لجريدة عمان:
2024-11-08@18:42:29 GMT

إصلاحات في بعض مفاهيم القيادة الحديثة

تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT

د. أحمد اللواتي

مما لا شك فيه أن علم القيادة شهد تطورا ملحوظا يمتد في تاريخه إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقد بلغ التطور في العقود الأخيرة من هذا القرن أقصى مداه، فقد عمد المتخصصون فيه إلى تحويل المفاهيم المجردة إلى أدوات قابلة للقياس وأبدعوا في صنعها وتحويلها إلى مواد ملموسة تلمس احتياجات العصر مثل الحاجة إلى القيادة التحولية والتحويلية والخادمة وغيرها.

.. وأذكر هنا بعض المقاييس (لا على سبيل الحصر) مثل توماس وهوجان وبوديوم وغيرها وحاول كل بحسبه أن يغطي بعضا من تلكم الجوانب.

كما أن القيادة الحديثة تركز على مفاهيم مفصلية رائعة وتتناولها بشيء من العمق مثل الشفافية والحوكمة والدعوة إلى القيادة القيمية.

إلا أن بعض المفاهيم المطروحة تحتاج إلى مزيد من التوضيح وإلى كثير من إعادة النظر فمثلا تركز القيادة الحديثة على مبدأ تكوين الحلفاء فهي تدعو القائد الناجح إلى أن يصب الكثير من تركيزه إلى تحويل الأعداء إلى حلفاء أو لا أقل وضعهم على الحياد وذلك لكي يستطيع أن يصل إلى هدفه الذي وضعه. صحيح أن القائد الفذ هو من يستطيع الإبقاء على حلفائه إلا أن عملية التغيير لا يمكن أن تكون كذلك دومًا، فكم من المواقف التي سيتعرض لها القائد القيمي والذي سيجد نفسه بين خيار المحافظة على حلفائه أو أن يبقى وحيدا في الساحة منتصرا لقيمه.

ما أود التركيز عليه هنا هي أن البوصلة يجب أن تكون القيم الموجهة هي الحكم والفيصل في نهاية المطاف لا الحلفاء وكثرهم. وما أدعو إليه أيضا هو أن يربي القائد القيمي نفسه للاستعداد للوحدة والشعور بالغربة في إحداث عملية التغيير. الأمثلة والشواهد من التاريخ القديم والحديث كثيرة على ذلك سواء على مستوى القادة الأفراد أو الجماعات فلنا في النبي -صلى الله عليه وسلم- خير مثال على وقوف القائد المقدام في مجابهة الكثرة من الأعداء لأجل قيم الإباء والتضحية والعدالة والإنسانية. ونرى في العصر الحديث كيف أن من يقتل دفاعا عن أرضه ووطنه باقيا لا يراوح قيمه رغم تكالب الأعداء وخذلان الناصر والمعين.

وأما مفهوم توسعة شبكة العلاقات فهو مبدأ حسن، يدفع القائد إلى عملية الإصلاح المطلوبة. يبقى أن على القائد أن يحذر من أمرين أساسيين وهما أن الغاية لا تبرر الوسيلة وأعني بها استخدام العلاقات لقضايا غير مشروعة. والأمر الآخر هو أن لا تتحول العلاقات وتوسعتها إلى الهم الأساسي الذي يستهلك جهد القائد؛ انطلاقا من المبدأ نفسه حيث إن العديد من العلاقات تكون -بطبعها- كمية أكثر من كونها نوعية وأكرر حديثي الآنف الذكر أن هدف توسيع العلاقات قد يصطدم في يوم من الأيام بالانحدار عن القيم في سبيل إرضاء بعض من شبكة العلاقات.

هي دعوة إلى حوكمة هذه المفاهيم بمنظار قيمي ليكون القائد مستعدًا للحصول على وسام القائد الحقيقي المخلد في الأرض والسماء. «ربَّ أشعث أَغبر ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبرَّه».

د. أحمد اللواتي كاتب عماني حاصل على دكتوراه في القيادة والابتكار من جامعة نيويورك

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

شريف عارف: الحروب الحديثة تعتمد على التكنولوجيا وهدفها السيطرة على العقول

قال الكاتب الصحفي شريف عارف، إنه يوجد اختلافا بين الحروب التقليدية والحروب الحديثة؛ إذ لم تعد تعتمد المعارك على الآلة العسكرية والاستحواذ على الأرض والمساحات الجغرافية، لكن أصبحت تتضمن الواقع الافتراضي (شبكة الإنترنت) وهدفها السيطرة على العقول.

ولفت خلال مداخلة هاتفية مع فضائية “إكسترا نيوز”، إلى أن التاريخ يحكي عن شائعات دائمًا ما تسبق عملية الحسم الحربي أو الغزو بهدف إثارة القلاقل داخل الدولة أو الكيان المستهدف ولكن الأمر، مشيرًا إلى أن الأمر اختلف فأصبح أكثر تنظيما وأصبح علم الحرب النفسية هو علم كبير وله مؤلفات وله دراسات كبيرة وربما ذلك ما ظهر بعد الحرب العالمية الثانية.

شريف عارف: سعد زغلول هو زعيم مصر الخالد وأبو المصريين وملك الفلاحين


وعن استهداف جماعة الإخوان للدولة المصرية طوال الوقت، أكد عارف، أن الجماعة تأسست على الشائعات وعلى الكذب وعلى صناعة الفرقة والشقاق بين أبناء المجتمع الواحد، مردفًا: “لو نظرنا الى كل عمليات الشقاق التي أصابت مصر أو بعض من الدول العربية سنجد جماعة الإخوان هي الضلع الرئيس في صناعة هذا الشقاق”.

