يشكل العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة  معضلة في السياسة الخارجية لحزب العمال البريطاني حال وصل إلى السلطة في الانتخابات العامة المقررة في الرابع من تموز /يوليو القادم، لاسيما مع تعرض الاحتلال الإسرائيلي لأزمات على صعيد القانون الدولي الذي انتقل إلى مركز الصدارة في الحرب، حسب تقرير لصحيفة "الغارديان".



وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير ترجمته "عربي21"، إن إجراء انتخابات مبكرة، واليقين بأن أزمة غزة لن يتم حلها بحلول يوم الاقتراع، يعني أن زعيم العمال كير ستارمر يعرف مقدما أول تحدي في السياسة الخارجية لرئاسته المتوقعة للوزراء. 

وأضافت أنه حتى لو تم قبول اقتراح السلام الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة من قبل كل من إسرائيل وحماس، وهو أمر ستشجعه وزارة خارجية عمالية، فلا تزال هناك قضايا كبيرة تتعلق بالدور المستقبلي لحماس وإيران في سياسات الشرق الأوسط، وكذلك سلوك إسرائيل خلال الصراع، واستعادة الثقة في عالمية القانون الدولي. 

ويرى التقرير أن الضغوط الحزبية الداخلية، وخلفية ستارمر كمحامي في مجال حقوق الإنسان، والطريقة التي تم بها دفع القانون الدولي بشكل غير متوقع إلى مركز الصدارة في الصراع، دفعت حزب العمال إلى إبعاد نفسه ببطء عن دعمه الواسع السابق لنهج الحكومة. أما مدى ترجمة ذلك إلى سياسة صارمة داخل وزارة الخارجية فهو أمر محل خلاف. 


وشدد على أن الضغوط سوف تتدفق بطرق عديدة، فقد أصدر أصدقاء إسرائيل العماليون (LFI) منشورا الأسبوع الماضي يوافق فيه على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولكن فقط عندما تحصل إسرائيل على ضمانات أمنية ذات مصداقية. على النقيض من ذلك، قامت "نعامود"، وهي إحدى الجماعات اليهودية البريطانية المعارضة للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بتوزيع قائمة مرجعية من الأسئلة التي يجب على الأطراف الإجابة عليها، بما في ذلك الدعوة إلى وقف كامل لإطلاق النار ووقف صادرات الأسلحة. 

وأظهر مقطع فيديو مسرب لنائبة زعيم العمال، أنجيلا راينر، وهي تتحدث إلى الناخبين المسلمين في نهاية الأسبوع الماضي، قلقا بشأن التوقعات، حسب التقرير.

وعدت راينر بأن تعترف حكومة حزب العمال بالدولة الفلسطينية، لكنها لم تحدد موعدا وقالت إنه "لا يوجد ما يمكن الاعتراف به في الوقت الحالي - لقد تم القضاء عليها". كما قللت من فكرة أن حزب العمال وحده يمكن أن يجبر إسرائيل على تغيير مسارها، قائلة: "إذا دخل حزب العمال إلى الحكومة، فإننا محدودون. سأكون صادقة، بايدن من الولايات المتحدة، الذي يتمتع بنفوذ أكبر بكثير، لم يحصل إلا على تأثير محدود. قطر والسعودية تعملان جميعا على وقف ما يحدث". 

وأشار التقرير إلى أن ستارمر سيكون، كرئيس للوزراء، عازما على إظهار أنه يظل يقظا في القضاء على معاداة السامية المرتبطة بالحزب تحت قيادة جيرمي كوربن. وهو يقدر الثناء الذي تلقاه مؤخرا من إدوين شوكر، نائب رئيس مجلس نواب اليهود البريطانيين المنتهية ولايته، الذي قال إن ستارمر قام بمعجزة في تغيير الحزب. 

وفي الوقت نفسه، لفت التقرير إلى أنه سيكون هناك مزاج جديد في وستمنستر، موضحا أن تراجع نفوذ أصدقاء إسرائيل المحافظين، المقربين من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحزب الليكود، والصعود المقابل لحزب أصدقاء إسرائيل، الأكثر انتقادا لنتنياهو، من شأنه أن يغير لهجة النقاش. 

