بناء التحالفات في زمن الحرب الحالية

نضال عبد الوهاب

التفكير السليم المبني على دراسة الواقع هو الذي ينتج عنه نتائج توصل إلى الحلول الناجعة التي تُلامس هذا الواقع.

في ظل الحرب الحالية المُهددة لتلاشي وفناء كامل السُودان وشعبه ومحوه من الخريطة أو على أقل درجات السوء تقسيمه واقعاً، يحتاج السُودان والجميع فيه للتفكير إلى ما هو أبعد من الأيدولوجيا والتفكير السياسِي المُنغلق أو المؤدي فقط إلى سُلطة هشة مبنية على توقف جُزئي للحرب أو وضع هش لا يصلح لإستدامة السلام والاستقرار لشعوب سُودانية ظلت تعاني جراء جحيم الحرب وعدم الإستقرار السياسِي والأمني في السُودان.

إن مصالح جميع السُودانيين الحالية تتفق على وقف الحرب وعودة الاستقرار والطمأنينة لجميع الذين لايزالون موجودين به، إضافة إلى عودة الذين نزحوا عنه أو تشردوا لديارهم وأماكن تواجدهم ومناطقهم التي نزحوا عنها مُجبرين وهاموا في الأرض وفقدوا كُل ما لديهم ومستقبل أطفالهم ومن يعولون، هذه هي المصالح الآنية لأكبر مجموعات سُكانية داخل البلاد وللمواطنين السُودانيين، بغير تفهُم هذه المصلحة لن يستطيع كائن من كان أن يسير في طريق مؤدي للحل، والمصلحة الأهمّ التي تلي ذلك هي المُحافظة على وجود الدولة نفسها وحماية حدودها الحالية وفي ضمان عدم عودة الحرب مرة أخرى، ثم تليها مصلحة أخرى وهي الاشتراك في بناء وتأسيس دولة تسع جميع السُودانيين يستطيعون العيش فيها في سلام مع كامل المساواة للحقوق فيها والوصول إلى التداول السِلمي للسُلطة فيها وفق نظام الحُكم الذي يرغبه السُودانيين ويُلبي طموحاتهم وينسجم مع ثوراتهم وجميع تضحياتهم كشعوب ظلت تتواجد في هذه الأرض السُودانية.

إذاً ترتيبنا لمصالح شعوبنا ومصلحة بلادنا هي التي تقودنا للتحرك تجاه طرق تحقيقها، وأهم وسيلة لكل الفاعليّن السياسِيين الآن، ولكل المُهتميّن لوقف الحرب هي العمل الجماعي المُخلِص لوقفها مُستنديّن جميعنا فيها إلى مصلحة الناس الحالية في وقف هذه الحرب اللعينة ووقف الموت والدمار ووقف أي نزيف دموي داخل بلادنا، والتمهيّد لعودة الأمان والاستقرار لمن هم بداخلها وإنقاذهم من الموت إما جوعاً أو بسبب آلة الحرب أو حتى مرضاً لإنعدام العلاج أو قهراً جراء ضغوط الحرب نفسها وإفرازتها السيئة على الجميع.

لذلك فإن العمل الجماعِي لأجل تحقيق هذا يتطلب مُشاركة جميع من يؤمنون بوقفها على اختلاف طُرق تفكيرهم وما يعتقدون، أو من أي إثنية أو قبيلة أو حزب وفصيل سياسِي أو ثوري أو كيان إجتماعي يأتون طالما أن القاسم المُشترك بينهم جميعاً على اختلافاتهم أنهم سُودانيّون مؤمنين بعودة الاستقرار والأمان وتوقف الحرب وعودة الناس الفارين من الحرب والمُشتتين في الأرض إلى بلادهم وديارهم، هذا يستوجب التنازل الكامل لأجندة الوطن العُليا ومصالح جميّع السُودانيّين أولاً، وحق الجميّع في المُحافظة على بلادهم ودولتهم من الطامعيّن فيها والعامليّن لصالح أجندة تتواصل معها الحرب أو أن يتم تقسيمها وإخراج أهلها وسُكانها الأصليين منها، أو فرض انظمة ذات نمط عسكري أو إثني تُهيّمن على البلد لكي تتحقق مصالح غير السُودانيين وفئات قليلة جداً منهم.

إذاً وفي ظل كُل هذا الواقع نحتاج إلى عمل وطني جماعِي وبناء تحالفات سياسِية تعمل أولاً لوقف الحرب وعودة الاستقرار والاطمئنان والناس إلى بلادهم، وإيقاف هذا الموت والدمار وإنقاذ الناس من الجوع والهلاك، وتحقيق مصلحتهم في كُل هذا، بغير بناء وإيجاد هذا التحالف الكبير والمُتسع، لن نستطيع إنتاج أي حلول أو تحالف فاعِل أو خوض صراع آخر نحو استرداد المسار الآمن والعقلاني الصحيح للثورة والانتقال الديمُقراطي والذهاب لتأسيس الدولة على أُسس جديدة لا تُعيد الحرب وتضمن كافة الحقوق المُتساوية والتداول السِلمي للسُلطة في بلد موحد وديمُقراطي يسع الجميع يبنيه ويساهم في ذلك جميع بناته وأبنائه.

nidalfree15@gmail.com

الوسومالثورة الحرب السودان نضال عبد الوهاب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الثورة الحرب السودان نضال عبد الوهاب الس ودانیین

إقرأ أيضاً:

أيام معدودات.. إغرس فيها الأثر قبل أن يرحل هذا الشهر

هو شهر رمضان المبارك يتميز عن باقي الشهور برقة القلب، فيغلف الإيمان الأجواء، ويكون بالتالي فرصة لإصلاح ما أفسدته سائر الشهور.

