لقيت قرارات إعدام أصدرتها الجماعة الحوثية في صنعاء تنديداً يمنياً من قبل الأوساط الحكومية والحقوقية وسط دعوات لتدخل دولي للضغط على الجماعة لوقف انتهاكاتها وتسخيرها للقضاء الخاضع لها لتصفية الحسابات مع خصومها.

كانت الجماعة أصدرت أخيراً عبر القضاء الخاضع لها في صنعاء أوامر قضت بإعدام 44 شخصاً، منهم 16 حاكمتهم غيابياً، كما قضت في أمر آخر بإعدام المهندس عدنان الحرازي، وهو مدير شركة متخصصة في الرقابة على عمل المنظمات الإنسانية في اليمن، وشريكة مع الوكالات الأممية.



في هذا السياق، أدانت الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين في اليمن أوامر الإعدام الحوثية بحق 44 مدنياً، أغلبهم مختطفون في السجون، واتهمت الجماعة باستخدام القضاء بشكل غير قانوني بغرض الانتقام السياسي. وأشارت الهيئة إلى أن المدنيين تم اختطافهم من منازلهم وأماكن أعمالهم ومن الطرقات، وتعرضوا للإخفاء بشكل تعسفي، كما تعرضوا للتعذيب النفسي والبدني وغيره من ضروب المعاملة اللا إنسانية أو المهينة.

وطالبت الهيئة مجلس القضاء الأعلى والنائب العام بسرعة إحالة ملفات مرتكبي جرائم الاختطاف والتعذيب والإخفاء القسري والقتل إلى المحاكم لينالوا جزاءهم الرادع، على رأسهم منتحلو الصفة القضائية في مناطق سيطرة الحوثيين الذين أصدروا قرارات الإعدام بحق المختطفين.

من جهتها، أدانت منظمة «رصد للحقوق والحريات»، أحكام الإعدام غير القانونية بحق الـ44 شخصاً، وقالت إن المعتقلين منهم تعرضوا لكل أنواع الجرائم ابتداءً من الاختطاف القسري وأنواع التعذيب وعدم السماح لهم بالاتصال بأسرهم، مروراً بالمحاكمة الهزلية.

وأكدت المنظمة أن ميليشيا الحوثي تستخدم القضاء لتصفية خصومها والأفراد الذين لا يخضعون لرغباتها، ووصفت هذه الأحكام بأنها «تفتقد الصفة القانونية وباطلة في جميع إجراءاتها، ويجب محاسبة من تولوا الضبط والتحقيق وإصدار الأحكام فيها كونهم ارتكبوا جرائم بحق مدنيين ترتقي إلى جرائم الإعدام خارج القانون».

وطالبت المنظمة الحقوقية المبعوث الأممي بالتدخل لـ«إيقاف المحاكمات الجماعية للمدنيين والضغط على ميليشيا الحوثي للتوقف عن استخدام القضاء لأغراض سياسية، بما في ذلك تصفية المناهضين لها». كما طالبت كل المنظمات المحلية والدولية للقيام بواجبها وإدانة هذه الأحكام، التي وصفتها بأنها «جريمة لن تسقط بالتقادم ولن يمر مرتكبوها دون حساب، عملاً بالقوانين الإنسانية والمواثيق الدولية».

أحكام باطلة

من جانبها، وصفت منظمة «شهود لحقوق الإنسان» أحكام الإعدام الحوثية بأنها «جائرة وتتعارض مع مبادئ العدالة وحقوق الإنسان»، وقالت إن المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، هي محكمة منعدمة الولاية القضائية، ولا تملك أي صلاحية قانونية لإصدار مثل هذه الأحكام، وأن الأفراد الذين صدر بحقهم حكم الإعدام مدنيون تم اختطافهم تعسفياً من منازلهم وأماكن عملهم.

أما منظمة «مساواة للحقوق والحريات»، فعدّت هذه الأوامر بالإعدام «باطلة شرعاً وقانوناً كونها صادرة عن محكمة غير شرعية تفتقد للولاية القضائية للنظر في هذه القضية وغيرها من القضايا». وقالت إن «المحكوم عليهم حُوكموا في قضايا سياسية ملفقة وبتهم كيدية وباطلة لم تثبت عليهم وجرت محاكمتهم في ظروف غير عادلة، لم تتوافر فيها أدنى متطلبات تحقيق العدالة».