وقال إن دعم حزب العمال لإسرائيل أصبح مشروطا ببطء ولكن بشكل متزايد. لقد قطع ستارمر ووزير خارجية الظل، ديفيد لامي، شوطا طويلا منذ ألقى الزعيم خطابا في تشاتام هاوس في 31 تشرين الأول/أكتوبر معارضا فيه وقف إطلاق النار، ولكن ليس وقفا إنسانيا، لأنه سيترك حماس في وضع يسمح لها بشن المزيد من الهجمات. 

وأشار إلى أنه مع تزايد أحكام المحاكم الدولية المناوئة وتزايد عدد القتلى، تكيف حزب العمال بطريقة ربما لا تحظى بالتغطية الكافية. إن الالتزام الشامل بسيادة القانون الدولي الذي ولد في شركة محاماة ستارمر في دوختي ستريت في التسعينيات كان له عواقب.

وفي 20 أيار/ مايو، قال لامي للنواب: "يعتقد حزب العمال أن المملكة المتحدة وجميع الأطراف في نظام روما الأساسي لديهم التزام قانوني بالامتثال للأوامر والمذكرات الصادرة عن [المحكمة الجنائية الدولية]. إن الديمقراطيات التي تؤمن بسيادة القانون يجب أن تخضع له". 

وأضاف: "يعتقد حزب العمال أنه يجب دعم واحترام استقلال المحكمة الجنائية الدولية، وأنه من الصواب أن تعالج المحكمة سلوك جميع الأطراف. أوامر الاعتقال ليست إدانة أو تحديد بالذنب، لكنها تعكس الأدلة وحكم المدعي العام حول أسباب المسؤولية الجنائية الفردية". 

ووفقا للتقرير، فإن هذا يعني في ظاهر الأمر، أنه إذا صدرت أوامر الاعتقال، كما طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وظل نتنياهو رئيسا للوزراء، فسيكون من الحكمة ألا يقوم بزيارة بريطانيا. سيكون الانفصال بين الكونغرس الأمريكي الذي يمتدح نتنياهو ووزراء حزب العمال الذين يسعون لاعتقاله صارخا. كما أنه يعني ضمنا أن حزب العمال سوف يتخلى عن اعتقاد حزب المحافظين بأن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص في فلسطين. 

في مقابلة مع صحيفة "جويش كرونيكل"، كان انتقاد ستارمر الوحيد للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، هو السماح بأي اقتراح بالتكافؤ الأخلاقي بين حماس وإسرائيل. 

وبالمثل، حث لامي إسرائيل على الامتثال لما وصفه بـ "الأوامر الملزمة" الصادرة عن محكمة العدل الدولية لإنهاء هجومها على رفح. ويقول حزب العمال إنه يعارض العمل العسكري وأنه يجب أن يؤدي إلى تعليق صادرات الأسلحة والمكونات التي يمكن استخدامها في الهجوم، وفقا للصحيفة.

وذكر التقرير أنه عندما سئل ستارمر الأسبوع الماضي عما ينبغي لإسرائيل أن تفعله بعد هجوم رفح الذي أسفر عن استشهاد 45 فلسطينيا، كان رد ستارمر ــ "التوقف" ــ فعالا لإيجازه ووضوحه. ولكنه سوف يكون أكثر أهمية إذا كان ذلك يعني ضمنا أنه، كما هو الحال مع بعض المسؤولين في وزارة الخارجية، لم يعد يشارك نتنياهو إيمانه بتحقيق نصر عسكري كامل على حماس، أو أن هذا النصر لا يمكن تحقيقه بثمن مقبول من حيث الوفيات بين المدنيين. 

ولفت إلى أن الموقف الحالي لوزارة الخارجية مختلف تماما. فهي تعارض شن هجوم عسكري كبير على رفح، لكنها لا تحدد ما هو. 

وأشار تقرير الصحيفة البريطانية، إلى أنه في 22 آذار/ مارس، طلب حزب العمال نشر المشورة القانونية الصادرة عن وزارة الخارجية، أو ملخصا لها، والتي يبدو أنها لا تزال تنص على أن تراخيص تصدير الأسلحة البريطانية يمكن أن تستمر نظرا لعدم وجود خطر واضح بحدوث انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي. سيكون من غير النفاق، ولكن بالكاد غير المسبوق، أن لا ينشر حزب العمال النصيحة التي أصر، في المعارضة،  أن من حق النواب الاطلاع عليها. 