فهو شهر العبادة والتقارب الاجتماعي، ينتهز فيه الناس الفرصة للتقرب إلى الله عز وجل، فتصفوا النفوس من كل ما يكدرها.

فبمجيئه، تتنزل رحمات رب الأرض والسماء، فكيف لا نستغلها ونصلح أحوالنا وننقها من شوائب تراكمت على مدار العام لأسباب في الغالب تافهة.

فهاهي الفرص سانحة لتحسين العلاقات وتعزيز الروابط العائلية التي انقطعت أواصرها.

فلديك الوالدين الأخوة والأخوات وأطفالهم والأقارب أيضا، جميعهم لهم حقوق عليك بتعزيز ترابطك معهم خلال الشهر الفضيل.

الحفاظ على الروابط العائلية

ما من عائلة لا يوجد لديها بعض المشاكل مع الأقارب أو أحد أفراد الأسرة. لكن هذا لا ينبغي أن يكون عائقاً أمامك للتواصل معهم، وهذه فضيلة خلال شهر رمضان وطوال حياتك أيضاً. يمكنك تعزيزها من خلال ما يلي:

الاتصال بهم: وتأكد أن ذلك لن ينقص من شأنك، فالمسامح عند الله كريم. فمجرد مكالمة هاتفية تحمل نية طيبة، تبدأ في كسر الجليد الذي صنعته ربمها سببه دنيوي، فحل فتور وبرود في العلاقات العائلية.

حل المشاكل العائلية القديمة مرة واحدة وبشكل نهائي: بمجرد أن تأتي أمامك فرصة لحل المشكلات القديمة. حاول حلها بشكل رسمي بمساعدة أحد أفراد العائلة من كبار السن. وحاول أن تفعل ذلك في رمضان. حيث يسعد الناس أن ينسوا ويغفروا خلال شهر رمضان والعيد أيضاً.

دعوات الإفطار: إذا كان أقاربك في نفس المدينة، فيجب عليك دعوتهم لتناول الإفطار، وقبول دعواتهم أيضاً. ثم خلال الإفطار يمكنك مناقشة الطرق المختلفة لحل النزاعات العائلية إذا كانت موجودة. كذلك كيفية البقاء على تواصل. فأن يجتمع الجميع على مائدة واحدة ووقت واحد من شأنه أن يخلق جوا لطيفا ترق فيه القلوب وتتناثر البسمات، وتزوج المشاحنات، وهكذا توطد العلاقات أكثر.

الدردشة عبر الإنترنت: هذه الوسيلة الالكترونية يمكن استغلالها بطريقة إيجابية، فهي تقرب البعيد. فمن الجميل جدا أن نخصص برهة من وقتنا ونتصل بقريب لنا باعدته عنا الظروف.

الزكاة: في هذه الأيام ربما نسي الكثيرون إنفاق الصدقة على أقاربهم الفقراء. ربما بسبب اعتقاد مبطن من أن هذا القريب يوجد من يساعده من جهة أخرى. لكن ليس لدينا عذر لأن الأقربون أولى بالمعروف، وهناك طرق للقيام بذلك وبشكل عملي وبأسلوب راقي بعيدا عن الإحراج.

كن نقطة التقاطع لعائلتك: كلما طبقت بعض النصائح أعلاه، ستكون نقطة الاتصال للعلاقات والاجتماعات العائلية، ولحسن الحظ أيضاً..

تتحمل هذه المسؤولية وتحاول ترتيب أنشطة مختلفة لعائلتك الكبيرة، مثل: تنظيم عزومات، سهرات ليلية نستعيد فيها الذكريات الجميلة. كذلك جمع التبرعات العائلية لمشروع خيري في مجتمعك.

إذا شهر رمضان هو مدرسة قيمة للمسلمين، يتعلم الإنسان فيها القيم العالية والمفاهيم السامية. خاصة فيما يتعلق الأمر منها بأسلوب قيمة التعامل مع الآخر، وتهذيب النفس على الأعمال الصالحة. والأقوال اللائقة.

وإذا جئنا إلى الأسرة نرى أن أثر رمضان على الجميع هو أثر جميل حيث يعمل على تقريب الأسرة الواحدة ببعضها البعض. وهذه العادات يجب أن لا تندثر، وأن نتوارثها عبر الأجيال. من خلال زرع أفضل القيم في أطفالنا، فكيف يكون ذلك؟.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • خليفة التربوية تبدأ مرحلة التقييم الميداني لأعمال المرشحين للدورة الحالية
  • خبير استراتيجى: القمة العربية فرصة مهمة في الظروف الحالية
  • معلقًا على تصريحات الكوني.. التويجر: الأجسام السياسية الحالية مؤقتة ولا تملك حق تحديد نظام الحكم
  • مؤتمر في نادي الشقيف - النبطية حول دور ريادة الاعمال في اعادة بناء المجتمعات بعد الحروب
  • أيام معدودات.. إغرس فيها الأثر قبل أن يرحل هذا الشهر
  • صورة نادرة لنصرالله.. من ظهر معه فيها؟
  • 3 ساعات فى رمضان يستجاب فيها الدعاء .. اغتنم الفرصة
  • انهيار التحالفات القديمة وصعود نظام عالمي جديد
  • "فتح": الحكومة الإسرائيلية الحالية "حكومة حرب" تهدف لتصفية القضية الفلسطينية
  • فتح: الحكومة الإسرائيلية الحالية «حكومة حرب» تهدف لتصفية القضية الفلسطينية