وأوضحت أن السجناء خضعوا «لأشد أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وأخفوا قسراً في زنازين انفرادية، وحرموا من أبسط حقوقهم في الزيارة والاتصال والمحاكمة العادلة طوال فترة الاعتقال والمحاكمة». وطالبت المنظمة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، والمفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، بالتدخل العاجل لإنقاذ المختطفين، وممارسة الضغط على الحوثيين لإيقاف تنفيذ الإعدامات.

في غضون ذلك، أشار «المركز الأميركي للعدالة»، وهو منظمة حقوقية تعمل من الأراضي الأميركية، إلى أن الجماعة الحوثية لا تزال ماضية في استخدام القضاء أداةً لملاحقة الأفراد وخصومها السياسيين. وقال المركز في بيان: «إن مواقف المجتمع الدولي ساهمت في تنامي الانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها الحوثيون»، معبراً عن صدمته بأوامر الإعدام بحق عدنان الحرازي مدير ومالك شركة «برودجي» بذريعة التعاون مع دول معادية.

ودعا المركز المجتمع الدولي وأجهزته المتخصصة إلى سرعة التحرك والضغط على جماعة الحوثي لوقف انتهاكاتها بحق الأفراد ووقف أحكام الإعدام الجائرة.

إدانة حكومية

في أول تعليق حكومي أدان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني الأمر الحوثي بإعدام المهندس عدنان الحرازي، مدير شركة «برودجي سيستم» ومصادرة أمواله وكل ممتلكات شركته وأرصدتها المالية، بعد عام ونصف العام من اختطافه واحتجازه تعسفياً، بذريعة تعاقد الشركة مع منظمات دولية وهيئات حكومية كـ«طرف ثالث».

وأوضح الوزير اليمني، في تصريح رسمي، أن الجماعة اقتحمت مطلع يناير (كانون الثاني) 2023 شركة «برودجي سيستم» وصادرت أجهزة الحاسوب والسيرفرات التي تحتوي على بيانات النازحين والمتضررين من الحرب في مختلف المحافظات، وسطت على أرصدتها المالية، وسرحت 300 من موظفيها، وألف شخص يعملون باحثين ميدانيين لدى الشركة بالأجر اليومي.

وأشار الإرياني إلى قيام الحوثيين بإنهاء نشاط الشركة التي تعمل بتصريح رسمي في مجال أنظمة تقييم ومتابعة المشاريع المتعلقة ببرنامج الغذاء العالمي ومنظمة اليونيسيف ومنظمات إغاثية أخرى، وفرض شركات ومنظمات وسيطة تابعة للجماعة. وقال إن ذلك حال دون إجراء مسح مستقل لمستحقي المساعدات الإنسانية من الفئات الأشد فقراً، وتمرير كشوفات وهمية بعناصر الجماعة، وتسخير المساعدات لاستقطاب المقاتلين وتمويل «المجهود الحربي»، وسرقة الغذاء من أفواه الجوعى.

وأشار الإرياني إلى أن هذه الممارسات تؤكد ما ذهب إليه التقرير الأخير الصادر عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني باليمن، بشأن تلقيه تقارير عن تحويل الجماعة وجهة تمويل عمليات المساعدات الإنسانية، وبيع مواد الإغاثة، فضلاً عن شطب مستفيدين من قوائم المستفيدين بسبب انتماءاتهم السياسية المعارضة، أو رفضهم الالتزام باللوائح المفروضة.

وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص، بإدانة ما وصفه بـ«الجريمة النكراء» والضغط على الحوثيين لوقف استخدام القضاء أداة لتصفية الحسابات وإعاقة جهود المنظمات الإغاثية، والشروع الفوري في تصنيفهم منظمة إرهابية.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

احتجاجات في تركيا تنديدًا بالمذابح ضد العلويين في سوريا

أنقرة (زمان التركية) – نظم الآلاف من الأشخاص احتجاجات واسعة في مختلف الولايات التركية تنديدا بالمذابح التي يتعرض لها العلويين في الساحل السوري.

ونظمت قوى العمل والسلام والديمقراطية في إسطنبول مظاهرة،  أمام رصيف ميناء كاديكوي، رفعت لافتة كتب عليها “هيئة تحرير الشام تذبح العلويين في سوريا. لا تتفرجوا، لا تتركوها تمر” وهتفوا “لا للمجزرة في سوريا” و”الشعب السوري ليس وحده” و”الشعب سيحاسب القتلة” و”هيئة تحرير الشام القاتلة المتعاونة مع حزب العدالة والتنمية”.

