حرب الإبادة لم تنته بعد وفصول المعاناة في كل شبر بغزة
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
فيديوهات ومشاهد وقصص مروعة ومخيفة تتوالي من الناجيين من محرقة مخيم جباليا بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من شمال قطاع غزة وتحديدًا من جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون بعد ثلاث أسابيع من الاجتياح البري المحكم والقصف المتكرر للطائرات الحربية الإسرائيلية بأنواعها المختلفة.
الدمار الهائل حل بمخيم جباليا شمال القطاع، بعد تدميره من الاحتلال الإسرائيلي بشكل انتقامي، جثث ملاقاه في الأزقة والشوارع والأحياء.
عاد ابو سعيد الى منزله بالقرب من منطقة الترنس بعد ان نزح الي احد مدارس الإيواء في غرب مدينة غزة، لم يتمالك نفسه لهول ما شاهد "لم أتمكن من التعرف على مكان بيتى وبيوت جيراني، ان ما حدث شيء لا يصدق، هدم كامل للمنازل والبيوت والأحياء، البيوت الذي سلمت من القصف لم تسلم من الحرق، جثث لم نتمكن من معرفة اصحابها كانت سيارات الإسعاف والدفاع المدني تنتشلها من بين وتحت ركام المنازل المدمرة، لم أرى في حياتى كلها مثل هذه المشاهد المروعة، حتى الصور الكثيرة التى رأيتها عن مجزرة صبرا وشاتيلا لم تكن بهذا الحجم" تحدث وهو يحاول لملمه بعض الاوراق والصور الشخصية المثناترة في الشارع .
صراخ ليس بعيدًا عن مكان تواجدنا امرأة حامل في العشرينات من عمرها كانت تبكى زوجها الذي وجدث أشلاءه بين البيوت، نساء يحاولن تهدئتها لكنهن فشلن بينما كانت تصرخ وتقول كيف سأنجب طفلا يتيمًا؟ متى ستنتهي هذه الحرب؟ تمتمات كثيرة نطقت بها قبل أن يُغمي عليها وتسقط فوق انقاض بيتها.
كما هو معلوم فإن مخيم جباليا هو احد مخيمات اللاجئين الثمانية بقطاع غزة. أنشأته "أونروا" عام 1948م، هذا المخيم يعيش فيه أكثر من 116 ألف لاجئ مساحته تبلغ فقط 1.4 كيلومتر مربع.
يُذكر ان المخيم تعرض لمجزرة في اليوم الخامس والعشرين للحرب علي غزة، لقد كان كم الألم كبير اكبر من حجم السماء آنذاك اما عن الشهداء الذين تجاوز عددهم اكثر من 400 شهيد لم يكونوا مجرد ارقام لكل منهم قصه وحكايه من المعاناه والتحدي والإصرار على البقاء والصمود وعدم الخنوع والخضوع لأوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي طلب منهم مغادرة شمال غزة الى جنوبه، من استشهدوا هم أحفاد من هجروا من فلسطين التاريخية عام 1948. يسمى المربع الذي قصف بمربع السنايدة نسبة الى قرية دير سنيد المحتلة عام 1948.
امين عابد احد نشطاء المخيم كتب على صفحته عبر الفيس بوك " بعض رجال المخيم يسجدون سجدة شكر لأن بيوتهم وشقاء أعمارهم ما زالت أساساتها واقفة دون جدران جراء قذائف التفريغ، يسمونها الناس "مشلحة"، هم يحمدون الله أنهم سوف يتمكنون من لف أعمدة البيوت بالشرايط لتأويهم، ولن يسكنوا خيمة، اغلب البيوت إما منسوفة أو مجرفة أو مفرغة أو محروقة، الشوارع لا يعرفها أحد فقد اختلط الأمر على الجميع، شباب يبحثون عن مفقودين بأيديهم بين الركام بسبب عدم توفر المعدات اللازمة لذلك، ما حدث في شمال غزة ومخيم جباليا بالتحديد عبارة عن تسونامي، ان ما جرى هو محرقة الكون".
أما رئيس مكتب الإعلام الحكومي بغزة فقد صرح في بيان صدر بالأمس قائلًا "لقد انتشلت فرق الإسعاف والدفاع المدني عشرات الشهداء طيلة فترة الاجتياح وبعد الانسحاب، وتواصل البحث حاليًا عن عشرات المفقودين بين ركام المنازل ومراكز الإيواء والمدارس والمستشفيات التي لم تسلم من القصف والتدمير، وحتى عيادات ومقرات ومراكز وكالة الغوث الدولية لم تسلم هي الأخرى من آلة التخريب، فيما تعمد جيش الاحتلال تدمير البنى التحتية والمقومات الاقتصادية كالأسواق والمحال التجارية، وحتى قبور الأموات لم تسلم حيث قامت آلياته بتجريف المقابر، في تعدي فاضح وصارخ من قبل جيش الاحتلال على القيم والمبادئ الإنسانية وقواعد القانون الدولي الإنساني، ليظهر بذلك مشهدا جديدا من مشاهد جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضد شعبنا للشهر الثامن" .
ثم اكد في ذات البيان بأن الاحتلال الإسرائيلي "بات واضحا للجميع وفي ظل هذه الجرائم أن الاحتلال يسعى لجعل قطاع غزة منطقة منكوبة وغير صالحة للحياة، وأنه لم يتخل عن محاولات التهجير القسري، جنبا إلى جنب مع جريمة التطهير العرقي التي يقترفها بارتكاب المجازر وقتل عشرات الآلاف، وبالتجويع والتعطيش وضرب المنظومة الصحية ليفقد المواطنون مراكز الرعاية الطبية ولنشر الأمراض والأوبئة".
