنتديات مشتركة تسهم في تبادل المعرفة، وتسليط الضوء على أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال الحيوي.
وفي إطار توسيع التعاون الدولي، وقّعت الهيئة مذكرة تفاهم مع وزارة حالات الطوارئ في جمهورية قيرغيزستان لتعزيز تبادل المعلومات والخبرات في مجال إدارة الكوارث والتقليل من آثارها.
وتنصّ المذكرة على تبادل الأبحاث العلمية والدعم الفني، والتعاون في مجالات الاتصالات والوقاية، وتوسيع نطاق العمل التطوعي، إضافة إلى تقديم المساعدة المشتركة في مواجهة آثار الكوارث الطبيعية والناجمة عن الأنشطة البشرية.