وتعليقًا على أحداث الساحل السوري، قال بطال سولوك، رئيس جمعية إسكي شهير حجي بيكتاش فيلي للثقافة والمساعدة الاجتماعية: “لا يمكن لهؤلاء القتلة أن يحكموا دولة أبدًا. متى ستتمكن الأمم المتحدة من إيقاف هؤلاء الظالمين؟ نحن ندعو المسؤولين في حكومتنا لوقف هذا الاضطهاد في أقرب وقت ممكن”.

كما احتج منبر ملاطية للعمال والديمقراطية على الهجمات ضد العلويين في سوريا. وقد تجمع أعضاء المنبر عند التقاطع العلوي لشارع إمكسيز في ملاطية، وقد ساندهم في ذلك مدراء تنفيذيون من الأحزاب السياسية في المحافظات والمناطق، وممثلو المنظمات الجماهيرية الديمقراطية والمواطنون.

وجاء في الاحتجاج: “في سوريا، بعد تغيير الحكومة في 8 ديسمبر 2024، تستمر المذبحة الممنهجة والمتعمدة ضد العلويين والمجموعات العرقية الأخرى”.

كما طالب برلمانيون معارضون في تركيا بتشكيل لجنة تقصي حقائق، للتحقيق في أحداث الساحل السوري بحق العلويين.

من جهة أخرى اعتبر الرئيس رجب طيب أردوغان، أن أزمة الساحل السوري، التي راح ضحيتها حوالي 1500 مدنيًا، وأثارت قلقا دوليا واتهامات واسعة للرئيس المؤقت أحمد الشرع بارتكاب انتهاكات ضد الأقليات في بلاده، سببها “فلول النظام القديم” في سوريا.

وقال أردوغان مدافعا عن حليفه الشرع: “لقد شهدنا حوادث في سوريا حاول فيها المحرضون من فلول النظام السابق إثارة الفتنة الطائفية”.

وأضاف أردوغان: “فقد العديد من المدنيين حياتهم في الحوادث التي اندلعت في المناطق التي تعيش فيها الأقليات. من بينهم إخواننا الذين استشهدوا أثناء خروجهم من الصلاة. وقد تمت السيطرة على هذه الحوادث بتدخل فعال من الحكومة السورية، ولكن مع الحفاظ على الحساسية”.

وأشار الرئيس إلى أنه مع وحدة الأراضي السورية، مؤكدا أنه لن يقبل “باللعبة التي يراد لعبها”.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، إن 1500مدنيًا من الأقلية العلوية قُتلوا في هجمات شنتها قوات الأمن التابعة للسلطة الجديدة في المناطق الساحلية في البلاد، وخاصة اللاذقية.

 

Tags: الساحل السوريبشار الأسدتركياسورياعلويينمذابح العلويينهيئة تحرير الشام

مقالات مشابهة

  • تصاعد الانتهاكات ضد العاملين الإنسانيين في مناطق الحوثيين وسط صمت دولي
  • منظمة الهلال الأحمر العربي السوري تعقد اجتماعاً طارئاً لبحث الاحتياجات ‏الإنسانية العاجلة في اللاذقية وطرطوس
  • قرار عاجل من القضاء في واقعة الفنانة هالة صدقي ومساعدتها
  • ساعات تفصلنا لانتهاء المهلة التي حددها زعيم الحوثيين باستئناف الهجمات على إسرائيل والبحر الأحمر
  • احتجاجات في تركيا تنديدًا بالمذابح ضد العلويين في سوريا
  • اليمن تثمن دور واشنطن في منع تهريب الأسلحة للحوثيين
  • يتحرك عبر دهاليز المخابرات الحوثية.. واجهة حوثية جديدة لإرث عائلي متخصصة في تجارة الموت والعمليات المشبوهة
  • بعد لجنة دمشق.. منظمة العفو تُطالب بتحقيق دولي لتقصي حقائق الساحل السوري
  • اللجنة الدولية للصليب الأحمر: نحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية بغزة في ظل توقف الإمدادات
  • علماء المسلمين يحذر من الكارثة الإنسانية في غزة ويدعو لتحرك عاجل