وعلى الرغم من أنه ربما يكون من غير المناسب الاطلاع على أوراق حكومة سابقة، إلا أن موظفي الخدمة المدنية يدركون أن نصائحهم الحالية قد يتم نشرها وأن العملية العشوائية برمتها قد تخضع لمزيد من التدقيق الوزاري المتشكك. لكن أحد التغييرات المحتملة التي لم يتبناها لامي هو الاقتراح الذي قدمته سلفه إميلي ثورنبيري لأول مرة، والذي يقضي بفحص هيئة مستقلة من الخبراء تراخيص تصدير الأسلحة، حسب صحيفة "الغارديان".


وقال التقرير إن انتقادات حزب العمال المتزايدة لسلوك إسرائيل في الحرب منفصلة عن أي دور متميز قد يلعبه الحزب في حل الصراع وتأمين حل الدولتين. وهنا سوف يشكل حزب العمال صوتا واحدا بين أصوات كثيرة، وسوف يتحدد دوره إلى حد كبير من خلال الانتخابات في إسرائيل والولايات المتحدة. 

وأضاف أن ورقة أصدقاء إسرائيل العماليين حول الاعتراف بفلسطين تعطي أدلة حول المعايير التي قد يعمل لامي ضمنها. إن أصدقاء إسرائيل العماليين لا تشكل القوة التي أثبتها أصدقاء إسرائيل المحافظون، ولكنها تعكس الرأي اليهودي الليبرالي. وفي منشورها الأخير، انتقلت من الإصرار على أن الاعتراف الفلسطيني يجب أن يأتي فقط في نهاية المحادثات الثنائية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتقول إن ذلك يجب أن يأتي كجزء من سلسلة من التنازلات الدبلوماسية الإضافية. 

وهي تتوخى إصلاح السلطة الفلسطينية التي تدير قطاع غزة منزوع السلاح. وأن يتم استبعاد حماس من انتخابات السلطة الفلسطينية، وسيطلب من جميع المرشحين التنصل من العنف. وسيتم تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وسيتم نقل بعض الأراضي في الضفة الغربية من الإدارة المشتركة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية وحدها. ويقول أصدقاء إسرائيل العماليون إن دولة فلسطينية بقيادة السلطة الفلسطينية يمكن تسويقها للإسرائيليين المتشككين "باعتبارها أعظم تحوط متاح ضد عودة حماس، والطريق إلى اتفاق إقليمي واقتصادي وأمني، وهزيمة إيران". 

وأشارت الصحيفة إلى أن تحدي إيران مدرج على أجندة حزب العمال. وتدعم هذه الأجندة تصنيف الحرس الثوري كمنظمة محظورة، وهو أمر تعارضه وزارة الخارجية، خشية أن يؤدي ذلك إلى إنهاء العلاقات الدبلوماسية مع طهران. 

فهل يستطيع حزب العمال فعلا أن يلعب دورا في صنع السلام في الشرق الأوسط؟ على الأغلب لا، وفقا للصحيفة البريطانية.

وذكر التقرير أن بريطانيا تشعر أن أمامها الكثير لتفعله من أجل إعادة التواصل في جميع أنحاء العالم، وأن فلسطين ظلت مثلث برمودا دبلوماسيا لعقود من الزمن. كما أن عددا أقل من زعماء الخليج يهمهم رأي لندن. لكن لامي يعلم أن تهمة المعايير المزدوجة عالقة في الجنوب العالمي، ويريد تدويل القانون من خلال دعم محكمة دولية لمكافحة الفساد. وقد جادل المركز الفكري (Labour Together)، الذي حاول ابتكار النزعة الستارمرية، بأن وزارة الخارجية العمالية يمكن أن تلعب دورا مميزا في حل النزاعات، وهو نوع من النسخة الغربية من الوساطة القطرية. إذا كنت تبحث عن مكان مناسب، فقد يجد حزب العمال هذا جذابا. 