إن ما فعلته قوات الاحتلال الإسرائيلي من فضائع وجرائم في شمال قطاع غزة وتحديدًا داخل مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا وبيت حانون تظهر فاشية وعنصرية وارهاب دولة الاحتلال الإسرائيلي وتحللها الفاضح من مبادئ الإنسانية وقواعد القانون الدولي وتنكرها لقرارات محكمة العدل الدولية والامم المتحدة.
يأتي ذلك بالتزامن مع اشتداد أزمات الغذاء والماء والدواء وتفاقم المجاعة والعطش بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال المساعدات والوقود إلى قطاع غزة ونُحملهم المسؤولية الكاملة عن كارثة إنسانية وشيكة بالتزامن مع إغلاق جميع المعابر والمنافذ المؤدية إلى قطاع غزة منذ اكثر من 24 يوماً، إن تفاقم استمرار أزمات الغذاء والماء والدواء، يعزز فرص وقوع مجاعة حقيقية في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية ينفذها الاحتلال وتدعمها الإدارة الأمريكية.
كما ان تواصل احتلال معبر رفح البري من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي ، وإغلاق معبر كرم أبو سالم، أدى إلى وقوع أزمات إنسانية مركّبة بمنع اكثر من 22,000 جريح ومريض من السفر لتلقي العلاج خارج قطاع غزة، وكذلك منع إدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات التموينية لقطاع غزة الذي يعيش فيه قرابة 2,4 مليون إنسان، بينهم أكثر من 2 مليون نازح يعيشون على المساعدات بشكل أساسي ووحيد، في ظل فقدان ربع مليون رب أسرة لأعمالهم ووظائفهم بسبب حرب الإبادة الجماعية، وهو ما خلّف انعدام السيولة النقدية لديهم مما يعزز فرص تعميق المجاعة بشكل واضح.
كما ويمنع الاحتلال "الإسرائيلي" إدخال الوقود وغاز الطهي والدواء ضمن سياسة الضغط على المدنيين والأطفال والنساء، وهي جريمة ضد الإنسانية، مما أدى إلى توقف أكثر من 98% من مخابز قطاع غزة عن العمل بسبب انعدام غاز الطهي، وكذلك توقف أكثر من 700 بئرٍ للمياه عن العمل بسبب الاستهداف ومنع إدخال الوقود، مما يُعزز فرص تعميق المجاعة والعطش ضد المدنيين وخاصة ضد الأطفال والنساء، ناهيك عن استمرار كوارث التَّجويع والقتل والإبادة الجماعية والتدمير الممنهج للأحياء السكنية وللبنى التحتية ولشبكات الماء والصرف الصحي والكهرباء ولكل قطاعات ومناحي الحياة في قطاع غزة، حيث بدى ذلك واضحاً بأنه مخطط له من قبل الاحتلال والأمريكان وبشكل ممنهج وبنية مبيتة ومسبقة وبصورة يندى لها جبين البشرية والإنسانية.
ان ما يحدث في قطاع غزة علي مدار تسعة اشهر يدعو كل دول العالم الحر وكل المنظمات الدولية والأممية إلى الضغط على الاحتلال وعلى الأمريكان من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية، والضغط عليهم من أجل فتح معبر رفح البري ومعبر كرم أبو سالم وكل المعابر البرية والسماح لآلاف الجرحى والمرضى بالسفر لتلقي العلاج في الخارج، ومن أجل إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، وإدخال الوقود وغاز الطهي، فالواقع في قطاع غزة اقترب من الخروج عن السيطرة، وبالتالي وقوع الكارثة الإنسانية غير المسبوقة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی الإبادة الجماعیة جیش الاحتلال فی قطاع غزة لم تسلم أکثر من
إقرأ أيضاً:
الخارجية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة وامتداد لحرب الاحتلال
قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الخميس 21 نوفمبر 2024، إن تسييس إدخال وتوزيع المساعدات للمدنيين يترافق مع خطة إسرائيلية استعمارية تقوم على تقطيع أوصال القطاع وتجزأته وخلق ما تسمى بالمناطق العازلة حتى تسهل السيطرة عليه.
وأضافت في بيان لها، أن جوهر جريمة التسييس للمساعدات يتلخص في رفض اليمين المتطرف في دولة الاحتلال للدور المركزي والسيادي لدولة فلسطين في قطاع غزة ومحاربتها انسجاماً مع مواقفه المعادية للحلول السياسية للصراع ولعملية السلام برمتها.
وأكدت الوزارة، أن الشرعية الفلسطينية هي بوابة الحل الوحيدة للأزمة في قطاع غزة باعتباره جزء أصيلاً من أرض دولة فلسطين، الأمر الذي يفرض استحقاقات كبرى على الدول التي تدعي الحرص على حل الدولتين خاصة في هذه الظروف الاستثنائية بالذات، والتي يجب أن تؤدي بالضرورة للوقف الفوري لإطلاق النار وتولي القيادة الفلسطينية زمام كافة التفاصيل المتعلقة بالأوضاع الفلسطينية في كامل أرض دولة فلسطين وعلى حدود الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ بما فيها القدس الشرقية، ودون ذلك فإن أية حلول أو برامج أو خطط تتعلق في قطاع غزة تبقى منقوصة ومجتزأة ولا تفضي لأمل شعوب المنطقة في حل الصراع وتحقيق الأمن والاستقرار للجميع.
المصدر : وكالة سوا