وأكد أننا أمام جماعة يائسة فقدت المواجهة على الأرض، لم يعد لديها إلا ميدان واحد تستطيع أن تخوض من خلاله معاركها البغيضة وهذا الميدان هو الواقع الافتراضي أو الانترنت، لافتًا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تخضع لعمليات مخابراتية بهدف قياس الرأي.

وعن فكرة الدعاية السوداء، أوضح أنها تخاطب العاطفة والغرائز والانفعالات وبالتالي الحالة النفسية والمعنوية للمتلقي هي التي يبنى عليه المراحل التالية من عمليات الدعاية السوداء، مشددا على أنه كان هناك مخططا دوليا لوصول جماعة الإخوان أو الإسلام السياسي إلى الحكم في مصر وأيضًا في الدول العربية.

وأشار إلى أن الرسائل المتبادلة بين وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون وبين قادة الإخوان أظهرت تمامًا حجم هذا المخطط وكيف تم الإعداد له لوصول الإخوان إلى الحكم في مصر ولكن عقب وصولهم أدرك المجتمع اأن هناك تغييرا جذريا في هوية الوطن، وبالتالي الشعب قاوم هذه الفكرة وهذا الامتداد ولولا أن هناك جيشا وطنيا يستطيع أن يقف أمام هذه المخططات، ما استطاعت مصر أن تنفذ من هذا المستنقع الكبير خاصة أن من ضمن هذا المخطط هو فصل سيناء عن مصر وتحويلها لمنطقة نزاعات طائفية.

استعادة سيناء 

وأشار إلى أن مصر خاضت تجربة استعادة سيناء من فم الأسد، وتمكنت بالفعل من خلال مواجهات شاملة من استعادة هذا الجزء الحيوي والغالي من أراضيها، وبالتالي، نحن أمام جماعة تستهدف الدولة المصرية بشكل أساسي، خاصة أن التحديات لم تعد مقتصرة على الاتجاه الشرقي فقط، بل أصبحت تشمل جميع الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، ما يعكس حجم الموقف الذي نواجهه. 

ولفت إلى أن الدولة المصرية قادرة على مواجهة هذه التحديات، رغم أنها واجهت مثل هذه الشائعات على مدار أكثر من عشر سنوات، وهذا يتطلب بالدرجة الأولى وعي المواطن، حيث إن وعي المواطن هو الأساس الذي تُبنى عليه خطة المواجهة.

وشدد على أن الشائعة لا بد أن تحتوي على جزء من الحقيقة، وبالتالي لن يصدقها المتلقي أو يتقبلها إلا إذا كانت تحمل شيئًا من الواقع، حتى لو كان هذا الجزء ضئيلاً، فعندما ينظر الناس إلى الوضع الاقتصادي، يشعر الجميع تقريبًا بالمعاناة، لكن كيف يمكننا فهم هذا الوضع وما الذي أوصلنا إليه؟ وما هي التحديات العالمية التي أسهمت في ذلك؟ هنا تبرز أهمية الشائعة، حيث يمكن أن تُستخدم لتغيير الصورة الذهنية لدى المتلقي.

وأكمل: “ما يحدث الآن هو أننا نستغل جزءًا معينًا من الزيادة في الأسعار أو التحركات الاقتصادية بهدف ضبط حالة السوق، ونبدأ في ترويج هذه الشائعات”، ذاكرا أن الدولة المصرية تعرضت لآلاف الشائعات على مدار عشر سنوات، بهدف زعزعة الاستقرار وتغيير الصورة الذهنية، إضافة إلى خلق نوع من الانقسام بين المواطنين والدولة، وبين المواطنين ونظام الحكم. 

وأردف: "نحن في مواجهة معركة لا تقل أهمية عن المعركة التي تُخاض على الأرض، يمكنني أن أؤكد أن المعركة على الأرض قد انتهت، ونحن الآن أمام تنظيم يائس وجماعة فقدت الأمل، ولم يتبقَ أمامها سوى استخدام وسائل الإعلام الجديدة يهدف إلى استهداف العقل المصري والتأثير على مشاعر الناس واحتياجاتهم اليومية، وهذا الأمر ليس غريبًا على مصر وشعبها، فقد عانى من مثل هذه الأساليب منذ حرب 1967 وحتى انتصار أكتوبر. 

 

وأفاد أن هناك العديد من الأمور التي لا تستطيع الدولة المصرية الإعلان عنها، لذا يجب على الناس أن يتأكدوا من الحقائق، لأنها هي التي تنفي الأكاذيب، فكلما كانت مساحة الحقيقة أكبر ومتاحة، كانت القدرة على مواجهة الأكاذيب أقوى، مؤكدًا أن الدولة المصرية تبذل جهدًا كبيرًا في هذا السياق، رغم وجود مشروعات قد تفرض عليها السرية لوقت محدد.

مقالات مشابهة

  • شريف عارف: الحروب الحديثة تعتمد على التكنولوجيا وهدفها السيطرة على العقول
  • الهيئة الإنجيلية تنظم دورة تدريبية عن القيادة الناجحة والتواصل الفعال لقادة الفكر والرأي.. صور
  • انقطاع التنفس أثناء النوم.. الأعراض والأسباب وطرق العلاج الحديثة
  • استقرار حالة نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح بعد عملية جراحية في أبو ظبي
  • هل طقطقة الركبة علامة خطر؟ إليك ما تقوله الدراسات الحديثة
  • من أوكرانيا إلى غزة: التحولات في “حروب المدن” الحديثة
  • ورشة عمل مكثفة للتدريب على مفاهيم الحوكمة الإكلينيكية بالسويس
  • وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة
  • وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة التعبوى للمنطقة المركزية العسكرية
  • وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة التعبوي للمنطقة المركزية العسكرية.. شاهد