وصف كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة السابق، الدكتور أنتوني فاوتشي، أمام الكونغرس الاثنين، مزاعم الجمهوريين بأنه حاول التستر على أصول فيروس كوفيد-19 بأنها "غير معقولة".

وكانت لجنة فرعية يقودها الحزب الجمهوري قد أمضت أكثر من عام في التحقيق في استجابة البلاد للوباء، وما إذا كان للأبحاث التي تمولها الولايات المتحدة في الصين أي دور في كيفية ظهور الوباء - لكنها لم تجد أي دليل يربط فاوتشي بارتكاب مخالفات، وفقا لتقرير أسوشيتدبرس.

وكان أعضاء الكونغرس قد استجوبوا فاوتشي، خلف أبواب مغلقة لمدة 14 ساعة على مدار يومين في يناير. لكنه اليوم الاثنين، أدلى بشهادته على نحو طوعي علنا وأمام الكاميرا في جلسة استماع تحولت بسرعة إلى هجمات حزبية.

وكرر الجمهوريون اتهامات غير مثبتة ضد عالم معاهد الصحة الوطنية منذ فترة طويلة، بينما اعتذر الديمقراطيون عن تلطيخ الكونغرس لاسمه، وأبدوا أسفهم على ما وصفوه بضياع فرصة الاستعداد للتفشي التالي.

قال النائب الديمقراطي جيمي راسكين عن فاوتشي "إنه ليس الشرير في قصة في كتاب هزلي"، وأضاف أن اللجنة الفرعية المختارة المعنية بجائحة فيروس كورونا فشلت في إثبات صحة قائمة من المزاعم الضارة.

وكان فاوتشي المتحدث  الرسمي لاستجابة الحكومة المبكرة لكوفيد-19 في عهد الرئيس آنذاك دونالد ترامب، ولاحقا كمستشار للرئيس جو بايدن. وكان صوتا وثق به ملايين الأميركيين، وكان أيضا هدفا للغضب الحزبي. وبدا متأثرا الاثنين عندما تذكر التهديدات بالقتل وغيرها من المضايقات التي تعرض لها هو وعائلته، وهي التهديدات التي قال إنها لا تزال مستمرة. 

وخلال جلسة اليوم، اصطحبت الشرطة المقاطعين إلى خارج غرفة الاستماع.

القضية الرئيسية

يعتقد العديد من العلماء أن الفيروس ظهر على الأرجح في الطبيعة وانتقل من الحيوانات إلى البشر، ربما في سوق للحياة البرية في ووهان، المدينة الصينية حيث بدأ تفشي المرض. ولا توجد معلومات علمية جديدة تدعم أن الفيروس ربما تسرب من المختبر. ويقول تحليل للاستخبارات الأميركية إنه لا توجد أدلة كافية لإثبات أي من الاتجاهين - ووجد تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس مؤخرا أن الحكومة الصينية جمدت الجهود الحاسمة لتتبع مصدر الفيروس في الأسابيع الأولى من تفشي المرض.

ولطالما قال فاوتشي علنا منذ فترة طويلة إنه منفتح على كلتا النظريتين، ولكن هناك مزيد من الأدلة التي تدعم الأصول الطبيعية لـCOVID-19، أي بالطريقة التي انتقلت فيها الفيروسات القاتلة الأخرى، بما في ذلك أبناء عمومة فيروس كورونا، SARS وMERS، إلى البشر. وهو الموقف الذي كرره الاثنين عندما تساءل المشرعون الجمهوريون عما إذا كان قد عمل خلف الكواليس لإخماد نظرية التسرب من المختبر، أو حتى حاول التأثير على وكالات الاستخبارات.

وقال فاوتشي: "لقد ذكرت مرارا وتكرارا أن لدي عقلا منفتحا تماما لأي من الاحتمالين، وأنه إذا توفر دليل قاطع للتحقق من صحة أو دحض أي من النظريتين، فسوف أقبله، وعلى استعداد لقبوله". وسخر فاوتشي من نظرية المؤامرة التي تصوره، بحسب قوله، على أنه عميل سري في فيلم خيالي، قائلا كأنني "كنت أنزل بالمظلة في وكالة المخابرات المركزية مثل جيسون بورن وأخبرت وكالة المخابرات المركزية أنه لا ينبغي عليهم حقا التحدث عن تسرب الفيروس من المختبر".

