لجريدة عمان:
2025-01-23@05:14:41 GMT

إصلاحات في بعض مفاهيم القيادة الحديثة

تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT

د. أحمد اللواتي

مما لا شك فيه أن علم القيادة شهد تطورا ملحوظا يمتد في تاريخه إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقد بلغ التطور في العقود الأخيرة من هذا القرن أقصى مداه، فقد عمد المتخصصون فيه إلى تحويل المفاهيم المجردة إلى أدوات قابلة للقياس وأبدعوا في صنعها وتحويلها إلى مواد ملموسة تلمس احتياجات العصر مثل الحاجة إلى القيادة التحولية والتحويلية والخادمة وغيرها.

.. وأذكر هنا بعض المقاييس (لا على سبيل الحصر) مثل توماس وهوجان وبوديوم وغيرها وحاول كل بحسبه أن يغطي بعضا من تلكم الجوانب.

كما أن القيادة الحديثة تركز على مفاهيم مفصلية رائعة وتتناولها بشيء من العمق مثل الشفافية والحوكمة والدعوة إلى القيادة القيمية.

إلا أن بعض المفاهيم المطروحة تحتاج إلى مزيد من التوضيح وإلى كثير من إعادة النظر فمثلا تركز القيادة الحديثة على مبدأ تكوين الحلفاء فهي تدعو القائد الناجح إلى أن يصب الكثير من تركيزه إلى تحويل الأعداء إلى حلفاء أو لا أقل وضعهم على الحياد وذلك لكي يستطيع أن يصل إلى هدفه الذي وضعه. صحيح أن القائد الفذ هو من يستطيع الإبقاء على حلفائه إلا أن عملية التغيير لا يمكن أن تكون كذلك دومًا، فكم من المواقف التي سيتعرض لها القائد القيمي والذي سيجد نفسه بين خيار المحافظة على حلفائه أو أن يبقى وحيدا في الساحة منتصرا لقيمه.

ما أود التركيز عليه هنا هي أن البوصلة يجب أن تكون القيم الموجهة هي الحكم والفيصل في نهاية المطاف لا الحلفاء وكثرهم. وما أدعو إليه أيضا هو أن يربي القائد القيمي نفسه للاستعداد للوحدة والشعور بالغربة في إحداث عملية التغيير. الأمثلة والشواهد من التاريخ القديم والحديث كثيرة على ذلك سواء على مستوى القادة الأفراد أو الجماعات فلنا في النبي -صلى الله عليه وسلم- خير مثال على وقوف القائد المقدام في مجابهة الكثرة من الأعداء لأجل قيم الإباء والتضحية والعدالة والإنسانية. ونرى في العصر الحديث كيف أن من يقتل دفاعا عن أرضه ووطنه باقيا لا يراوح قيمه رغم تكالب الأعداء وخذلان الناصر والمعين.

وأما مفهوم توسعة شبكة العلاقات فهو مبدأ حسن، يدفع القائد إلى عملية الإصلاح المطلوبة. يبقى أن على القائد أن يحذر من أمرين أساسيين وهما أن الغاية لا تبرر الوسيلة وأعني بها استخدام العلاقات لقضايا غير مشروعة. والأمر الآخر هو أن لا تتحول العلاقات وتوسعتها إلى الهم الأساسي الذي يستهلك جهد القائد؛ انطلاقا من المبدأ نفسه حيث إن العديد من العلاقات تكون -بطبعها- كمية أكثر من كونها نوعية وأكرر حديثي الآنف الذكر أن هدف توسيع العلاقات قد يصطدم في يوم من الأيام بالانحدار عن القيم في سبيل إرضاء بعض من شبكة العلاقات.

هي دعوة إلى حوكمة هذه المفاهيم بمنظار قيمي ليكون القائد مستعدًا للحصول على وسام القائد الحقيقي المخلد في الأرض والسماء. «ربَّ أشعث أَغبر ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبرَّه».

د. أحمد اللواتي كاتب عماني حاصل على دكتوراه في القيادة والابتكار من جامعة نيويورك

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

جرينلاند لا تريد أن تكون جزءًا من الولايات المتحدة

خلال الأسابيع الماضية، عادت جرينلاند إلى دائرة الضوء، مما يوفر فرصة للتركيز على الفرص التجارية في البلاد، فنحن اقتصاد سوق عالي المهارة مبني على قوة القوانين، وموقعنا الاستراتيجي حيوي للأنشطة البحرية والجوية والفضائية في شمال الأطلسي. وندعو المزيد من الشركات الأمريكية للإسهام في الإمكانات الهائلة لاقتصادنا.

تتوافر الموارد الأرضية النادرة بكثرة في جرينلاند، وتقوم بدور كبير في تطوير المحركات الكهربائية والمكونات المستخدمة في البطاريات والألواح الشمسية. وتمتلك جرينلاند 39 من المعادن الخمسين التي صنفتها الولايات المتحدة على أنها بالغة الأهمية للأمن القومي والاستقرار الاقتصادي. وهذه المعادن، التي تشمل العناصر الأرضية النادرة فضلاً عن النحاس والزنك والنيكل، ضرورية للتكنولوجيا الحديثة.

تهيمن الصين على سوق التعدين للعناصر الأرضية النادرة، حيث تمثل نحو ثلثي إنتاج العالم. هذه الهيمنة توجد نقطة ضعف استراتيجية للعديد من البلدان. ويمكن أن تكون جرينلاند بمثابة حل لهذه المشكلة من خلال تنويع مصادر هذه المعادن.

