هل هناك تباين بين المقترح الإسرائيلي للصفقة وإعلان بايدن؟.. محللون يجيبون
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
في خطوة تعكس غموضا وارتباكا، أبدت إسرائيل مواقف مختلفة تجاه ما أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن باعتباره "مقترحا إسرائيليا" لصفقة تبادل أسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو ما أثار تساؤلا حول مدى توافق المقترح الإسرائيلي في الحقيقة مع إعلان بايدن.
فبينما أطلق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تطمينات بشأن التزام بلاده بشروطها، حذر وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش من توقيع الصفقة المقترحة بالصيغة التي أعلنها بايدن لكونها ستنهي الحرب دون القضاء على حماس.
ورجح محللون -تحدثوا لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن يكون التباين بين المقترح الإسرائيلي الفعلي وما عبر عنه بايدن في خطابه حقيقيا، وأرجع أحدهم ذلك إلى رغبة بايدن بالارتفاع بالمقترح عن حقيقته حتى يعطي تصورا وانطباعا بأنه ذاهب نحو وقف لإطلاق النار باتفاق الطرفين.
وهو الأمر الذي يراه الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي، حيث يشير في حديثه إلى أن نتنياهو يسعى أولاً لإنجاز المرحلة الأولى من المقترح لاستعادة الأسرى المدنيين والمجندات ما يخفف الضغط الداخلي عليه، بينما يحافظ على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافه المعلنة بالقضاء على حماس.
وأشار عرابي إلى أن نتنياهو لم يطلع حلفاءه على تفاصيل المقترح، مما يعكس محاولته استخدامه في المزايدات السياسية داخل اليمين الإسرائيلي، مع إبقاء الأمور غامضة لاستثمار الجميع وتوظيفهم كما اعتاد، وهو الأمر الذي يعكس كذلك وقوعه في أزمة داخلية.
ويلفت إلى أن حماس أبدت بعض الإيجابية تجاه خطاب بايدن، لكنها طالبت بإعلان الاحتلال موافقته عليه، وأكدت ضرورة أن يكون المقترح مؤسسا على إنهاء الحرب وسحب القوات وإعادة الإعمار، لكن ما يظهر من موقف نتنياهو حصر المقترح في موضوع الأسرى فقط.
تأن مطلوبويرى عرابي أن حماس تحتاج إلى التأني في التعامل مع التباين بين المقترح الإسرائيلي وخطاب بايدن، لكنه لا يستبعد أن تفكر في الموافقة على المقترح لتخفيف الضغط الهائل على الفلسطينيين في غزة، مع إمكانية تطوير الأمر لاحقا إلى مفاوضات حول وقف إطلاق النار ثم إقرار ذلك الوقف.
بدوره، يشير الدكتور أشرف بدر، الخبير في الشؤون الإسرائيلية إلى أن نتنياهو لم يطلع أحدا خارج الكابينت المصغر على تفاصيل مقترح الصفقة، حسبما ورد في تصريحات بن غفير وسموتريتش، رغم تأكيد الأول بأنه "لا يوجد شيء يلزم إسرائيل بإنهاء الحرب".
ويرى بدر أن نتنياهو في مأزق خطير على الساحة السياسية، فهو طوال الفترة السابقة كان متهما من قبل خصومه السياسيين والصحفيين والمحللين بأنه رهينة بيد بن غفير وسموتريتش وأنه يخضع لحسابات سياسية ولا يهتم بمصير الأسرى ولا بالمصلحة القومية الإسرائيلية، وحال رضوخه لتحذيرهما سيؤكد تلك الاتهامات.
ويدعم رجحان وجود تباين بين المقترح الإسرائيلي وإعلان بايدن، إصرار نتنياهو على أن الحرب مستمرة حتى تحقيق النصر المطلق بالقضاء على حركة حماس، بينما يؤكد خطاب بايدن وإدارته الوصول إلى قناعة بأن هذا الهدف غير واقعي ولا يمكن تحقيقه في المنظور القريب، حسب بدر.
ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن نتنياهو حتى الآن يكابر وهو يربط مستقبله السياسي بما يحدث في قطاع غزة، رغم أن تقديرات الاستخبارات والأجهزة الأمنية العلنية تقول إن الأمور بدأت بالتحول لحرب استنزاف لن تكون إسرائيل قادرة على التعايش معها لأمد طويل.
خسارة إستراتيجيةفيما يقول الدكتور لقاء مكي، الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، إن إسرائيل تعاني من خسارة إستراتيجية في الحرب الحالية، حيث تتعامل بمنطق المزايدات السياسية بدلاً من التوحد الداخلي المعتاد في الحروب.
ويوضح مكي أن الخسارة التي يتكبدها جيش الاحتلال بقطاع غزة فرقت الجبهة الداخلية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن نتنياهو يحاول الحفاظ على صورته كمنتصر ولا يريد أن يبدو وكأنه قبل بصفقة سيئة، خاصة بعد وعوده خلال شهور الحرب بتدمير حركة حماس وتحقيق النصر الكامل.
وأضاف أن الصفقة المقترحة، التي تضمن فقط إعادة المحتجزين دون تحقيق طموحات نتنياهو المعلنة، قد تؤدي إلى نهاية حكومته وربما مستقبله السياسي، وهو ما يرجح عدم موافقته على الصيغة التي أعلنها بايدن في خطابه.
