إصلاحات في بعض مفاهيم القيادة الحديثة
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
د. أحمد اللواتي
مما لا شك فيه أن علم القيادة شهد تطورا ملحوظا يمتد في تاريخه إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقد بلغ التطور في العقود الأخيرة من هذا القرن أقصى مداه، فقد عمد المتخصصون فيه إلى تحويل المفاهيم المجردة إلى أدوات قابلة للقياس وأبدعوا في صنعها وتحويلها إلى مواد ملموسة تلمس احتياجات العصر مثل الحاجة إلى القيادة التحولية والتحويلية والخادمة وغيرها.
كما أن القيادة الحديثة تركز على مفاهيم مفصلية رائعة وتتناولها بشيء من العمق مثل الشفافية والحوكمة والدعوة إلى القيادة القيمية.
إلا أن بعض المفاهيم المطروحة تحتاج إلى مزيد من التوضيح وإلى كثير من إعادة النظر فمثلا تركز القيادة الحديثة على مبدأ تكوين الحلفاء فهي تدعو القائد الناجح إلى أن يصب الكثير من تركيزه إلى تحويل الأعداء إلى حلفاء أو لا أقل وضعهم على الحياد وذلك لكي يستطيع أن يصل إلى هدفه الذي وضعه. صحيح أن القائد الفذ هو من يستطيع الإبقاء على حلفائه إلا أن عملية التغيير لا يمكن أن تكون كذلك دومًا، فكم من المواقف التي سيتعرض لها القائد القيمي والذي سيجد نفسه بين خيار المحافظة على حلفائه أو أن يبقى وحيدا في الساحة منتصرا لقيمه.
ما أود التركيز عليه هنا هي أن البوصلة يجب أن تكون القيم الموجهة هي الحكم والفيصل في نهاية المطاف لا الحلفاء وكثرهم. وما أدعو إليه أيضا هو أن يربي القائد القيمي نفسه للاستعداد للوحدة والشعور بالغربة في إحداث عملية التغيير. الأمثلة والشواهد من التاريخ القديم والحديث كثيرة على ذلك سواء على مستوى القادة الأفراد أو الجماعات فلنا في النبي -صلى الله عليه وسلم- خير مثال على وقوف القائد المقدام في مجابهة الكثرة من الأعداء لأجل قيم الإباء والتضحية والعدالة والإنسانية. ونرى في العصر الحديث كيف أن من يقتل دفاعا عن أرضه ووطنه باقيا لا يراوح قيمه رغم تكالب الأعداء وخذلان الناصر والمعين.
وأما مفهوم توسعة شبكة العلاقات فهو مبدأ حسن، يدفع القائد إلى عملية الإصلاح المطلوبة. يبقى أن على القائد أن يحذر من أمرين أساسيين وهما أن الغاية لا تبرر الوسيلة وأعني بها استخدام العلاقات لقضايا غير مشروعة. والأمر الآخر هو أن لا تتحول العلاقات وتوسعتها إلى الهم الأساسي الذي يستهلك جهد القائد؛ انطلاقا من المبدأ نفسه حيث إن العديد من العلاقات تكون -بطبعها- كمية أكثر من كونها نوعية وأكرر حديثي الآنف الذكر أن هدف توسيع العلاقات قد يصطدم في يوم من الأيام بالانحدار عن القيم في سبيل إرضاء بعض من شبكة العلاقات.
هي دعوة إلى حوكمة هذه المفاهيم بمنظار قيمي ليكون القائد مستعدًا للحصول على وسام القائد الحقيقي المخلد في الأرض والسماء. «ربَّ أشعث أَغبر ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبرَّه».
د. أحمد اللواتي كاتب عماني حاصل على دكتوراه في القيادة والابتكار من جامعة نيويورك
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
تركيا تطالب «حزب العمال الكردستاني» بحلّ نفسه فوراً «دون شرط»!
جددت تركيا مطالبة “حزب العمال الكردستاني”، بحل نفسه، وتسليم أسلحته دون قيد أو شرط”، وذلك بعد ساعات من إعلان حزب العمال الكردستاني أنه “يستحيل” في الوقت الحالي عقد مؤتمر لإعلان حلّه بسبب خطورة الوضع”.
وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، خلال كلمة له في فعاليات الذكرى السنوية الـ110 لـ (يوم شهداء 18 مارس وانتصار تشاناكالي البحري)، التي أقيمت في مركز أتاتورك الثقافي إنه: “يجب على تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي، وجميع أذرعه العاملة في مناطق جغرافية مختلفة، أن يقرر إنهاء وجوده في أقرب وقت ممكن ويحل نفسه، وأن يسلم أسلحته فورا ودون قيد أو شرط”.
وأضاف: “لا ينبغي إثارة القضايا غير المدرجة في النص، مثل وقف إطلاق النار، مثل هذا الشيء لم يحدث أبدا، هدفنا النهائي، هو القضاء الكامل على المنظمات الإرهابية، وهذه هي الرغبة المشتركة لمواطنينا البالغ عددهم 85 مليون نسمة”.
وأكد غولر على “أن تركيا لن تسمح بتخريب هذه العملية، أو إساءة استخدامها، أو إطالة أمدها، وسيتم اتباع نهج حذر وعقلاني”، مشيرا إلى أنه: “في النقطة التي وصلنا إليها اليوم، فإن المنظمة التي اعترفت بأنها أطول وأشمل حركة تمرد وعنف في تاريخ الجمهورية، قد أدركت ولو متأخرا، أنها لا تستطيع أن تصل إلى أي مكان بالإرهاب، وأن حياتها قد انتهت، وأنه ليس لديها خيار آخر سوى حل نفسها”.
وفي وقت سابق، قال حزب العمال الكردستاني إنه “يستحيل عقد مؤتمر لإعلان حله بسبب خطورة الوضع، حيث تواصل طائرات الاستطلاع التركية تحليقها وقصفها لهم”.
وأكد جميل بيك، أحد قادة حزب العمال الكردستاني لقناة تلفزيونية كردية: “كل يوم، تحلق طائرات استطلاع (تركية)، كل يوم يقصفون، كل يوم يهاجمون”، مؤكدا أن “عقد مؤتمر في هذه الظروف مستحيل وخطير”.
ورد حزب العمال الكردستاني، الذي تتحصن قيادته في الجبال شمالي العراق، إيجابا في الأول من مارس على دعوة زعيمه عبد الله أوجلان المعتقل منذ 26 عاما، لحل الحركة ووضع حد لأربعين عاما من القتال ضد السلطات التركية، والتي أودت بحياة ما لا يقل عن 40 ألف شخص.