في نهاية المطاف، أشار التقرير إلى أنه نطاق المناورة سيعتمد على السياق وما إذا كان الاحتكار الثنائي الذي تواجهه بريطانيا هو ترامب- نتنياهو أو شيء مثل بايدن - غانتس. إذا كان الأول، فإن المدافعين عن سيادة القانون الدولي يدركون أن شتاء مظلما ينتظرنا. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال حزب العمال بريطانيا بريطانيا غزة الاحتلال حزب العمال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة الجنائیة الدولیة وزارة الخارجیة أصدقاء إسرائیل القانون الدولی حزب العمال إلى أنه یجب أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

مناطق ج قلب الضفة الغربية الذي تخنقه إسرائيل

مناطق "ج" هي أكبر مناطق الضفة الغربية في فلسطين، وظلت لسنوات مطمع أقصى اليمين الإسرائيلي. تشكلت مناطق "ج" وفق التقسيم الذي أفرزته اتفاقية أوسلو الثانية عام 1995، وتمثل 61% من مجموع أراضي الضفة.

تسيطر السلطات الإسرائيلية على الإدارة المدنية والأمنية في مناطق "ج"، الأمر الذي مكنها من استغلال المنطقة من أجل التوسع في مشاريعها الاستيطانية، والتضييق على التجمعات السكانية الفلسطينية.

تعمل إسرائيل على تقويض الظروف المعيشية للفلسطينيين داخل مناطق "ج" عبر منعهم من استغلال الأرض ومواردها، وحرمانهم من تراخيص البناء وعدم تمكينهم من إصلاح وترميم مساكنهم.

كما تخضع تنقلاتهم لنظام معقد من التصاريح والإجراءات الإدارية التي تقيد حركتهم، بفعل امتداد الجدار الفاصل والحواجز العسكرية والمتاريس المنتشرة على الطرق في كل مكان.

في ظل هذه الإجراءات المشددة، يعيش الفلسطينيون في مناطق "ج" حياة قاسية، إذ يحرمون من أبسط الحقوق، ويتعرضون لملاحقات متواصلة من قبل الاحتلال، الذي يفسح المجال بلا قيود للتوسع الاستيطاني.

الموقع

تقع مناطق "ج" في قلب الضفة الغربية وسط فلسطين، بالقرب من المسطح المائي الذي يشمل كلا من البحر الميت ونهر الأردن وبحيرة طبريا، وتمثل هذه المناطق حوالي 61% من المساحة الإجمالية للضفة الغربية، وتشمل أراضي متفرقة، يقع الجزء الأكبر منها في حدود المجالس المحلية والإقليمية للمستوطنات، وتمثل 70% من مجموع أراضي المنطقة.

إعلان

يحدها الأردن من الناحية الشرقية، بينما يحيط بها جدار إسمنتي يبلغ طوله 713 كيلومترا من باقي الجهات، وهو الجدار الذي تسميه إسرائيل "جدار منع العمليات الإرهابية"، وتطلق عليه الحكومة الفلسطينية "جدار الضم والتوسع"، وقد شرعت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون ببنائه في 23 يونيو/حزيران 2002، على امتداد خط الهدنة لسنة 1949.

السكان

يبلغ عدد الفلسطينيين في مناطق "ج" نحو 354 ألفا، وفق تقديرات فلسطينية عام 2023، وهو ما يمثل 10% من الفلسطينيين في الضفة الغربية كلها، ويعيش ما يقارب 90% الآخرون في المناطق أ والمناطق ب.

إلى جانب الفلسطينيين، تضم مناطق "ج" -باستثناء القدس الشرقية– حوالي 386 ألفا من المستوطنين الإسرائيليين إلى حدود عام 2019.

تتولى ما تعرف في إسرائيل بـ"إدارة منطقة يهودا والسامرة" إدارة شؤون المستوطنين اليهود في مناطق "ج"، بينما يتم تدبير شؤون السكان الفلسطينيين من قبل المنسق الإسرائيلي للأنشطة الحكومية في تلك المناطق.