واتهم الجمهوريون فاوتشي بالكذب على الكونغرس من خلال إنكاره أن وكالته مولت أبحاث "اكتساب الوظيفة" – وهي ممارسة تعزيز الفيروس في المختبر لدراسة تأثيره المحتمل في العالم الحقيقي - في مختبر في ووهان.

قدمت المعاهد الوطنية للصحة لسنوات منحا مالية لمنظمة غير ربحية في نيويورك تسمى “EcoHealth Alliance” وقد استخدمت هذه المنظمة جزءا من الأموال للعمل مع مختبر صيني يدرس الفيروسات التاجية التي تنقلها الخفافيش عادة. في الشهر الماضي، علقت الحكومة التمويل الفيدرالي لمنظمة إيكوهيلث، مشيرة إلى فشلها في مراقبة بعض تلك التجارب بشكل صحيح.

يغطي تعريف "اكتساب الوظيفة" كلا من الأبحاث العامة، والتجارب المحفوفة بالمخاطر بشكل خاص من أجل "تعزيز" قدرة مسببات الأمراض الوبائية المحتملة على الانتشار أو التسبب في مرض شديد لدى البشر. وشدد فاوتشي على أنه كان يستخدم تعريف التجربة المحفوفة بالمخاطر، قائلا: "سيكون من المستحيل جزيئيا" أن تتحول فيروسات الخفافيش التي تمت دراستها بأموال إيكوهيلث إلى الفيروس الذي تسبب في الوباء.

في حوار مع النائب الجمهوري مورغان غريفيث، أقر فاوتشي بأن تسرب المختبر لا يزال سؤالا مفتوحا لأنه من المستحيل معرفة ما إذا كانت بعض المختبرات الأخرى، غير الممولة من أموال المعاهد الوطنية للصحة، تجري أبحاثا محفوفة بالمخاطر مع فيروسات كورونا.

واجه فاوتشي مجموعة جديدة من الأسئلة حول مصداقية المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية التابع للمعاهد الوطنية للصحة، والذي قاده لمدة 38 عاما. 

في الشهر الماضي، كشفت لجنة مجلس النواب عن رسائل بريد إلكتروني من زميل في NIAID حول طرق التهرب من قوانين السجلات العامة، بما في ذلك عدم مناقشة القضايا الوبائية المثيرة للجدل في البريد الإلكتروني الحكومي.

وندد فاوتشي بتصرفات ذلك الزميل وأصر على أنه "على حد علمي لم أقم مطلقا بإجراء أي عمل رسمي عبر بريدي الإلكتروني الشخصي".

لم تكن أصول الوباء هي الموضوع الساخن الوحيد. إذ انتقدت لجنة مجلس النواب أيضا بعض إجراءات الصحة العامة المتخذة لإبطاء انتشار الفيروس قبل أن تساعد لقاحات كوفيد-19، التي حفزتها أبحاث NIAID، والسماح بالعودة إلى الحياة الطبيعية. 

ووصف رئيس اللجنة الفرعية النائب الجمهوري براد وينستروب الإجراءات التي تمثلت في مطالبة الناس بالبقاء على مسافة 6 أقدام ما أدى إلى إغلاق العديد من الشركات والمدارس والكنائس، بأنها "مرهقة" وتعسفية، مشيرا إلى أن فاوتشي أقر في شهادته السابقة خلف الأبواب المغلقة بأن تلك الإجراءات غير مدعومة علميا.

ورد فاوتشي الاثنين بأن مسافة 6 أقدام لم تكن مبدأه التوجيهي، بل هو المبدأ الذي أنشأته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها قبل أن يعلم العلماء أن الفيروس الجديد ينتقل عبر الهواء، ولا ينتشر ببساطة عن طريق القطرات المنبعثة من مسافة معينة.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

رغم انتهاء الجائحة.. الجدل والتشكيك في لقاحات كورونا ما زالا مستمرين

ترافقت جائحة كوفيد - 19 مع تفشٍ لـ"وباء معلومات"، وشكّلت الأزمة الصحية منبرًا لا مثيل له لشبكات التضليل، إذ أتاحت للمشككين في اللقاحات فرصة للبروز واكتساب شعبية لا تزال بعض الشخصيات تعيش عليها إلى اليوم، رغم مرور 5 سنوات.