ويرى مكي أن الخلاف في إسرائيل يعكس غياب مركز القرار وصراعا سيشتد بعد وقف إطلاق النار، سواء كان تمهيديا أو دائما، مشيرا إلى أن الاتفاق الأخير الذي رفضته إسرائيل رغم الضمانات الأميركية والوساطة القطرية والمصرية، يوضح أن التعامل مع إسرائيل لا يمكن أن يعتمد على ضمانات مؤكدة.
ويرى أن الضمان الوحيد هو شعور إسرائيل بأن الولايات المتحدة قد فقدت صبرها في التعامل معها وأن نتنياهو يواجه مأزقا فعليا بعدم الموافقة على الصفقة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن حماس لا يمكنها الاعتماد على ضمانات حقيقية ما لم تكن هناك إجراءات فعلية على الأرض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إلى أن نتنیاهو
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تفشل في الحرب وتعلن الاستسلام .. صياح وذعر في تل أبيب بعد مشاهد عودة النازحين الفلسطينيين
تسببت مشاهد عودة النازحين الفلسطينيين، إلى شمال قطاع غزة، يوم الاثنين في صدمة كبيرة وحالة ذعر في دولة الاحتلال، حيث جسدت فشل المخطط الرامي إلى إفراغ القطاع من سكانه وبسط الاحتلال سيطرته وهو الأمر الذي توقف بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في منتصف يناير الجاري.
صدمة في تل أبيبومع بدء عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق إيتمار بن جفير، إلى استئناف العمليات العسكرية ضد غزة.
وانتقد بن جفير انسحاب الجيش الإسرائيلي من ممر نيتساريم وعودة السكان النازحين إلى شمال غزة باعتباره "انتصارًا" لحماس، وأعرب عن عدم موافقته على ذلك بقوله: "إن فتح طريق نيتساريم هذا الصباح ودخول عشرات الآلاف من سكان غزة إلى شمال قطاع غزة هي صور لانتصار حماس وجزء مهين آخر من الصفقة المتهورة".
ووصف هذه الخطوة بأنها "استسلام كامل" وحث الحكومة الإسرائيلية على العودة إلى الحرب و"التدمير".
وفي نفس السياق، ردت عضو الكنيست ميراف كوهين على بن جفير منتقدة حكومة الاحتلال قائلة: "لماذا لم يتم حل الحكومة بسبب تحويل الأموال لحماس؟"، مما يعكس الخلافات السياسية الداخلية حول إدارة الأزمة.
وشدد وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، على أن "الكابينت لم يوافق في أي مرحلة ولن يوافق على أن تسيطر حماس على قطاع غزة"، وأضاف أن إسرائيل "عازمة على الاستمرار حتى القضاء على حكم حماس"، معتبراً أن الآلاف من الفلسطينيين استشهدوا في الصراع وأن حماس تمثل تهديدًا مستمرًا.
وكشف عميحاي شتاين من قناة كان العبرية أن "إسرائيل فقدت الورقة الضاغطة الرئيسية في صفقة الأسرى مع عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة".
واعتبر جاي بخور أن إسرائيل قد تخلت عن كل شيء في الصفقة، رغم التأكيدات المستمرة بتنفيذ الاتفاق بحزم، فيما أكد دورون كدوش من إذاعة الجيش الإسرائيلي أن حماس قد استعادت سيطرتها بالكامل على شمال قطاع غزة، مما يشير إلى نجاحها في تنفيذ خططها.
وفي الوقت نفسه، أشار يوني بن مناحم إلى أن هذا السيناريو يعيد للأذهان الانسحاب الإسرائيلي من غزة في 2005، وهو ما أدى إلى تعزيز نفوذ حماس في القطاع.
وقال جاك نيريا، المسؤول السابق في استخبارات الاحتلال، اعتبر إن الحرب في غزة "حُسمت لصالح حماس"، حيث أن الحركة لا تزال تسيطر على القطاع رغم محاولات إسرائيل المتكررة لإضعافها.
عاموس يادلين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، أكد أن حماس "أثبتت أنها باقية في السلطة"، مما يعكس استشعار القادة العسكريين الإسرائيليين لعدم تحقق الأهداف المعلنة من الحرب.
وأوردت القناة الـ12 العبرية رأي المحلل العسكري الإسرائيلي عمييت سيجال، الذي حذر من أن هذه الصفقة قد تؤدي إلى مخاطر كبيرة على أمن إسرائيل، حتى لو كان البعض يراها حلاً مؤقتًا لمشكلة الأسرى.
وأشار سيجال إلى أن "المخاطر الوخيمة" التي ستلحق بالأمن الإسرائيلي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تقييم أي اتفاق.
فشل مخطط إسرائيلوتكشف ردود الأفعال القادمة من داخل إسرائيل، فشل مخطط الاحتلال في غزة، حيث حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فرض التهجير على الفلسطينيين إلا أنهم تشبثوا بالأرض وصبروا على القتل والدمار طيلة 15 شهرا، حتى عادوا مجددا إلى ديارهم.
ومع عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة، أفرج عن مئات المعتقلين من سجون الاحتلال إلى جانب انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض مناطق القطاع في إطار خطة لإنهاء الوجود الإسرائيلي في غزة، لتنتهي مخططات وأهداف نتنياهو بشأن غزة إلى الفشل.