وفق تقرير صادر عن المجلس النرويجي للاجئين في مايو/أيار 2020، تمنع أنظمة التخطيط والتقسيم الإسرائيلية الفلسطينيين من البناء في حوالي 70% من مساحة مناطق "ج" (المناطق التي تدخل في حدود المجالس الإقليمية للمستوطنات)، في الوقت الذي تجعل فيه الحصول على تصاريح البناء في 30% المتبقية شبه مستحيل.

المجمعات السكنية الفلسطينية الواقعة في مناطق "ج" لا تتصل بشبكة المياه، مما يدفع السكان إلى اقتناء المياه المنقولة بالصهاريج، كما أن عمليات الهدم والطرد وحرمان الفلسطينيين من حقهم في السكن، تزيد من وطأة الفقر وقساوة الظروف المعيشية، وهو ما يجعلهم عرضة للتهجير.

التاريخ

ظهرت مناطق "ج" نتيجة لما يعرف بـ"اتفاقية طابا"، وهي اتفاقية مرحلية أبرمتها منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بشأن إدارة الحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة، جرت مباحثاتها في طابا بمصر ووقعت رسميا في واشنطن يوم 28 سبتمبر/أيلول 1995، واشتهرت بـ"اتفاقية أوسلو 2″ لكونها أحد ملحقاتها التفصيلية المهمة.

إعلان

قضى هذا الاتفاق بتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى ثلاث مناطق مميزة في الضفة الغربية وهي المناطق (أ) و(ب) و(ج)، وهي مناطق تفصل بينها حواجز ومستوطنات ومعسكرات لجيش الاحتلال، ولكل منطقة ترتيبات وسلطات أمنية وإدارية مختلفة عن الأخرى.

تخضع المناطق "أ" للسيطرة الفلسطينية بالكامل، وتمثل حوالي 21% من مساحة الضفة الغربية، وتتشكل من مناطق حضرية بشكل أساسي (مدن وبلدات؛ كالخليل، ورام الله، ونابلس، وطولكرم، وقلقيلية)، تكون فيها صلاحية حفظ الأمن الداخلي للفلسطينيين عبر انتشار دوريات تابعة لشرطة السلطة الفلسطينية في الشوارع.

في حين تخضع المناطق "ب"، التي تشكل ما يقارب من 18% من أراضي الضفة، لتدبير مدني فلسطيني وسيطرة أمنية إسرائيلية، وتتكون من ضواحي المدن والقرى المتاخمة للمراكز الحضرية الواقعة في المناطق "أ".

أما المناطق "ج" فتمثل 61% من مساحة الضفة الغربية، وتقع تحت السيطرة الكاملة للجيش الإسرائيلي، وتشمل المستوطنات والطرق والمناطق الإستراتيجية.

وكان من المفترض -وفق ما نصت عليه اتفاقية أوسلو 2- أن يستمر هذا التقسيم خمس سنوات فقط، تمهيدا لإنشاء الدولة الفلسطينية بضم أراضي المنطقتين "ب" و"ج" لأراضي المناطق "أ"، غير أنه لا شيء من ذلك تحقق على أرض الواقع، بل بسط الاحتلال الإسرائيلي سيطرته الأمنية على المناطق "أ" مع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000.

موارد طبيعية في خدمة الاحتلال

تتميز مناطق "ج" بكونها من أغنى المناطق الفلسطينية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك مصادر المياه والمحميات الطبيعية، إذ تحتوي على معظم المراعي والأراضي الزراعية، إضافة إلى بعض الأماكن الأثرية.

تزخر مناطق "ج" بإمكانات كبيرة للتنمية الحضرية والنهضة الزراعية في الضفة الغربية، واستغلالها يمكن أن يساهم في تطوير الاقتصاد الفلسطيني وإنعاشه، إلا أن سياسات الاحتلال تمعن في حرمان الفلسطينيين من الاستفادة من هذه الموارد.

إعلان

تسيطر السلطات الإسرائيلية على مقومات الحياة الأساسية، وتستحوذ على حوالي 80٪ من مصادر المياه في الضفة الغربية، مما يحرم معظم الفلسطينيين في مناطق "ج" من الاتصال بشبكات المياه، كما أنها تعمل باستمرار على تقليص مساحات الأراضي الزراعية وتطويق المزارعين الفلسطينيين بـ"دواع أمنية".

