الجزء الثانى من الدراسة القانونية لـ«العدالة المناخية»..
تاريخ النشر: 3rd, August 2023 GMT
في الجزء الثانى من الدراسة القانونية البيئية، التي تناقش «العدالة المناخية» وكيفية رفع الوعى العام بهذه القضية، أكد المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، أن تغير المناخ يورث الظلم، ذلك أن الدول التي تعانى أكثر من غيرها من آثار تغير المناخ ليست هي التي أسهمت بأكبر قدر في نشأة هذه الظاهرة، فيُضار البلد الأكثر فقرًا وتهميشًا، فضلًا عن ذلك تخاطر الأجيال القادمة بالعيش في ظروف مناخية وبيئية أسوأ بكثير من ظروف الأجيال السابقة عليها، وهذا هو جوهر معالجة العدالة المناخية، ومن ثَمَّ فإن مفهوم «العدالة المناخية» يشمل جوانب مختلفة، العدالة في التوزيع والعدالة بين الأجيال، وبيان ذلك أنه نظرًا لأن المناخ هو منفعة عامة عالمية، فإن الآثار الضارة الناجمة عن زيادة الانبعاثات تقع على جميع البلدان وجميع الشعوب بلا استثناء، بغض النظر عن الدول المسؤولة الأصلية عن وقوعها، وبعبارة أخرى أكثر تعمقًا فإن التغير المناخى وإن كان سيؤثر على جميع البلدان، إلا أنه يؤثر بصورة أكبر من حيث المخاطر الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمؤسّسية على الدول النامية الأكثر فقرًا، ومعظمها يقع في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق آسيا وأمريكا الوسطى والجنوبية والدول النامية الجزرية الصغيرة.
وتضيف الدراسة أن الواقع من بيانات الانبعاثات التراكمية منذ الثورة الصناعية في قارة أوروبا مخيفة- حسبما أعلنها علماء المناخ- فالولايات المتحدة الأمريكية مسؤولة عن 25% من الانبعاثات، والدول الـ27 التي تشكل حاليًا الاتحاد الأوروبى بنسبة 22%، والصين بنسبة 12.7%، وروسيا 6%، والهند 3%، وترسم أرقام الانبعاثات الحاصلة عام 2022 صورة مختلفة، حيث تشكل الصين أكبر مصدر للانبعاثات بحوالى 28% في المرتبة الثانية والولايات المتحدة بنسبة 14%، تليها الهند بنسبة 6% إلى 8%، وبالطبع لا يوجد في هذا الترتيب أي أثر لأكثر البلدان ضعفًا، والتى أسهمت بشكل هامشى في المشكلة سواء من الناحية التاريخية أو من حيث الانبعاثات الحالية، والحقيقة المخجلة لقارة أوروبا أن القارة الإفريقية بأكملها مسؤولة عن 3% فقط من الانبعاثات التراكمية على مستوى كوكب الأرض.
أخبار متعلقة
مع ارتفاع درجات الحرارة.. سؤال برلماني حول خطة الحكومة لمواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ
تطرف مناخي في درجات الحرارة الآن.. الأرصاد الجوية تكشف موعد تحسن حالة الطقس
عودة الكوليرا.. برنامج المناخ العالمي يحذر من ارتفاع الحرارة: «الناس هتتفاجئ بحاجات غير متوقعة»
صورة لمجموعة من الأحداث المتعلقة بالمناخ نشرتها «الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوى» - صورة أرشيفية
ويمكن القول إن هذا التناقض والتعارض الصارخ بين تلك البلاد التي تنبعث منها انبعاثات أكثر من غيرها وتلك التي تعانى أكثر من غيرها من عواقب تلك الانبعاثات هو أصل المشكلة للعدالة المناخية وقواعد الإنصاف، وهو ما ينعكس أثره في مفاوضات المناخ الدولية التي يسجلها التاريخ، وفى نطاق المفاوضات الدولية، يتمثل الموقف التقليدى للعديد من الدول النامية في أنها لا تريد أن تخضع لنفس أهداف خفض الانبعاثات المطبقة على الدول المتقدمة الكبرى لسبب بسيط لأن ذلك من شأنه أن يعرقل مسار تنميتها، وهو ما يشكل ظلمًا مناخيًّا مقارنة بتلك الدول الصناعية الكبرى.
وتؤكد الدراسة أن العالم بات مطالبًا بتعزيز الالتزامات بالحفاظ على الاحترار العالمى أقل من 1.5 درجة مئوية، وهذا يتطلب التخلص التدريجى السريع من إنتاج الفحم والنفط والغاز من أجل تقليل انبعاثات الكربون، والمشكلة التي تثور على بساط البحث هي كيفية ضمان أن يتم ذلك بطريقة عادلة للبشرية، وقد أعلنت البلدان عن الإلغاء التدريجى لتوليد الكهرباء باستخدام الفحم، وإنهاء التمويل العام الدولى لجميع أنواع الوقود الأحفورى بقيمة حوالى 18 مليار دولار سنويًّا، وتسريع الإلغاء التدريجى لدعم الوقود الأحفورى، لذا يتعين الالتزام بضمان تعويض البلدان النامية عن الخسائر والأضرار التي تعانى منها بالفعل نتيجة لتغير المناخ ودعم الدول الفقيرة لمعالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية الواسعة للانتقال السريع إلى الطاقات المتجددة.