جرينلاند جزء من مملكة الدنمارك، ولكنها تتمتع بحكومتها وبرلمانها المستقلين، وتتمتع بسلطة كاملة على مواردها الطبيعية العديدة. وهناك إجماع سياسي عام لصالح تطوير قطاعنا المعدني. والاستثناء الوحيد هو استخراج اليورانيوم، الذي يحظره القانون. والشراكات الثنائية والمتعددة الأطراف ضرورية لمواصلة تطوير العديد من المشاريع المعدنية في البلاد.

إن العقبة الكبرى التي تعترض تنمية الموارد المعدنية في جرينلاند تتمثل في نقص رأس المال، ذلك أن التعدين نشاط بطيء، فالإطار الزمني من المراحل المبكرة من الاستكشاف إلى الشحن الفعلي للمعادن قد يمتد لأكثر من عقدين من الزمان، أو في المتوسط ستة عشر عاماً. وهذا يتطلب رأسمال راغب في الالتزام باستثمارات طويلة الأجل تنطوي على مخاطر عالية. وفي الوقت الحاضر، نطلب من المستثمرين من القطاع الخاص أن يتحملوا هذا العبء بمفردهم. ويتعين علينا أن نجد حلولاً لسد الفجوة بين رأس المال والطموحات السياسية واحتياجات الصناعة. وإلا فإننا نخاطر ببقاء المعادن في باطن الأرض.

لذا، تطلب جرينلاند من الدول المستوردة للمعادن أن تمد يد العون لهذه المشاريع التعدينية، من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة. وقد انضممنا إلى تعاون دولي بين الدول المستوردة والمصدرة للمعادن يهدف إلى ضمان إمدادات مستقرة ومسؤولة من المعادن الأساسية. وفي هذه الشراكة، وجدنا أن الولايات المتحدة تشكل رفيقًا بنّاءً وداعمًا.

تتعاون جرينلاند مع وزارة الخارجية الأمريكية منذ عدة سنوات لتقديم المعرفة المتجددة حول معادننا الحيوية. وقعت أحدث اتفاقية بين البلدين في عام 2019، في منتصف إدارة ترامب الأولى. تضمنت هذه الاتفاقية حملة رسم خرائط للتحقيق في إمكانات تعدين الجرافيت؛ والأموال اللازمة لتنفيذ حملة تسويق مباشرة تستهدف المستثمرين المعنيين وشركات التعدين الكبرى؛ وتبادل المعرفة.

وتأمل جرينلاند كثيراً في توقيع اتفاقية جديدة مع الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن. ونحن نبحث عن السبل الكفيلة بزيادة الاستثمارات في قطاع التعدين لدينا. ومن الأهمية بمكان أن تكون العوامل المحفزة مثل الاستثمارات المباشرة، والقروض المباشرة، وضمانات القروض، أو الوصول إلى بنوك التنمية، ذات أهمية بالغة في مساعدة المشاريع على الانطلاق. كما أن الاستثمارات في البنية الأساسية المرتبطة بالمشاريع قد تكون ذات قيمة كبيرة وتساعد في تخفيف بعض الضغوط في السنوات الصعبة الأولى من عمر مشروع التعدين. وكثيراً ما يحتاج المشروع إلى الطرق والموانئ، لأن الطرق البحرية تشكل الوسيلة الأساسية للنقل لدينا.

في الوقت الحالي، تمتلك الشركات في كندا وبريطانيا أكبر عدد من تراخيص التعدين في جرينلاند. كل منهما يحمل 23 ترخيصًا. الولايات المتحدة لديها ترخيص واحد فقط. أنا متأكد من أن هذه الصورة يمكن أن تتغير. هناك إمكانيات قائمة ومستقبلية وغير معروفة حتى الآن متاحة للاستثمار.

وكما صرح رئيس وزرائنا بوضوح، فإن جرينلاند ملك لشعب جرينلاند. ونحن لا نريد أن نكون جزءاً من الولايات المتحدة. فنحن لسنا دنماركيين ولا أمريكيين. ولكننا نرى فرصاً كبيرة لإبرام صفقة قد تعود بالنفع على بلدينا. والواقع أن الإمكانات المتاحة لتنمية الاقتصاد في جرينلاند هائلة. فنحن نطبق معايير بيئية عالية، ونطبق لوائح سليمة تتضمن جلسات استماع عامة ومشاركة محلية، كما نتمتع بموارد جيولوجية مذهلة. ونحن ندعو الولايات المتحدة إلى الانضمام إلينا في المزيد من التعاون التجاري.

ناجا ناثانيلسن هي وزيرة الأعمال والتجارة والموارد المعدنية والعدل والمساواة بين الجنسين في حكومة جرينلاند.

مقالات مشابهة

  • الحرب وبعض المفاهيم النظرية المغلوطة
  • شروط الجمع بين صلاتين.. الإفتاء تصحح مفاهيم خاطئة
  • محافظ شمال سيناء : إصلاحات بالجانب الفلسطيني لمعبر رفح وفتحه خلال أيام
  • إصلاحات بالجانب الفلسطيني لمعبر رفح تمهيدا لفتحه خلال أيام
  • بن فرحان: نريد رؤية إصلاحات حقيقية في لبنان
  • استشاري: مفاهيم خاطئة حول جراحة الوجه والفكين قد تؤدي لمضاعفات خطيرة .. فيديو
  • مصر.. توقعات بنمو الاقتصاد 4% بفضل إصلاحات صندوق النقد
  • جرينلاند لا تريد أن تكون جزءًا من الولايات المتحدة
  • عضو بـ«النواب»: قرار العفو عن 4600 من المحكوم عليهم يعزز مفاهيم حقوق الإنسان
  • غوتيريش زار لبنان لتعزيز أصوات النساء في تعافي البلاد