قال إبراهيم عليه السلام “واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم”. وقس على ذلك محبة المدينة المنورة في قلوب الملايين من المسلمين. فهما كما يقول المثل:” عينين في راس”.
لكن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- روي عنه قوله: ( يا أهل اليمن يمنكم ويا أهل الشام شامكم) وقالوا إنه كان يقصد بذلك أن تبقى هيبة الكعبة المشرفة في صدور الحجاج ،،لأنهم إذا أقاموا في مكة وألفوا رؤية الكعبة كل يوم ،ذهب عنهم الشعور بتقديس هذا البناء.
لقد بحثت سنوات عديدة ،فلم أعرف في أي عهد من التاريخ التركي كان عارف حكمت نائباً في البرلمان التركي. لقد قال فتح الله كولن صاحب كتاب “النور الخالد” إن هذا النائب نذر لله لئن يسر الله رحلته ووصل إلى المدينة المنورة لسوف يتمرغن في ترابها. فلما وصل إلى مطار المدينة وهبط من سلم الطائرة، كان أول شيء فعله هو أن رمى نفسه وأخذ يتمرّغ ببدلته الجديدة على تراب المطار حتى وفّى بنذره.
وهذا عمران خان رئيس وزراء باكستان الأسبق لما زار المدينة المنورة ،خلع الحذاء وأخذ يمشي حافياً وهو يقول :”ما كان لعمران خان أن يسير بحذائه في أرض سار فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.”
وقد قرأت أن الإمام مالك بن انس -رحمه الله- ما كان يمشي في المدينة إلا حافيا لا ينتعل توقيراً للأرض التي عاش فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار على ترابها.
وقص علي صديق عزيز أن الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة طلبت من الأزهر الشريف ترشيح بضعة علماء متخصصين في قراءات القرآن الكريم. وقد أرسل الأزهر إلى الجامعة العلماء المطلوبين ثم بعد سنوات ،وصل طلب من الأزهر إلى وزير الحج – هذا ما فهمته – لإعادة هؤلاء الشيوخ إلى وظائفهم. فقال للرسول :تفاهم معهم ،فإن وافقوا فلا مانع لدينا. فلما كلمهم الرسول واحدا واحدا كلهم رفضوا العودة إلى مصر وقالوا :”هنا المحيا والممات.”
وذكر المطوف علي أبو العلا أنه خلال رحلته في بلاد الصعيد بمصر، قبل نحو سبعين سنة، لترتيب حملة حجاج من هناك ،وقع في مصيدة قطاع الطرق، فما كان من سائق السيارة المصري إلا أن أوقف السيارة وصاح قائلاً: معي ضيف من مكة الكرمة وسيارتنا تحتاج إلى رجالة يدفعونها لكي تواصل رحلتها. فقال أحد رجال العصابة: (ضيف من مكة يللا ساعدوا السائق)، فترك اللصوص أسلحتهم وأخذوا يد فعون السيارة حتى انطلقت ،وبذلك نجوا من العصابة.
قال المطوف أبو العلا -رحمه الله-: ( فلم أتمالك عينيّ من الدمع عندما رأيت قطاع الطرق يحترمونني ويتركون حرفتهم الإجرامية لأني من أهل مكة المكرمة.)
اللهم اجعل لنا في إحدى المدينتين قراراً ،وارزقنا فيها رزقاً حلالاً.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: المدینة المنورة
إقرأ أيضاً:
أبي لا يريد صلتي له فهل أعد قاطعًا للرحم إن قاطعته؟ الأزهر يجيب
تلقى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية سؤالا يقول صاحبه: أبي لا يريد صلتي له، هل أعد قاطعًا للرحم إن قاطعته ونفذت رغبته؟.
وأجاب الأزهر للفتوى عبر موقعه الرسمى عن السؤال قائلا: إن الله تعالى أمر ببر الوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما فقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}. [الإسراء: 23]
وأضاف: كما حذر سبحانه من عقوق الوالدين، وجعله ذنبًا من كبائر الذنوب، فقال سيدنا رسول الله ﷺ: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» وذكر منها: «َعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ». [أخرجه البخاري] .
أما قول السائل: (أبي لا يريد صلتي ..)، فعليه أن يبحث عن أسباب جفاء أبيه له، وإعراضه عنه، وأن يجتهد في إرضائه، وكسب وده، وتجنب مواطن غضبه، وليعلم أنه من المجاهدين في سبيل الله سبحانه؛ فقد جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ ﷺ، فَاسْتَأْذَنَهُ في الجِهَادِ، فَقَالَ: «أحَيٌّ والِدَاكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِما فَجَاهِدْ». [أخرجه البخاري]
ونصح السائل بأن يستمر في بر والده وحسن صحبته، وإن تطلب منه ذلك بعض الوقت والجهد؛ ولا حرج عليه بعد ذلك، ما دام يبذل الأسباب؛ رجاء أن يجازيه الله في الدنيا ببر أولاده له، وأن يرزقه جنته في الآخرة.
هل يجوز قطع صلة الرحم مع الأقارب الذين يُكثرون من الإساءة إليّ ولأسرتي؟
تلقى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية سؤالا يقول صاحبه: هل يجوز قطع صلة الرحم مع الأقارب الذين يُكثرون من الإساءة إليّ ولأسرتي؟
وقال مركز الأزهر للفتوى: انه من المعلوم أن الله تعالى حث المؤمنين المستجيبين له سبحانه ولرسوله ﷺ أن يصلوا أرحامهم؛ فقال تعالى: {وَاتَّقُوُا اَللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}. [النساء: 1]
وأشار الى انه لا خلاف في أن صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطعيتها معصية عظيمة؛ قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}. [محمد: 22]
ومن هنا نعلم أن صلة الأرحام من الطاعات المهمة التي أمر بها رب العالمين عز وجل.
وذكر أنه ربما يصل الإنسان رحمه فيقطعها من يصلهم، وربما يحسن إلى ذوي رحمه فيسيئون إليه، وقد حدث ذلك على عهد سيدنا رسول الله ﷺ، وجاءه رجل يشكو من مثل ما يشكي منه السائل الكريم، من إساءة وسوء معاملة، فعن أبي هريرة، أن رجلًا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأُحسِن إليهم ويُسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: «لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك». [أخرجه مسلم]
ووجه كلامه للسائل وقال عليك الصبر على إيذائهم، وابتغاء المثوبة والجزاء الجزيل من رب العالمين على ذلك، وإن كنت على يقين أنهم لن يَكُفُّوا عن الإساءة لك ولأهلك، فلتكن صلتك بهم بأدنى درجات الصلة، في المناسبات والأعياد، وتهنئتهم في أفراحهم، وعيادة مريضهم، ومواساتهم في مصابهم، ولو عن طريق الهاتف، ولكن يحرم عليك القطيعة بشكل كامل.