ويشير المستشار محمد خفاجى إلى أن الأمر الواقع، والذى يمثل مرارة دولية، أن البلدان الرئيسية التي تطلق الانبعاثات ومعظم الدول الغنية لا تتحرك بالسرعة الكافية، وأن الواقع على مسرح الحياة اليومية سيؤدى إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.4 درجة مئوية، ما يُعرض كوكب الأرض لخطر شديد لا تُحمد عقباه، وإزاء ذلك، وعلى الجانب الآخر، فإن الدول الكبرى والصناعية والشمال العالمى لا تضع أهمية كبرى لإيجاد أموال لمساعدة البلدان الأقل ثراءً في تنفيذ تحول الطاقة الخاص بها، خاصة رفض آلية تعويض الخسائر والأضرار، عن طريق صندوق خاص، وكل ما يُدار في هذا الشأن لا يعدو أن يكون نقاشًا وحوارًا دون ثمة التزام واقعى.
وقالت الدراسة إن الأمل معقود في الصندوق الاستئمانى الجديد للمرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولى، والذى يهدف إلى دعم البلدان في استجابتها لتأثيرات أزمة المناخ وتحول الطاقة لديها.
[image:3]
ورأت الدراسة أن التعاون الدولى في السياق متعدد الأطراف يُعد أول أفضل طريق لتسوية منازعات المناخ، ويأتى التقاضى المناخى ثانى أفضل طريق في مكافحة تغير المناخ، وهذه الأسبقية تمثل الأسرع والأفضل في مكافحة تغير المناخ، فالقادة السياسيون أقدر من المحاكم الوطنية على القيام بهذا الدور، خاصة أن هناك صعوبات جمة لتحقيق العدالة بين الأجيال، فالبعض يرى أنه لو تعمقنا في حق التقاضى المناخى فإنه لا يمثل الصورة الأكثر ملاءمة لحماية الأجيال القادمة. صحيح أن قضاة العالم لديهم القدرة على الإبداع القانونى في مجال المناخ، لكن هذا الإبداع في ثمرة حق التقاضى يتعلق بطبيعته بالنظر إلى الماضى، أي ما أصاب الأجيال الحالية من مضار دون الأجيال المستقبلية، لكن هذه النظرة ليست صحيحة على إطلاقها لأن كل جيل من القضاة المبدعين يقدر على مكافحة تغير المناخ للجيل الذي يعيش في ظله دون المساس بالمناخ الآمن.
المصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين تغيير المناخ العدالة المناخية زي النهاردة تغیر المناخ
إقرأ أيضاً:
وزيرة البيئة: مصر تقود مشاورات تمويل المناخ وتدافع عن مصالح الدول النامية والأفريقية
شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة في الندوة التحضيرية لإعداد الاحتفال بيوم البيئة العالمي ٢٠٢٥ تحت عنوان "ماذا بعد قمة المناخ COP29 تصحيح مسار العمل المناخي"، والتي نظمتها نقابة مهندسي مصر مع اتحاد المهندسين العرب ولجنة البيئة الاتحادية.
وذلك بحضور الدكتور عادل الحديثي أمين عام اتحاد المهندسين العرب والمهندس طارق النبراوي نقيب مهندسي مصر والدكتور توفيق القرقوري رئيس لجنة البيئة الاتحادية، والمهندس أشرف نصير ممثل مصر في لجنة البيئة الاتحادية، وذلك في إطار اهتمام الدولة المصرية بفتح حوار للوصول إلى نظام بيئي مستدام يرتكز على الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية وتقليل الانبعاثات وتشجيع الاقتصاد الأخضر وتبني استراتيجيات تحسين جودة الهواء وخفض التلوث.
أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد ان مصر تعمل بقوة على ملف تغير المناخ انطلاقا من الإيمان بأهمية وضع هذا الملف على أولويات الحكومة المصرية، مما نتج عنه تشكيل المجلس الوطني لتغير المناخ برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وإعداد الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠ بأهداف ربطت ملف تغير المناخ بنمو اقتصادي مستدام وموضوعات الحوكمة والتمويل والبحث العلمي.
ولفتت وزيرة البيئة إلى وضع ملف التكيف ضمن أولويات الدولة المصرية في قطاعات الزراعة والموارد المائية والمناطق الساحلية والصحة، حيث يتم حاليا إعداد الخطة الوطنية للتكيف في مصر، تعمل على عدة محاور ومنها آليات ادماج القدرات البشرية الوطنية والمؤسسية في مختلف القطاعات مع إجراءات التكيف، وتقييم مخاطر المناخ في هذه القطاعات من الناحية العلمية، وإعداد المشروعات التي يحتاجها كل قطاع للتكيف مع آثار تغير المناخ.