من الكلام عن آثار جانبية خطرة إلى الادعاءات بشأن عدم خضوع اللقاحات إلى أي اختبارات مطلقًا، لم ينتظر مناهضو التطعيم حتى عام 2020 لنشر معلومات كاذبة عن اللقاحات.
لكن ظهور فيروس كورونا كان يمثل عاملًا مسرعًا ساعد في تحويل حركة كانت محصورة بفئات معينة إلى قوة أكثر نفوذًا، وفق دراسة نشرت نتائجها مجلة "ذي لانست" في عام 2023.

أخبار متعلقة إلزام تلقي اللقاحات قبل 10 أيام من العمرة وزيارة المسجد النبويضعف ولم يمت.. كورونا ما زال يهدد البشر بعد 5 سنوات من ظهورهبعد 5 سنوات على كورونا.. كيف أصبحت الحياة في ووهان الصينية؟نظريات المؤامرة المعتادة

قد أعطت الجائحة للمشككين في اللقاحات فرصة لتغيير استراتيجيتهم، إذ كانت مواقفهم في السابق تستهدف الأهل، نظرًا إلى أن الأطفال يتلقون أكبر عدد من الحقن، لكنهم أصبحوا يعتمدون خطابًا أكثر تشعبًا يستهدفون فيه جمهورًا أوسع بكثير.

وتوضح رومي سوفير، المحاضر في علم الاجتماع والمتخصصة في المعتقدات الطبية، أنه "خلال هذه الفترة، لاحظنا مجموعات عادة ما كانت مغلقة بشكل جيد تتجه نحو معارضة التطعيم".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الجدل والتشكيك في لقاحات كورونا ما زالا مستمرين - اليوم (أرشيفية)

إلى جانب نظريات المؤامرة المعتادة، نشر معتنقو مبادئ الطب البديل وشخصيات سياسية، وحتى عاملون في المجال الطبي سلسلة واسعة من التصريحات الكاذبة، أو التي لا أساس لها من الصحة بشأن اللقاحات أو الفيروس نفسه.

معارضة الإجماع العلمي

أثارت المناقشات الدائرة عن فاعلية الهيدروكسي كلوروكين كعلاج لكوفيد - 19، والتي روج لها ديدييه راؤول، الذي جرى إبطال دراسته التأسيسية أخيرًا - قلق جزء من السكان.

ومثله، برزت شخصيات أخرى لها رصيد علمي أو طبي من خلال معارضة الإجماع العلمي.

ويشير جيريمي ورد، الباحث في المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية والمؤلف المشارك لتقرير واسع النطاق عن التطعيم في فرنسا منذ عام 2020، إلى أنه "وراء هؤلاء الأطباء المنتشرين إعلاميًا والمتطرفين في بعض الأحيان، هناك قضايا أوسع تتعلق بالثقة في السلطات الصحية".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الجدل والتشكيك في لقاحات كورونا ما زالا مستمرين - اليوم (أرشيفية)

الدفاع عن الحريات

يقول الباحث في علم النفس الصحي جوسلان رود، إنه إلى جانب المخاوف الصحية، فإن "هذه الحركة تتمحور بشكل أساسي حول الدفاع عن الحريات الفردية".
ويتجلى ذلك من خلال المظاهرات الكثيرة في مختلف أنحاء العالم ضد القيود المتخذة لمكافحة الوباء والتطعيم الإجباري.

وسمحت الجائحة للحركة المناهضة للقاحات بمواصلة تقاربها مع اليمين المحافظ، ما حمل نشطاءها في بعض الأحيان إلى أعلى مستويات السلطة السياسية، ويظل روبرت كينيدي جونيور أفضل مثال على ذلك.

فقد رُشح هذا المحامي البيئي السابق، وابن شقيق الرئيس الأمريكي جون كينيدي، من جانب دونالد ترامب لتولي وزارة الصحة الأمريكية.