في المقابل تشهد مناطق الأغوار والجزء الشمالي من البحر الميت تركيزا استيطانيا كثيفا، وتعمل السلطات الإسرائيلية على تيسير كل سبل استفادة المستوطنين من هذه الأراضي، التي تعد أخصب أراضي الضفة الغربية وأغناها بالمصادر المائية.

سياسة الهدم والتهجير

تمعن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في بسط سيطرتها على المناطق "ج" من خلال سن تشريعات واعتماد سياسات تهدف إلى ضمها والسيطرة عليها. فقد شهدت تلك المناطق في الفترة الممتدة ما بين 2010 و2025 سياسة مكثفة لهدم المنشآت وتهجير السكان.

وتركزت عمليات الهدم الإسرائيلية على مدى 15 عاما أساسا في مناطق "ج"، وإن اتسعت في عامي 2023 و2024 لتشمل مناطق "أ" و"ب".

ووفقا لتقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، للفترة بين 1 يناير/كانون الثاني 2010 و1 يناير/كانون الثاني 2025، فإن الاحتلال الإسرائيلي هدم نحو 8 آلاف و765 منشأة فلسطينية في مناطق "ج"، أغلبها بذريعة البناء دون ترخيص، منها 3107 منشآت زراعية و2025 مسكنا مأهولا ونحو 700 مسكن غير مأهول.

وتسببت عمليات الهدم في مناطق "ج" في تهجير قرابة 10 آلاف فلسطيني، وتضرر نحو 192 ألفا و548 آخرين، وفق الأمم المتحدة.

ووفق المعطيات ذاتها فقد طالت عمليات الهدم 400 منشأة في خربة طانا شرق نابلس، و211 منشأة في خربة حَمصة، و200 منشأة في تجمع أبو العجاج في الجِفتلك، و154 في خربة الرأس الأحمر، و148 في تجمع فصايل الوسطى، وجميعها في الأغوار.

كما شملت عمليات الهدم 146 منشأة في محافظة الخليل جنوبي الضفة، و142 في بلدة عناتا شمال شرق القدس، وتوزعت باقي المنشآت على باقي محافظات الضفة.

إعلان

وإجمالا طال الهدم 2197 منشأة في جميع مناطق الضفة (أ، ب، ج) منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 1 يناير/كانون الثاني 2025، تسببت عمليات الهدم في تهجير 5 آلاف و371 فلسطينيا، وتضرر نحو 535 ألفا آخرون.

وتركزت عمليات الهدم خارج مناطق "ج" في مخيم طولكرم وطالت 203 منشآت، ثم مخيم نور شمس وطالت 174 منشأة، يليه مخيم جنين وطالت 144 منشأة، وتوزعت باقي العمليات على باقي محافظات الضفة.

وفق تقارير الأمم المتحدة، فإن "معظم المباني التي يتم هدمها في الضفة الغربية يتم استهدافها بسبب عدم حصولها على تصاريح بناء صادرة عن الاحتلال، والتي يكاد يكون من المستحيل على الفلسطينيين الحصول عليها بموجب قوانين وسياسات التخطيط والتصاريح التمييزية الإسرائيلية".

مقالات مشابهة

  • هل يعاقب الناخب العراقي الفاسدين في الانتخابات المقبلة؟
  • نائب يعلق على امكانية مشاركة الفاسدين في الانتخابات المقبلة
  • نائب يعلق على امكانية مشاركة الفاسدين في الانتخابات المقبلة - عاجل
  • الأحزاب السياسية تستعد لمعركة 2026 بتشكيل لجان الإنتخابات
  • بنبعد الله يدعو إلى إبعاد كل من تحوم حوله شبهات فساد من الإنتخابات المقبلة
  • نزع سلاح العمال الكردستاني يثير الرعب في إسرائيل
  • مناطق ج قلب الضفة الغربية الذي تخنقه إسرائيل
  • لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟
  • باحث سياسي: مصر تتصدر جهود العرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية
  • يقود جهود الوساطة.. هل يكون ستارمر الصوت الذي يكسر عناد ترامب؟