واضافت د.ياسمين فؤاد ان العمل على نظام الحوكمة في تغير المناخ يعد من أهم الخطوات التي اتخذتها الدولة، لتحديد الأدوار والمسؤوليات، وإعداد الخطط الوطنية بأهداف واضحة، مثل خطة المساهمات الوطنية المحددة للتخفيف من الانبعاثات ومن أهدافها الوصول إلى نسبة ٤٢٪ طاقة متجددة ضمن خليط الطاقة الوطني بحلول ٢٠٣٠، وتعزيز النقل الجماعي من خلال شبكة طرق متكاملة وزيادة وسائل النقل الجماعي للتقليل من فكرة التكدس، وتقليل الانبعاثات في قطاع المخلفات من خلال انشاء بنية تحتية متكاملة وتوفير عقود تشغيل للقطاع الخاص والعمل على الاستغلال الأمثل للمخلفات.
كما اشارت وزيرة البيئة إلى مجالين هامين تعمل عليهما وزارة البيئة مع الجهات المعنية، وهما ملف التنبؤ بالطقس والإنذار المبكر وما يتضمنه من جهود في إعداد الخريطة التفاعلية لتغير المناخ من خلال نماذج رياضية معتمدة وبيانات تاريخيّة من هيئة الأرصاد الجوية ووزارة الموارد المائية والري للتنبؤ بآثار تغير المناخ على المناطق المختلفة في مصر ، إلى جانب إعداد حزم التمويل بالتنسيق مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي لجذب مصادر تمويل مختلفة لتنفيذ مشروعات متنوعة.
واستعرضت وزيرة البيئة اهم قرارات مؤتمر المناخ الأخير COP29، وهي مضاعفة التمويل المقدم للدول النامية بقيمة ٣ مرات تصل إلى ٣٠٠ مليارات دولار بحلول ٢٠٣٥ من مصادر مختلفة سواء العامة أو الخاصة أو الثنائية أو متعددة الأطراف ، ودعوة جميع الجهات الفاعلة لتمكين زيادة التمويل المقدم إلى الدول النامية العمل المناخي من المصادر العامة تصل إلى ١.٣ بليون دولار أمريكي بحلول ٢٠٣٥، كما اتفقت الدول على المعايير الخاصة لسوق مركزية للكربون تحت إشراف الأمم المتحدة تستفيد الدول النامية من التدفقات التمويلية له وتجارة ائتمانات الكربون وكيفية عمل استجابات بها، وايضاً تحديد مؤشرات واضحة لعملية التكيف وتعزيز القدرة على الصمود ، وإطلاق خارطة طريق باكو للتكيف وحوار باكو لاستكمال ما تم في مؤتمر المناخ COP28 فيما يخص الحوار العالمي للتكيف ، والترحيب بتعبئة موارد إضافية لصندوق التكيف ٢٠٢٤ بقيمة ٣٠٠ مليون دولار كأكبر رقم تمويلي يصل إلى صندوق التكيف، والتشغيل الكامل لصندوق الخسائر والأضرار والذي خرج من عباءة مؤتمر المناخ COP27 في مصر من خلال مجلس ادارة تستضيفه الفلبين ، حيث تجاوز الدعم المالي المتعهد به للصندوق ٧٣٠ مليون دولار مع البدء في تمويل المشروعات في ٢٠٢٥.
وشددت وزيرة البيئة على ان مصر تلعب دور مهم على مستوى اتفاقية تغير المناخ سواء من خلال المجموعات العربية والأفريقية والدول ال٧٧ والصين او المجموعة متشابهة الفكر ، كما تقود مصر عملية مشاورات تمويل المناخ، حيث تم اختيارها كوزيرة بيئة مصر من الرئاسة الأذربيجانية للمؤتمر الرئاسة المشتركة لعملية تسهيل التفاوض مع نظيرها الاسترالي، لتسهيل المشاورات حول النص الذي تم إعداده فنيا، وبذلك تتولى مصر منذ ٢٠١٩ مهمة تيسير مشاورات تمويل المناخ على المستوى الوزاري، لتلعب دور قوي في دفع اجندة مصالح الدول النامية والأفريقية، والتوافق على آليات تسريع وتيرة العمل المناخي والتصدي له خاصة مع دول لم تتسبب في تغير المناخ.
ومن جانبه، اكد المهندس طارق النبراوي نقيب مهندسي مصر أن تغير المناخ يعد ملف بيئي هام عالميا، لذا من خلال الشراكة بين نقابة المهندسين المصرية واتحاد المهندسين العرب ووزارة البيئة يتم التصدي لهذا الملف، في ظل توفر الكفاءات المصرية والعربية في هذا المجال.
وأكد الدكتور عادل الحديثي أمين عام اتحاد المهندسين العرب، ان مجالات البيئة واسعة واصبحت اكثر ارتباطاً بالمجال الهندسي، لذا يحرص الاتحاد على دعوة وزراء البيئة لتعزيز المشاركة العربية في ملف تغير المناخ.