ويشكل ذلك انتصارًا واعترافًا بمعارضي التطعيم الذين كان روبرت كينيدي جونيور يسير بجانبهم خلال المظاهرات، كما كان يؤكد على سبيل المثال أن كوفيد - 19 هو فيروس "مستهدف عرقيًا".

نشر أخبار مزيفة خلال الجائحة

بحسب "مركز مكافحة الكراهية الرقمية" (CCDH)، وهي منظمة غير حكومية تحارب التضليل عبر الإنترنت، فإن كينيدي ومنظمته المناهضة للقاحات "تشيلدرنز هلث ديفنس" ("Children's Health Defense") التي انسحب منها مؤقتًا، كانت من بين أكبر 12 ناشرًا للأخبار المزيفة خلال الجائحة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الجدل والتشكيك في لقاحات كورونا ما زالا مستمرين - اليوم (أرشيفية)

ويوضح رئيس قسم الأبحاث في المركز كالوم هود أن روبرت كينيدي جونيور كان يدير أحد أسرع الحسابات المناهضة للقاحات نموًا خلال الجائحة.
وقال: نحن نتحدث عن جمهور من مئات الآلاف أو الملايين من الأشخاص، هذا موقف قوي جدًا لبناء قاعدة من المتابعين لدعم طموحاته السياسية.

نظام مضاد وشبكات اجتماعية

خلال الجائحة، كانت وسائل التواصل الاجتماعي بالفعل "رأس الحربة لمحاولات نشر معلومات مضللة عن اللقاحات"، على ما يلاحظ نويل تي بروير، الأستاذ في كلية الصحة العامة بجامعة نورث كارولينا، وأحد معدي الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة "ذي لانست".

ولكن من الصعب تحليل العواقب على الصحة العامة.
ويقول جوسلان رود: "يعتقد بعض الباحثين أن التعرض المتكرر للمعلومات المضللة قد يدفع الناس إلى الامتناع عن تلقي التطعيم، في حين يعتقد آخرون أن آثار هذا التعرض محدودة نسبيًا، لأنه يسمح لهم فقط بتبرير التردد القائم أصلًا لديهم قبل التطعيم".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الجدل والتشكيك في لقاحات كورونا ما زالا مستمرين - اليوم (أرشيفية)

اليوم، فقدت الحركة بعض زخمها مع تراجع الاهتمام بكوفيد - 19، لكن أولئك الذين اكتسبوا شهرة من خلال نشر المعلومات المضللة خلال الجائحة تعلموا كيفية تجديد أنفسهم.

ويوضح لوران كوردونييه، عالم الاجتماع ومدير الأبحاث في مؤسسة ديكارت، أن "هذه هي الحسابات نفسها التي تشارك الآن محتوى يؤيد روسيا أو يشكك في تغير المناخ".

ويضيف الباحث: "هناك جانب استراتيجي، ولكن هناك أيضًا تماسك حقيقي في التعامل مع هذه الموضوعات المختلفة التي لا يبدو أن هناك أي رابط بينها، وقوة الدفع هنا هي النظام المضاد".

مقالات مشابهة

  • الأعلى للإعلام يتصدى لإعلانات المنتجات الغذائية غير الصحية.. تفاصيل
  • إنفلونزا الطيور.. تطعيم الدواجن قد يساعد الفيروس على التطور
  • كيف غيرت جائحة كورونا حياة الإعلامي محمود سعد؟
  • رغم انتهاء الجائحة.. الجدل والتشكيك في لقاحات كورونا ما زالا مستمرين
  • أنغام: والدي أسس أستوديو في التسعينيات وكان يصنع داخله أعماله الموسيقية والغنائية
  • تموين العامرية بالإسكندرية يتصدى للاستيلاء على أموال الدعم وتحقيق أرباح غير مشروعة
  • "داوود" يتقدم بسؤال برلماني ضد احتكار معامل "المختبر - ألفا - البرج"
  • شرطة الشارقة تكشف عن 'مختبر البصمات الجديد'
  • الفيروس القاتل يعود ليهدد إفريقيا..وفاة المصابين في غضون 8 أيام
  • صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية: “نجيم” اعتقل في الفندق وكان يخطط للذهاب إلى ملعب تورينو